فصل المزبلة

2008-04-19
رعتك الالهة وما حولها ابا عمار ( اللآمي ) صديقي وابعدت عنك شر كل متسول ومتسولة
بل ما جعلهم يتسولون
اليك مكتوبي البارحة في جريدة الزمان
هل القلوب سواق هههههههههههههههههه

انما ألأحزان بالنيات ولكل آدمي ما شال من جمر المعنى وما قبض ، فلا ناح ولا باح بل قام واستلقى وصيّر صومعته الى سوداء حالكة حندس أو هندس . وجهك مصوب نحو سماوات الله وظهرك يتعرق وانت تستعيذ من شر الفكرة وغواية اللغة وأفخاخ المخيال فلا انغلقت عيناك ولا سكنت روحك ولا أنت على ما ذهبت اليه بموصول ، حتى انقلبت واندق خشمك في مخدة دبقة ، وتيمم ظهرك صوب وجه ربك ألأعلى الذي خلق فأبدع وسوّى ، فلم تغف ولم تسكن ، فصرت على جنب اليمين منطرحاً فلا غوث أتى ولا دمع انسكب ، فرحت الى شمالك فوقع نفس ما وقع ، فشلت مخدتك وطيّنت بها وجهك المنهك توكيداً للظلمة وتسييجاً للحلكة ، وجعلت منخريك باباً لشفط الرطوبة ابتغاء نومة عصية فلم تنم ، فقمت وسترت بدنك بملبس الشارع وهبطت درجاً وارتقيت درجاً قبله واد اجرد غير ذي زرع سوى " سكرية " و " تمرية مقدسية " و " تمر هندي " و" دكان القبطي " وطيارة ورقية مصلوبة فوق رأس قنديل ورجل برتقالي أشيب ، حتى أرحت مؤخرتك فوق مصطبة مزروعة في دوّار الحاووز بجبل اللويبدة - صار الدوّار ساحة باريس - من جبال الربة عمون السبعة . استللت سيكارة واشعلت رأسها وشفطت منها شفطتين فتمثلت قدامك قطة بيضاء وديعة كما لو انها خرجت اللحظة من بطن أمها الحنون . دوّرت لسانها حول فمها ولطعت بقيا من دسم المساء فانفطر قلبك وطاح حظك ، فأشرت عليها بحاوية مسورة بزبل الناس فلم تنصت الى كلامك الذهب المصفّى وواصلت جلدك بلسان مبين ، حتى قمت وسحلت جسدك الى المزبلة والقطة وراءك تموء وتتشمّم وتتحكّك ، فطمست يمينك في بطن الحاوية دائراً خائطاً خائضاً أحشائها متلمساً الغث من السمين ، حتى انشتل عند رأسك رجل شائب نوراني من أهل المدينة بدا كما لو انه يحيا تحت خط المهانة ، فلما شافك على ما انت عليه قال ويحك مما تصنع يمينك ، فما انت الّا قصّاص الديرة والديار وبهلولها وملحها وسكّرها ، ولك في رقابنا ملحات ومضحكات وخير كلام ، ان قلٍّ دلٍّ وان أفاض شعٍّ ، فوا الذي خلقك وخلقني لأهدينّك الليلة نصف حصادي وقنصي من فوارغ قواطي البيبسي والكوكا كولا والسفن آب وما آب ، فبعها وارتزق واقض بعض حوائجك والصباح رباح . قلت لا وحقك يا ابن ألأكارم وألأجاويد والطيبات الطاهرات المبروكات ، فما حاجتي سوى لطعة زفر لهذه القطة المسكينة ، قال انا اعرفك وخشمك العالي وما زلت تكابر وتعاند وانت سليل كرم وغيرة ، قلت فما الذي يجول في عقلك الليلة ، قال انت معي منذ الآن فأحمل هذا الجعب واتبعني فنجول ونصول على حاويات ومكبات ومزابل المدينة ففيها ما يباع ويشترى ويقايض ، قلت له : والقصة القصيرة والمكاتيب ولذة اللغة وخلود الحروف ؟ قال دعك من هذا الهراء وانظر الى حالك وعيالك وقد أدركتك صنعة الادب فمضغتك وعلكتك ومصّت رحيقك العسل وتفلتك على الرصيف ، قلت : وهذي القطة ؟ ، قال ان لها ربّا يطعمها ويحميها .

صاحبي يعرج قدامي وانا خلفه أشيل فوق ظهري كيساً منسوجاً من خيش العوز ، تنام فيه حفنة علب معمولة من ألمنيوم نقي صافٍ ، وكلما زرنا مزبلة ، ثقل كيسنا وربحت تجارتنا وانثلم حزننا . لهذا الولد حاسة شم عجيبة ولي ظهر تكبر حدبته كلما ودّعنا برميل زبل . انا اصنع حكاية ، وهو يرتّل قطعة فيروزية رحيمة ملحونة من عمق روح سيد درويش الفرعوني :

صبح الصباح ، فتّاح يا عليم ، والجيب مافهشي ولا مليم

بس المزاج رايق وسليم ، باب الأمل بابك يارحيم

alialsoudani61@hotmail.com

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2025 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2025 Copyright, All Rights Reserved