العقل الإسلامي/عوائق التحرّر وتحديات الانبعاث

2014-04-04
 مؤلّف
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/f322008e-761e-4a41-9abb-f22d36432d3e.jpeg
 الكتاب           

صدر عن دار الطليعة في بيروت كتاب من تأليف الكاتب التونسي عزالدين عناية بعنوان العقل الإسلامي: عوائق التحرّر وتحديات الانبعاث. وهو عمل فكري رصين يعالج تعاطي العقل الإسلامي مع المسائل الدينية والحضارية والسياسية في الراهن المعاصر.
يُبرز الكتاب أن ما يميّز العقل الإسلامي في مفهومه النّظري وتجلّيه العملي عبر تاريخه الحديث، غياب فعله الحضاري، برغم ما يشبَّه بخلاف ذلك، إذ تبدو حالة اللاّفعل تلك نتاجا طبيعيا لنمط الاشتغال الذي يحكم سيره. فالعقل المنساق ضمن آليات نظر محدّدة، ينتج فعله في حدود تلك الأنشطة ومن خلال إمكانياتها، ولا يتهيّأ له أن يتجاوزها إلاّ داخل إرادة وعي تستوعب الثّبات وتؤسّس للانطلاق.
وبالتالي، داخل ذلك القلق الذي يشوب التكتّل الحضاري الإسلامي، وفي لحظة التفتيش عن الانبعاث، يواجه الكيان الإسلامي تحدّيات عقل يهيمن كونيا، يفعل ويؤثّر في تجمّعات أخرى أكثر مما تفعل فيه، يسيّر قدرها طوعا وكرها وفق مراده، ألا وهو العقل الغربي. لذلك يأتي التوليد الحضاري متابَعا ومنفعِلا بالعقل المهيمن كونيا. إذ لا يجري التأسيس والبعث وفق خيارات الذّات الحرّة المستقلّة، بل يحتكم لشروط ومقتضيات ما يولّده مسار التدافع الكوني من تصارع أيضا. الأمر الذي يجعل سعي العقل للتأسيس ملزَما بالتشوّف والتفهّم لرؤى الآخر وأحكامه، وهنا يتّسع حقل الاشتغال الذي ينشط فيه الفكر. ففي ظلّ ترصّد الحضارات بعضها لبعض، يلاقي كيان الحضارة الإسلامية المنهَكَ متابَعة ومحاصَرة وتحدّ من طرف عقل غربي جامح.
وبفعل عوامل طبيعية، تحكم منشأ الحضارات وانبعاثها، وموتها واندثارها، يخضع الكيان الجمعي لمقاربات خارجية متنوّعة، يشترك فيها العقل الدّيني واللاّديني على حدّ سواء، تستهدف تجلّياته وتطوّراته ومستقبله. فكما تنشغل الكنيسة الغربية –الخصم الدّيني المباشر- بالتحوّلات والقضايا الإسلامية الحديثة، تنشغل تكتّلات السّاسة والباحثين والاستراتيجيين –الخصم الحضاري المغاير- بذلك السّاكن الذي يُخشى انفلاته. ولئن تفترق المنطلقات بين الأطراف، فالمقاصد بينها تبقى موحدّة، في الذّود على البنية الحضارية الرّمزية المشتركة، التي توحّد مسعاها في معالجة المغاير الحضاري.
إذ بموجب ما يرصده الكاتب عما يلعبه الدين، بأبعاده التصوّرية والعقدية والتشريعية، من دور حاسم داخل بنية الاجتماع، شكّل الوعي الديني بؤرة تفاعلات، تجمّعت فيها قضايا ومصائر وآفاق مجتمعات واسعة. إذ يرى المؤلف أنه على مدى تاريخ حافل، استصنع العقل الإسلامي أوثانه، التي باتت قيوده، بعد أن أرهقه اللامعقول وكسر بوصلتَه. ولكنّ قدر هذا العقل أن يُخلِّق من رحِم ورطته خلاصَه، ذلك أن مصيره أن يُجابه من داخل حرمه تحدّياته، ويصحّح انحرافاته، ويذهب بعيدا باتجاه إعادة صقل مفاهيمه.
ذلك أن هذا الكتاب هو محاولةٌ للإحاطة باشتغال ذلك المحرّك الفاعل، أكان في تجلّيه النظري أو في حضوره العملي، ورصدٌ لعوائق تحرّره وتحديات انبعاثه. ففي ظلّ بحث العالم الإسلامي القلق عن نهضته الغائبة، يبرز التعاطي العقلاني مع المسائل، أيسر السبل وأوكدها لرسم معالم تلك النهضة المتعثّرة، ولرفع التحديات التي تحول دون بلوغ ذلك المنشود. ونظرا لجسامة الدور، يغوص السؤال صوب الذات، متفحّصا أمرها، بتقليب وعيها وتمحيص إدراكها، حتى لا يَستنجد الفكرُ بأدواته البالية فيستغيث ولا يُغاث. وبالقدر عينه ينشغل السؤال بالغرب الذي أقضّ مضجع الذات وطالما ترصّد بها، جراء ما يسود معه من تدافع وما ترتبط به من مصالح، إذ يبدو العقل الإسلامي مهووسا بالغرب، فسطوته ترهقه. وفي ظل ذلك التدافع فهو طورا يلهمه وعيه وآخر يسلبه رشده.
ومؤلّف الكتاب بالقدر الذي يعالج فيه مسائل فكرية يتتبّع وقائع حياتية، ويرصد إشكاليات حضارية. فليس العقل الإسلامي، لديه، جوهرا مفارقا، كما دأب النظر إليه والتعاطي معه، بل هو قضايا معيشية، وإشكاليات معرفية باحثة عن إجابات شافية.
عزالدين عناية هو أستاذ تونسي يدرّس بجامعة روما في إيطاليا، نشر مجموعة من الأبحاث منها: "الاستهواد العربي في مقاربة التراث العبري"، و"نحن والمسيحية في العالم العربي وفي العالم"؛ وترجم عدة أعمال إلى العربية، من الفرنسية والإيطالية، منها: "علم الأديان" لميشال مسلان، و"علم الاجتماع الديني" لإنزو باتشي، و"الإسلام الإيطالي" لستيفانو أليافي.

الكتاب: العقل الإسلامي
المؤلف: عزالدين عناية
الناشر: دار الطليعة - بيروت.

د. عزالدين عناية

 هو كاتب ومترجم تونسي متخصص في علم الأديان، أستاذ جامعي في جامعتيْ روما لاسابيينسا والأورينتالي في نابولي. حصل على الأستاذية والدكتوراه من جامعة الزيتونة في تونس في اختصاص الأديان والمذاهب

مؤلفاته

  • الدين في الغرب، الدار العربية للعلوم، بيروت 2017.
  • تخيل بابل: مدينة الشرق القديمة وحصيلة مئتي عام من الأبحاث،(ترجمة من الإيطالية)، تأليف: ماريو ليفراني، كلمة، أبوظبي 2016.
  • المنمنمات الإسلامية، ترجمة من الإيطالية، دار التنوير، لبنان 2015.
  • رسالة إلى أخي المسيحي، دار نون، رأس الخيمة 2015.
  • الأديان الإبراهيمية: قضايا الراهن، دار توبقال، المغرب 2014
  • العقل الإسلامي عوائق التحرر وتحديات الانبعاث، دار الطليعة، بيروت 2011.
  • نحن والمسيحية في العالم العربي وفي العالم، دار توبقال، المغرب 2010.
  • الاستهواد العربي في مقاربة التراث العبري، منشورات الجمل، لبنان 2006.

ترجماته

  • الفكر المسيحي المعاصر، (ترجمة من الإيطالية)،دار صفحات، سوريا 2014.
  • السوق الدينية في الغرب، (ترجمة من الإيطالية)، دار صفحات، سوريا 2012.
  • أوروك: أولى المدن على وجه البسيطة، (ترجمة من الإيطالية)، تأليف: ماريو ليفراني، كلمة، أبوظبي 2011.
  • مدخل إلى التاريخ الإغريقي، (ترجمة من الإيطالية)، تأليف: لوتشانو كنفرا، كلمة، أبوظبي 2011.
  • علم الاجتماع الديني، (ترجمة من الإيطالية)، تأليف: إنزو باتشي كلمة، كلمة، أبوظبي 2011.
  • الإسلام الإيطالي: رحلة في وقائع الديانة الثانية، (ترجمة من الإيطالية)، تأليف: ستيفانو أليافي، كلمة، أبوظبي 2010.
  • الإسلام في أوروبا: أنماط الاندماج، (ترجمة من الإيطالية)، تأليف: إنزو باتشي كلمة، أبوظبي 2010.
  • عظام الحبار، (ترجمة من الإيطالية)، تأليف:أوجينيو مونتالي، هيئة أبوظبي للثقافة و التراث، أبوظبي 2010
  • علم الأديان، (ترجمة من الفرنسية)، 2009.

 

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved