يبدو أن قلمي انطلق عجولاً ولم يبدأ بالتهنئة لكل الأصدقاء والأحباب لاسيّما الذين بادروا بأريحية وبكلِم طيب محمولهُ مشاعر صادقة نبيلة.. فلهم تهانٍ وأمانٍ و"سلامٌ كله قُبَلُ كأن صميمها شُعَلُ" والمقابلة البلاغية هنا لأبي فرات الخالد الكبير .
لم ألبِّ دعوة الأصدقاء اللطفاء التايلنديين، حيث دعوني لقضاء مبيت في أحضان الطبيعة وأغروني بمكان يفضل مكان السنة السابقة، وامتنعت بلطف، وقلت لهم "القادمات أكثر من الذاهبات" وهو قول عراقي محض ترك عندهم أثرأً أو قُلْ طيّب خاطراً ..
ركبت قطاراً حين وجدت الناس يزدحمون فيه فقلت في نفسي، حَشرٌ مع الناس عيدٌ، وقضيت نهاراً جميلاً على ضفاف نهر "جاو بريا" شرقي بانغكوك بأربعين كيلومتراً مع التايلنديين والناس كل يحمل زوّادته ويجلسون فرحين مسرورين في الحدائق الغناء وعلى ضفاف الأنهار، فرحون بيوم عطلة ولا يكترثون كثيراً للسنة الميلادية الجديدة بل السنة البوذية، ومع ذلك تجد بشائر العام الجديد حاضرة وتحتفل به الطبقة المثقفة المتنورة.. ورجعت الى البيت مساء فلذت بمائدة عامرة !
وفي السويد مثل هذه الأيام يُفرط الناس في البذخ على البطون وعلى شراء الهدايا، يأكلون طيلة يوم الميلاد والليلة التي تسبقه من اللحوم الداخنة والأسماك الراقدة المخمرة في الخل والأعشاب، ومن المقليات مع الخردل الخاص بالمناسبة ويشربون من المشروبات خفيفها ثم متوسطها ثم ثقيلها.. فتزداد نسبة المنقولين الى المستشفى نتيجة الافراط في الشرب وتسجل عمليات استئصال المرارة نسبة أعلى !
وعموماً الدافع الديني غائب تماماً ويحضر الدافع الاحتفالي، حتى في أعياد ميلاد الناس، فتبادل الهدايا أمر لابدّ منه، وإذا كان يوم ميلاد مع إكمال العقد في عمر الخمسين والستين والسبعين.. تزداد الأهمية وتكبر الهدية ويطيب الطعام كمّاً ونوعا ! وسوى ذلك فالهدايا بسيطة والطعام بسيط والشراب "ليسك" أي مشروبات غازية وعصائر مخففة مع المعجنات !
ومن طقوس ليلة رأس السنة الجديدة هو المبهجات النارية التي ينفق عليها الناس مبالغ طائلة والتي تصل ذروتها في تمام منتصف الليل حيث لحظات اليوم الأول من السنة..حيث تشتعل السماء بألوان جميلة، وطالما تُفضي الىحوادث مؤسفة، منها حرائق تصيب بعض المنازل، وحرائق تصيب مفجري هذه النيران ومطلقيها ! والأنكى درجة التلوث العالية من نتائج التفجيرات، وما تسببه من رعب للحيوانات في الغابات.. تدرك ذلك في صباح أول يوم من السنة الجديدة حيث مخلفات المواد الكيمياوية وعبواتها الفارغة ونصف الفارغة..
لقد ظل أنصار البيئة وحماتها يناضلون بأن تكون الاحتفالات واستخدام المبهجات النارية محصورة لدى البلديات، لتكون هي وحدها التي تتولى إطلاقها رسمياً دون الأهالي لتلافي الحوادث والتقليل من استخدام الملوثات ..
ولكنني أتمنى كعراقي أن يُصار الى منع الاحتفالات في مناسبات الفرح والحزن بإطلاق النار والتشدد في معاقبة الآخرين لاسيما الميليشيات الذين لا يخضعون لقانون !
كل عام وأنتم بخير...كل عام والعراق بخير ... كل عام والعالم كله بخير..
الفاتح من عام 2020
عقابيل ليلة السنة الجديدة !
خالد جواد شبيل
يبدو أن قلمي انطلق عجولاً ولم يبدأ بالتهنئة لكل الأصدقاء والأحباب لاسيّما الذي بادروا بأريحية وبكلِم طيب محمولهُ مشاعر صادقة نبيلة.. فلهم تهانٍ وأمانٍ و"سلامٌ كله قُبَلُ كأن صميمها شُعَلُ" والمقابلة البلاغية هنا لأبي فرات الخالد الكبير.
لم ألبِّ دعوة الأصدقاء اللطفاء التايلنديين، حيث دعوني لقضاء مبيت في أحضان الطبيعة وأغروني بمكان يفضل مكان السنة السابقة، وامتنعت بلطف، وقلت لهم "القادمات أكثر من الذاهبات" وهو قول عراقي محض ترك عندهم أثرأً أو قُلْ طيّب خاطراً..
ركبت قطاراً حين وجدت الناس يزدحمون فيه فقلت في نفسي، حَشرٌ مع الناس عيدٌ، وقضيت نهاراً جميلاً على ضفاف نهر "جاو بريا" شرقي بانغكوك بأربعين كيلومتراً مع التايلنديين والناس كل يحمل زوّادته ويجلسون فرحين مسرورين في الحدائق الغناء وعلى ضفاف الأنهار، فرحون بيوم عطلة ولا يكترثون كثيراً للسنة الميلادية الجديدة بل السنة البوذية، ومع ذلك تجد بشائر العام الجديد حاضرة وتحتفل به الطبقة المثقفة المتنورة.. ورجعت الى البيت مساء فلذت بمائدة عامرة!
وفي السويد مثل هذه الأيام يُفرط الناس في البذخ على البطون وعلى شراء الهدايا، يأكلون طيلة يوم الميلاد والليلة التي تسبقه من اللحوم الداخنة والأسماك الراقدة المخمرة في الخل والأعشاب، ومن المقليات مع الخردل الخاص بالمناسبة ويشربون من المشروبات خفيفها ثم متوسطها ثم ثقيلها.. فتزداد نسبة المنقولين الى المستشفى نتيجة الافراط في الشرب وتسجل عمليات استئصال المرارة نسبة أعلى!
وعموماً الدافع الديني غائب تماماً ويحضر الدافع الاحتفالي، حتى في أعياد ميلاد الناس، فتبادل الهدايا أمر لابدّ منه، وإذا كان يوم ميلاد مع إكمال العقد في عمر الخمسين والستين والسبعين.. تزداد الأهمية وتكبر الهدية ويطيب الطعام كمّاً ونوعا! وسوى ذلك فالهدايا بسيطة والطعام بسيط والشراب "ليسك" أي مشروبات غازية وعصائر مخففة مع المعجنات!
ومن طقوس ليلة رأس السنة الجديدة هو المبهجات النارية التي ينفق عليها الناس مبالغ طائلة والتي تصل ذروتها في تمام منتصف الليل حيث لحظات اليوم الأول من السنة..حيث تشتعل السماء بألوان جميلة، وطالما تُفضي الىحوادث مؤسفة، منها حرائق تصيب بعض المنازل، وحرائق تصيب مفجري هذه النيران ومطلقيها! والأنكى درجة التلوث العالية من نتائج التفجيرات، وما تسببه من رعب للحيوانات في الغابات.. تدرك ذلك في صباح أول يوم من السنة الجديدة حيث مخلفات المواد الكيمياوية وعبواتها الفارغة ونصف الفارغة..
لقد ظل أنصار البيئة وحماتها يناضلون بأن تكون الاحتفالات واستخدام المبهجات النارية محصورة لدى البلديات، لتكون هي وحدها التي تتولى إطلاقها رسمياً دون الأهالي لتلافي الحوادث والتقليل من استخدام الملوثات..
ولكنني أتمنى كعراقي أن يُصار الى منع الاحتفالات في مناسبات الفرح والحزن بإطلاق النار والتشدد في معاقبة الآخرين لاسيما الميليشيات الذين لا يخضعون لقانون!
كل عام وأنتم بخير...كل عام والعراق بخير ... كل عام والعالم كله بخير..
الفاتح من عام 2020