للسنة الرابعة على التوالي نظمت سفارة جمهورية العراق في السويد وبالتعاون مع الهيئة الاستشارية للأحزاب والقوى السياسية العراقية وبالتنسيق بين وزارتي الخارجية ووزارة الثقافة العراقية مهرجانا لأيام الثقافة العراقية تحت عنوان "العراق للجميع"، وكان هذا العام مميزا بسعة النشاطات والفعاليات النوعية، حيث لقاء الجالية العراقية بنخبة من المبدعين العراقيين، ليستمعوا و يشاهدوا إبداعاتهم، فكانت العاصمة السويدية ستوكهولم على موعدٍ يوم الأحد 18/9/2011 في الحديقة الملكية في لقاءٍ مع كرنفال للثقافة العراقية، حيث تضمن البرنامج العديد من الفعاليات.
بدأت الفعاليات بالترحيب من قبل عريفي الكرنفال محسد المظفر و تارا كريم باللغات العربية والكردية و السويدية مرحبين بالحضور وبممثلي السلك الدبلوماسي العربي والأجنبي الذين حضروا المهرجان، ومن ثم انشد " نشيد موطني" وقوفا مع الجميع، بعدها تمت دعوة سفير العراق في السويد الدكتور حسين العامري والسيد وكيل وزارة الخارجية الدكتور فوزي الأتروشي والوزير المفوض في السفارة العراقية الدكتور حكمت داود لقص الشريط إيذانا ببدء الفعاليات.
بدأ الجميع بالدخول إلى الخيمة العراقية الكبيرة حيث استقبلوا بالتمر واللبن، ثم بدأ التطواف في الخيمة التي حوت مفاجأات عديدة، منها ورشة لمهنة الصياغة وصور ولوحات تمثل عادات وتقاليد الطائفة المندائية أحدى المكونات الأصيلة لفسيفساء المجتمع العراقي، ومن ثم لوحات وصور وأزياء وأغان تمثل شعبنا الكلدوآشوري السرياني صاحب الحضارات والتاريخ العريق شعب بلاد الرافدين الأول، وكان للمرأة العراقية العربية والكردية حضورها الجميل حيث أعادتنا معروضاتها لأجواء الأربعينات من القرن الماضي وحيث المقهى وتقديم الشاي المهيل "بالأستكانات".
كانت هناك جلسة عربية شعبية وأخرى كردية شارك فيها نساء عراقيات بملابسهن الشعبية المختلفة، مع عرض العديد من القطع الفولكلورية وجلسة كردية شعبية تضمنت العديد من المظاهر الشعبية من الغزل وعرض منسوجات فلكلورية وعروض من التراث والفلكلور الشعبي الكردي.
وكان هناك فرن الخبز العراقي و"الصاج" حيث عملت وعرضت أنواع عديدة من الخبز التي تعمل في كافة مناطق العراق، منها خبز "الركاك" وخبز "العروك" وغيره وهو من مساهمة عدد من العراقيات، أما معرض الأزياء العراقية، فكان لها نصيب أيضا هذا العام فقد عرضت الأزياء العراقية لمختلف المكونات الاجتماعية، العربية، الكردية، الآشورية، التركمانية، الأرمينية، الإيزيدية، وكان المعرض من إعداد السيدة نيان قادر، كما كان هناك مطعم يعد المأكولات العراقية المنوعة خارج الخيمة.
وخيمة أخرى ضمت معرضا للكتاب العراقي لمؤلفات كتبها عراقيون، أو مؤلفات كتبت عن العراق، شارك فيه، اتحاد الكتاب العراقيين في السويد، ومنظمات مجتمع مدني أخرى وخيمة لمعرض عن المسكوكات والعملة العراقية والعديد من التحفيات التاريخية، وخيمة للفنانين التشكيليين والتي حوت العديد من اللوحات الفنية الجميلة والخط العربي والخط المسماري.
بعد انتهاء الجولة في أرجاء المعرض المختلفة، أنتظر الجميع بدء الفعاليات الفنية التي استهلت بعزف منفرد على آلتي التار والدف للفنانين كارزان محمود ومشتاق مصطفى.
بعدها أعلن عن عرض فرقة آشور للدبكات الآشورية التي قدمت عروضا جميلة من الغناء والرقص وتجسيد للوحات فنية فولكلورية من التراث العراقي الغني لهذا المكون الأصيل من أبناء الشعب العراقي، والتي تفاعل الجمهور معها.
ومن ثم قدمت فرقة طيور دجلة بقيادة المايسترو علاء مجيد أروع الأغاني العراقية الجميلة، وفرقة طيور دجلة هي فرقة نسوية تطمح لنشر رسالة محبة للجميع، وتعكس وجه المرأة العراقية الحضاري وإبداعها المنتشي برائحة التراث العراقي الأصيل، وقد أستقبلها الحضور بالتصفيق وودعها بالزغاريد.
أما فرقة دلشاد للدبكات الكردية القادمة من يوتوبوري بقيادة الفنان دلشاد أحمد، هذه الفرقة التي عودتنا على الحضور وتقديم ما هو جديد، وتضم شبيبة طافحة بالحياة والحيوية ألهبت مشاعر الحضور الذين رقصوا معهم خارج المنصة فقدمت لوحات غنائية راقصة مستوحاة من تراث أبناء شعبنا الكردي.
بعدها جاء موعد اللقاء المرتقي بلهفة مع الفرقة الوطنية للفنون الشعبية وفرقة الخشابة البصرية القادمتين من العراق، بقيادة الفنان فؤاد ذنون، جاءؤا من هناك، من العراق ليقدموا لنا إبداعاتهم من الفولكلور العراقي الأصيل، قدموا العديد من اللوحات الفنية الراقصة، لوحة "الدبكة العربية" وهي لوحة تراثية تعكس الرجولة والشهامة عند العرب، وتقدم في المناسبات والأعراس.
بعدها لوحة "المهافيف"، وهي لوحة فولكلورية بغدادية تصور عادات شرب الشاي في العراق، حيث يحمل النساء المهافيف بأيديهن لتخفيف حرارة الجو، فكانت لوحة جميلة أنعشت الأجواء الباردة هنا بدلا من تلك الحرارة هناك، ومن ثم تم تقديم لوحة "العرضة"، وهي لوحة تعكس الفروسية والشجاعة والتماسك بين العشائر، وهي لوحة مستنبطة من فولكلور الجزيرة العربية وهي من ألحان المايسترو علاء مجيد.
أما لوحة "أبو العود"، فهي أيضا من فولكلور جنوب العراق وتعتمد على الغناء التراثي والإيقاعات الجنوبية من أداء فنانات الفرقة، أما لوحة "الخشابة" التي تلتها فهي من الفولكلور الجنوبي وتحديدا الزبير، حيث تعتمد على الإيقاعات والغناء، ومن ثم كان اللقاء مع فاصل موسيقي بآلتي "المطبج والنقارة".
عادت الفرقة لتقدم لوحة "الدبكة الكردية" التي تعكس طبيعة الرقص الكردي المشترك نساءا ورجالا، تلتها الرقصة "البصراوية" وهي لوحة من جنوب العراق حيث البصرة الفيحاء والتي تتحدث عن المحبة والوئام والألفة بين أبناء الشعب العراقي، وأكمل الفنان محمد الأسمر بغنائه الشعبي اللوحة البصرية حيث الرحلات البحرية وطقوس الصيد، وبعدها عودة للموسيقى مع آلتي "الزرنة والطبل" التي ألهبت مشاعر البعض من الحضور ليقوموا بالرقص، تلتها لوحة "صور بغدادية" وهي لوحة فولكلورية بغدادية مستوحاة من الحياة البغدادية المنوعة وأغاني المطرب الفقيد ناظم الغزالي، ولوحة "الميجنة" وهي مستوحاة من فولكلور أطراف بغداد وترمز إلى الحب والفرح، ثم تلتها إيقاعات الخشابة الجميلة بقيادة الفنان سعد اليابس، وكان مسك الختام هي "اللوحة البدوية" حيث طقوس الزواج والتحدي بين الرجل والمرأة.
ووسط الهلاهل والزغاريد والتصفيق أعتلى المنصة قائد الفرقة الفنان فؤاد ذنون ليحيي الجمهور، كما أعتلى المنصة السيد السفير ووكيل وزارة الثقافة والوزير المفوض ليحيوا ويهنئوا الفرقة على أدائها الرائع، ألقى السيد السفير كلمة قصيرة اثنى فيها على جهود الفرقة، وردد الجميع بصوتٍ واحد عاش العراق.
عكس الحضور الجماهيري الواسع والجميل لأبناء الجالية العراقية وضيوفهم الجانب المشرق للعراق وللثقافة العراقية وأكسبها رونقا وبهاء.
كما جسد تفاعل هذا الجمهور طيلة النهار مع تلك الفعاليات حب العراقيين لبلدهم العراق وحبهم للثقافة العراقية، فلم يمنعهم المطر والبرد من التواصل حتى الساعة السابعة ليلا في الهواء الطلق، وكان أجمل ختام هو عزف "نشيد موطني"، الذي وقف الجميع ينشدونه وأياديهم على قلوبهم، مرددين "موطني موطني"، لتختم أيام الثقافة العراقية لعام 2011م ويبقى المغتربون العراقيون ينتظرون هذا الكرنفال هذا العرس العراقي كتقليد دائم جميل كل عام. وتجدر الإشارة إلى أن العديد من القنوات الفضائية العراقية قامت بتغطية الفعالية.
صور من الفعاليات:
اضغط على الصورة للتكبير