
الورقة المشاركة في الجلسة التي نظمّها ملتقى جيكور الثقافي
بالتعاون مع القصر الثقافي في البصرة / ليلة استشهاد الامام علي عليه السلام
الكلام على ضربين: ضرب انت تصل منه الى الغرض بدلالة اللفظ وحده
وضرب آخر لاتصل منه الى الغرض بدلالة اللفظ وحده، ولكن يدلك اللفظ
على معناه، ثم تجد لذلك المعنى دلالة ثانية تقوم على الكناية والاستعارة والتمثيل
فنقول : المعنى ومعنى المعنى
عبد القاهر الجرجاني/ دلائل الاعجاز في علم المعاني/دار المعرفة/ بيروت/1981/ص40
(*)
ا
بدءاً...
أعلن..لايمكنُ الإحاطةُ بنهجِ بلاغةِ البحر المحيط أمام الأئمةِ علي بن أبي طالب.(ع). ما دونته هنا قطراتٌ اغترفتها من البحر المحيط ذاته.. واعلن ثانية..هي قراءة لاتلزم سواي لنص ٍ يتكون من طبقات جيولوجية مكتنزة بأحجار كريمة.. كل حجر يكتنز آفاق رؤيا وإستجابات تلق.. شخصيا حاولت الطواف حول كعبة النص.. ومن المستحيل الوصول إلى سدرة منتهى نص الدعاء أو الى اي نص من نصوص علي البلاغة العربية وسيد نهجها.. وأود ان اوضح ان اشتغالي على الدعاء يستعين بالدعاء نفسه وعلى مايتجاور نصيا معه..واعني بالتجاور من ينتسب الى نفس العائلة البلاغية.أو يتغذى منها..آية قرآنية / حديث شريف / نص من الصحيفة السجادية../ عبد القاهر الجرجاني ..وعند الاضطرار تستعين الدراسة بمرجع حداثي
(*)
*الدعاء هو العبادة ../ رواه الترمذي وابو داود وإبن ماجة
*وقال ربكم ادعوني استجب لكم / غافر / 60
وإذا سألك عبادي عني فأني قريب أجيبُ دعوة
الداعي إذا دعاني / البقرة /186..
*روى أبو داود عن سلمان / ان ربكم تبارك وتعالى حيي كريم يستحي من عبده
إذا رفع يديه إليه ان يردهما صِفراً / صححه ُ الشيخ الألباني
*الدعاء ثلاثا..
*الدعاء
(*)
اليدان ترتفعان / الراحتان مفتوحتان الى الاعلى : فارغتان تنتظران الملء
(*)
الاهداء والعنونة
نحن هنا امام طريقة خاصة بالإهداء، فالدعاء ينصّد ضمن ادعية إمام البلاغة علي الحق (ع) لكنه اشتهرَ (دعاء كميل بن زياد) وليس بدعاء الخضر عليه السلام، والخضر هو منتج الدعاء والإمام مستودع هذا الدعاء .. وهاهو ينقل الوديعة الى مَن هو مِن خواص أصحابه..عن مفاتيج الجنان ( دعاء الخضر –ع- علّمه أمير المؤمنين كميلا وهو من خواص أصحابه /..96 ) واتوقف عند الفعل (علّمه) وهذا يعني استقطع الامام من وقته لتعليم كميل بن زياد هذا.. الدعاء إذاً لم يحصل عليه كميل بن زياد بصيغة الامالي، بل بالتعليم وهكذا يترسخ في ذاكرة المتعلم والعنونة هنا لاتخلو من تناص فالدعاء يحيلنا الى كميل بن زياد وحسب ثريا النص ( يؤلف التناص هنا إحدى شفرات العنوان..احد انساق بنيته../31 ).. نحن ازاء اتصالية الشخص / النص ضمن سياق العنونة/ الإهداء
*وهناك دعاء للأمام زين العبادين(ع) اشتهر بالطريقة ذاتها ( دعاء ابي حمزة الثمالي ) /ص229/ مفاتيح الجنان..وابو حمزة كان من خواص اربعة أئمة : علي بن حسين، محمد الباقر، جعفر الصادق، موسى الكاظم (عليهم السلام ) واجاز الأئمة للثمالي ان يروي احاديثهم
(*)
ولِد كميل بن زياد باليمن ،وتحديدا قبل هجرة الرسول واسلم صغيرا وارتحل مع قبيلته الى الكوفة.. وكميل من سادات قومه ومن حواريي علي الحقّ (ع) كميل لم يخذل كما فعل الخوارج ولم يخلع عليا كما يُخلع الخاتم كما فعل ابوموسى الاشعري..وحين تغطرس والي الكوفة سعيد بن العاص واعلن هتافه الاستحواذي (إن السواد بستان قريش) ثار كميل مع الثوار بقيادة مالك الأشتر ..ثم نُفي بامر الخليفة عثمان بن عفان الى الشام وعاد الى الكوفة مع العائدين ومنها الى حمص ثم عاد الى الكوفة بعد خروج واليها منها..فدخل مع الثوار بقيادة مالك الاشتر الى قصر الامارة واخرجوا ثابت بن قيس وكان قد استخلفه ابن العاص حتى عودته الى الكوفة..وحين اراد ابن العاص العودة..تصدى له اهل الكوف فلم يدخلها...لازم كميل الامام علي عليه السلام وكان من ثقاته..لازمه واخذ العلم منه وأختصه الامام بدعاء يعد من أعظم الادعية واسماها وهو دعاء كميل لهذا قال عنه علماء الرجال ان كميل بن زياد حامل سر علي (ع ) وفي خلافة الامام علي ، نصبه عاملا على بيت المال مدة من الزمن ثم عينه واليا على (هيت) فتصدى لمحاولات معاوية التي كانت تهدف الى السيطرة على المناطق التي كانت تحت سلطة الأمام (ع)..بقي كميل على نقائه وحين قطع الحجاج على قبيلته حقها من بيت المال خرج من وكره ليفتدي قومه وخاطب الحجاج قبل ان يقتله في 82 للهجرة (لاتعرض عليّ انيابك فوالله مابقي من عمري إلاّ مثل كواسل الغبار فأقض ما انت قاض..لقد اخبرني امير المؤمنين علي ابن ابي طالب انك قاتلي..)
(*)
عنه.. قال أبو القاسم الخوئي (جلالة كميل وأختصاصهُ بامير المؤمنين من الواضحات التي لا يدخلها ريب)
(*)
ماهو النسق؟ ولماذا قراءتي نسقية ؟
لايمكن الكلام عن النسق قبل الكلام عن البنية / بنية النص ..ولكن ماهي البنية ؟ . (غالبا مايثير مصطلح البنية ،، في ذهن القارىء انطباعا خاطئا يرتبط بكيان مادي يحمله على التوهم بالقدرة على ادراكه إدراكا حسيا ، غير ان البنية ليست كذلك ،فهي ليست كيانا ماديا او حسيا يمكن التعرّف عليه في ظاهرة النص ،حتى بعد تحديد خصائصها التي تتمثل في عناصرها التركيبية ، بل مفهوماً عقليا هو أقرب الى التجريد منه الى التعيين وإنها مانعقله أو نصوغه من علاقات الاشياء لاالأشياء ذاتها، ويعمل الباحث للتوصل اليها على اقامة انموذج عقلي يدرسه ويتفحص الاحتمالات المنبثقة منه بدقة ٍ وتأن بعيدا عن التكلف والتعسف ../293/ صلاح فضل / نظرية البنائية في النقد الادبي) وهذا الكلام يعني :البنية مجموعة من العلاقات المترابطة والنسق يكتسب قيمته منها..فهو النظام أو العلاقات المتسلسلة الحاكمة للعناصر المكونة للبنية ..مثال : النسق : نظام لعبة الشطرنج ثابت لايتغير ،حتى وان تغيرت احجار الشطرنج من الخشب الى العاج او الذهب او اللعبة ضمن شبكة العنكبوت..
لغويا : النسق يدل على الاتساق والانتظام والترتيب ..
شعرت ُ ان استعانتي بالنسق مكنتني من التلذذ بالنص ، وبالتالي من خلال تنضيدي لهذه الانساق رأيت ان النص لايتمدد افقيا بل يحلّق كالطير ليرسم بعدها دوائرا دفاقة ..وها انا أراني امام نثراً فنياً لا شريك له في البلاغة ونهجها..وتفرد هذا الدعاء برهف انساني وعشق صوفي ..
(*)
ثمة تنويعٌ في الأنساق اللغوية تذوقتها منذ نعومة أحزاني..أصغيت ُللدعاء طويلا..قرأته كثيرا..وأمتنعت لإسباب مشروطة بالذوق والكشف الصوفي : عن قراءة ما أنكتب عنه أصغيت له في رمضان و في كل ليلة الجمعة عبر راديو فلبس في ذلك الحلم الذي بصيغة سنوات...ما أن يبدأ ذلك الصوت التوسلي الشجي..حتى تصغي العائلة كلّها والبيتُ كلّه يصغي مع العائلة. للغسق الذي يكتنزه صوت المقرىء...وإصغاء البيت تذوقته،من خلال تغذيتي المعرفية..عبر مخيلة متعايشة سلميا بين الوقائعي والمتخيل والتاريخي بين المادي والروحي ..إمتزاج الحلم/ الحقيقة..في هذا الدعاء.. أتذوقُ عبر اصغاءٍ روحيّ سيرورة ً نسقية ً ذات هارمونية ٍ باذخة ٍ عبر أنساق ٍ ثرة ٍبمعرفياتها حول الذات الإنسانية هذه الذات المبتلاة بوحدة وصراع الأضداد .. ذات لها سلالمها نحو سمو المطلق الكلي ،عبر أنساق ٍ عرفانية ٍ منفتحة ٍ على ذاتها ومترابطة ترابط الضفيرة..حيث تكدح الأنا للتماهي في مرايا (السيمرغ)..هكذا تتجرد الذات ..عبرالكشف والمشاهدة للطواف في المحيط الكلي..وهذا يعني على الإنسان أن يبحث عن نسبيته هو، ليصل من خلالها إلى العقل الكلي، إذن على الإنسان أن يقوم بحركة نقلة ،لا حركة إعتماد فالحركة الثانية، هي حركة كيفية يكون فيها الجسم مدافعا لما يمانعه عن الحركة إلى جهة ما حسب قول الشيخ الرئيس إبن سينا ،في حين ترى قراءتنا ان الدعاء يفعّل إتصالية مع حركة النقلة،والتي أعتمدها المعتزلي إبراهيم بن سيار النظام في توكيد الطفرات ،والإمام في نهجه البلاغي،وفي مكابداته مع خصومه المدججين ، يسعى لتحرير الإنسان المتعالي في داخل كل واحد منا أليس هو القائل(كفى بالمرء جهلا أن لايعرف قدره).؟
(*)
أستعملَ الإمام عمرهُ دفاعاً عن إنسانية الإنسان من ذل التشيوء ومنفى الأغتراب الوطني (الفقر في الوطن غربة) أغترفُ من بحر علي(ع) وأتساءل اليس الأنتاج المعرفي : منفى مزدوجا؟
(*)
من إنساق كميل ينهض صرح بلاغي مشّيد من رؤيا خضلة بالنور..تحوّل الأفقي الى عمودي ليعرج عليه الإنسان الخطّاء من ضيق الهوة إلى سعة الطواف حول انوار السالكين صوب هياكل النور
(*)
يشتغل خطاب الإمام ، على الضعف الإنساني:
: ( أللهم أرحم ضعفَ بدني ورقة َ جلدي ودقةَ عظمي) نحن هنا امام شفرة شفيفة بصيغة مثلث متساوي الأضلاع: الضعف / الرقة / الدفة..شفرة بلاغية رشيقة يكتمل المعنى فيها
(*)
ترى قراءتي : سيرورة كل دعاء هي سيرورة عمودية تنطلق من فضاء الضيق/النفس الإنسانية..متوجهه إلى سعة الأعلى ورحمته..إذن هو نص إنساني / إلهي
(أدعوني أستجب لكم)
(1)إنساني بإرساله..يبثه الإنسان كمظلمة ذات سيرورة أفقية كمسطور يتحول عند التلاوة إلى سيرورة عمودية..
(2)إلهي بتلقيه ..فهو مرسل للمطلق ليفعّله ماديا في مظلمة الإنسان المقهور
* الدعاء إتصالية النفسي / البلاغي، وهي إتصالية منبثقة من عنصري: الديني/ الثقافي..
* الدعاء إتصالية تجسير : اعني ان الدعاء ليس نصا في ذاته ولذاته بل هو أنوجد للتدوال مع منتجه من جهة ومع المرسل إليه من جهة ثانية وهو قابل للمحاورة ..الإستقواءالجمعي / الفردي..حين يقرا جماعيا..نقرأ الصحيفة السجادية نتلمس كل جراحات زين العابدين بعد فاجعة كربلاء..نقرادعاء كميل نتماهي في عذوبة العشق الإلهي ورهافة البشري ..
(*)
مشيدات الدعاء: من أجل تفعيل انتاجية الدعاء لابد من أن (يتحد فيه لسان القال مع لسان الحال والأستعداد )ولايمكن للأتحاد ان يشيّد دون ضرورة أخلاقية عبر(الصبر والتوكل والشكر والرضا بالقضاء آلآلهي) هكذا يرى السهروردى المقتول..
*الدعاء يشترط الإيمان بشحناته والوثوقية المطلقة بالمرسل إليه
*منتج نص الدعاء في (كميل) ينقلنا معرفيا مِن (ماهذا؟) إلى (مَن أنا؟)..ينقلنا من البراني الى الجواني..من رؤية العين إلى عين العقل إذن هي نقلة إعتماد من علم الوجود إلى المفاهيم ..كأن العقل يحاور نفسه في الدعاء ويتساءل عن كيفيات الوجود من خلال العودة إلى المأوى ،فتصاغ المعرفة والعرفانية والتعارف : مفتاحا إنسانيا لفتح أوسع الأبواب وأغزرها طراوة: باب القلب الكلي المترع بسعة الرحمة..
* الدعاء: سلاح الأعزل (إغفر لمن لايملك إلا الدعاء) هكذا يتناجى زين العابدين (ع) مع المعبود
*معرفيا يمكن إعتبار الدعاء بمثابة رابطة ضرورية بين مقدمات البرهان المنطقي وبين نتيجته،ويرى السهروردي ان في الدعاء تنوجد هذه الرابطة الضرورية،معتبرا حالة الدعاء بالنسبة إلى المطلوب كمقدمات البرهان بالنسبة للنتيجة/ 29 ص/ الدكتور غلام حسين الأبراهيمي الديناني/ إشراق الفكر والشهود/ في فلسفة السهروردي/ دار الهادي/ بيروت/ ط1/ 2005
(*)
إستعمال ضمير المتكلم:
من هو النسبي الذي يخاطبه المطلق ؟ لايمكن ان يكون الأمام علي ..المتكلم هنا هو الإنسان الخطاء .. وضمن الخطاب النقد الروائي : المتكلم هنا السارد وليس المؤلف ،وعلي (ع) يتماهى في الذات الإنسانية ويتكلمها :
(أغفر لي الذنوبَ التي تهتك العصم
أغفر لي الذنوبَ التي تنزل النقم
أغفر لي الذنوبَ التي تحبس الدعاء
أغفر لي الذنوبَ التي تنزل البلاء
أغفر لي كل ذنبٍ أذنبته وكل خطيئة أخطأتها )..
نحن امام نسق علاماتي مميز ، لم يقل الدعاء : اغفر لي كل ذنوبي.. بل اشتغل على احالة تكرارية من طرفين : مغفرة --------- ذنوب
في النسق الخامس سأطلق عليه النسق الجهر بالكلية السالبة : كل ذنب / كل خطيئة..
وثمة علاماتية فارقة في كل نسق من الانساق الاربعة :
*ذنوب تهتك --------- العصم
*ذنوب تنزل-------------- النقم
*ذنوب تحبس------------- الدعاء
*ذنوب تنزل------------ البلاء
(*)
لايخلو الدعاء من منحى تربويّ بمنسوب ٍ عال، يصوغهُ الإمام عبر وعيه المتفرد بمجريات الذات الإنسانية..وتماهي خطابه يرفد هذا المجرى..أليس هو مخلّص العالم من الذلة ؟ (لوكان الفقر رجلا لقتلته) وهو أدرى العالمين..أن الفقر ليس رجلا ولن يكون..بل هو صراع غيرمتكافىء بين فقير يفقر وغنيّ يغنى واحيانا يتحول الصراع إنقراضا للطبقة المغلوبة إقتصاديا ومن خلال تكرار قراءة الدعاء ..نلمس ذلك الإنزياح للدلالات القارة وتفعيل مأسسىةِ دلالاتٍ مستحدثة..
(*)
مظلة الدعاء ضمن التنضيد التراتبي القصدي كالتالي:
*الرحمة *القوة*الجبروت*العزة *العظمة *
*الأسماء *العلم *النور * الباقي * السلطان
(*)
الأنساق:
نلاحظ اواليات الأنساق هي كالتالي :
*أستقلالية كل نسق بذاته، فهو مكتمل المعني غزير الدلالة..فيمكنك ان تقرأ نسقا معينا وتكتفي..بل ان تأخذ نسقا فرعيا وتطيل التمعن في رحابه: (اللهم إني أسالُك برحمتك التي وسعت كل شيء) في هذا النسق ثمة اتصالية لغوية مع آيتين الاولى في سورة الاعراف والثانية في سورة غافر
(...قال عذابي أصيب ُ به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء/ 156/ الاعراف)
(ربنا وسِعت َكل شيءٍ رحمة ً وعلِما../7/غافر)
وفي السياق ذاته يقول في الصحيفة السجادية الأمام زين العابدين (ع)
(فاجبُر فاقتنا بوسعِك.../ دعاؤه في اللجأ الى الله تعالى/ 58)
*إتصالية النسق بسواه: تتضح هذه الإتصالية من خلال ترابط الأنساق .
وفي إلتقاطنا للأنساق لم نساير سيرورة نص الدعاء بالتتابع الخطي المدون عليه..بل وفق قراءتنا النسقبة ..وسنلاحظ ان الأنساق تنوّع في حركيتها مرة تتراكم عموديا ذلك التراكم المؤدي الى كيف دلالي جديد وحينا يكون التراكم افقيا ويؤدي إلى اتساع في المديات وصولا الى إكتمال الدائرة..
(*)
*نسق الكلية:
1/ كلية المعبود
منذ البدء يعلن الدعاء إشتغاله على إنتاج الأسئلة وتنويعها وهي
أسئلة مركبة تتوالد عبر سيرورة بلاغية متعالية،حيث المشاكلة
بين كيفيتين أو أكثر،وبالطريقة الإعجازية تتم صيانة المعنى من التلف
ومن خلال المشاكلة يبرز التصويركمخلّص للمعنى من الظرفية وتمكينهُ
من الأبدي والتأطر من خلاله ... لنتوقف عن الحجر الكريم الأول
(اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء)
أرى في هذه الوحدة السردية الصغرى : خلية يتغذى منها جسد الكائن السردي : دعاء كميل.. وتحتوي في داخلها طبقات جيولوجية..كما إنها ليست وحدة منغلقة بل مفتحّة الأبواب تمد اشعاعاتها في شرايين جسد الدعاء كله، هنا السؤال / الرحمة / السعة / الكلية..حين نتوقف عند اصغر من ذلك وتحديد اًعند (إني أسألك )..نلاحظ قطبين
*قطب الإنية : إني
*قطب المعنيّ :ب (كاف ) المخاطب
بين القطبين : جسر السؤال(أسأل )
نلاحظ ان مروحة السؤال لاتتوقف عن الدوران سواء في مركز النص او في أطرافهِ وستفعّل الإحالة التكرارية ، هذا السؤال وتسبغ عليه سعة كانت مضمرة بلاغيا فأذا كان السؤال في النسق/ المفتاح لايكشف عن نوعيته ويتوجه الى سعة الرحمة مباشرة فأن السؤال التالي..في النسق الثالث سيكون كاشفا للنوعية من خلال توصيف المتسائل ذاته، حامل السؤال:
*اللهم إني أسألك سؤال خاضع متذلل خاشع
*اللهم إني أسألك سؤال من أشتدت فاقته وأنزل عن الشدائد حاجته .
وشخصيا وانا اقرأ هذه المكاشفة لايسعني إلا ان اقول
(أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء)..
وحين نتساءل لماذا كانت الأولية متوجهة الى الرحمة دون سواها.
وليست إلى العزة .. القوة..القدرة ، خصوصا وان الدعاء بعد أنساق سيتشكل من نسق القدرة ( إلهي وسيدي ،فأسألك بالقدرة التي قدرتها)..
(*)
نعود الى أهمية الرحمة في القرآن الكريم :
*مفتاح السور كلها ..مصاغ من مزدوجٍ قيمي للرحمة:
بسم الله الرحمن الرحيم : الرحمة الرحمانية / الرحمة الرحيمية
الرحمتان متجاورتان في المعنى متنافستان في سعة الفضاء
*أني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء : الرحمة / السعة..
(رحمتي وسعت كل شيء عذابي أصيب به مَن أشاء../ 156/ الاعراف)
*وبقوتك التي قهرت بها كل شي : القوة القاهرة/ الخضوع - الذل
.... خضع لها كل شيء
....ذل لها كل شيء
*وبعزتك التي لايقوم لها شيء : العزة/ القيامة
*وبعظمتك التي ملأت كل شيء : العظمة / المل ْ
*وبسلطانك الذي علا كل شيء: السلطة / العلو
*وبوجهك الباقي بعد فناء كل شيء: البقاء / الفناء
*وبأسمائك التي ملأت أركان كل شيء: الأسم / الأركان
*وبعلمك الذي أحاط بكل شيء: العلم / الإحاطة
*وبنور وجهك الذي أضاء له كل شيء: النور/ الكلية
*يانور ياقدوس ياأول الأولين ويا آخر الآخرين : نقطة البدء/ إكتمال الدائرة
2/ كلية الذات السالبة
*كل ذنبٍ أذنبتهُ
*كل قبيح أسررته
*كل جهل عملته
*كل سيئة..
ثم يتحول مسار جهويا..
*توفر حظي من :
كل خير تنزله
أوإحسان ٍ تفضلهُ
أو برٍ تنشرهُ
أو رزقٍ تبسطهُ
أو ذنب ٍ تغفرهُ
أو خطأ تسترهُ
*نسق التخصيص/الذروة
*اللهم أغفر لي الذنوب التي تهتك العصم
*اللهم اغفر لي الذنوب التي تنزل النقم
*اللهم أغفر لي الذنوب التي تغير النعم
*اللهم أغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء
*اللهم أغفر لي الذنوب التي تنزل البلاء
*أللهم أغفر لي كل ذنب أذنبته،وكل خطيئة أخطأتها
*نسق من النسبي الى المطلق
نلاحظ في هذا النسق قوة إنجذابية يبثها النسبي نحو المطلق ،وتتجسد هذه
برياضات روحية يمارسها النسبي :
*أللهم أني أتقرب إليك بذكرك
..وأستشفع بك الى نفسك
وأسألك بجودك أن تدنيني من قربك
وأن توزعني شكرك
وأن تلهمني ذكرك
*نسق السؤال/الذات ...نسق الشكوى
*اللهم أني أسألك سؤال خاضع متذلل خاشع
أن تسامحني وترحمني وتجعلني بِقسمِك
: راضيا قانعا
وفي جميع الأحوال متواضعا.
*اللهم أني أسألك سؤال من أشتدّت فاقته ُ
وأنزل بك عند الشدائد حاجتهُ
وعَظُم فيما عِندك رغبته ُ
نسق ألإحاطة المطلقة:
*اللهم عَظُم سُلطانك وعلا مكانك
وخفي مكُرُك وَظَهر أمرُك
وغَلبَ قَهرك وجرت قدرتُك
ولايمكن الفرار مِن حُكومتك
نسق الخطّاء
*اللهم لاأجد لذنوبي غافرا
ولا لقبائحي ساترا
ولا لشيء من عمل القبيح بالحسن مبدلا
:غيرك.
:لاأله إلاّ أنت...
سبحانك
وبحمدك ظلمتُ نفسي
وتجرأتُ بجهلي
وسكنت الى قديم ذكرك لي
ومنك علي.
*نسق التراكم الكمي ..أو ضماد الستر/ كلية المعبود 2
*مولاي كم من قبيحٍ سترته
*وكم من فادحِ البلاءِ أقلته
*وكم من عثارٍ وقيتَه
*وكم من مكروه ٍ دفعته
*وكم من ثناءٍ جميلٍ لستَ أهلا له نشرتَه.
تراكم الكثرة السالبة في الذات الانسانية:
*عظم بلائي
*أفرط بي سوء حالي
*قصرت بي أعمالي
*قعدت بي أغلالي
*حبسني عن نفسي بعد آمالي
*خدعتني الدنيا بغرورها
*نفسي بخيانتها
نسق النهي / النفي و رفع المصدات
*لايحجب عنك دعائي سوء عملي وفعالي / نفي
*لاتفضحني بخفي ما أطلعت عليه من سري / نهي
*لاتعاجلني بالعقوبة على ماعملته في خلواتي / نهي
من سوء فعلي وإساءتي
ودوام تفريطي وجهالتي
وكثرة شهواتي وغفلتي
*كلية المعبود/ (2)أو..طمع العبد بكلية المعبود
*كن اللهم بعزتك لي في الأحوال كلها رؤوفا
*وعلي في كل ألأمور عطوفا .
*نسق سردي سييري حكائي وجيز
إذا في الأنساق السابقة نحن ازاء تكثيف عال من النثر الفني ..
فأن هذه السردنة المتعالية بأحجارها الكريمة..ستعمد هنا الى فتح شفرات
ما سبق مع الحفاظ على ذات المنسوب المتعالي:
إلهي ومولاي من لي غيرك أسأله كشف ضري والنظر في أمري
إلهي ومولاي أجريت علي حكما ،أتبعت فيه هوى نفسي ولم أحترس
فيه من تزين عدوي،فغرني بما أهوى وأسعده على ذلك القضاء
فتجاوزت بما جرى علي من ذلك بعض حدودك،وخالفت بعض أوامرك
فلك الحجة علي في جميع ذلك ولاحجة لي فيما جرى علي فيه قضاؤك
وألزمني حكمك وبلاؤك.
(*)
نلاحظ انه سرد الماضي في الآن... تحديد عوامل الخطأ في سلوك الإنسان:
*أجريت علي حكما...
*هوى النفس
*عدم الأحتراس
*الغرور
*القضاء
*التجاوز
*المخالفة
*نسق سعة المغفرة / أو إتصالية الأسئلة المجابة
*أتراك معذبي بنارك بعد توحيدك
*وبعدما انطوى عليه قلبي من معرفتك
*ولهج به لساني من ذكرك
*وأعتقده ضميري من حبك
*وبعد صدق أعترافي ودعائي خاضعا لربوبيتك..
هذه الرياضات الخمس التي تريض بها العبد،تقابلها ابواب مفتحة من قبل المعبود:
*أنت أكرم من أن تضيّع من ربيته.
*أو تبعد من أدنيته
*أوتشرد من آويته
*أوتسلم إلى البلاء من كفيته ورحمته
ثم تتغير صيغة الوحدة السردية وتتكلم باسم الكثرة مع الحفاظ على المحتوى ذاته:
*أتسلط النار على وجوه خرت لعظمتك ساجدة
*وعلى ألسن نطقت بتوحيدك صادقة وبشكرك مادحة
*وعلى قلوب أعترفت بإلهيتك محققة
*وعلى ضمائر حوت من العلم بك حتى صارت خاشعة
*وعلى جوارح سعت إلى أوطان تعبدك طائعة..
أليست هذه أسئلة العبد العارف بسعة رحمة المعبود؟
(ماهكذا الظن بك ولاأخبرنا بفضلك عنك)
*نسق الوقتي الدنيوي/ الدائم الآخروي
الوقتي:
*بلاء الدنيا وعقوباتها....
*قليل مكثه
*يسير بقاؤه
*قصير مدته..
الدائم :
*بلاء تطول مدته
*يدوم مقامه
*لايخفف عن أهله
*لأنه لايكون إلا عن :
*غضبك
*إنتقامك
*سخطك
*نسق العبودية
*تقصيري
*إسرافي
*معتذرا
*نادما
*منكسرا
*مستقيلا
*مستغفرا
*منيبا
*مقرا
*مذعنا
*معترفا
*مقرا
*مفزعا
بعد هذا الأعلان المنضّد بتراتبية تنازلية،والذي له وظيفة المهاد..يتمدد
التوسل الإنساني كالتالي:
*أقبل عذري وأرحم شدة ضري
*فكني من شد وثاقي
*أرحم ضعف بدني ورقة جلدي ودقة عظمي
(*)
أرى ان الدعاء يفعّل موجهاته عبر ركيزتين : الضيق البشرى / سعة الرحمة
*خلاصة:
انه دعاء التساؤلات الوجودية في الذات الانسانية المحتدمة تسعى حاملة خطابها / خطاياها ..متجاوزة كل الابواب لتطيل الوقوف أمام اوسعها : باب مكتوب عليه (..سلمٌ عليكم كتب َ ربكم على نفسه الرحمة ) وهي كتابة بشرط اجتماعي اخلاقي (أنه ُ من عمل منكم سوءا بجهلة ٍ ثم تاب من بعده وأصلح فانه غفور رحيم/ 54/ الانعام)..