
لا، لنْ أمرَّ على الطلولِ بقصدِ أن أرثي الطلولا
أو أنْ أمرَّ لأبكيَ البستانَ والنهرَ القتيلا
أو أنْ أرى بَدرَ الحسانِ السومرياتِ انزوى في الأفقِ موهوناً كليلا
أو أنْ الاقي النهرَ ظمآناً ومطروحاً قتيلا
لا، لنْ أمرَّ لكي أرى اِبنَ الندى والنبلِ قد أضحى دنيئاً أو بخيلا
والغدرُ أثخنَ بالطعناتِ أشجارَ الطفولةِ والنخيلا
والنصلُ مسموماً سرى في النبتِ لمْ يرحمْ حشيشاً أو فسيلا
أنا ان مررتُ مررتُ كي أُهدي الى النهرِ الحياةِ وأُرشدَ النهرَ السبيلا
ولكي أُعلمَهُ ـ وقد كانَ المعلمَ ـ أنْ يكونَ فتىً نبيلا
ولكي يبرَّ بوعدهِ مُذْ قامتْ الدنيا فأكرمَها الحدائقَ والحقولا
أنا ان رجعتُ رجعتُ كي أقتادهُ حُراً ومَنّاحاً ومَنتفضاً جميلا
اِسمي على النجماتِ موشومٌ وأنتَ تريدني عبداً ذليلا
هذي الضفاف الخضر أعرفُها ويعرفُها التاريخُ مبتدئاً، طويلا
مئتانِ من أجيالِ قافلةٍ كبرى تمدُ الى السماءِ عنقاً مستطيلا
مئتانِ من الفٍ الى ياءٍ ومن بَرقٍ الى غيمٍ يسيلا**
ليوحدَ النهرينِ بالمائينِ ماءً مستنيراً سلسبيلا
هذي العروشُ عروشُ نجماتي فاينَ عرائشي عنباً بَليلا
في روحهِ طَلُ الفراتينِ الشفيفُ وأنجمٌ تأبى الأفولا
ماذا يقولُ الكونُ للنهرينِ لاتدري وماتدري قليلا!!
اِن المجراتِ العظيمةَ قد باتتْ بقلبِ النهرِ غافيةً تميلا
فتولد الأمواجَ من ماءٍ ومن نورٍلتسري للضفافْ
سراٌ من الأسرارِ، معجزةً من الأبداعِ، حباً سارَ قسراً للشغافْ
ليحيلَ قسرَ الحبِ قصراً من نعيمْ
الكونُ يمضي دائماً لكنَّ كونَ الحبِ منتقلٌ مقيمْ
أوَ لا تقيمْ
معنا حشودُ الطيرِ قادمةً من القطبِ الشمالي ؟!!
سمعتْ هديرَ القصفِ فانكفأتْ وبدَّلتِ المآلَ الى مآلِ
جاءت بأسرابٍ ملاييناً ترومُ الدفءَ من شمسِ الفراتينِ المشعةِ في الأعالي
لتحيلَ أرضَ الرافدين قصيدةً تنجابُ في لغزِ السؤالِ
عن ألفِ وعدٍ في الجوابِ مضى بآياتِ الجمالِ الى الجلالِ
هذي أساطيرُ الطبيعةِ، والسلامُ الحقُ قد يأتيكَ من سوحِ النضالِ :
قصبٌ وبرديٌ وصفصافٌ ونخلٌ والنخيلُ سما أصيلا
لتلوذَ أشجارٌ بفاكهةٍ لديهِ تسوطُها شمسٌ فيمنحُها الظلَ الظليلا
والبدرٌ نصفَ الليلِ وحدَّ في الغناءِ صدىً وأغنيةً وأمنيةً وليلا
لا، لن أمرَّ لكي أرى بدرَ الحسانِ السومريات انزوى في الأفقِ موهوناً كليلا
فالسينُ في الأسماءِ أسئلةٌ وأن يأتي الجوابُ أتى ضئيلا***
حرفي سيأتيكم ليجعلَ بالأِمكانِ ماكنتمْ حسبتمْ مستحيلا
أسمي على الألواحِ والأزمانِ مكتوبٌ وأنت تريدني زمناً يزولا
اِسمي على السعفات منقوشٌ وأنت تريدني تَبِعاً وذيلا
اِسمي مع الأبداعِ مقرونٌ ولكن أنتَ تقترح الأعمى بديلا
اِسمي على النجمات موشومٌ وأنت تريدني عبداً ذليلا
اِسمي على الضفتينِ والضفتينِ مغروسٌ ولمْ أُغرَسْ عميلاً أو دليلا
أِسمي واِسمي أِسمُ من يُدعى العراقُ يظلُ يرعبكم ويتبعكم جيوشاً أو فلولا .
* زمان ومكان كتابة هذه القصيدة : يوم الأحد المصادف الثاني عشر من نوفمبر 2017، في برلين .
** الجيل يحدده بعض علماء التاريخ والأجتماع بخمسة وعشرين عاماً، بينما يذهب البعض ان الجيل يُقدَّر بثلاثة وثلاثين عاماً . وفق الحساب الأول هذا يعني ان هناك مائتي جيل من الأجيال قد مرت على أرض الرافدين منذ أختراع الكتابة في حدود العام 3000 سنة قبل الميلاد والى الأن، أي في فترة خمسة آلاف عام .
*** لكلمة سين هنا في النص أكثر من دلالة أذ تعني أولاً حرف السين في الأبجدية العربية ومايتبع ذلك ان حرف السين يعني السؤآل ومختصره ـ س ـ كأن نقول مثلاً في العامية سين وجيم ونعني : سؤآل وجواب . وثانياً، في الأرث السومري نجد ان كلمة سين تعبِّر عن القمر، أواِسم الأِله القمر .