حتى نوقف العنف في بلداتنا العربية...!!

2016-10-20
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/0a361f10-e13a-4279-b10a-0e0066880512.jpeg
لم اكتب بشكل مباشر عن شرطة بلدية الناصرة لأسباب كثيرة، أهمها ان لا اثير الحكة باجسام هواة السياسة الذين يقررون مواقفهم بدون منطق اجتماعي او سياسي او تنظيمي، ولكي اعطي لبعض الموتورين الذي تمسكوا ضدي بصيغة "كاتب بلاط" ان يريحوا اعصابهم قليلا من استفزازاتي وسخريتي على عقليتهم القريبة من عقلية قرود دارون لكن في عصرها "الهوموهابيليس" ( Homo habilis- أي القادرة على استعمال الأدوات وخاصة القلم ليكتبوا "كاتب بلاط" كما يصر صبيان الجبهة ) !!
لكن احداث الأسابيع الأخيرة اشعرتني بأن واقعنا العربي ينهار بتسارع بالغ الخطورة، وبما يبدو ان شرطة اسرائيل  "عاجزة" عن ايقاف هذا الانهيار.
لا اريد ان اسجل استنتاجات سياسية، لأننا نحفظها غيبا . يا عرب اذبحوا بعضكم بعضا . انتم الأرقى بين ابناء العروبة من ناحية التعليم والمداخيل  وتتصرفون بغوغائية . فهل من مصداقية للعرب الأكثر تخلفا منكم؟ هل حقا  انتم جادون عندما تطالبون بحقوقكم القومية او بالمساواة ؟ هل هذا ما يشغلكم ام تشغلكم طقطقة السلاح غير المشروع ؟ ها هي سلطة اسرائيل تخاف من تدفقكم على صناديق الاقتراع لكنها لا تخاف من تسلحكم لأنه من اجل تقليل عددكم وجعلكم مجتمعا بدائيا في نظر العالم لا يستحق الا القمع والكرباج لتتوقف صراعاتكم المجنونة، حتى على وظيفة في سلطة محلية تشتعل بينكم حروبا أهلية .
تعالوا نطرح بعض المنطق : ما الذي يجعل فريق سياسي في الناصرة يرى بالشرطة البلدية شر للمدينة ؟
الشرطة البلدية خرجت باجازة .. بناء على تصويت المجلس البلدي . فورا عادت ظواهر التسيب الى شوارعنا . تكسير المقاعد في جبل القفزة وغيره، زجاجات وعلب المشروبات الخفيفة والمسكرة والنفايات بدأت تتراكم في الأماكن العامة . ضجيج مسجلات السيارات عاد مزعجا . سيارات بلا تامين تتحرك بحرية، سائقون بلا رخص يملأون شوارع المدينة، هذه حالات تشكل خطرا على المواطنين، لكن من يهتم بالمواطن ؟ المهم ان يبرز الزعيم وتنظيمه  بمواقف لا علاقة لها باي منطق سياسي او اجتماعي .. المهمة الغاء الشرطة البلدية قبل ان تقر ميزانية تضيف ملايين الشواقل للتعليم والشؤون الاجتماعية وغيرها . الى جانب برامج للتطوير، الناصرة بأمس الحاجة لها . 
والله لا اسخر، لكني أتألم !!
الانفلات بات حرا في العديد من الأحياء . انتظروا قليلا ربما نستنسخ كفر مندا الى بلداتنا، وقد نرقى الى مستويات اطلاق النار او صاروخ مضاد للدبابات على من نختلف معه على موقف سيارة .. 
 هل حملتكم ضد الشرطة البلدية في الناصرة ان نصبح كلنا كفرمندا او ما هو أسوأ من كفرمندا كما تبشرنا الأخبار المزعجة عن اطلاق النار والقتل في العديد من بلداتنا العربية ؟!
طبعا نحن نريد الشرطة الرسمية لكن ليس لتحافظ على النظام بل لنرجمها وقت الضرورة .. وتصبح مرفوضة اذا مارست القانون العام ضد المخالفين . تماما كما ندعي اننا من اجل مساواة المرأة لكن ليس للنساء خاصتنا !!
ما يجري في بلداتنا العربية مقلق اكثر من سياسة التمييز العنصري .. التي نؤكد بتصرفاتنا اننا لا نستحق ان نكون مواطنين متساوي الحقوق، بل مجموعة زعران يجب قمعنا ومراقبتنا .. والا ذبحنا بعضنا البعض .
يخيل لي اني لم اعد انتمي لهذا المجتمع ولا يشرفني ان اعد من افراده .. ولا اجد لغة مشتركة مع من يرفع يده على ابن بلده (  أو حتى على اي انسان من اي انتماء آخر ) حتى تجارتنا تدمر بجعل المواطن اليهودي يمتنع عن دخول بلداتنا.. اسالوا اصحاب المحلات عن خسارتهم من ابتعاد المواطنين اليهود عن اسواقهم !!
لا تبرير اطلاقا لمواقفنا الا تبرير واحد اننا نعود الى اصلنا الداروني .. مجرد قرود تأخر تطورها ..
ما شاهدته أمس في كفرمندا، وعمليات القتل واطلاق النار في بلداتنا العربية.. تشعرني بالخجل ... هذا ليس تصرف مجتمع بشري بل حيوانات غابة لا يشرفني ان يكون لي معها أي رابط . سيقولون ان المشكلة بتعامل السلطة العنصرية وعدم جديتها بتنظيف بلداتنا من السلاح غير المرخص . لا اعترض .. لكن هل دور الشرطة البلدية بضمان امن الأحياء وفرض النظام ولو بنسبة ضئيلة، لا يخدم امن المواطنين، ويفرض احترام ولو أولي للنظام والتعامل السليم ووقف التسيب في شوارعنا وأحياء المدينة ؟
اقترح على لجنة المتابعة ان تصدر نعيا لقرية كفرمندا وبلداتنا التي تعاني من احداث القتل المرعبة، وان تنصب خيمة للتعازي على المأسوف عليهم : كفر مندا.. والبلدات التي وقعت بها حوادث قتل مقلقة ومؤذية لمجتمعنا ولثقافتنا ولأخلاقنا .
اوقفوا هذا الانهيار!!
الشرطة البلدية ليست حلا جذريا لمشاكل ما يجري في بلداتنا.. لكنها عاملا مساعدا وهاما قاتلت بلدية الناصرة عبر سنوات طويلة من اجل الحصول عليها .  لا افهم حركة سياسية احترمها بصدق ان تجعل من الغاء الشرطة البلدية قضيتها الكبرى.. ليتكم تعيدون النظر لانقاذ مصداقيتكم . قضايا مجتمعنا أكثر الحاحا من شرطة بلدية.. لها دورها المتواضع ولكنه ضروري .. طبعا  ليست حلا للمشاكل الكبيرة وخاصة السلاح غير المرخص، انما عاملا محفزا للحفاظ على بعض النظام، ربما هناك ضرورة لوضع برنامج اكثر وضوحا لنشاطها وتحديد مسؤولياتها.. وقد يكون البديل تواجد شرطة اسرائيل بشكل مكثف أكثر. . وقمع اشد بأسا !!
مشاكل تطوير الناصرة، مرافقها أحيائها مدارسها واسواقها يحتاج الى اهتمامكم وحرصكم على المشاركة في الاقرار والتطوير والتنفيذ . الغاء الشرطة البلدية سيقود الى حالات لا اراها لصالح مدينة الناصرة، ولا ارى انها ستنفذ اصلا، وارى انكم تحرقون وقتكم الذي نحتاجه من اجل ناصرة متطورة منيعة متآخية، حتى لا تتكرر كفرمندا في بلداتنا العربية !!
nabiloudeh@gmail.com

نبيل عودة

 
- ولد في مدينة الناصرة (فلسطين 48) عام 1947.
درس الفلسفة والعلوم السياسية في معهد العلوم الاجتماعية في موسكو .
كتب ونشر القصص القصيرة منذ عام 1962.
عمل نائبا لرئيس تحرير صحيفة " الأهالي 
شارك سالم جبران باصدار وتحرير مجلة "المستقبل" الثقافية الفكرية، منذ تشرين أول 2010
استلم رئاسة تحرير جريدة " المساء" اليومية .
يحرر الآن صحيفة يومية "عرب بوست".
من منشوراته : 1- نهاية الزمن العاقر (قصص عن انتفاضة الحجارة) 1988 2-يوميات الفلسطيني الذي لم يعد تائها ( بانوراما قصصية فلسطينية ) 1990 3-حازم يعود هذا المساء - حكاية سيزيف الفلسطيني (رواية) 1994 4 – المستحيل ( رواية ) 1995 5- الملح الفاسد ( مسرحية )2001 6 – بين نقد الفكر وفكر النقد ( نقد ادبي وفكري ) 2001 7 – امرأة بالطرف الآخر ( رواية ) 2001 8- الانطلاقة ( نقد ادبي ومراجعات ثقافية )2002 9 – الشيطان الذي في نفسي ( يشمل ثلاث مجموعات قصصية ) 2002 10- نبيل عودة يروي قصص الديوك (دار انهار) كتاب الكتروني في الانترنت 11- انتفاضة – مجموعة قصص – (اتحاد كتاب الانترنت المغاربية)  

 

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved