البندقية الصغرى والتي كانت أنهارها تفيض بالمياه النظيفة وشطها يعج بالأبلام والزوارق البخارية المطمَئِنة في سيرها وهي تنقل زوار البساتين إلى بساتينها بمروجها الملونة وبيوتها المشيدة قرب النهر حيث الحدائق الصغيرة المغروسة بأصناف من الورود.
ابو الخصيب غابة النخيل وبساتين العنب والبرتقال، بيد إنه لم يبق من أنواع نخيلها إلا اليسير ومن أعنابها وبرتقالها إلا القليل القليل، زرته أكثر من مرة ..تجولت وأمعنت النظر، لا خط للحافلات لا ساحل سياحي جميل لا سوق عصري منظم، أبو الخصيب لم يتطور، تنازل الناس فيه عن أبسط حقوقهم، لصق به قاطنون ولن يفارقوه، لكن هناك مَنْ يسعى إلى تبدل يرعاه وصوت جديد يعلنه، ولكن المرحلة تافهة ومغامرة بعض الشرفاء لم تجدِ نفعاً .
وفي لقاء عابر مع نائب في البرلمان، لقد جف حلقه وهو يتكلم وإعترى أذني الطنين، قال بأننا نميل إلى العشق ولكن هناك مَنْ ينزع إلى القتال، ومع ذلك فقد أكد لي وبلطف بأن قضاء أبي الخصيب سينعم بتطور على نحو ظاهر وستتصلح الأمور وتتبدل على نحو أفضل.
قلت : عندها ونحن في غربتنا ستملأ الغبطة أعطافنا وسنحدث الأبناء عن وطنٍ ناسه أوفياء .. مدنه ضخمة .. متاحفه غنية .. دروبه مشجرة .. عن وطنٍ لن يولوه ظهورهم.
أما عنا، فمن المؤسف أن نولد في مكان ونعيش في مكان ونموت في مكان، لقد دار الأمر وما علينا إلا أن نرضى بالحال التي بلغناها.
محمود بدر عطية
2013
اضغط على الصورة للتكبير
