خمسة عملاء أشرار نفّذوا مؤامرة آلهة الارض ممّا يعاني منه العرب والمسلمون منذ مايزيد على مئة سنة مفتوحة على الإستعباد والإبادة والنهب والتخلّف .
فيما يلي إقتباس من تقرير "لجنة كامبل بنرمان"، التي استمرّت بين عامي 1905-1907... " إن الخطر الذي يهدد أوربا يأتي من هذه الأرض الممتدة من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي .. فهذه الأرض يسكنها شعب واحد له لغة واحدة ودين واحد وتقاليد واحدة وتضم ثروات طائلة وهي دول لا تقع ضمن الحضارة الغربية المسيحية ، ويوجد تصادم حضاري معها ، فالواجب اتجاه هذه الدول هو حرمانها من الدعم ومن اكتساب العلوم والمعارف والتقنية وعدم دعمها في هذا المجال ومحاربة أي توجه وحدوي فيها ... وإقامة دولة في فلسطين تكون بمثابة حاجز بشري قوي وغريب ومعادي يفصل الجزء الأفريقي من هذه المنطقة عن القسم الآسيوي، ويسعى لبث التفرقة وإثارة المشاكل داخل دولها والذي يحول دون تحقيق وحدة هذه الشعوب ... والسعي لفصل عرب آسيا عن عرب أفريقيا ليس فقط فصلا ماديا عبر الدولة الإسرائيلية وإنما اقتصاديا وسياسيا وثقافيا ، مما يبقي العرب في حالة من الضعف . وتجزئة الدول العربية وإفشال جميع التوجهات الوحدوية ... وإنّ الخطر على كيان الإمبراطوريات الاستعمارية كامن في هذه المنطقة. في تحررها، وفي توحيد اتجاهات سكانها، وفي تجمعها واتحادها حول عقيدة واحدة وهدف واحد ... و العمل على استمرار وضع المنطقة المجزأ، المتخلف، كما هو، والعمل على إبقاء شعبها على ما هو عليه من تفكك، وجهل، وتأخر، والعمل على محاربة اتحاد جماهير المنطقة، ومنع ترابطها بأي نوع من أنواع الترابط الفكري، أو الروحي، أو التاريخي، والعمل على إيجاد الوسائل العملية القوية لفصلها عن بعضها ما أمكن."
وزّع أرباب وقراصنة معاهدة سايكس - بيكو، وبكل استهتار واستخفاف، مُمتلكات دولة الخلافة العثمانية، ومنها الوطن العربي، بين الدول الاستعمارية دون الاعتبار لرأي ومصالح شعوب المنطقة.
فَقَضَى تطبيق المعاهدة على الوحدة الجغرافية للوطن العربي والاسلامي بفرض حدود سريالية، وجَعْل أقطار العرب في حروب بَيْنِيّة، لمنع أي شكل من أشكال الاتحاد والحرية والتنمية فيها. ومَنَحَت النخب الاستعمارية لعملائها حُكام المستعمرات دُوَلاً مُزوّرة لايتعدّى استقلالها حدوداً ملغومة، وعَلَماً، ونشيداً، ونَقْداً، وطابعاً بريدياً، وجهاز مخابرات خائن وعميل وقَمْعي، واعترافاً دولياً ... يتساوى في ذلك بلداناً تمتدّ ثقافاتها لآلاف السنين، مثل العراق ومصر والشام، مع إمارات الخليج.
وأفرزَ تنفيذ ومتابعة وتحديث مؤامرة سايكس – بيكو الوضع الراهن للعرب والمسلمين، الذي يَطْغى عليه الاستعمار ، وخيانة الحكام المستبدين، وسيادة التفرقة المُنْتِجة للحروب المستدامة، وتدمير البُنية التحتيّة والفوقيّة، وتكريس مؤسسة التخلّف الشامل، وانخفاض إجمالي الدخل، وتدنِّي أداء الأمن والخدمات، وتدهور مستوى المعيشة، وشيوع اليأس والكآبة ... ونَقْل بلاد العرب والمسلمين إلى التدعيش عوضاً عن الإرتقاء إلى مصاف ماحقّقته اليابان وألمانيا وكوريا الجنوبية وإسبانيا وتايوان وسنغافورة ... من تنمية اقتصادية واجتماعية وقوّة عسكرية واستقرار وسعادة لشعوبها ... التي لم تتطوّر بمعزل عن نفط العرب المنهوب.
ويغري هذا الوضع البائس وأزمتهِ المُرّة آلهة الارض لتنفيذ سايكس - بيكو جديدة على شكل مؤامرة الشرق الاوسط الكبير ( الجديد ) .
والنُخب الاستعمارية التي فتّتت الوطن العربي، وأوجدت عصابات/ دول اسرائيل، والقاعدة، وداعش، وبلاكووتر، والأحزاب العشائرية والطائفية العسكرية ... هي التي تُخَطِّط وتُنفِّذ وتُتابع وتقود الآن حروب الشرق الاوسط عسكرياً وسياسياً ومالياً وإعلامياً.
تحتلّ ثقافة الاستعمار العنصريّة المُتجذِّرة والموغلة في الظلم العنيف جزءاً كبيراً من تاريخ الغرب الحديث والمعاصر. ويتمثّل الجوهر العَمَلي لثقافة الاستعمار بالحروب، والارهاب، والابادة، وعدم احترام الاتفاقيات الدولية لنهب موارد المستعمرات لتمويل رفاه الغرب ومكتشفاته العلمية وتطوره التقني. فالحروب والارهاب بضاعة تجاريّة عظيمة الأرباح يتمّ من خلالها مواصلة النهب، وانتاج وبيع الاسلحة ... لمزيد من الحروب والتدمير البيئي والاقتصادي والثقافي والمعماري والبشري للمستعمرات ...
غير أنّ شراسة الهَجْمَة الاستعمارية القائمة تَحْمِلُ في ذاتها دليلاً على تراجع الاستعمار بعد هزيمته الشنعاء في العراق. حيث تنزل النخب الاستعمارية الآن بجميع قواها صُحبة تحالف الراغبين، والحكام العملاء، وداعش، والقاعدة، واسرائيل، ومؤسسات خصخصة الحروب مثل بلاكووتر. ولم يبقَ أمام الاستعمار غير استخدام الأسلحة الذريّة، التي لم تنفع بدورها بعد ضرب العراق باليورانيوم المُنَضّب. وبذلك تنكشف الطبيعة الشيطانية الشرّيرة لثقافة الاستعمار، ليس أمام العرب والمسلمين فحسب، بل أمام الرأي العام الغربي، الذي تُفْقَرُ شعوبه وتخرج فيه موجات الاحتجاجات والمظاهرات الجماهيرية الواسعة ضد الاستعمار والحروب والارهاب .
لقد عَبَرَت سايكس – بيكو على حدود غَفْلة وتخلّف العرب، وخيانة حُكّامهم. وتعمل آلهة الارض الان على عبور مؤامرة الشرق الاوسط الجديد على حدود حروب العرب، ومؤسسة تخلفهم، وعجزهم عن تنفيذ مشروع نهضوي معاصر، وأجيال أخرى من الخونة العملاء الأنذال العرب، بمساندة هيئة الامم المتحدة، التي لو لم تكن منظمة استعمارية لعملت على وَقْف ونَبْذ ثقافة الاستعمار وليس على تجييره وتحديثه.
فهل لابدّ من سايكس - بيكو 2 ؟. وهل لابدّ للعرب من الرضوخ للاستعمار والاستعباد ؟.
ولماذا استكانَ العرب لأوراق معاهدة سايكس - بيكو وعاشوا ينتظرون انتهاء صلاحيتها لينتفضوا في 2011 ؟!. وهل كان هذا تخطيطاً استعمارياً لتفجير الاحتقان، وامتصاص نقمة وغضب العرب المقهورين ريثما يبدأ العمل بسايكس - بيكو معاصرة؟.
إنّ منظومة الاستعمار- العملاء – اسرائيل - التخلّف هي أساس الشرور في المستعمرات. وهي العدو الاول والرئيس الذي يجب مواجهته لانتزاع الحريّة. ولا يمكن ذلك إلاّ بإشاعة ثقافة تنشر الوعي وتُقدِّم مشروعاً شاملاً للمقاومة والنصر يقوم على أساس الاشتراكية كعدالة وظيفية من أجل الحرية والتنمية.
وإ نّ مؤامرات وقوّة ودولار وعملاء آلهة الأرض ليست أقوى من إرادة الشعوب الواعية.
والعرب وحدهم معنيّون بالدفاع عن وطنهم وثرواتهم واستقلالهم ومستقبلهم.
ولا حريّة وأمن ونهضة دون إتحاد/ وحدة العرب، واتحاد المسلمين.
واليوم ليس كأمس: فامبراطوريات أمريكا وبريطانيا وفرنسا تتراجع وينحسر اقتصادها، وتتآكل منجزاتها الديموقراطية، وتنكشف فضائحها الأخلاقية المُتَوّجة بالتعذيب كما في كوانتانامو وأبو غريب. بينما يتصاعد وعي العرب والمسلمين. وتشهد بلدانهم تطوّراً اقتصادياً واجتماعياً خاصة في مجالات محو الأمية والصحة. وتتطوّر بعض بلدانهم صناعياً وعسكرياً مثل ماليزيا وإيران وتركيا، وهو المجد الاسلامي المعاصر الذي حقّقته هذه البلدان في فترة زمنيّة قياسيّة، رغم شتّى العراقيل التي تضعها آلهة الأرض لمنع استقلالها وتنميتها.
وهناك تغيّراً نوعياً يتمثل بدخول أقطاب أخرى مُنافِسة وقويّة اقتصادياً وعسكرياً الى الشرق الأوسط: روسيا والصين، قوى كبرى تُخاصِمُ الغرب، ويمكن أنْ تمنح العالم توازناً واستقراراً. وهي ذات تاريخ مُشَرِّف ضد الاستعمار، ويمكن التعاطي معها على أساس الاحترام المتبادَل والمصالح المشتركة .
ففي النصف الثاني من القرن العشرين سعى الاتحاد السوفيتي حثيثاً لتصفية الاستعمار، ومساندة شعوب العالم الثالث، وليس باستهبال واستغفال المستعمرات بمنحهم استقلالا مزيفا لم يكن في حقيقته الا تواصلاً شرساً لسياسة القرصنة والنهب، التي من آخرها اقرار مجلس الكونغرس الأمريكي لتشريعات تُسَهِّل لضحايا 9/11 والناجين منها بمقاضاة الضالعين فيها في اشارة خفية الى السعودية. وتقدر هذه التعويضات ب 700 بليون دولاراً تتآمر أمريكا على نهبها. دون إشارة إلى مئات الكتب والمقالات والبرامج الاذاعية والتلفزيونية إلى أنّ 9/11 كان عملاً إرهابياً أمريكياً داخلياً، وأنّ التقرير الرسمي الأمريكي ماهو إلا كذب وتزوير. ومن ذلك ما جاء في
Nexus August-September 2015, So Much More Than Nuclear Weapons, p. 18:
“...but Israel and significant Bush family operatives as key to the planning of 9/11... As with the German motive of ‘war guilt’, the motive for 9/11 generally believed to be the oft-quoted PNAC ( Project for a new American Century) call for a new ‘Pearl Harbour’ to justify an American takeover of the Middle East.”
كما يشهد العالم نوع العلاقة البنّاءة بين الصين والمستعمرات، مثل افريقيا، التي لاتقوم على الكذب والنهب ... بل بالنِدِّية والاحترام على أساس التعاون الاقتصادي والاجتماعي المتبادَل دون استغلال من جانب واحد أو فرض شروط سياسية.
وفي التحوّل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي المرجو لن يلعب الاستعمار وعملائه بالانسان والحضارة كما حصل في السابق. وذلك بفعل تراكم قوة الارادة، و الوعي والتنوّر والاتِّعاظ من جرائم الظُلم الاستعماري القاهر.
وما انتفاضة الشباب الشاملة للفضاء العربي المطالِب بالحرية والتنمية والعدالة، مهما كانت مُلابساتها، إلا تراكماً نضالياً، وهبّة دورية أكثر تطوراّ ضد ثقافة الاستعمار، ومقاومته بالوعي والتضحيات البشرية والمادية.
فاليوم، في عالمٍ متغيّر، في عصر تقنيات الاتصال المعاصرة التي تتربّع على المعلومات التاريخية كما اليومية، وتفرزُ نوعاً من ديموقراطية رصد المعلومات، وكشف أسرار جرائم الاستعمار المنسيّة والمخفيّة، ونشر الآراء الحُرّة، وانتقال الأفكار ... يتكوّن إنسان جديد سريع التفاعل مع التطور العلمي والتقني لَنْ يُقاد وراء أجهزة المخابرات العالمية ووحوش عملائهم، الذين لن يتوقّفوا عن الظلم والاستغلال إلا إذا أوقفتهم الشعوب المُتضرِّرة.
وما لم تَنْبذ الشعوب الغافلة تخلّفها وتخبّطها، وتتجاوز خلافاتها، وتُوحِّد صفوفها، ويتقدم الجميع الى الجميع بقبول الخلاف، والاتفاق على برامج مُشتركة ... سيبقى الطريق مُعبَّداً لتنفيذ مؤامرة الشرق الاوسط الجديد، والدخول في ظُلْمةٍ نوعيّةٍ للسياسة الاستعمارية، وأكاذيب الساسة، والنهب المُمَنْهج، والاستعباد المتواصل للعرب والمسلمين ... لتجذير وتوسيع الهيمنة الاستعمارية على العالم.