أباطيل لا بدّ من نبذها

2021-02-10

نُقلَ لي، وكنت ما زلت طالباً في الابتدائيّة أصدّق كلّ شيء ينقله كبار السّنّ، إنّ سيّدا جليلا ضافنا ضحى فجلسنا في كسر الدّار، وكان في سقف الدّار أنبوب حديديّ قد وضعناه مع الكندل[i]، وقد تعشّش فيه العصافير .
وبينما كنّا نحتسي الشّاي ويحرّك السيّد بين الفينة والأخرى (مَهَفّته)[ii] يمينا وشمالا في حركة متناوبة لتحريك الهواء، سقط فرخ عصفور أمامه؛ فضربه ضربات متوالية بيد المهفّة فقتله !
ثمّ قال مبرّرا : ارتكب جدّ هذا العصفور ذنبا في عهد الرّسول فأمر بقتله !
سألناه : وما کان ذنبه ؟
فقال: ثقب (يود) جود[iii] الرّسول عندما كان الرّسول في الصحراء، ولهذا دعا عليه الرّسول فأصابه الدّعاء في رجليه فأمسى يقفز بعد أن كان يمشي، ثمّ قال فيه هذا الحديث :
(من قتل عصفورا، له حسنة) !
ويضيف الرّجل متأثّرا ممّا اقترفه السيّد الجلیل :
وطفقنا نراقب الأنبوب، كلّما دخل فيه عصفور شددنا عليه كيسا بلاستيكيا يقع العصفور فيه عند خروجه فقتلناه فکسبنا حسنة !

لا أدري من أين جاء السيّد الجليل بهذا الحديث وبهذه القصّة الغريبة ؟!
ولو فرضنا جدلا أنّ ذلك العصفور قادته غريزته فنقر قربة الرّسول الكريم ليروي عطشه، ولو فرضنا أنّه ارتكب ذنبا، فما ذنب هذه العصافير لتقتل بجريرة جدّهم وقد مضى على قصّته أكثر من 1400 سنة ؟!
وأين كلام الله من هذا الإنتقام وقد قال في محكم كتابه :
(ولا تزر وازرة وزر أخرى) ؟!
ثمّ أين العقل من هذه الأباطيل والتّفاهات ؟! ...أم أنّنا عطّلنا عقولنا فأمسينا نصدّق كلّ ما يُروى علينا من كذب وافتراء !
وما أكثر الأباطيل الّتي روّجها المغرضون لنا تحت غطاء الدّين والأحاديث والرّوايات من النّبي أو من الأئمة، والغرض منها تمرير سياساتهم التوسّعيّة والإستعماريّة، ومن ثمّ نهب ثروات الشّعوب !
ولو استخدمنا عقولنا لنبذنا هذه الأباطيل والأراجيف في أقرب حاوية نفايات .
أباطيل تهدف إلى تحميق الشّعوب، وإلى تفرقتها وبثّ روح الكره بين أبنائها .

________________________________

[i] چندل أو كندل: أخشاب قويّة، تستخدم في بناء أسقف البيوت

[ii] مروحة يدويّة تُصنع من خوص النّخيل

[iii] وعاء ماء مصنوع من الجلد

 

سعيد مقدّم أبو شروق

 مدرس فرع رياضيات

يسكن  الأهواز

نشر قصصه في العديد من المواقع

نُشرت له مجموعة من القصص القصيرة جدا

saeed135057@gmail.com

 

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved