هَلْ اِسْتَرَاح؟
ذَاكَ المُسَافِرُ خَلْفَ أَطْيَافِ الصَبَاح
تُنْكِرُهُ السِّكَك
الطَّيْرُ تَنْقُرُ حَبَّهُ
العِيْرُ تَلْفِظُ رَحْلَهُ
الشَّمْسُ فِي عَيْنَيْهِ تَُسْبَى، فَتُسْتَبَاح
أَغْوتْها السَّحَابَةُ الحَمْراء
حِينَ أَغْوَاهُ النَّدَى
فَارْتَدَّ يَخْفُقُ فِي الشِعَاب
يَجْتَرُّ إِبَرَ الشَّوْقِ كِسَرًا مِنْ لَهِيب
ويَدُورُ يَسْألُ الرُعْيانَ عِنْدَ المَشْرَبِ:
هَلْ مِنْ خَبَر؟
عَنْ بَيْتِ شِعْرٍ مُسْتَهَام
قَضّتْهُ أَنَّاتُ الجَرِيح
فَانْسَلَّ يَطْلُبُ عَجُزَهُ
خَلْفَ الدُّجى
مِنْ دُونِ قِنْدِيلٍ يُضِيء
مِنْ دُونِ نَجْمٍ أَوْ قَمَر.
وَيَعُودُ يَسْألُ الرُعْيانَ عِنْدَ المَغْرِب
وَالرَّدُّ يَلْفَحُ وَجْهَهُ
للرَّمْلِ بَاحَ بِسِّرِّهِ
يَا رَمْلُ عَطْفًا بِالبَّلِيّ المُبْتَلى
إِذْ شُقَّ صَدْرُهُ بِالحَنِين
فَابْتَلَّ خَدُّكَ بِالرُّضَاب
هُوَ مُسْتَجِير
فَأَجِرْهُ تُؤْجَر بِالرَّوَاء
حِينَ المَسَاء
أَوْ حِينَ تَذْرُوهُ الرِّيَاح.
فهَلْ اِسْتَرَاح؟
هَلْ اِسْتَرَاح؟
ذَاكَ النَّبِيُّ المُدَّعِي
إِذْ يَدَّعِي
بِالعِشْقِ دِينًا لِلخَلاَص
طَوْقَ النَّجَاة
وَيَطُوفُ يَجْهَرُ فِي القَبَائِلِ بِالصَّلاة:
العِشْقُ أَكْبَرُ، لاَ فَنَاءَ وَلاَ أُفُول
العِشْقُ أَكْبَرُ، لاَ مَوَاتَ وَلاَ ذُبُول
والرُّوحُ تَشْهَدُ، وَالقُلُوبُ مُسَبِّحة.
- ما أَصْدَقَه.
وَيَغَنُّ حَرْفَه فِي القِيَامِ مُرَقَّقا:
العِشْقُ رَاحُ المُتْعَبِين
العِشْقُ مَثْوَى التَائِقِين
والحَوْضُ صَفْوٌ لا تَجِفُّ رَوَافِدُهُ
- مَا أَكْذَبَه.
حَتَّى إِذَا التَّنُّورُ فَارَ بِوَجْدِهِ
آوَى إِلى الجُدْرانِ يَلْثِمُ سِتْرَها
يَسْتَعْصِمُه
لاَ عَاصِمَ لِلشَّقِيِّ مِنْ الهَوَى
يَا مَنْ غَوَى
فَاظْفَرْ بِشِعْرِكَ، إِنَّ قَلْبَكَ مُغْرَقُ
الْقَفْ عَصَاكَ فَحَبْلُ جُرْحِكَ أَشْطَرُ
وَاقْرَأْ كِتَابَكَ مِنْ وَرَائِكَ بِالهَلاَك
سِيئَ المَآل
مَا أَغْنَى عَنْهُ العِشْقُ وَلا أرَاح
فهَلْ اِسْتَرَاح؟
هَلْ اِسْتَرَاح؟
الفَارِسُ المَوْسُومُ كُلَُهُ بالنُدُوب
يَأبَى الهَرَب
وَالسَاحُ شَظَّتْ بِالحَرِيق
وَالعِشْقُ سَيْفٌ لا يُفلّ
نَصْلٌ مُصِيب
وَيْحَ العَنِيد
لا زَالَ يُشْهِرُ فِي المَدَامِعِ شَوْقَهُ
رَغْمَ النَزِيف
رَغْمَ انْهِزَامِ الحُلْمِ تَحْتَ أَظْفَارِ السَّرَاب
اللَّيْلُ تُرْسُهُ وَالقَصِيد
وَالصُبْحُ يُقْذفُُ بِالضَّبَاب
وَيْحَ الكَمِيْد
يَشْتالُ قَلْبَهُ بِالأَكُفِّ المُرْعَشَة
يُدْلِيهِ جُبَّ النَائِحَات
وَيَرُوغُ حَتْفَ الأُمْنِيات :
أَيّا عِشْقُ هَاَكَ قَبْرِي المُسْتَدَام
رَوْضُ النَّعِيم
أَوْ شِئْتَ جَمْرٌ مُتَّقِد
فَانْفِثْ سِهَامَكَ فِي الضُلُوعِ المُرْهَقة
اِغْرِسْ حِرَابَكَ حَيْثُ شِئْتَ مِنَ الذَبِيح
كَيْ يَستَريح.
فهَلْ اِسْتَرَاح؟
إسلام شمس الدين
islam_shamseldin@hotmail.com
القاهرة /أبريل 2008