حكاية ريم النميري
:الأربعاء ,13/08/2008
"الرجال العظام يموتون مرتين، مرة كرجال؛ ومرة كرجال عظام"
(حكيم أوروبي)
لا يوجد رجل، بل لا يوجد مثل هذا الرجل البتة، لا يتذكر القبلة الأولى في حياته، على خد امرأة، أو على رأسها، أو على باطن كفها اليمنى.
لايوجد مثل هذا الرجل، أبداً.
نزلت عليَّ هذه الفكرة، بعدما قرأت نبأ الطفلة اليمنية ريم أنيس النميري، التي تبلغ من العمر 12 سنة، وهي تقف أمام أحد القضاة، ومعها والدتها، ومعهما رجل يبلغ من العمر 30 عاماً.
أعود إلى القبلة الأولى.
قال أحد مترفي الكلام: أول قبلة من الرجل للمرأة، هي أول زهرة في شجرة الحياة. وقال آخر: قبلتان اثنتان لا أنساهما: آخر قبلة لوالدتي وأول قبلة لحبيبتي.
والقبلة يشتريها الكهل ويسرقها الشاب، ويحصل عليها الولد من دون تعب، على حد تعبير أحد أمراء الكلام، والقبلة "هي اللحظة التي يقصر زمنها وتدوم حلاوتها، وهي السر العميق الذي يصل الى القلب عن طريق الفم".
ولا يغالي الشاعر البريطاني بيرون، حين يقول: ليت جميع النساء ثغر واحد. إذن، لقبلته واسترحت.
أما ريم النميري فهي ترفض هذا كله من ذلك الرجل الذي وقف معها ومع أمها في قاعة تلك المحكمة اليمنية، قبل نحو شهر.
والقبلة؛ مع الابتعاد بقدر ما عن حكاية ريم النميري، هي همسة أخطأت طريقها الى الأذن، فاستقرت على الشفاه.
واجزم ان بعضنا لا يزال يشعر بسخونة ما على شفتيه . واعلن ايضا ان اول قبلةـ في حياتي ـ كانت على صدر راقصة غجرية في حفل زفاف شعبي ، من دون ان اعرف ما معنى القبلة ، سوى اطاعة ما امرني به عمي غريب المتروك ، حين قال لي : بوسها !
و"السياب" يستخدم البوسة في إحدى قصائده.
و"امجنون" قبَّل "ليلى" في المبسم الورد، من دون أن يفعل ذلك أبداً، فكان بذلك وقَّع على وثيقة افتقاد "ليلى" إلى الأبد.
أما ريم أنيس النميري، الطفلة اليمنية التي تبلغ من العمر 12 سنة، فالقبلة ترعبها، خصوصاً من الرجل الثلاثيني الذي كان يقف في المحكمة اليمنية. وقالت أمها للقاضي: نرجوك، سيادة القاضي احكم بطلاق ريم من هذا الرجل الذي هو زوجها، لأنها لا تريده زوجاً لها.
وهذه ثاني قضية على هذا الصعيد، يشهدها القضاء اليمني.
لكن القاضي رفض الطلب المقدم من الطفلة "لعدم بلوغها السن القانونية، أي قاصر، بحسب رأيه، وعرض على المتخاصمين الصلح".
صُلْح؟!
جمعة اللامي
www.juma-allami.com
juma@juma-allami.com
juma_allami@yahoo.com