خرافات عُظَيْمة بنْ كُعَيْب

2009-04-08
السبت : 27 ـ 6 ـ 2009

خرافات عُظَيْمة بنْ كُعَيْب

وخيارات غريب المتروك

 

"إن السهرَ في الخرافاتِ * لِمَنْ أعْظَمِ الآفاتِ.

ولَسْتُ ألغي احْتراسي * ولا أَجْلُبُ الهَوْسَ إلى رأسي"

(السروُجي المقامة 16)

 

 

 

... وليس بالمال، وحده، أيضاً.

أما السروجي، فهو أبو زيد: صاحب الحيل، ورب المُلَح، في "مقامات الحريري" الشهيرة، الذي كانت فتنتهُ في لسانه. وتلك وحدها تجعله يتقلّب في مستويات الشك واليقين، والهوى والصواب.

ومن أجل ذلك، قال الجاحظ: فَلْيَعْلَم العاقل أن لفظهُ أقربُ نسباً منهُ من ابنهِ (...) ولذلك تجد فتنة الرجل بشعره، وفتنته بكلامه وكتبه، فوق فتنته بجميع نعمته.

وإذا صَح هذا في رأي أديب الفلاسفة، رحمه الله، فإنه لربما يصحّ في رأي كثيرين من أدباء ومثقفي ومتعلمي هذه الأيام، ومنهم الذين زكتهم نيران التجربة، وجرّبتهم نوازل الدنيا، فجعلتهم يرون الشمس، وهي تغرب فيما بعد الأفق، وقبل أن تشرق من جهة المشرق.

وهذا لعمرك عَيْنُ الصواب وقلبه أيضاً. لأن الذي امتلك ناصية المجد، فذاع صيته، وشاع خبره، من دون مروءة، وبلا عقل، اُعْتُبر منقوص النعمة، لأنه عاش بالقوة وحدها.

ومثله مُقابَلةً ذلك الذي لا يفك الخطّ، ولا يعرف السين من الشين، واُبْتُلِيَ بكثرة الأموال، ومن حوله الأجراء وأشباه الرجال، فإنه كَمَنْ يحجب الشمس بغربال، أو يتوهّم أن المشرق ابن أخت المغرب!

عجيبات ليالينا، يا أخا العرب.

والأعجب منها أننا لا نعرف أنها عجيبة أيضاً. والأعجب من هذا كلّه حكاية ذلك الرجل الذي من مدينة الكوفة، التي بناها الحجاج بن يوسف الثقفي، لتكون معسكراً لجيوشه الغريبة عن العراقيين، حين دخل مجلس "هاني بن عروة" رحمه الله.

قال عُظَيْمةُ بن كُعَيْب وهذا هو اسمه الافتراضي دخلت الى مجلس هاني، فوجدته قابضاً على لحيته، ذارعاً أرضية مجلسه، وهو يقول: آه يا دنيا. لقد طلقتكِ ثلاثاً، روحي غُرّي غيري.

كان عُظَيْمةُ، هذا، يخطب في نفر من أتباعه، بينهم التاجر والفقير، الأمير والأجير، العالم والجاهل، إلا أنهم كانوا يرنون إليه طمعاً في بعض مجده يوزعه عليهم، ولذلك افتتنوا في كلامهم.

قال غريب المتروك: قذفت بي صروف التجوال، وتبدّل الأحوال، إلى دار عُظَيْمةُ بن كعيب ذاك، فدخلتها بينما كان يخطب بالناس، منتحلاً حال غيره، ومقال غيره، فنهرته بعلو صوتي: "صَهٍ"، أيها الأبرص، إنك تسرق مقال علي بن أبي طالب، رضي الله عنه.

جمعة اللامي

www.juma-allami.com

juma_allami@yahoo.com

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2025 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2025 Copyright, All Rights Reserved