منذ عهود طويلة بدأ الدارسون يكرسون جهودهم لدراسة هذه الظاهرة ومعرفة أسبابها، وفي كتاب ( عرض الوضع الأجتماعي ) للسير مايكل مارموت، بروفسور علم الأوبئة والصحة العامة في لندن حاول الإجابة على بعض الأسئلة التي تشغل بال معظم الناس .
لقد بدأ السير مارموت بدراسة الإختلافات بين طول الأعمار لمدة ثلاث عقود، حيث انه بدأ في الستينات من القرن الماضي بدراسة على صحة الموظفين الحكوميين في لندن، بما يعرف بإسم دراسة ( وايت هول ) واستنتج بدراسته هذه ان صحة موظفي الحكومة، ترتبط بدرجتهم الوظيفية، فالذين يتمتعون بدرجة وظيفية عالية يتمتعون بصحة أفضل وفي دراسة اخرى للسير مارموت وجد ان الحاصلين على شهادات عليا يعيشون اطول من الحاصلين على شهادات أقل، وهكذا يمكن ان تطبق هذه النظرية على اي جماعة في المجتمع، فمثلاً،( كما تقول الدراسة ) فالممثلين الذين يحصلون على الأوسكار يعيشون اطول من الجماعة التي لم تحصل عليها، والسياسيين الذن يصعدون الى مواقع مهمه عمرهم اطول من الذين لم يترقوا بما يناسبهم، وهكذا فإنه يعتقد ان الصحة العامة وطول العمر يتإثر بدرجة كبيرة بمكانة الإنسان بالمجتمع، ويشير ان الحصول على منصب اجتماعي مرموق يؤدي الى تحسن الصحة، والذين يحتلون قمة الهرم الإجتماعي يعشون أطول، وإن الوضع الإجتماعي ربما يكون أهم من النظام الغدائي .
وفي كتابه يقول ايضاً ان المال ليس له تأثير علي طول العمر وبهذا يقول : " المزيد من المال لا يعني صحة أحسن، المال بحد ذاته ليس مهماً " ويعتقد ان ما فسر ذلك ان الحياة في بعض الدول الفقيرة مثل مالطا واليونان، اطول منها في المملكو المتحدة والولايات المتحدة، ويعتقد مارموت ان منح الناس المزيد من السيطرة على حياتهم، وضمان ان يلعبوا دوراً كاملاً في المجتمع سيزيد من اعمارهم، ومن اجل ان يعيش الناس اطول، يوجه عناية حكوماتهم نحو ضمان توفير فرص لتعليم الأطفال تعليماً جيداً، ويؤكد على ضرورة ان تبذل المزيد من الجهود لضمان ان يشعر المواطن بأنه جزء مهم في مجتمعه .
وفي دراسة قام بها باحثيون بلجيكيون اكدوا على انهم اقتربوا من التعرف على الجين الذي يحدد طول العمر، وان هذا الجين ينتقل من الآباء والأمهات من خلال كروموسوم الجنس، ويبدو ان الأسباب التي تؤدي الى الإختلاف بين الناس في الوصول الى سن الشيخوخة واسباب وفاة البعض في سن مبكرة، هي اسباب معقدة بشكل كبير، الاّ ان العلاقة بين طول شريط الحامض النووي، الذي هو الجزء الواقع داخل الكروموسومات في نواة الخلية وبين طول عمر الإنسان علاقة طردية، حيث يكون قصر الشريط سبباً في قصر العمر، أو ظهور امراض الشيخوخة .
غير ان قصر شريط الحامض النووي ليس العامل الوحيد الذي يتحكم في طول العمر، فقد دأب فريق من الباحثين من جامعة ( ليوفن ) في بلجيكا تتبع جينات قد يكون أيٍ منها عاملاً في قصر شريط الحامض النووي، وتقول الدراسة اذا كان الجين المسؤول عن طول شريط الحامض النووي محمول على الكروموسوم الجنسي، يكون من الممكن فهم ذلك عن طريق مقارنة العلاقة بين طول شريط الحامض النووي عند الأطفال او عند اي من الأبوين، وفي هذه الحالة عندما تم قياس ذلك كانت هنالك علاقة واضحة بين طول الشريط عند الآباء وبناتهم وبين الأمهات وأبنائهن من الذكور، بينما لم تكن هنالك علاقة واضحة بين طول شريط الحامض النووي بين الآباء وأبنائهم الذكور، وذلك يبين ان الجينات المؤثرة في طول العمر وأمراض الشيخوخة موجودة على كروموسوم ( اكس ) وأكد الباحثون على ان الوراثة المرتبطة بكرموسوم اكس هي الإحتمال الأكبر .
ان الكروموسومات عند الإنسان تكون على نوعن وهي اكس و واي، ويرث كل مولود كروموسوم واحد من كل من ابويه، ويحدد المركب الذي يرثه المولود جنسه، اذا كان ذكراً ام انثى، فالإناث يكون لديهن اثنين من كروموسوم أكس، بينما يكون عند الذكور خليط من اكس و واي .
في دراسة اخرى تناول الباحثون موضوع المعمرين في اليابان من الزاوية الإقتصادية، فقد سجلت نسبة المعمرين بين سكان اليابان نسبة عالية، اذ تضاعف عدد من تزيد اعمارهم على المئة عام ووصلت الى عشرين الف معمر، ويشير التقرير الى ان ارتفاع معدلات الأعمار في اليابان يعود بدرجة اساسية الى تحسن العادات الغذائية والعناية الصحية، وتمثل النساء نسبة 85% من مجموع هؤلاء المعمرين . لقد وصل عدد المعمرين مع نهاية سبتمبر من العام 2006م الى 20561 معمراً مقابل نحو عشرة آلاف معمر في عام 1998م وبذا تتمتع اليابان بأعلى نسبة معمرين في العالم، حيث يبلغ متوسط عمر الرجال فيها نحو 78 سنة ومتوسط عمر النساء 85 عام .