من عضوية البرلمان السويدي، إلى عضوية المكتب السياسي لحزب الوسط
والطموح القادم، عضوية البرلمان الأوربي
حاورها تحت قبة البرلمان: محمد الكحط - ستوكهولم-
أعرفها منذ الصغر، عبير عبد فيصل السهلاني، من مواليد البصرة عام 1976م، تنقلت مع عائلتها المناضلة ضد الدكتاتورية لعدة دول، وأستقر بها المطاف في السويد وهي شابة، حيث واصلت تعليمها وحصلت على شهادة الماجستير في تحليل أنظمة الكمبيوتر من جامعة ستوكهولم. كما نشطت في منظمات المجتمع المدني وفي العمل السياسي، وعملت في البرلمان السويدي كمساعدة سياسية لنائبة رئيس وزراء السويد مود اولفسون قبل انتخابها لعضوية البرلمان.
من يعرف عبير عن قرب يدرك أنها عملية غير متكلفة في التعامل، بل أجدها عفوية أحيانا، ومهملة في بعض الأمور البسيطة، لكنها جادة في القضايا المهمة.
البرلمانية عبير السهلاني والإعلامي محمد الكحط
أن وجود عبير في البرلمان السويدي شيء ليس بالهين وليس إنجازا بسيطا، ولم أكن راغبا أن أجري اللقاء معها عند فوزها بمقعد البرلمان السويدي رغم معرفتي بها، فحينها كتب العديد وأجرى العديد الآخر لقاءات معها، فقد كنت أنتظر نتائج وثمار هذا الفوز، والآن وبعد مرور السنة الأولى يمكن تلمس بعض تلك النتائج التي يمكن الحديث عنها.
التقيتها داخل قبة البرلمان السويدي مساء يوم الثلاثاء 27/سبتمبر2011م، وأجرينا اللقاء في غرفتها المتواضعة، فليس لعبير سكرتيرة ولا حراس شخصيين حالها حال أعضاء البرلمان الآخرين والذين هم حالهم حال أبناء الشعب بدون امتيازات ملحوظة، أقتادتني إلى دهاليز بناية البرلمان، سألتها:
عبير السهلاني في غرفتها داخل البرلمان
• وكيف أتقتني هذه الدروب، خلال سنة واحدة فقط...؟
لا لقد عملت في البرلمان عدة سنوات قبل ذلك.
• الآن فهمت، فهذه الدهاليز تحتاج لزمن طويل لإتقان التنقل عبرها، هل نبدأ في الحوار ونقول مبروك، فكما علمت لقد ساهمت الأسبوع الماضي في مؤتمر حزبكم، فهل حصلت على منصب قيادي جديد..؟
نعم أصبحت عضوة في المكتب السياسي لحزب الوسط.
• أنه إنجاز جديد يضاف لانجازاتك السياسية، هل من الممكن التعريف بحزب الوسط السويدي ولو بشكل مختصر...؟
حزب الوسط تأسس سنة 1901م، يملك الآن حوالي 50 ألف عضو عدا الأصدقاء والمؤازرين، شعاره الأرض للفلاح أو لمن يزرعها، له الآن 23 عضوا في البرلمان السويدي، يهدف إلى تقوية الريف والفلاح بسبب تعرضه للإهمال طويلا بسبب التطور الصناعي، وتوجهات الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
• ألا تجدين تناقضا بين نشأتك في بيئة وعائلة يسارية وأنتمائك إلى حزب يوصف باليميني.أم لكِ رأي آخر...؟
لا أجد تناقضا، بل أجد تطورا، نعم حزب الوسط هو حزب ليبرالي يميني، وهذه ليست مسبة، صحيح أنا نشأت في بيئة يسارية، وتعرفت على سلبياتها وايجابياتها، فلم تكن الصور جميلة، فقد عشت في بلد اشتراكي وهو "بلغاريا" سابقا، وقبلها في اليمن الديمقراطي، ومن ثم شاهدت نظاما اشتراكيا في السويد، ولكن أفكاري كانت تتطلع إلى ما هو أكثر من ذلك، أعتقد أن المجتمع الذي لا يسمح للأفراد أن يتطوروا، لا يمكن أن يتطور.
• وهل تعتقدين ان النظام الاشتراكي كان يحد من أن يحقق الفرد طموحاته...؟
كان عندي طموحات والنظام الاشتراكي وجدته يحد من تحقيق تلك الطموحات، أو التطور مثلا، ثم أنا لم أتأدلج يساريا، لكنني شعرت ان الأحزاب اليسارية تتكلم كثيرا وتعمل قليلا، أنا عملية ولست فيلسوفة، وهكذا كانت ميولي.
• هل أنت سعيدة في البرلمان وتجدين نفسك في مكانك الطبيعي؟
أكيد، أنا أقدس هذا المكان، بشكل حقيقي، لأنه يمثل الشعب، وتحقيق إرادة الشعب، وهو أجمل وسام أحصل عليه، وأعتبره ثمرة عملي وجهودي، كنت أحس مكاني الطبيعي في البرلمان العراقي، وليس السويدي، لكنني لم أحصل على فرصة حقيقية أنا أستحقها، لم أحصل عليها ببلدي الأم، هنا سنحت الفرصة، أتمنى أن يكون العراق مثل البلدان المتحضرة يوفر الفرص لمن يستحقها، ولمن يريد أن يخدم بلده ويعمل من أجل شعبه.
• كيف أخذت مكانك الطبيعي دون عوائق، فالمسؤولية كبيرة على شابة ربما خبرتها السياسية قصيرة العمر...؟
أحس هنا مكاني الطبيعي رغم بعض الصعوبات في الطريق، وخبرتي تزداد يوما بعد يوم، فالنظام السويدي منظومة تعليمية وتربوية ناجحة، المنظومة تعلم هنا، رغم أنه لا يوجد سكرتير ليساعدني مثلا، لكنني بفضل زملائي القدامى في البرلمان ومجموعة من المعارف والأصدقاء وبعض الشخوص الذين لي علاقة جيدة معهم، ساعدوني كثيرا واستفدت من تلك العلاقات، بعدها استطعت ان أعرف الإجراءات التي يمكن التوصل لها لتسيير الأعمال، كذلك استفدت من وسائل الاتصال الحديثة في الانترنيت مع الفيسبوك وتويتر، ولكوني صريحة مما خلق لي شبكة أو قناة جيدة من الأصدقاء وأجواء مهمة لسماع آراء الآخرين، واستفدت منهم كثيرا، فكانوا كاستشاريين أستمع لهم وأسمع ردود أفعالهم عن كل موقف.
• وهل تستعينين أحيانا ببرلمانيين من قوائم وأحزاب أخرى، وكيف العلاقة معهم؟
طبعا لا، لكنني أتوجه أحيانا إلى زملائي القدامى في البرلمان من قائمتي لأسألهم، فقوانين اللعبة السياسية موجودة في كل مكان، لذا يجب الحذر جدا، نحن نناقش الأمور أحيانا بشدة داخل جلسات البرلمان ونتقاطع، لكننا لطفاء مع بعض بعد الاجتماع.
ما هيّ المهام التي تبوأتها عبير حتى ألآن في البرلمان..؟ فأنا أجدك كثيرة السفر...
أنا في لجنة العلاقات الخارجية، المكونة من 17 نائبا، تجتمع اللجنة مرتين بالأسبوع، لذا تجدني دائمة السفر، فهذه اللجنة يحتاج عملها إلى التواصل مع الدول الأخرى.
مقعد عبير السهلاني في قبة البرلمان السويدي
• ما هي المنجزات التي استطعتِ تنفيذها أو المساهمة بها خلال هذه الفترة، على صعيد السويد أولا.؟
بالنسبة للسويد ولوجودي في لجنة العلاقات الخارجية، سعينا من أجل نيل الاعتراف بالصحراء الغربية، وننشط حاليا من أجل الاعتراف بقيام دولة فلسطين، كما اتخذنا قرارات بمساعدة الشعب الليبي، منها المشاركة العسكرية، حيث تم تشكيل لجنة مشتركة من وزارتي الدفاع والخارجية لمتابعة هذا الموضوع، وندعم التحولات في مصر وقدمنا مساعدات مادية، هذا على صعيد وجودي في لجنة العلاقات الخارجية، حول الأمور الأخرى، قدمنا مقترح بعمل صندوق قرض للأجانب كرأس مال لمن يرغب منهم بالقيام بمشروعات صغيرة، كي لا يبقوا خارج سوق العمل، وخارج المجتمع السويدي، وكذلك إصدار كارت عمل للأجانب الذين ليس لديهم إقامات في السويد، مما يسهل عليهم العمل.
وهنالك مقترح تقدمنا به بأن ترفع الدولة يدها عن تحديد أسعار الإيجارات، وتتحول إلى السوق الحرة، وداخل الحزب غيرت معظم برامج وسياسة الاندماج الموجودة سابقا.
• هل تعتقدين أن رفع الدولة يدها عن تحديد أسعار الإيجارات، وتتحول إلى السوق الحرة سيكون في صالح الأغلبية من الشعب، أليست هنالك خوف من تحكم الملاكين وشركات السكن مما يرفع أسعار الإيجارات عاليا، ويتضرر المستأجرون وضعيفو الدخل...؟
لا بالعكس، سيكون هنالك تنافس وتكون سوق حرة وتنخفض الإيجارات في العديد من الأماكن، فالآن ليس للموقع اعتبار بالتسعيرة، أعتقد ستكون هناك فائدة للشباب والأجانب.
• هل استطعت توظيف جزء من وقتك للعراق وللشعب العراقي مع معرفتي مسبقا بصعوبة ذلك.؟
مع الأسف القيادات العراقية ودون استثناء، وبمختلف تياراتها لم تستطع، ان تكون قيادة حقيقية للديمقراطية وللعملية السياسية في العراق، وأقول هذا بألم كعراقية أحاول مد بعض الجسور بين العراق والسويد، وهنالك لجنة "لجنة الصداقة العراقية السويدية في البرلمان السويدي"، نحاول تفعيلها، وأنا أعمل على مجئ بعض ممثلي الأقاليم والمحافظات العراقية إلى السويد بعيدا عن المركز ليلتقوا بنظرائهم هنا في السويد.
أحاول نشر أي شيء يخص العراق يتعلق بثقافته وحضارته بين البرلمانيين السويديين.
وهنالك مبادرة مصالحة عملناها بين القوى السياسية العراقية كافة، وكانت السويد فعالة جدا من خلال توفير المكان وأجواء الحوار المناسبة بين كافة السياسيين العراقيين، اكتملت حتى الآن خمسة اجتماعات حضرها أربعون شخصية من قوى وأحزاب وممثلي منظمات المجتمع المدني العراقية، والأجواء إيجابية، منها مثلا، أحد الحضور لم يكن مقتنعا سابقا بالحوار، وأعرفه شخصيا وأعرف طروحاته سنة 2005م، وقد حضر مرتين لهذه الاجتماعات واليوم يطرح مفاهيم جديدة منها أهمية الحوار، فهذا تطور ونتيجة إيجابية.
كما أحاول من خلال وجودي كنائب لرئيس الليبرالية العالمية الهولندي "هانس فان بالان" أن أدعم القوى الليبرالية في العراق.
• أنه خبر جديد هل نعلنه، كونك نائب لرئيس الليبرالية العالمية...؟
نعم يمكن ذلك.
• علاقتك أجدها جميلة مع الجالية العراقية حاليا، لكنها لم تكن كذلك قبل الانتخابات، وأنا كنت ممن ينتقدونك على ذلك، علما لو كانت تلك العلاقة موجودة بنفس هذا الشكل لكانت نتائج الفرز أفضل لصالحك، رغم ان معظم العراقيين بل والأجانب عموما يصوتون لليسار..؟ هل ستستمر هذه العلاقة التي أجدها ضرورية للمستقبل.
نعم سأستمر بالعلاقة معهم، لم أكن ألتقي كثيرا مع التجمعات العراقية، ولم يكن من السهل التعامل مع الجالية العراقية، وكنت أخشى ذلك بعض الشيء، لربما لم يتقبلوني، فقلت لأنجح أولا، وأبرهن بأنني أستطيع لوحدي تحقيق شيء، ومن ثم أتوجه لهم، وهذا ما حصل.
• عبير ما هو طموحك القادم...؟
سأرشح نفسي من جديد في حزيران 2014 إلى البرلمان الأوربي، رغم أنني لم أفز بالدورة السابقة.
• هل تفكرين مستقبلا بتوظيف خبرتك السياسية لبلدك العراق، لا أقصد الآن، بل بعد استقرار الأوضاع فأنتم الشباب وقادة المستقبل رغم انك قائدة منذ الآن. وما هي كلمتك لقادة العراق اليوم؟
أنا عندي كامل الاستعداد متى توفرت الظروف المناسبة.
فعلى القيادات السياسية العراقية ان يقنعوا المواطن العراقي بأن العراق هو وطنه ، لماذا هو باق في العراق، عليهم ان يفهموا ان عمل الدولة والحكومة هو لخدمة المواطن، وليس العكس، يجب ان يمسحوا شعور الغربة عن العراقي داخل وطنه، من خلال توفير الحريات للمواطن لتحقيق ذاته ويتمتع بالحرية، فلا يوجد أسهل من القمع، ولكن النتيجة تشرذم أبناء البلد.
أنا أخجل عندما أسمع أخبار الفساد في العراق، كيف أقول أنا عراقية، أريد أن أشعر بوطني وحبي له، العراق كان منارة لدول الجوار، فكيف الآن ينتهي هكذا، نحن ليس فقط نفط، نحن عقول وطاقات بشرية هائلة.
لي كلمة للمرأة العراقية فهي الوحيدة التي عملت بدون روح طائفية، وتجربتها لطيفة جدا، فهي تستحق أكبر تقدير لذلك.
الشيء السامي والصعب هو الديمقراطية، وكما قال "نلسون مانديلا" ، ((أما أن يتفقوا أو يتركوها لناس أفضل))، عليهم ان يتفقوا على بناء العراق.
• ماذا تودين قوله...في الختام للأصدقاء والمعارف وللجالية العراقية في السويد وللعراقيين ككل.
• كلمتك للمواطن العراقي...؟
للمواطن العراقي أطلب منه أن يبقى دائما يتساءل لماذا...؟؟؟، وأن يطلب الكثير فهذا من حقه، وعليه قبل ذلك ان يؤدي واجبه وحقه الدستوري ويمارس الديمقراطية، ويذهب إلى صناديق الاقتراع ويختار الممثل الحقيقي له والذي يمكنه ان يحقق طموحاته بالحياة.
• ولأبناء الجالية العراقية هنا ماذا تقولين لهم.
أشكر كل عراقية وعراقي سلموا عليه باللهجة العامية "الجا والجي"، فأنا 24 ساعة أتحدث سويدي وانكليزي، أتمنى أن ينشط العراقيون هنا في العمل السياسي السويدي، فمن واجبهم ان يحققوا طموحاتهم وطموحات أبنائهم، من خلال مساهمتهم بالعمل السياسي وإيصال أفكارهم وتطلعاتهم، لكن عليهم ان لا ينقلوا أمراض العملية السياسية في العراق إلى هنا.
• وللأصدقاء والأحباب هنا ماذا تقولين لهم.
أطلب من أصدقائي وأحبابي أن يقدموا لي الانتقاد دائما عندما يجدوا شيء يستحق ذلك لأقوم بمراجعته، كما أتمنى أن يغمروني بالأكل العراقي "الدولمة والبامية".
• في ختام هذا اللقاء هذا أشد على يديك، آملا تحقيق طموحاتك، وتقديم كل ما تستطيعين لخدمة بلدنا العراق.