الأدب الكُردي بكل معطياته يعتبر من الآداب الإنسانية العميقة الذي يتأثر بالواقع كصورة معبرة عن الأحداث قديما وحديثا ومن هنا على مر الأزمنة ترك آثاراً وتناقضات ومكابدات ومآسي من منطقة وأخرى، كتاب صدر حديثا " العلاقات الإسلامية الكُردية في ظل الحكم الأموي " للباحث جوتيار تمر الذي يعتبر نشطا في كتابته التاريخية المميزة عبر عدة دراسات مهمة، وهو أديب وناقد وملم بالدراسة التحليلية كخبرة طويلة ودقة في المعلومة، حاصل على ماجستير تاريخ عصور وسطى وطالب دكتوراه في التاريخ الإسلامي والوسيط وقد اعتمد على عدة مصادر أولية ما يقارب 54 مصدر والمراجع العربية والمعربة 53 مصدر والمراجع الكُردية والتركية 3 مصادر والرسائل الجامعية 5 رسائل والمقالات والموسوعات 7، وفي ظل الكم الكبير لهذه العناوين تحتاج إلى جهد ليس سهلا كما يظنه البعض في ظل أقسام الكتاب " الأوضاع العامة للدولة الإسلامية بعد وفاة النبي محمد صل الله عليه وسلم – العلاقات الكُردية الإسلامية في ظل الحكم الأموي – نبذة مختصرة عن قيام الدولة الأموية – التقسيمات الإدارية في العصر الأموي – الكُرد في ظل الحكم الأموي – الكُرد وحركات المعارضة – انتشار فكر الخوارج بين الكُرد – أسباب انضمام الكُرد لحركات الخوارج، وأهم تلك الحركات – الكُرد وحركات المعارضة الأخرى – الكُرد والدعوة العباسية – الكُرد والحياة العلمية والعامة في العصر الأموي – " هذه الدراسة تعد من الدراسات المهة والنادرة، حيث لا تتبع منهجا نقليا سرديا للأحداث، بل تكشف المستور والمخفي عن الدور الحقيقي بين الكُرد والسلطات المركزية يقول الباحث جوتيار تمر في مقدمة الكتاب " تشكل معالم التاريخ الكُردي خلال العصر الأموي من خلال الضرورات التي أوجبتها النظم الإدارية والسياسية الإسلامية في إخضاع المناطق التي استولت عليها قواتها أثناء حملاتها العسكرية لفتح واحتلال الأمصار والبلدان المتآخمة لدولتها، بمعنى أن المناطق الكُردية التي وقعت تحت سلطة الدولة الإسلامية في العصر الراشدي ( 11 – 41 هجرية / 632 – 661 م ) ضمن آلية الولايات والأقاليم الإسلامية بقيت في العصر الأموي ( 41 – 132 هجرية / 662 – 750 م ) ضمن السياقات الإدارية نفسها . " مقدمة الباحث من ثلاث صفحات مهيئة بتفاصيلها وإيجازها للبحث الأولي وهي تضع القارئ في تصور إجمالي عن موضوع وقيمة وهدف البحث بصياغة وعرض ورؤية واضحة المعالم ويذكر الباحث " من الجدير بالذكر أن الكتاب لم يتطرق إلى الجوانب الأخرى كالثقافية والعلمية والعمرانية للكُرد في العصر الأموي بالتفصيل فيما عدا بعض الإشارات إلى الجوانب العلمية والثقافية من خلال التحدث عن الموالي والكُرد ، لأن المصادر التاريخية العربية الإسلامية لم تذكر بحسب علمنا ما يمكن اعتماده لتوضيح تلك الجوانب من حياة الكُرد في مناطقهم " يعتبر الكتاب صورة تاريخية مشرقة وبحث مهم في التحليل والدقة والرؤية التاريخية، رغم الغموض في الأحداث وعدم ذكر الكُرد عن القرب من السلطة فترة الحكم الأموي لسبب بسيط حيث لم تسمح للقوميات الأخرى بالظهور في الدولة . جهد كبير للباحث جوتيار تمر في وضع النقاط على الحروف لفترة زمنية أموية . حيث أسس له مكانة جديرة بالاهتمام خاصة في الزمن الركُد الفكري والإبداعي فالباحث يعمل بصمت ويفجر الإبداع بصمت ليعتلي منبر التاريخ الفكري والحسي ويعلن كلمته على الملأ بوضوح بلا رتوش فالجوهر الإنساني للوجود والعطاء والإبداع هو العمل الذي تقدمه للآخر على طبق من الفكر والإحساس والإلهام والحلم والأمل بمستقبل أفضل، الكتاب نقطة تحول تاريخية عصرية جديدة تضاف إلى أبحاث جوتيار تمر المهمة الأخرى ككتاب الفتح الإسلامي لكُردستان بين التفسير الديني والمنطق التاريخي وكتاب الكُرد القيمرية وكتاب أمراء في لدولة الأيوبية . الكتاب مصدر جدير بالاهتمام والقراءة للمعنيين بالتاريخ والإنسانية بصورة عامة .
. ***************
الكتاب : العلاقات الإسلامية الكُردية في ظل الحكم الأموي ( 41 – 132 هجرية / 662 – 750 م( دراسة تحليلية
الباحث : جوتيار تمر
الطبعة الأولى – 2021 م
دمشق – تموز ديموزي للطباعة والنشر
تصميم الغلاف : أمينة عثمان