الجنس.. الجنس.. الجنس....
كلمة أصبحت تلاحقنا أينما كنا.. وحيثما وجدنا
كلمة تطرق أبواب حياتنا الآمنة وبفضول.
كلمة تقض مضاجعنا ولا نعرف كيف نتصرف حيالها.
كلمة تخترق أسماعنا وتأخذ مساحة كبيرة من أفكارنا وأوقاتنا.
كلمة جعلتني أقف مع نفسي متسائلة ما الجديد؟! ما الذي حرك مياه الحياة الراكدة وجعلها تصل لحد الغليان.. ألم يكن الجنس موجوداً منذ وطأت أقدام آدم وحواء الأرض ومنذ أول عناق تم بينهما.. ألم نكن جميعا نتاج عملية جنسية!.
لماذا لم يثر هذا الموضوع في السابق ما يثيره من زوابع الآن؟ لماذا يلعب الجميع على وتر الجنس ودغدغة الأحاسيس؟!
لماذا الجنس.. والجنس فقط وهو الذي تتمثل فيه أسمى وأرق صور الحب.. لماذا الجنس وهو الكون والبشر والفطرة؟ لماذا الجنس بالذات.. وهو أنا وأنت وكل المخلوقات.. ولولاه ما بقيت الدنيا وما عمرت أكوان وما استمرت حياوات.
لا أخفيكم سراً حينما بدأت أخط أول حرف في كتابي هذا كان تفكيري مشتتا.. لا أعرف من أين أبدأ ولا أين أنتهي.. فموضوعه على الرغم من أنه شيق إلا أنه محرج لى كامرأة شرقية تحمل بداخلها تراثا يحكمها ويتحكم في تصرفاتها ـ وليس ككاتبة ـ مما كان يجعلني أتوقف عن الكتابة فيه لفترات.. ولكني أصررت أن أخوض التجربة. وكان تفكيري منحصراً في كل أفراد الأسرة وأخص بالذكر كل رجل وامرأة تربطهما علاقة زوجية مشروعة أو في طريقهما إليها وقد قال الله تعالى:) هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ (.. فهذه الرابطة المقدسة تحمل بين جنباتها الحب والرحمة والمودة والإشباع الجنسي والوجداني، ولابد من وجود توافق وتكافؤ حتى نضمن استقرار العلاقة التي تعتمد بصفة أساسية على الجنس.
ولقد تناول الكثير من الكتاب الكتابة في هذا المجال على مدار أزمان وأزمان والبعض تناول الكتابة بطريقة فجة مثيرة مركزا على الجانب الحسي فيها فقط من حيث العملية الجنسية في حد ذاتها، والبعض كان يقدم معالجات جادة ومفيدة.
وأنا بصفة شخصية أرى أن الأمر أبسط بكثير من كل هذه التعقيدات، فلو نظرنا حولنا لأبسط المخلوقات من طيور وحيوانات ورأينا كيف يوجهون فطرتهم لتعلمنا الكثير والكثير، ولقد استوقفتني علاقة "حب" ولا أقول "جنس" بين قطتين في الطريق العام وأمام المارة، فأخذت أترقبهما باندهاش وفضول متمنية أن كنت حاملة كاميرا فيديو لأصور ما أرى من دفء المشاعر وسخونة الأحاسيس.. فقد كانت القطة "الأنثى" تتدلل كما لو كانت امرأة مدربة على أعتى فنون الحب.. فتارة تتمدد أمام القط بدلال، وحينما تجده ساكنا لا يهتم بها تبدأ " تتمرمغ" بحركات مثيرة راقصة.. فيذهب إليها مسرعا محاولا الإمساك بها من رقبتها فتصرخ منغمة صرخاتها، ثم تتملص منه بخفة وتجري وتختبئ فيجري وراءها ثانية.. وحينما لا يراها ينادي بصوت عال علها ترحم لهفته وتثبت مكانها.. ويتكرر المشهد عدة مرات محاولا استرضاءها بأن يلحس رقبتها بلسانه عله يهدئ من روعها، ثم فجأة يتشابكان بالأيدي ويعض كل منهما الآخر.. ويتناجيان بأصوات يفهمها كل منهما.. و..و.. إلخ، وفي لحظة اختبآ معا وغابا عن عيني تحت إحدى السيارات ووقفت متسمرة مكاني ولسان حالي يهمس بـ"سبحان الله.. هو على كل شىء قدير" فما بال هذه القطة تفعل ما تفعله بفعل الفطرة التي هي أكبر معلم للمخلوقات..إنها لم تر دشا ولم تفتح تليفزيونا ولم تقرأ كتابا يثقفها جنسيا، ومع ذلك تمارس الحب بكل دلال ودفء وغزل كما لو كانت تحمل دكتوراه في دغدغة المشاعر "سبحان الله" ثانية..
ولو تركنا عالم القطط ونظرنا للعصفور هذا المخلوق الرقيق شكلا وموضوعا وكيف يمارس الحب ويناجي حبيبه.. وكل الطيور والحيوانات لو تأملناها لرأينا عجب العجاب.
ومن أطرف ما قرأت في إحدى الصحف اليومية عن دراسة أمريكية كانت تجري على الفئران فاكتشفوا أن الفأر يغني لأنثاه حتى تنجذب إليه..وقد استطاعوا تسجيل صوته على جهاز كمبيوتر من أجل أن يسمعه بني الإنسان.. وربما أخذنا الحكمة من أفواه الفئران.
استوقفني كل هذا متسائلة إذا كان هذا هو سلوك الحيوان فلمَ نعقد نحن بني الإنسان الحياة هكذا؟ مالنا لا نفهم أنها أبسط بكثير مما نحن عليه، لو تركنا أنفسنا للفطرة التي فطرنا عليها مع بعض التهذيب ما تعقدت حياتنا.
فلو نظرنا للغريزة الجنسية ببعض التأمل سنجد أنها تعلن عن نفسها منذ لحظة الميلاد وبداية مشوار الحياة، وبالطبع في كل مرحلة من مراحل حياتنا تأخذ شكلا يختلف عن غيره.. فنجد أنها تختلف عند الطفل عن المراهق عن الرجل والمرأة.. وكل مرحلة تصل به لما بعدها فيتأهل الشخص جنسيا ويصبح الطريق ممهداً حتى يصل في نهاية الأمر لشخص ناضج نفسيا وجنسيا.. ولذا سأتناول بين طيات صفحاتي "الحياة الجنسية" منذ الطفولة وحتى الكهولة بمراحلها جميعا، حتى نقف على سلبيات وإيجابيات كل مرحلة، متناولة موضوعات أعتقد أنها تهم الجميع، كالتربية الجنسية في الطفولة وكيفيتها وما الهدف منها ومشاكل المراهقة الجنسية والنفسية.. والمشاكل الجنسية والنفسية التي تعاني منها المرأة وكذلك الرجل مع بعض الموضوعات التي تهم الأسرة، كالتوافق الزواجي وكيفية تحقيقه، والخيانة الزوجية وأسبابها ودوافعها والأمراض الناتجة عن العدوى الجنسية وكيفية العلاج وطرق الوقاية..
ونتناول أيضا الشذوذ الجنسي وأسبابه والشخصيات المريضة وطريقة تناولها للجنس والعقد النفسية الجنسية والأطعمة والأعشاب التى تثير الرغبة الجنسية والعقاقير المخدرة وتأثيرها وغيرها من الموضوعات الشيقة التي أعتقد أنها تمس صميم حياتنا والتي جذبتني وعكفت على قراءتها والبحث فيها لأكتب عنها بمصداقية، وستتوالى المراحل والمواضيع تباعا، وأتمنى أن يستفيد منها الجميع وتستنفر حفيظتهم فيسعون للاطلاع أكثر وأكثر.