درعا مدينة سورية تقع في جنوب سوريا بالقرب من الحدود الأردنية / السورية مع (الرمثا). وتقع على مسافة 120 كم الى الجنوب من العاصمة السورية دمشق قرب الحدود الأردنية. وكانت دائما بوابة سوريا الى الجنوب.كما انها كانت تتمتع بالحكم الذاتي ابان الاحتلال الفرنسي. وتاريخيا كانت عاصمة إقليم حوران الذي يمتد من جنوب سوريا إلى منطقة شمال الأردن، وتعرف في التراث العربي باسم أذرعات.
تضم المحافظة عدة مدن منها نوى التي ينسب لها الإمام النووي، ومدينة بصرى التي تضم المسرح الروماني، ومدينة جاسم التي ولد فيها الشاعر أبو تمام، وفيها المسجد العمري الذي أمر ببنائه عمر بن الخطاب رضي الله عنه ونهر اليرموك حيث جرت فيه معركة اليرموك بين المسلمين والرومان.
وتتميز درعا بتركيبتها القبلية والعشائرية التي لا زالت متماسكة حتى اليوم، والمرشحون فيها للانتخابات المحلية ترتبط حظوظ نجاحهم فيها بمقدار الحشد العشائري وعدد الناخبين في قبيلة المرشح.
وتعتمد المحافظة في اقتصادها على الزراعة إذ تتميز بسهولها الخصبة ووفرة مائها، وتشتهر بزراعة الخضراوات بشكل عام والزيتون بشكل خاص وفيها معاصر لاستخلاص الزيت.
تبلغ مساحتها أربعة آلاف كلم2 وعدد سكانها نحو 1.3 مليون نسمة من بين سكان سوريا البالغ عددهم 22.4 مليون نسمة والمسافة بين درعا والعاصمة دمشق 125 كلم، ويربطهما طريقان أحدهما قديم يمر بمعظم القرى والبلدات الريفية وآخر دولي حديث.
كانت درعا تاريخيا عاصمة إقليم حوران الذي يمتد من جنوب سوريا إلى منطقة شمال الأردن (الرمثا) والذي يضم عدة مدن مثل طفس وازرع وداعل والحراك وابطع ونوى والشيخ مسكين وانخل وجاسم والصنمين والطيبة.
كان للمدينة في العصر البيزنطي شأن كبير ومركز هام في المنطقة حيث قام أنستاسيوس الأول في 506 م بتحصينها للحماية من الغزو الفارسي على جبهة ما بين النهرين.
أطلق أنستاسيوس على المدينة اسم أنستاسيوبولس، إلا أن هذا الاسم لم يستخدم إلا نادراً. وخرج من تلك المحافظة الكثير من علماء الدين والأدباء والشعراء مثل الإمام النووي نسبة إلى نوى، الشاعر أبو تمام من مدينة جاسم. وتغنى بها الشعراء قديما باسم " أدرُعات ".
ليس من السهل تحديد الفترة التي سكن فيها الانسان القديم هذه المنطقة من حوران ولكن التحريات الاثرية القليلة اثبت ان البيوت القائمة حالياً تدل على وجود مدينة قديمة بائدة قائمة تحت المدينة الحالية وهي تتالف من شبكة واسعة من الغرف والمعابر المحفورة بفعل المياه الباطنية وقد ســكنت من قبل انسـان الكهوف في العصر الحجري الحديث من الالف السادس الى الالف الرابع قبل الميلاد وعمل على نحتها وتشكيلها بالصورة التي يرغبها وتدل الادوات التي خلفها الانسان على معرفته بزراعــة الارض وتربيـة الحيوان واكتشاف صنع الفخار كما استخدم الالوان وصنع الخيوط وتبادل مع جيرانه المحاصيل والمصنوعات .
ان اول اشارة مكتوبة تذكر مدينة درعا تعود الى لوحات تل العمارنة المكتشفة في مصر عام 1882م وهذه اللوحات تعود الى القرن الرابع عشر قبل الميلاد كما ورد اسم المدينة في كتاب العهد القديم وبعض الشواهد الاثريــة التي تدل على ان المدينـة كانت عامـرة في الالف الثالث قبل الميلاد ومن الثابت ان العـرب الذين يطلق عليهم اسم العمالقة وهـم الاموريون هـم اول من اســتقر في ارض حوران وتذكر الثورات ان عـــوج ملك باشان كان من ســلالة هؤلاء العمالقة وكانت مدينة اذرعي ( درعا الحالية ) العاصمة
وقد تصدت اذرعي بقيادة الملك عوج لهجرة العبرانيين الذين بدأ و ينزلون في الجانب الغربي من حـوران وذلك حوالي عــام (125 ق.م ) وقد احتل العبرانيون مـدنا كثيرة من حــوران واتجهوا نحو الشمال ولكن الممكة الارامية في دمشـق وقفت في وجههم وبعـد حـروب دامت نحــو قرنين تحررت ارض حوران واصبحت جزءا من دولة ارام .
وبعد الاحتلال الا شورى لسورية اصبحت حوران جزءا من الولايـة الاشــورية في ســوريا ثم جزءا من الولاية الكلدانية وبعد ذلك جزءا من الولاية الفارسية الخامسة وبعد معركـة ايسوس عام ( 333 ق.م ) اصبحت حــوران جزءا من امبراطورية الاســكندر المقدوني الكبير وبعد وفاته اصبحت حـوران عام ( 333 ق.م ) جزءا من مملكة الســلوقيين الذين وصلت حدود مملكتهم الجنوبية الى جبل عجلون وكانت حوران وعاصمتها ( اذرعا ) ضمن مناطق البثينة الاسم اليوناني للمنطقة .
وفي عام (90 ق.م ) تمكن عبادة ملك الانباط من قهـر الاســكندر الكابي ملك اليهود وتوغل في ارض حوران ثم انتصر على الملك السلوقي انطيوخوس الثالث في موقعة امتان قــرب صلخد عام (88 ق.م ) وانتزع منه بقية حوران وكانت بصرى هي الحاضرة الثانية بعد البتراء في عهد الانباط .
وفي عام ( 106 م ) اصبحت حوران جزء من ولاية سـورية الرومانية تعرف بالولاية العربية الرومانية وعاصمتها بصرى وفي عام (300م) قسمت هذه الولاية الى جنوبية وعاصمتها البتراء وشــمالية وعاصمتها بصرى وكانت مدينة درعا ضمن الولايــة العربية الشــمالية وحين انقسمت الامبراطورية الرومانية الى غربية وعاصمتها رومــا وشرقية وعاصمتها القسطنطينية اصبحت حـوران تابعة للحكم البيزنطي ومازالت بقايا الاثار الرومانية ماثلة في درعا القديمة فقد كشفت التحريات عن قســم من مدرج واسع ظهر منه تسع درجات بحالة جيدة في الجانب الغربي من المدرج كما وجدت بقــايا الحمامات التي يعــود تاريخها الى تلك الفترة كما وان هناك طريق قديم روماني يصل بين بصرى وشـواطىء البحر الابيض المتوســط مــاراً بدرعــا .
وفي الفترة الرومانية كانت دولة الغساسنة العربية تحت سـلطة الدولة الرومانية البيزنطية وبسبب غزوات الفرس المتعددة ضعفت سلطة الغساسنة .
وفي الفترة التي سبقت الاسلام تجدر الاشارة الى العلاقات التجارية العربية مع سوق درعـا الشهير بسوق اذرعات التي كانت تؤمها قوافل العرب تحط فيها رحالها وتتسوق من خمورها وتقام هذه السـوق عادة بعد سوق بصرى بسبعين ليلة وبقيت هذه السوق بعد الاسلام لفترة طويلة والى عهد الغساسنة وحــوالي القرن الثالث الميلادي ترجع اقدم مشروعات الري في هذه المنطقة واهمها قناة فرعون التي تجري المياه من سهل الثريا الواقع بين انخل والفقيع عبر قناة فخارية ما تزال اثارها باقية تمر من الشيخ مسكين الى قرية شـقرا غرب قرية غزالة ثم الى مدينة درعا عند مكان يعرف بحمام الملكة تحت تل الكرك .
وقد لعب الغساسنة دوراً بارزاً ايام الحكم البيزنطي وامتدت سلطتهم من جنوب دمشق حتى شـرقي الاردن وجعلوا عاصمتهم في الجولان مدينة الجابية وهي اليوم تل كبير غربي قرية نــوى والى هؤلاء الغساسنة ينتسب معظم سكان حوران اليوم ويفخرون بنسبهم هذا .
مدينة درعا منذ الفتح العربي الاسلامي حتى نهاية العهد العثماني
في الجاهلية كان يحكم مدينــة درعا عمال للــروم ولما وصل العرب المسلمون عقدوا مع اهلها صلحا ومنحوها عهدا في عام (635م) وحين جاء الخليفة عمـر بن الخطاب الى الشـام استقبله اهل درعا بالغناء والضرب على الدفوف .
لت معركة اليرموك الفاصلة بين العرب والروم عام /15/ للهجــرة وقد كانت في المنطقة الجنوبية الغربية من حوران وعســكر عمرو بن العاص في المنطقة الممتدة من جنوب وادي الزيدي المار باذرعات حتى قريـة داعل شمالاً وبعد اليرموك بقيت اخبار حوران قليلة الى ان زار الخليفة عمر بن الخطاب المنطقة قبل سقوط مدينة القدس فقد اقام في الجابية لمدة ثلاثة اسـابيع وربما بوشر ببناء المسجد العمري الشهير بمدينة درعا خلال تلك الفترة وقد احتلت حوران مكانه هامة اثناء الحروب الصليبية واصبحت مركزاً عسكرياً هاماً منع الصلبيين من قطع المواصلات بين دمشـق والقاهرة في تلك الفترة وفي عام /1119/ هاجم بودوان الثاني مدينة درعا واحتلها ولكنه لم يتمكن من مدينة بصرى .
وعندما قسمت المنطقة فيما بعد الى ولايات اصبحت درعــا مركزا لولاية ســهل حوران ويطلق عليها اسـم البثينة، وبصرى مركزا لولاية جبل حوران وعجلون مركزا لولاية عجلون ونــوى ومركزا للجيدور وازرع مركزا لا زرع وكانت درعــا تتصل بطرق رئيسية مع جميع المناطق اذ كانت طريق البريد بين دمشق والقاهرة مارة بالكسوة وغباغب والصنمين وطفس ودرعا واربد حتى غزه .
وياتي المماليك بعد الايوبين فتصبح درعـا وحوران تحت حكمهم حتى مجيء الاتراك /1516م/ وفي هذه الاثناء تعاني البلاد عامة من عوامل الجمود حتى مطلع القرن العشرين حيث اقيم الخط الحديدي الحجازي وبعث الحياة من جديد في جميع المحطات الواقعة في طريقه وفي مقدمتها درعا وفي عام /1880/ اصبحت حوران متصرفية مؤلفة من ســتة اقضية مركزها المزيريب وهي اقضية الجيدور والجولان والجبل والنقرة و عجلون والبلقاء وكانت درعا مركز لقضاء النقرة وبعد مد الخط الحديدي الحجازي عام 1904م فقدت المزيريب اهميتها كمركز انطلاق للحج واصبحت قرية الشيخ سعد مركزا لمتصرفية حوران ثم نقل فيما بعد الى الشيخ مسكين ثم الى ازرع واخيرا الى درعا .