الاجتماع الدوري للمكتب التنفيذي للمنظمة الديمقراطية للشغل

2022-01-05

            

لطفي

الإصلاح الضريبي شرطٌ أساسي لبناء الدولة الاجتماعية وبناء عقد اجتماعي جديد قوامه العدالة الاجتماعي. 

 

عقد المكتب التنفيذي للمنظمة الديمقراطية للشغل اجتماعه الدوري في نهاية السنة الحالية 2021، وتداول في عدد من القضايا المدرجة ضمن جدول أعمالهوعلى رأسها تقييم الحصيلة السنوية على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية وافاق العمل للسنة الجديدة وفي افق تنظيم المؤتمر الوطني الثالث للمنظمة.

       

وبعد دراسته وتقييمه لحصيلة السنة التي أشرفت على الانتهاء والتي تميزت بالاستحقاقات الانتخابية الوطنية،  وافراز خريطة سياسية جديدة في إطار التداول السياسي على تدبير الشأن العام. كما اتسمت هذه السنة ايضا بتزايد الضغط الناجم عن آثار جائحة كوفيد -19 على مختلف مناحي الحياة وما ترتب عنها من تداعيات اجتماعية واقتصادية وخيمة، علاوة على ما تراكم من اختلالات ونواقص وعجز في العشر سنوات الاخيرة بسبب سوء الاختيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للحكومات السابقة،  مما أغرق البلد في دوامة ازمة مالية،  على نحوٍ تسبّب في استنزاف مقدّراته وانهيارها والصعوبات التي لم تمكنه من الصمود في وجه التحدّيات المتراكمة بما في ذلك المديونية الثقيلة حيث تراكم الدَّين الداخلي والخارجي تدريجيا مع خدمة الدين بفوائد مرتفعة، وقطاع بنكي متضخم يفرض فوائد خيالية، فضلا عن ما تتحمله الخزينة وتضمنه من ديون لفائدة الشركات والمؤسسات المملوكة للدولة المثقلة بالديون   تجاوزت 30 % من الناتج المحلي الاجمالي في نهاية سنة 2021. علما أن بعض هذه الشركات موضوعة على طاولة التفويت والخوصصة في السنة المقبلة لتغطية عجز الميزانية،

   هذه الوضعية الاقتصادية الشاذة ازدادت استفحالا بفعل جائحة كورونا وبدت انعكاساتها  الوخيمة في كل مجالات الاقتصاد الوطني بما فيها القطاع الخاص  ، الذي يعتمد اكثر على الاستثمار العمومي،  حيث  ان 54% من المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة تعاني من هشاشة مالية . حسب والي  بنك المغرب  وهو ما جعلها عاجزة عن مواجهة اثار الازمة الصحية  وحال دون تمكينها من الالتزام بنفقاتها في مجال الاستغلال والتسيير ونفقات الايجار والرواتب والتحملات الاجتماعية،

مما ادى الى افلاس واغلاق ما يقارب 20 ألف مقاولة،  جراء قيود حالة الطوارئ الصحية واغلاق الحدود البرية والجوية والبحرية،  وعرفت عدة قطاعات تراجعات مهمة في معاملاتها واضطرت الى تسريح عمالها خاصة في المجال السياحي الذي  يشكل 7 في المائة من الدخل الوطني الاجمالي .

ففي ظل هذه الظروف الطاحنة والصعبة ازداد معدل الفقر والفقر المتعدد الأبعاد   وارتفع مؤشر البطالة خاصة في صفوف الشباب الذي يمثل ثلث الساكنة ونسبة كبيرة منهم  خارج اسوار المدرسةكما انتشرت ظاهرة الاقتصاد غير المنظم  او ما يسمى اقتصاد الظل  الذي يمثل  30 %  من الدخل الوطني الاجمالي   ويشغل ما بين  م 70و 80 في المائة من اليد العاملة،  في شروط تفتقد فيها لابسط حقوق الحماية الاجتماعية .في ظل ضعف مخرجات المدرسة العمومية واستمرار ظاهرة الهدر المدرسي وحتى الجامعي بشكل ملحوظ  ،واصبحت  المدرسة العمومية  آلة لإعادة إنتاج التفاوتات داخــل المجتمــع وتفريخ اطفال وشباب عاطلون عن العمل  دون مستوى تعليمي ،وحذرت تقارير رسمية في السنوات الأخيرة من ارتفاع البطالة وغياب أي آفاق مستقبلية لدى شرائح واسعة من المراهقين والشباب، الفئة الأكثر تضررا من الفوارق الاجتماعية في المملكة.

 وفي هذا السياق الاجتماعي  والازمة الصحية ،   تشير تقارير وزارة المالية ان 4.5 ملايين من الاسر  المغربية  تجد  اليوم صعوبة في تأمين خبزها  وتضاعف معدل الفقر في المغرب بمقدار 7 مرات أثناء الحجر الصحي وانتقلت نسبة الفقر من 17.1 بالمئة عام 2019 إلى 19,87بالمئة في عام 2020، (لم يصدر إحصاء 2021 بعد) بسبب تداعيات جائحة كورونا، حيث أن ما يفوق ثلث الساكنة النشيطة فقدت مصدر الدخل بسبب توقف أنشطتها أثناء الحجر الصحي و وقيود واجرءات حالة الطوارئ الصحية ، استنادا لآخر التقارير الرسمية للمندوبية السامية للتخطيط والبنك الدولي، و بسب ارتفاع تكاليف المعيشة وارتفاع معدل التضخم الى 3%  وارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية والواسعة الأستهلاك ، وأسعار الماء والكهرباء،  والغاز والمحروقات وخدمات النقل والتجهيزات المنزلية و مواد البناء . كما ارتفعت بعض المواد بنسب تتراوح ما بين 20 و50% كالزيوت والقطاني وبعض الادوية  اضافة الى  تكاليف تمدرس الابناء  وأسعار الخدمات الصحية المقدمة من طرف المصحات الخاصة،  في ظل الازمة الصحية. حيث ان القطاع الطبي الخاص (مصحات ومختبرات، وادوية  )  يستولي على اكثر من 80% من نفقات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي    فضلا عن استنزافه  لجيوب المواطنين البسطاء  الذين يفتقدون لاية تغطية صحية  ويتوجهون للقطاع الخاص  بسبب ضعف خدمات القطاع العام. ونتيجة لذلك  لازالت  الاسر المغربية تتحمل  56 % من التكاليف الاجمالية للصحة من جيوبها  ،  وقد أكد برنامج الأمم المتحدة للتنمية حول الفقر المتعدد الأبعاد أن حوالي 13 بالمئة من المغاربة يعانون من الفقر الصحي، و20 بالمئة يفقدون مدخراتهم ويبعيون ممتلكاهم من أجل العلاج والبقاء قيد الحياة  خاصة المصابون بامراض مزمنة  بسسب ضعف التغطية الصحية وغياب مظلة للتأمين الصحي، وتدني الإنفاق على الرعاية الصحية التي لم تتجاوز 5 بالمئة .

     كل هذه العوامل المتداخلة  ادت الى انهيار  القدرة الشرائية وانعكس هذا الوضع الاقتصادي المتدهور على الواقع الاجتماعي للطبقة العاملة  والطبقة المتوسطة ، ليفرز أزمة غير مسبوقة للمغاربة في التعليم والصحة والسكن والادارة العمومية التي ظلت تعرف اختلالات بنيوية، وهيكلية ، تستمر في   تكريس  ثقافة  الزبونية والمحسوبية،  بما فيها طرق ومعايير تتفيذ مرسوم  التعيين في مناصب المسؤولية، حيث لجات الحكومة السابقة الى  تهميش الكفاءات مما اضطر العديد منها الى الاستقالة او المغادرة عبر التقاعد المبكر ،   وهو ما زاد في  حجم  الفساد الإداري  وغياب الشفافية والديمقراطية في تدبير الصفقات العمومية والموارد المالية والبشرية  تراجعت معها بشكل ملفت للنظر  مستوى جودة الخدمات،   فاقمت من معاناة المواطنين في ولوج  الخدمات العمومية  والعلاج والدواء والمدرسة العمومية  والسكن والنقل ...

     فنتيجة هذه  الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، تعمقت  التفاوتات  والفوارق  الطبقية والمجالية،  و عدم المساواة  بين الجنسين ، حيث  تدحرجت الطبقة الوسطى الى الأسفل  و اصبح المغرب في ظل الحكومتين السابقتين    يتّصف ضمن  البلدان  التي تئن تحت وطاة اللامساواة الشديدة في المداخيل والثروات على السواء.   ففي المعدّل، تستأثر فئة الـ1 في المئة الأكثر ثراءً من السكان بنسبة 25 في المئة من الدخل الوطني، فيما تحصل شريحة الـ50 في المئة الأكثر فقرًا على أقل من 10 في المئة. وفيما يتعلق بالثروات، تملك فئة الـ10 في المئة الأكثر ثراءً من السكان نحو 50 في المئة من مجموع الثروات. إضافةً إلى ذلك، ليس أمام الطبقة الوسطى والفقراء سوى فرصة ضئيلة لتحقيق الارتقاء الاجتماعي.قارير رسمية إلى تفاقم الفوارق الاجتماعية والطبقية في المغرب، إذ كشفت دراسة لـ"المندوبية السامية للتخطيط المغربية" أن 20 بالمئة من الأسر الأكثر يسرا تحصل على أكثر من نصف المدخول الإجمالي لكافة العائلات المغربية، ومنهم من تضاعفت ثروته في ظل الجائحة التي اكتوت بنارها الطبقة المتوسطة والفقيرة على المستوى الاقتصادي وتدني القدرة الشرائية للأغلبية الساحقة من الأاسر المغربية

سجل المكتب التنفيذي بفخر واعتزاز نجاح الدبلوماسية الملكية في الدفاع عن وحدتنا الترابية وكرامة المغرب والمغاربة في المحافل الدولية، ويحيي بالمناسبة الموقف التاريخي للجامعة العربية لاعتماد خريطة موحدة للوطن العربي متضمنة لخريطة المغرب كاملة من طنجة الى الكويرة كما يحيي قادة  دول الخليج  العربي على قرارهم الجماعي القاضي  بالاعتراف بمغربية الصحراء،  ودعم موقف المغرب وسيادته على اراضيه .

 ونظرًا إلى ما تعانيه البلاد من مستويات شديدة من البطالة و الفقر واللامساواة، فضلًا عن تداعي طبقتها الوسطى، واتساع فجوة الفوارق الطبقية والمجالية  وهشاشة الاقتصاد وثقل المديونية،  فان الوضعية تقتضي اصلاحات عميقة على المدى القريب والمتوسط  فعالة  ومندمجة تتماشى والمتغيرات الدولية وتاثيرات الجائحة وتتمثل اساسا في

* تنزيل فعلي للنموذج التنموي الجديد وإطلاق نموذج اقتصادي، يقطع مع النيوليبرالية المتوحشة ليتّجه نحو دولة الرعاية الإجتماعية هدفه تحقيق العدالة الاجتماعية والسيادة الوطنية في كل المجالات .

*الحفاظ  على  الأمن الاستراتيجي الغذائي والدوائي وتامين السيادة الصحية، كما دعا الى ذلك جلالة الملك ،

* بناء نظام اقتصادي جديد لمعالجة التفاوتات الحادة في توزيع الثروات

والتخفيف من الأضرار التي تسببت فيها جائحة كورونا في ظروف عيش فئات واسعة في المجتمع،  

* اصلاح حقيقي جدري لنظام المعاشات المدنية المهددة بالافلاس في الخمس سنوات المقبلة بتوحيدها في صندوق واحد ،و ملائمة اجرة المعاش بين القطاع العام والخاص وفق نظام التوزيع واعفاء معاشات التقاعد من الضريبة على الدخل ،

دعم وتقوية المدرسة العمومية و  تحقيق إلزامية التعليم، وجودته وانفتاحه على العلوم والتكنلوجية الحذيثة،  واعادة بناء الجامعة المغربية على اسس تربوية  وبيداغوجية  تتلائم  وتطورات العلوم ومناهج البحث العلمي ،  والقضاء على الفوارق المجاليةوالاجتماعية، وتحسين اجور اساتذة في الاسلاك الثلاث ،

  واعادة النظر في دور وصلاحيات المجلس الاعلى للتعليم ،

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved