أسئلةٌٌ الى جائحة الكورونا

2020-08-17

عندما كتبتُ هذه القصيدة، لا أظن بأنني كنتُ متشائما بأي حال من الأحوال، أكثر مما كنت متفائلاً، كوني أمسكت برأس الخيط الذي أهداني إلى الحقيقة الكاملة .

أي جدوى

كل يومٍ.. كُل ساعهْ

تغسل الأمواج

آلافاً من المرات أكتاف الضفاف

مرة بالماء.. أخرى بالرمال

ها هنا موتى

على درب التشرد

كيف..

يضنينا السؤال ؟

أي قبر من قبور الأولين

يرحم السائل..

.. يعطيه جواباً

جثث الموتى..

ودودٌ لا يكف عن الدوار

من ذا يجئ بهذه الأسماك

.. ميتة إلى تلك السواحل

من ذا يطير بذرة الرمل..

.. الصغيرة للشواطئ

وتنافس الأشنات طافيةً

على سطح المياه

تظل تدفعها الرياح

من ذا يفتت حفنة العفن..

الموجّع للقلوب

أي معنى ؟

أي جدوى ؟

هكذا يولد..

.. آلافٌ.. ملايينٌ

من البشر العراة

ذرات رملٍ تائههْ

مثل قطراتٍ لِماءٍ

.. من سراب

أو طفيلات ولا تدري

ومن يبقى على قيد الحياة ؟

وأنا المُوَدِعُ ..

من فيهم يودعني ؟

حائراً ظل السؤال

ما بين مولد آدم..

.. وموت آخر عشبة

قبل النشور

ما بين أحلام العصافير..

.. الصغيرة إذ تطير

وبين أن تصبح من ماضٍ تولى

في مناقير الصقور

يمتد خيطٌ كاذبٌ

شبحٌ يموه.. بين رحم مظلم

وبين صمتٍ في القبور

كم مرة يتسول الأحياء

.. أكفاناً من الموتى

وما كف الكفيف عن الدعاء

ليت للمولود في ساعاته الأولى

.. عيون

فيرى ما لا نرى

أو.. أنه يدري

بأن العمر أقصر ما يكون

كلمح برق أو رفيف

.. في العيون

هذه الأرض بقايا

.. من بقايا

عمرها.. نيف عن المليون عام

ربما.. بليون عام

منذ آلاف السنين

مات كل الأنبياء

وانتهى عهد السلالات

وما زلنا على جهلٍ..

.. بأسباب الحياةْ

لا شيء في الدنيا.. قديم

لا شيء في الدنيا.. يدوم

وعرفنا ألف مرةْ

تتفجر الدنيا..

.. وتأتينا القيامةْ

ونعود نحسب عمرنا..

يوماً.. فيوماً..

ونظل نجتر الحكايا والشجون

قصة للحوت

.. إذ يهب الحياة

.. لمن يريد

أكان يونس آخر من نجا

من وطأة الظلم الشديد

ولربما تبكي السماء

فتملأ الأرض.. الدموع

وتذوب أكوام الجليد

ويصيح نوحٌ في البراري..

.. والبقاع

هَلْ من مزيدْ

لا شيء في الدنيا..

.. سوى قصص

من العهد القديم

وبطولات نلوك بسردها

.. عند المساء

واناس حالمون

هي ذي أسطورة لا تنتهي

كلما نضجر من أيامنا

نقرؤها حينا فحين..

أوتدري عندما نحيا..

.. وننسى..

أننا يوماً نزول

نملأ الدنيا عويلاً

وضجيجاً فارغاً

كيف نأتي ؟.. كيف نرحل ؟

مثلما تأتي وترحل

كل ذرات الرمال

.. أي جدوى ؟

 

 

د. هاشم الموسوي

- معماري وأديب وكاتب وباحث ودارس في علوم التأريخ واللغة والشعر، مُشارك في عدد كبير من المحافل والندوات العلمية والأدبية المحلية والعالمية ببحوث تربو على الأربعين.

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved