الكتاب: الرئيس جمال عبد الناصر - القائد المعلم والزعيم الإنسان
المؤلف: أحمد صالح جربوني (عرابة البطوف)
إصدار خاص- 266 صفحة من الحجم المتوسط
إسم أحمد صالح جربوني ارتبط في ذهن الجماهير العربية في إسرائيل بالنضال العنيد في الدفاع عن الأرض والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. وقد واجه المؤلف تعسف السلطة من السجن والإقامة الجبرية والنفي، ولم يضعف إيمانه بحقوق شعبه .
انتخب عام 1989 رئيساً لمجلس عرابة المحلي، وأصدر مجموعة كتب هي: "صراع على الأرض" و" فهود الروابي" و"عميد الأسرى"، إلى جانب كتابه عن القائد العربي الذي أطلق الإرادة العربية في التحرر والبناء، وواجه الدول الإستعمارية ومختلف المؤامرات من الداخل والخارج.... ولكن التاريخ أبى إلاّ أن يقطع مسيرة النضال العربي بوفاة عبد الناصر في أكثر مراحل التاريخ هي بحاجة إليه .
أخمد صالح جربوني يرصد في كتابه، تاريخ جمال عبد الناصر منذ يوم ولادته، مروراً بمراحل حياته المختلفة، ووقوفاً على محطات هامة في تشكيل وعيه القومي، بدءاً من حرب فلسطين وكارثة الشعب العربي الفلسطيني، وصولاً إلى ثورة يوليو 1952، وتأميم قناة السويس وكسر احتكار السلاح ومواجهة العدوان الثلاثي البريطاني الفرنسي والإسرائيلي على مصر وتجربة الوحدة العربية، أول وحدة في التاريخ العربي الحديث، وتأثيرها في القضاء على حلف بغداد الإستعماري بثورة 14 تموز، ودور هذه القائد الفذ في إقامة وقيادة منظمة دول عدم الإنحياز وعمله الدؤوب في إعادة بناء الجيش المصري، وتبنيه للقضية الفلسطينية وثورتها، وحمايتها من المؤامرات العربية، ورحيله المفاجئ الذي أبكى كل العالم العربي، وما زال يبكيه على الواقع البائس الذي اختطه ورثته، محولين مصر إلى وسيط بدل أن تواصل قيادة النضال العربي، وعملياً دفن مشروع عبد الناصر القومي، وهو مشروع وضع في سلم أولوياته بناء القوة العربية الإقتصادية والعسكرية وجعل مصادر النفط سلاحاً عربياً استراتيجياً .
لا شك أن الجماهير العربية، ما زالت تحلم بقائد آخر بمستوى جمال عبد الناصر، ويجئ كتاب أحمد الجربوني في ظروف سوداوية تمر على عالمنا العربي، أنظمة فساد، غياب الديمقراطية، تخلف اقتصادي، بطالة وفقر، مستوى تعليمي متدني، حروب طائفية قاتلة تدمر المجتمعات العربية....
جربوني يقدم لنا، ليس فقط استعراضاً لتاريخ بطل قومي، إنما تأكيداً على نهج لا بد أن تعمل كل القوى الوطنية من أجل جعله حجر الأساس لبناء المستقبل العربي .
وكم يبدو هذا التذكير بقائد عربي فذ في هذا الوقت الذي تشتعل فيه الارض العربية بالثورة ضد أنظمة الفساد والبطش والافقار، ووهم الزعماء بأبديتهم على رأس السلطة، بل وتحضير كل الشروط لتوريث السلطة لأبنائهم، وكأن العالم العربي عاقر عن إنجاب البديل الوطني الدمقراطي المتنور لقيادة المجتمع العربي نحو الإبداع الثقافي والعلمي والتطور الحضاري، ومستسلم لمشيئة المتلاعبين بمصيره .
عبد الناصر وصل السلطة حقا بانقلاب عسكري، ولكنه استوعب التجربة، رغم الثمن الصعب الذي دفعه على المستوى الشخصي وعلى مستوى الدولة . وبدأ يتحرك بشكل عاصف نحو بناء القوة العربية الإقتصادية والعسكرية والفكرية لمواجهة التحديات، وللأسف، غاب قبل أوانه وقبل أن يعد الساحة العربية، لثورة معرفية وتنويرية تحدث نقلة اجتماعية وسياسية حاسمة في كل الواقع العربي . ومنذ غيابه، يتضخم شعورنا بالضياع والعجز، وما زلنا تنحلم بعودة الدماءإالى الجسم العربي .. ليتجدد الأمل بغد عربي يواصل ما بدأه جمال عبد الناصر.
(كتبت هذا المقال ونشرته في كانون ثاني 2011)