في شأن الحارس والمحروس
الاربعاء : 3 / 9 / 2008
"وللأمور حكمان: حكم ظاهر للحواس؛
وحكم باطن للعقول. والعقل هو الحجة"
( الجاحظ )
ماذا نقول لأحدهم، يعلم اسم الطامع بدجلة والفرات، ثم يعهد إليه بصيانة سدود النهرين؟!
لا تجعل أوساً حارساً على غنمك.
ولا تأمن أويساً، فتلبسه لباس الحرس، وتقول له: تعال، احرس حلالي وبيتي وثروتي.
ولكن، اختر لحراسة قطيعك من هو على سنخ السلهب، لأنه وفيّ في طبعه، لا يغدر بك، ولا يخون أمانتك، لأنه حسيب نسيب، كما صنّفته العرب.
أوس، الذي يتسمى به بعضنا، هو: الذئب.
وأويس، هو الذئب أيضاً. قال "الهذلي":
يا ليت شعري عنك والأمر أمم
ما فعل اليوم أويس في الغنم!
أما ذلك "السلهب" فشأنه مفيد، اذا ما أخذت من القول، ليس الظاهر فقط، بل الباطن أيضاً. أي كأنك تنظر الى الجبل عالياً على وجه البسيطة، أو عروقه البعيدة في أعماق الأرض. وفي هذا دليل على فطنة.
ومن الفطنة أيضاً، أن تعرف أن هذا "السلهب" هو اسم كلب حسيب نسيب، لدى أحد العرب. وكان العرب في قديم أزمانهم يعرفون أنساب الخيل والإبل، والكلاب أيضاً.
ونقل الجاحظ عن أحدهم قوله: "ليس الديك من الكلب في شيء، فمن الكلاب ذوات الاسماء المعروفة، والألقاب المشهورة، ولكرامها، وجوارحها، وكواسيها، وأحرارها، وعتاقها، أنساب قائمة، ودواوين مخلدة، وأعراق محفوظة، ومواليد محصاة، مثل كلب جذعان، وهو: السلهب بن اليراق، بن يحيى بن وثاب بن مظفّر بن هارش".
هذا على ذمة أبي عثمان بن بحر، أحد اشياع العقل، وأرباب الطريقة العقلية في الثقافة العربية. وهو يشير من بين أمور أخرى الى أنه وضع كل ما يتعلق بالحياة، في ميزان العقل والتجربة العقلية، هو الفيصل في المعرفة.
ولذلك قال الجاحظ: العقل حجة.
ولعلك تجد، حفظك الله، حجة ما، في حكاية الرجل البريطاني ديفيد بالمر، مع صديق العائلة نيك يوينغ، بعد عطف وحنو من الأول تجاه الثاني. وحسب صحيفة "ديلي ميل" في شهر يوليو/تموز الماضي، فإن "نيك" يتقاسم المنزل مع عائلة صديق بالمر، منذ ثلاث سنوات، بل إنه صار أحد أفراد العائلة تماماً، فهو يحضر التلفزيون، ويأكل البسكويت، وصار وزنه 140 كيلوجراماً.
تقول "ديلي ميل"، ان الفرق بين "نيك" وأطفال بالمر، هو أن "نيك" يهوى تناول الأعشاب في حديقة المنزل، لأنه خروف، سبق ان وجده بالمر في حالة سيئة قبل ثلاث سنوات، فعالجه وأكرمه، وجعله يعيش مع زوجته كارولين وابنته ناثان.
ستكون غلطة بالمر، فادحة جداً، اذا وجد أوساً مريضاً، وضمه الى العائلة، كما فعل بعضنا، ويفعل الآن أيضاً.
جمعة اللامي
www.juma-allami.com
juma@juma-allami.com
juma_allami@yahoo.com
juma1945@gmail.com