“السرير يكشف جميع الأسرار”
(فولتير)
تتذكرون أعزائي القراء ذلك الطفيلي المدعو: “أبو ائتلاف”
الذي تناولت بعض سيرته عندما دخلت القوات الأمريكية والبريطانية العراق، في سلسلة من المقالات، أردت من خلالها الإشارة الى شخصية هابطة وليس مواطناً عراقياً بعينه .
لكن “أبو ائتلاف” “سمى نفسه بنفسه” قال: لم يكتفِ “اللامي” بتوبيخي، بل سلط عليّ “غريب المتروك”، الذي يعرفني حق المعرفة. وكان ذلك منه اعترافاً بحمقه وضلالته وقصر نظره، فكيف يسلّم عاقل لغاصب محتل، اللهم إلا اذا كان على خصام تام، ومعلن مع وطنه أولاً، وليس مع عقله فقط؟
“أبو ائتلاف” غير عاقل، ورجل سهل، وهو ينسى ما فعله أمس، ويتصور أن الناس تنسى مثله. وفي الحقيقة انه يتناسى، مثلما هو يتعالم على العباد الفقراء، فتراه ناقداً مسرحياً، أو شاعراً ثورياً، أو معارضاً قحاً، أو مدير حملة إعلانات انتخابية.
هذه المهنة الأخيرة، أي مدير حملة إعلانات انتخابية، كانت الفكرة التي طلع بها “أبو ائتلاف” في مجلس مختصر يتبع أحد مرشحي الانتخابات التشريعية الأخيرة. قال له “أبو ائتلاف”: أنت جهبذ السياسة، فلقد جمعت القومي الى الاسلامي، الى الشيوعي، الى الليبرالي، الى البعثي، الى الكذاب، الى النهاز، الى اللماز، وخرجت من هذه “الطبخة الوطنية” بتعريف جديد للوطنية.
سأله المرشح السابق: كأنك تعيش تحت لساني، فمن أين عرفت هذا كله؟ رد “أبو ائتلاف” قائلاً: أنا خريج مدرسة “اللا ولاء”، فأنا لا أوالي وطني، ولا أوالي حتى أسرتي
.
كان المرشح السابق يعرف نمط “أبو ائتلاف” في بريطانيا والسويد وسوريا والخليج وروسيا وفرنسا، لأنه عرف الراقص الأول على حبال السياسة الدولية، فلم يعبأ باستعراضات “أبو ائتلاف”، وقال في نفسه، وما الضير في هذا؟ هو يريد ان يسقط، وما عليّ سوى دفعه الى الهاوية ببضعة دريهمات.
ونطق “أبو ائتلاف” كأنما يريد ان يتوارى تحت سريره :" درست أسرار الحملات الانتخابية لأغلب رؤساء أمريكا، وأريد اليوم ان أضعها في خدمتك، سيدي ".
عند كلمة “سيدي” هذه، تيقن المرشح السابق ان “أبو ائتلاف” قد سقط تماماً، فأمر أحد حرسه من الأجانب ان يصرف له سيارة أمريكية مستعملة، وقال له: مبروك عليك السيارة، ومبروك عليّ كرسي البرلمان.
لكن المرشح لم يفز بالكرسي. ولم يتهَن “أبو ائتلاف” بسيارته الأمريكية المستعملة، فلقد وضعه فعله الشنيع في فم انسان آخر أشد منه ذكاء ومكراً، لأنه لم يذهب الى المرشح السابق قط، بل ذهب الى سيده الأمريكي وقال: مُرْني بما تشاء.
تبسم الأمريكي بخبث، وقال في سريرته: "هذا الأفّاق صدى، وليس ذاكرة قطّ ". وبصق الأمريكي بين قدميه،
برك “أبو ائتلاف” ومسح زفرة سيده.