(دراسة تطبيقية على مصر والبحرين)
تؤكد الدراسات الانثروبولوجية والاجتماعية أن النساء هم الفئة الوحيدة التي عانت من التمييز منذ عصر الصيد مرورًا بالمرحلة الزراعية ثم الصناعية ثم مرحلة الثورة العلمية والتكنولوجية؛ إذ إن جميع الثورات التي شكلت مسار البشرية من عصر إلى عصر بدءًا بثورة العصر الحجري التي نقلت البشرية من عصر الصيد إلى المرحلة الزراعية التي شهدت الحضارات القديمة ثم الثورة الصناعية التي نقلت البشرية من مرحلة الزراعة إلى الصناعة، وشهدت انهيار النظام الإقطاعي الأوروبي وظهور الطبقات الوسطى والرأسمالية، وكذلك الثورة الثالثة التي نقلت البشرية من مرحلة الصناعة إلى مرحلة المعلومات والتكنولوجيا... جميع هذه الثورات لم تغير كثيرًا من جوهر التمييز بين المرأة والرجل، رغم أنها أضافت بعض الحلول وأزالت بعض أشكال التمييز بين النساء والرجال، إلا أن جوهر التمييز بكل تجلياته السلبية لا يزال قائماً، وإن تفاوت من منطقة إلى أخرى طبقاً لمعدلات التطور السياسي والاقتصادي والاختلاف الحضاري والثقافي.
ولابد أن نعترف أن هناك تحسنًا ملموسًا في أوضاع النساء سواء على المستوى العالمي أو العربي تحقق خلال النصف الأخير من القرن العشرين ، لكن رغم الجهود التي بذلها الرواد المستنيرون على المستويين المحلي والعربي والجهود العالمية التي بذلتها الأمم المتحدة للنهوض بأوضاع النساء منذ حقبة الستينيات من القرن الماضي وحتى الآن، والتي تتمثل في اتفاقية إلغاء التمييز بين الجنسين (1979) واستراتيجية نيروبي (1985) ومنهج العمل الصادر عن مؤتمر بكين (1995) إلا أن معظم الأهداف الواردة في وثائق هذه المؤتمرات لم تتحقق، فلا تزال قطاعات من النساء محرومة من بعض حقوقهن الاقتصادية والمدنية والثقافية، ولذلك فإن مهمة التصدي لهذه الإشكاليات الخاصة بقضية المرأة لا تزال مسئولية الطلائع المستنيرة من الرجال والنساء، وهناك مجموعة من الحقائق من المفيد الإشارة إليها قبل التحدث عن دور الإعلام في خلق وعي مجتمعي بحقوق المرأة ومسئولياتها ودور المجتمع في تفعيل هذا الوعي وترجمته إلى سياسات وقيم وسلوكيات مؤثرة وقادرة على تغيير سلبيات الواقع النسائي السائد وتحويلها إلى آليات للنهوض المجتمعي الشامل.