إنَّ سرَّ العقل يبدو في الجنون
انا حولتَ طيني الى جوهر
ومن غباري شيدت الأكوان .
اشرقتُ بنجمي عليَ
فصارت كل الشموس غباري في راحتي اليمنى
هذا هو ديني ، يا شمس ميسان
فآنصت للناي يتلو حكايتي
والآن ..
ليس في ملكي غيري
بعدما شاءت قدرتي
انا شمس ميسان ،
المعلم ،
وطه ،
وأقنعتي التي عددها لامنتهاي .
***
***
اخذ السكان ينفضون من حولي ، واحدا بعد الآخر ، وكردوسا بعد كردوس ، فلم يبق معي في ساحة البلدة ، الا شمس الدين ، وشمس ميسان ، وطه السقاء ، وانا .
ثم رأيتني اشبهني.
هوامش
ـــــــــــ
1 ـ : ميسان فُصٌ من عقدعدد حباته اثنتي عشرة يحيط بأليشن . والراوي هو المواطن اليشني : "ع ـ التستري" كما يعرف القراء النابهون ، وهوالذي تعرض الى عمليات قتل متعددة ، ثم كان ينهض من رماده خلقاً جديداً ، كما ينهض الخمر من العنب .
2 ـ : بعد سنتين على لقائنا انا وشريكي ، كنا نجلس داخل كوخنا ، نتناول كسرات من اقراص دخننا .
قال لي شمس الدين :" يا شمس ميسان وهُوْ : " لا يعرف القوم ما بين يَحْيى وعِيسَى . لقد إكتملت رسالتي اليوم ، ورضيت بك" .
قلت :" انت جنتي" .
ثم نظر في عينيَّ فرأيتني اعرج الى السموات ، متجاوزاً "رقيع" ، ماراً ب " قيدوم " و " ماروم" ، حتى إرتقيت دُرَّتي "العجماء" ، بينما سمعت جلبة عند باب كوخنا ، وصوت ينادي عليَّ " يا طه ابو البدع ،أخرج لنا شريكك ؟ " .
خرجت اليهم ، فرأيت مسوخا ، فرزنت من بينهم صوت عزازيل الحارث ، وخلفه رهطه المتناسلون ، ومنهم الخمسة الكبار في مجلس المدينة ، وصاحب الشرطة ، ورئيس البريد .
قلت :
ـ" يا عزازيل الحارث ، انت مرجوم الى يوم دينونتي . فآخرج من كوخنا " .
قال الحارث
ـ " يا شمس ميسان ، يالواحد من غير عدد ، أنظرني الى يومك ، لأَنتقمنَّ من طه شمس الدين ، وأَغويَّ صحبه " .
قلت :
ـ " أُخرُج فأنت من المُنظَرين".
ورآني المعلم من داخل حزام الوجود الذي سميته "عروساً"، متفرغاً لنا في ياقوتتنا الخضراء .
***
***
وعثرت على مجلد من قراطيس كثيرة مكتوب عليها نحو إثنتي عشرة الف ترنيمة ، وعلى وجهه الاول هذه النصيحة :
" يا صاحيي ونور عيني : ضعني بين عينيك ، وآفضحني عند السوق ، حتى يراني الملك والجلاد والمفتي والفقير" .
وكتب إليّ ورقة عنوانها (هذا موتي) ورد فيها :
" .. في يوم موتي .. عندما يُشَيَّع تابوتي ،
لا تظن اني اتألم من اجل هذه الحياة /
فلا تبكِ من اجلي .. ولا تقل : خسارة ..خسارة،
فالحياة هي سقوطك في شراب الشيطان الحامض /
وعندما ترى جنازتي.. لا تقل : الفراق .. الفراق ..
فالوصال واللقاء لي في ذلك الزمان /
وعندما اودع في قبري لا تقل : الوداع .. الوداع..
فان القبر حجاب على مجمع الجنات /
لقد رايت الغروب.. فآنظر الى الشروق ،
فلماذا يكون غياب الشمس والقمر خسارة . /
انه يبدو لك غروبا لكنه شروق ،
واللحد يبدو سجنا لكنه خلاص الروح . /
فايّ حبة غرست في الأرض ولم تنبت ،
فلماذا ظنك هذا بحبة الانسان ؟! /
واي دلو أُدلىَ ولم يخرج ممتلئا ، في بئر يوسف ،
فلماذا تفرح الروح؟! /
وما دمت قد أغلقت فمك ، هنا إفتحه في الطرف الآخر ،
فإن صيحات وجدك تكون في جو اللامكان " ."
3 ـ وهو الكوثران ، كما ورد في "لوح المقالات . نهر من الخمرة التي تجعل المخلوقات النورانية ، تليق بالجوس حول كرسيي " . وكان في زق طه السقاء غرفات من خمرة هذا النهر . وهكذا رايت المخلوقات سكارى ، رجالا ونساءً ، شيوخا وشيباً وشبانا، في ذلك اليوم العظيم . وهو ما أوغر صدر الحارث ورهطه علىَّ وعلى شريكي .
4 ـ قبتنا ، حيث الصمت ، في ياقوتتنا العجماء " .
5 ـ الأول في هؤلاء هو المدعو " أَبليسيوس " ، وهو " عزازيل الحارث " عند العرب . ورهطه كثيرون . ومن ابرزهم :
ـ مقلاص : كاتب الإمارة لشؤون الخزانة .
ـ لوقيس : رأس الإمارة لقضايا المعرفة الحسية .
ـ مطراش : كاتب الإمارة للفتن .
ـ مرجوم : اسمه يدل على فعاله .
ـ نازغ : كاتب الإمارة لشؤون الحرب
ـ شيتون : الكاتب المختص بالعسِّ والدسِّ .
*ـــــــ*
ـ لوح المقالات : مخطوط محجوب حتى يوم الناس .
( الكاتب).
ـ تتضمن القصة نصوصا من شعر مولانا جلال الدين الرومي ،
وأخرى من اعمال الكاتب الروائية والقصصية ، وتناص مع محمد اقبال،
ومأثورات من الديانات السماوية والأرضية .
(انتهت)
جمعة اللامي
روائي وكاتب عراقي مقيم في الشارقة
juma_allami@yahoo.com
More Sharing Servicesشارك| Share on facebookShare on emailShare on favoritesShare on print