"الجاهل عَدُوّ نفسه،
فكيف يكون صديقاً لغيره؟"
(ارسطو)
هذا سؤال موجّه إلى الذين يعنيهم الأمر، وجائزة الإجابة عنه، مقعد اضافي في البرلمان، والمدة المسموح بها للإجابة، نصف المدة القانونية لتشكيل الحكومة العراقية، في الولاية الثانية من عهد الرئيس العراقي جلال الطالباني.
والسؤال هو: "من القائل: الاستعمار أعلى مراحل الرأسمالية؟". ومن نافلة القول طبعاً، أن أمريكا هي الدولة الرأسمالية الأنقى.
وقبل أن أعد للمرة المليون، دعوني أخبركم، قرائي الكرام، ان عنوان مقال اليوم: "ديمقراطية للقِشْر"، هو عنوان افتتاحية صحيفة يسارية كانت تصدر في "البصرة" العراقية الفيحاء، كتبها الصديق نصيِّف الحجّاج المحامي، "رئيس تحرير" تلك الصحيفة، سخرية من الدكتاتورية العسكرية في عهد الزعيم العراقي الراحل عبدالكريم قاسم، جلبت له عداوات كثيرة، من بينها كساد عمله في المحاماة، وحكم بالسجن لمدة تتجاوز العشر سنين بعد "انقلاب شباط" سنة 1963.
وأرجو من الله تعالى، أن ينجيني من شر شبيه لحق بالصديق الحجاج، لأن بعض الأحزاب والشخصيات العراقية والعربية، صار يزايد على حبه للولايات المتحدة الأمريكية وسياستها "الرشيدة" و"الديمقراطية للقشْر" في العراق والعالم، مثل حب بعض القوميين العرب في عقد الستينات من القرن الماضي، للماركسية - اللينينية، حتى لقد قالوا إن المناضل جورج حبش، وليس لينين، هو القائل: "الاستعمار أعلى مراحل الرأسمالية".
ومن علامات "السياسة الحميدة" و"الديمقراطية للقشْر" للولايات المتحدة الأمريكية، قيامها "باحتلال العراق، بصيغة تحريره من الدكتاتورية". وكلمة: "بصيغة" التي ترد كثيراً في أدبيات دكتاتور العراق السابق، تتردد هذه الأيام، أو منذ الغزو الأمريكي للعراق قبل نحو ثلاث سنوات، في أدبيات سياسية لأحزاب وشخصيات عراقية ماركسية وليبرالية واسلامية.
وبين هذه وتلك، تشابه البقر علينا، واختلط الغزل علينا، لتداخل المصطلحات، فصار "الاحتلال" "تحريراً"، و"الغزو" "تغييراً" و"تحولت" امريكا من "عدو للشعوب" إلى "محررة للأمم" في عهد دولة "رأس المال المالي".
وهذه الحقيقة "العيانيّة" و"الملموسة"، والتي لا تضاهيها في "عيانيتها" و"ملموسيتها" سوى مقررات "المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفييتي" أعاد اكتشافها وتصديرها الى العراقيين والعرب وجميع كادحي العالم، لمناسبة ذكرى عيد العمال العالمي، أحزاب وشخصيات عراقية أخذت تجمع ما بين ماركس وبوش، والماء والنار، والشهيد والجلاد.
ولقد سألني أحد العمال النقابيين العراقيين المخضرمين قبل يومين: "هل قرأت التقييم الثوري للتغيير "الأمريكي" في العراق بعد غزوه في شهر مارس/ آذار سنة 2003؟"، فقلت مجاوباً: لا، لأني منشغل حالياً بدراسة مقولة جديدة في القاموس السياسي لهؤلاء القوم، تقول: "الاستعمار أعلى مراحل الاشتراكية".
وتسهيلاً للإجابة عن السؤال الذي طرحته في بداية هذا المقال، أقول إن الاجابة وردت بين تضاعيفه!
جمعة اللامي
Juma_allami@yahoo.com