هَنْدَسَة الفوضى الخلاّقة/ (طوابع سعد الجادر الفضيّة) 16

2016-07-27
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/adbe579f-06cc-475d-8149-a3a0830776a6.jpeg

تتكاملُ مؤامرة النخب الاستعمارية لِمَحْقِ العراق ونَهْبِهِ من عدّة مصادر، منها لمنظِّرين استعماريين استراتيجيين مُتصهينين يعملون في خدمة المحافظين الجدد:
- فوكوياما، صاحب "نهاية التاريخ والانسان الأخير"، بأنّ انتصار الرأسمالية هو نهاية التطور السياسي والثقافي للانسان؛
- هنتنجتون، مؤلف "صدام الحضارات واعادة تشكيل النظام العالمي"، بأنّ الحروب القادمة ستكون بين ثقافات مختلف الأمم؛
- برنارد لويس، الذي دعا الى تفكيك وتفتيت عالم المسلمين بأيديهم، من 57 دولة الى 88 دويلة على أسس دينية وطائفية وقومية؛
- رالف بيترز، كاتب مقالة "حدود الدم"، الداعي الى "تصحيح الحدود الخاطئة الظالمة" لبلدان المسلمين بأخرى "صحيحة وعادلة" على الطريقة الدموية الداعشية؛
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/fa7ae5c2-5ecf-425f-9c8f-f61ebfbd1474.jpeg 
- بريجينسكي، الآمل ب "تنشيط حرب خليجية ثانية ... تستطيع أميركا من خلالها تصحيح حدود سايكس- بيكو"؛
- كيسنجر، المُخطِّط ل"حرب المئة عام المقبلة" بين السُنّة والشيعة؛
- إعلان الرئيس جورج بوش الأب عام 1991 قيام النظام العالمي الجديد لاطلاق يد الامبراطورية الأمريكية في الهيمنة على العالم ونهب موارد الأرض أينما كانت؛
- مشروع جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي  لتقسيم العراق الى ثلاثة أقاليم؛
- نظرية المليار الذهبي للمحافظين الجدد بابادة ستة مليارات إنسان بدءً بسكان البلدان الغنية بالموارد الطبيعية، مثل العراق ونيجيريا وروسيا، والابقاء على مليار واحد يعيش رفاه الغرب واستهلاكه العالي.
ويفضح ذلك وغيره، المعلومات التي أوردها الكاتب الصحفي الألماني أوبرسكاليسكي في كتابه "نادي القتلة"، الذي يتصفّح الطبيعة الاجرامية لل (سي.آي.أي) في تدمير البلدان، وتخريب المجتمعات، ونهب مواردها، وإثارة الحروب، وزعزعة الاستقرار في العالم ... ومن ذلك مشروع الشرق الأوسط الكبير ... وبَلْقَنَة يوغوسلافيا، والقضاء على القوة الروسية ، وتغيير النظام في كييف، ونشر المنظمات غير الحكومية لاقامة " المجتمع المدني " كما في إيران وهونج كونج، وروسيا ... وإدارة شركات الحرب الخاصة... وتمويل الاعلام ودُوْر النشر المؤيدة لسياسات أمريكا ... والتظليل الاعلامي وفَبْرَكَة الحقائق وتزويرها ونشرها على أوسع نطاق ... واستخدام أكاذيب الديموقراطية والانتخابات والبرلمان والحرية والاستقلال وحقوق الانسان وأسلحة الدمار الشامل والحرب على الارهاب ... وتسييس الدين ... وتنظيم جماعات تمرّد وعصيان ... وتنفيذ عمليات الاغتيال ... ونشر الفساد  ... وسرابات الأماني والآمال والأمنيات ... والسجالات العقيمة ... وشراء مثقفين لتمرير مخطّطات أميركا ... والاشراف على الانشطة السرية التي يُنسب لها سلسلة طويلة من الانقلابات العسكرية والاغتيالات ...
كل هذا وكأنّ الشرق الاوسط، بل العالم، ماهو إلا  ضَيعة غربية يتقاسمون مساحاتها ويعيدون سقيها بالدم لفتح الطريق أمام المد الامبريالي الأمريكي الارهابي الصهيوني.
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/4425ef97-2bdd-4959-83e6-13a323154baa.jpeg  
ثم جاءت كونداليسا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية سابقاً، ومستشارة الأمن القومي للرئيس جورج بوش الابن عام 2005 ... لتُفْرِغ مُحَصِّلة كل هذا الشر في: "الفوضى الخلاقة"، محلياً وإقليمياً وعالمياً. وجعل العراق المحطة الأولى، والمختبر المركزي للتطبيق والتنفيذ بأكاذيب الحرية والديموقراطية والتحضّر تحت ظلال شرف "المجتمع الدولي" الأخرس ازاء مَحْق العراق. 
ورَسَمَت ال (سي.آي.أي) لعملائها العراقيين المُستَوردين دولة مستقلّة على كرسي في هيئة الأمم المتحدة، ومنزوعة السيادة على أرضها التي يلعب فيها مَنْ هبَّ ودبّ.  يحكمها بالتناوب بضعة عشرات من الخونة لكل منهم عصابته المافيوية لضمان الانتقال الدموي من العميل الطاغية الى السيد الغازي، ومواصلة تسيير الفساد الشامل. دولة فاشلة، ساستها لصوص منحطون، لا قلب لهم على العراقي والعراق، بل على مصالحهم الانانية الخاصة ومصالح النخب الغربية. فلم يقيموا على الأرض أمناً، ولا عماراً سوى خدمة الغزاة و سرقة عوائد النفط.
وهي الفوضى التي توَّجتْها داعش المُكفِّر للآخر والعامل على إبادته وليس التساكُن والتعايش معه. ونجاح الاعلام الغربي الارهابي الكذّاب بنشر صورة الاسلام والمسلمين على مثال داعش، التي تُشَكِّل خطراً وجودياً على ثقافات الشعوب وتراثها الشاخص منذ آلاف السنين لاستبدالها بحضارة نَمَطية عولمية تتساوى فيها ثقافة الكاوبوي الحديثة مع ثقافات تاريخية عملاقة كالرافدين والنيل والهند وروسيا والصين وسورية وليبيا واليمن وايران وتركيا .....
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/91c30e5a-6606-45fb-9da6-39e359ed3aa7.jpeg
ووسط هذه الفوضى لاأحد ينشر الحقائق الموثّقة عن: الثبت الاحصائي بمن استشهد من علماء واكاديميين ومفكرين والناس الاخرين ... وما هو عدد الجرحى والمُعوقين والمُهجرين والارامل والايتام والمطلقات والعوانس؟ وماذا اغتصب قراصنة الغزاة من التراث الثقافي العراقي المقدّس من فوق الارض ومن تحتها؟ وما هو عدد وثمن مليارات براميل النفط التي نهبها الغزاة: بيعاً في الأسواق العالمية، ونقلاً الى المخزون الاحتياطي للولايات المتحدة؟ وأين تبدّدت مئات مليارات الدولارات من ميزانيات الدولة المخطوفة ... وكثير من الاسئلة الاخرى. فنتيجة للسرية والتضليل تضيع الحقائق عن الناس في وسط كهذا الذي يمر به العراق، ويبقى الامل بالمثقفين الوطنيين، وبالمؤرخين للكشف عن الحقائق ولو بعد حين. 

ان ماقامت به كل حكومات العراق السابقة للاحتلال من مُنجزات في مجالات العمران والتعليم والصحة والزراعة والصناعة والمواصلات وغيرها من فروع الاقتصاد، كان انتقائياً و مبعثراً، ، ولم يستند الى إطار تخطيطي وطني شامل ومدروس علمياً. ثم كان الغزو عام 2003 ليخرِّب ويُهدِّم التراكم القائم على جميع الاصعدة: تدمير البنية التخطيطية المعمارية للبلاد، وابادة أكثر من نصف الشعب العراقي بالقتل والتعويق والتهجير، و تراجُع حاد في مستوى معيشة السكان، وفي لحمة المجتمع، وفي مكانة  العراقي والعراق في العالم.
واذا كان الناس واعون بالفوضى الخلاقة وما أنتجته، فان الاختلاف يبقى في تقديم الرؤى المستقبلية للنهوض بالعراق وانتزاع حريته واستقلال قراره وبرميل نفطه: فهل يتم ذلك عبر "العملية السياسية". أم بواسطة "المحاصصة والمصالحة". أم بسلاح المقاومة. أم بثورة شعبية عارمة تنظِّف كل قاذورات النخب الاستعمارية التي رمتها على أرض العراق بما لن يقدر الغرب على صدِّها أو تشويهها أو احتوائها أو إجهاضها كما حصل ويحصل منذ قرنين من استعمار الغرب لعالم المسلمين.
وفي كل الحالات، فلا بدّ من تقديم حل جذري وتاريخي يستند الى الدراسة العلمية، التي  تعيد توحيد وتعمير العراق وتحقيق وحدة شعبه على أساس التخطيط الوطني- الاقليمي- الوظيفي، وإقامة دولة مؤسسات قائمة على سيادة القانون توفِّر الأمن والعمار والازدهار الحضاري للعراقي والعراق.
تبدأ إعادة الاعمار الشامل بتنفيذ مشاريع اقتصادية ذات مردودية سريعة، وإسكان مؤقت مُصَنَّع ريثما تُنجز وتُعْتمد خرائط التخطيط الوطني – الاقليمي التي ستفرز تراتبية الاستيطان العراقي. وذلك حفاظاً على ثروة الشعب وترشيد إنفاقها لكي لا تُبَدَّد، كما حصل، في تنفيذ مشاريع غير مدروسة علمياً. وبموازاة ذلك إعادة إعمار التراث العراقي الذي دمّره الاستعمار وداعش. وسنّ قوانين البناء الجديدة على أساس إحياء التراث المعماري العراقي النافع والجميل لاحاطة العراقي بثقافاته الاسلامية والسابقة للاسلام أساس وبوصلة نهضته التي يخطِّط الغزاة لمحوها.

فالفكرة مُحرِّك التغيير. والبناء يُرَتِّق ويُجَمِّع ويُوَحِّد. ومستقبل العراق يمرّ عبر تراث ثقافاته.

وفي هذا أفضل جواب على عار الغرب الذي رمانا بالاستعمار، و بالفوضى الخلاقة، وبداعش ... وبعثرة الفسيفساء الحيوي للعراقي والعراق الى قبائل وطوائف وأديان وقوميات وأحزاب مُتناحِرة ....
إنّ المِحنة الحالية مرحلة تاريخية ستأخذ مداها من التخريب المحلي والاقليمي والعالمي، حتى يعود التوازن الى العالم من خلال مقاومة الارهاب الغربي للانسان بكل الوسائل المتاحة وفي جميع أنحاء العالم، وإجبار ساسة الغرب على الرضوخ لاحترام  القيم الانسانية والاخلاقية.
 خاصّة وانه لايمكن تأطير الفوضى الخلاقة بحدود تفصل عالم المسلمين في الجنوب عن عالم المتآمرين في الشمال.
 
















 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2025 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2025 Copyright, All Rights Reserved