حياة المرأة صعبة بالمطلق.. حياة المرأة الناجحة صعبة.. حياة المرأة الفاشلة صعبة.. حياة ربة الأسرة صعبة..
حياة غير المتزوجة صعبة، كلٌ بطريقته وصيغته وشكله طبعاً، فحياة المرأة تبدأ وتنتهي بتحدي.. تُحاصَر بالعيب والعرف والألسن الأفاكة من صغرها.. تحاصر بمجتمع يرتاب منها لأنها جميلة؛ ويستصغرها إن لم تكن جميلة..
مجتمع يضغط عليها إن لم تكن تقليدية؛ ويستغلها إن كانت تقليدية.. يتبدى لي أحياناً أن مجتمعنا يقدر الرجل أكثر مما يجب؛ ويتقاوى على بنات حواء.. مجتمعنا برجاله ونسائه طبعاً!!
صعبةٌ حياتها بالمطلق نقول؛ بيد انها بالنسبة للمرأة دون زوج أصعب.. سواء تلك التي ترمّلت أو تطلّقت أو لم تتزوج أصلاً.. فمجتمعنا الرجولي يريد المرأة أن تكون تحت ظل رجل؛ ولو كان هذا الرجل عالة عليها؛ ولو كان وجوده صورياً، بل ولو كان وجوده مؤذياً.. المهم أن لا تكون بلا زوج؛ لأن ذلك يزيد على نقصان عقلها ودينها نقصاً إضافياً..
ولسنا هنا بصدد الحديث عن معاناة المطلقات والأرامل فوضعهن يحتاج معلقات.. بل سنتحدث عن من سنسميهم مجازاً ''العانسات'' اللواتي تعّذّر ارتباطهن لسبب أو لآخر فعشن مرتهنات لإجحاف الدولة والمجتمع.
وأول غيث الإجحاف يتمثل في اعوجاج تعريف العنوسة: فالمرأة عندنا تصنف على أنها عانس وهي في ذروة طاقتها وعطائها ونضجها.. سن العنوسة لدينا هو سن الزواج الاعتيادي في كافة بقاع الأرض، هذا بالطبع لمن ينظر للمرأة ككيان بشري تزداد قيمته بتراكم تجاربه وخبراته.. أما من ينظر للمرأة على أنها ثمرة شهية؛ فلا مراء أن يفضلها غضةً طازجة!!
من جهة أخرى، فالدولة تعاقب المرأة إن هي لم تتزوج.. المرأة غير المتزوجة لا يحق لها قانوناً بخادمة وتحتاج لذلك استثناء خاصاً ولو كانت تملك قصراً؛ فيما تستطيع المتزوجة - ولو كانت تقطن شقة بحجم علبة الكبريت- أن تحصل على رخصة عمل خادمة بكل يسر وسهولة!!
غير المتزوجة لا يحق لها المطالبة بشقة أو وحدة إسكانية ولو كانت لا تملك في الحياة إلا راتباً رثاً وغرفة في بيت مملوك لورثة يسعون لطردها كل يوم لتقاسم الإرث!! ولأنهن لسن رقماً في قاموس الدولة فإن طلباتهن الإسكانية مرفوضة؛ حتى قبل أن تُقدم!!
علاوة الغلاء، تلك العلاوة التي أردناها عوناً فوجدناها فرعون، لا نصيب للنساء غير المتزوجات فيها بغض النظر عن قسوة ظروفهن المادية والأمثلة على هذه الشاكلة كثيرة.. وإن كنا نحنق على الكيفية السخيفة التي يعامل بها المجتمع من لم يقدر لها الزواج فإننا نحنق أكثر على الدولة التي أسقطتهن من حساباتها وكأنهن لسن مواطنات.
وما نراه اليوم من اندفاع الكثيرات لزيجات غير متكافئة ما هو إلا محاولة للهرب من هذا الكابوس.. فعدم الزواج في عرفنا جريمة يعاقبك عليها المجتمع وقانون الدولة - إنما- بطرق ملتوية..!
رحيق الكلام:
امرأة كاملة أنت؛ ولا تحتاجين لرجل لتكوني كاملة..وإن مسَّكِ لهب الظلم أراك كخشب العود.. لا يزيده الحرق إلا عطراً..