الطّخْطَخَةُ، الضحك بصوت فيه طيّخ طيِّخ"
(الزمخشري - الجوهري، وغيرهما)
تطيخنا حتى تطيّخ الأقرب الينا، وقال: لله دركم معاشر العرب كم تحبون التطيخ. فقال الأبعد في مجلسنا، ولمَ لا يا أخا الفرنجة، إنما هي نفوسنا نروضها بالاغتباق بالضحك، ونمسيها بالضحك، ونجعلها راضية مرضية بعد العشاء بالضحك!
ضحك الجُلاس، ثم هزقوا، وأخذ يضرب بعضهم البعض الآخر بالوسائد الحريرية، والأزر البنجابية، وصوت كبيرهم يهزر، يا غلام عليّ بالصهباء الاسكتلندية حتى يطلع الفجر.
وطلع الفجر، ولم يسمع أحد صوت المؤذن، وتفرق بنو قحطان وعدنان وتيم وقضاعة وفزارة، وبقي زمرة من الضحاكين الفزارين، جنباً لجنب مع الضيف الافرنجي، الذي كان يضحك على ضحك الهزاقين، ويطخطخ لأن مضيفيه من بني سبهان ونبهان أحسنوا ضيافته، فشكرهم كثيراً، وهشّ وبشّ لهم، ثم قال: يا حُلفائي أضحكوني.
قام أعرابي على حيله، فقال: بمْ، بمْ، بمْ، على كل خرم بُرم، فتضّحك، وتضاحك، واستحضك، فقال الافرنجي بصوت فيه شيء من الأهلاس: بحق الدولار عليك، زدني ضحكاً.
قال الأعرابي: قال أحمق للشعبي: ما تقول - أصلحك الله - في رجل شتمني أول يوم من رمضان؟ هل يؤجر؟ فقال: إن كان قال لك يا أحمق، فإني ارجو له.
فضحك الافرنجي، وهو يقول: نعم، يا أحمق أنت الآخر مأجور، لأنك مسرور بن مسرور، ثم أخذ هذا الأفرنجي يهزأ بذلك الأعرابي، والقوم البقية يضربون بأكفهم على أفخاذهم هاتفين.
وطلعت الشمس، وأكمل عربي آخر، في مكان آخر، فطوره بما قسمه له الله تعالى، بعدما صلى الصبح. ثم أسبغ وضوءه مرة ثانية، وهو يقول لنفسه: بئس قوم صنعتهم الممارزة.
وما هي الممارزة هذه، مدّ الله في أيامك؟
قال العربي: المفاكهة التي تشبه السباب.
والآن - أعزائي القراء - ربما يسأل سائل: ما لك يا رجل تلحف في هذا البيان الأسود، حتى لكأنك تسيء الى قومك العرب؟ فأقول بعد الاتكال على الله: لا وربيّ، إنما أنا أدعو الى الاقتداء بتبسم النبي عليه الصلاة والسلام، فمن ابتسم فلينظر الى وجهه في المرآة، ومن قرقر وكركر، فلينظر الى وجهه في المرآة.
والله من وراء القصد.
جمعة اللامي
www.juma-allami.com
juma_allami@yahoo.com