عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة؛ صدر للشاعر السوري المقيم في ألمانيا "فواز قادري" مجموعته الشعرية الثالثة بعنوان "لا يكفي الذي يكفي". تقع المجموعة في 116 صفحة من القطع المتوسط، وتضم 21 قصيدة. لوحة الغلاف للفنان السوري إسماعيل الرفاعي، تصميم الغلاف للفنان المصري أمين الصيرفي.
يقول الشاعر فواز قدري في مقدمة مجموعته:
( لا يكفي الذي يكفي : زمن متكسّر بكوابيسه وخيباته وأحلامه التي لم تصل أبدًا إلى سن الرشد. حياة بإحجياتها السهلة والعصية معًا، ما أوصلتني إلى فكّ مغاليقها، ولكنها أشارت إلى ما بقي مستترًا وأبقت ما تبقى لمشيئة القصيدة.
لا يكفي الذي يكفي : زمنان يتجاوران ويحَاران بالوقت الطويل المتساكن الذي لا يترك للقادم أرضًا يخطو عليها، خارجًا من تبعاتهما الوافرة.
هل القادم عاطل أو معطل؟ هذا ما يحاوله "لا يكفي الذي يكفي" حين لا تصحّ الإجابة على أسئلة الحياة، إلا ّحين تكون شعرية، ولأنهّا كذلك كان على القصائد أن تشير إلى ذلك خارج اليقينيات الجماليّة والمُعْتقدية الطاغية.
كيف إذن لـ "لا يكفي الذي يكفي" أن يشغل هذا الفراغ الشعري الطويل الممتدّ بينه وبين آخر ديوان مطبوع، تاركًا خلفه العديد من المخطوطات التي ( لربما )كانت الأقدر على تجميل هذا الفراغ، هذا الفراغ الذي كوّن زمنًا استرجاعيًا وزمنًا يشرّش في الحاضر، وهو بالتالي يحاول أن يردم هوّة في جغرافية القصيدة الحائرة بين الـ هنا والـ هناك.
هذا من حيث المحتوى، ومن حيث الشكل، تأكيدًا قطعيًا على ما قد تم تجاوزه في الكتيبين السابقين، مع التذكير أنه ليس بالضرورة قد استجاب لما قد طرأ على منجز قصيدة النثر، من حيث المفهوم أو من حيث طبيعته المتحوّلة، مع الحفاظ على تخومهم المشتركة المتشكلة أصلاً، حيث جرى البحث عمّا تتطلبه الحيوات المتعددة في القصيدة ).
لا يكفي الذي يكفي
لا يكفي أن تستيقظَ،
لتشربَ شايَكَ،
وأنتَ تتذكرُ أصدقاءً نسوكَ،
لتكون سعيدًا.
لا يكفي أن تبلّلَ عينيكَ،
وأنت تتهجّس غابةً بعيدةً تحترق.
لا يكفي أن تشعلَ صوتَكَ
كشمعةٍ وحيدةٍ
بعد أن تتنهد.
لا يكفي أن تتخيلَ شمسًا،
تدبك خلف غيمةٍ،
بمناديلها الشقراءِ،
لتقول إنكَ رأيتَ.
لا يكفي أن تُرهفَ قلبكَ،
لامرأةٍ من رفيفِ فراشةٍ بيضاءَ راحلةٍ،
ليكتمل اليقين
بأنك عاشقٌ لا يكلُّ.
لا يكفي كل هذا
قبل ذلك،
أنتَ نسيتَ أن تقولَ لنفسكَ،
صباحُ الخيرِ
أيها الشاعرُ الوحيد.
• • •
لا يكفي هذا الحصانُ الخشبيُّ
الذي صنعتَ،
لتشن حربكَ المجازيةَ عليهِ.
لا تكفي هذه الزوارقُ الورقية،
لتصبح السندبادَ الجديد،
برحلاتهِ الفاتنة.
لا تكفي هذه الطواحينُ السرابية،
التي اخترعتَها
لتنهي أحلامَ دون كيشوت،
بإمارةِ الشعرِ.
لا يكفي أن يكون القبرُ واسعًا،
لتشعر أن من الممكن أن تحيا،
لا تكفي أمواجُ الشعر
المتلاطمةُ حولكَ،
لتنقعَ أحلامَك في مياهِها النظيفة،
وتنتظر.
لا يكفي أيها الطموح
كلُّ هذا،
هاكَ وردةَ الأمطارِ التي تأخرتْ،
لتفتل شاربي هذا الصباح،
أمامها
قبل أن تذبل.
• • •
لا تكفي هذهِ الصورُ الجميلة
التي تتمطّى
في شرفةِ رأسِكَ،
لتقول:
إن الحياة كانت هكذا.
لا يكفي ما تحتفظُ لصبيةٍ
من عطرٍ،
لتقول: إن الذكريات،
عطرةٌ أيضًا.
لا يكفي أن يرقصَ لسانُكَ
في الحلقِ،
لتقولَ الأغاني هي السبب.
لا يكفي أن تكتبَ الكلمةَ الأخيرة،
لتبرّر
أن القصيدة،
هي التي اختارتْ الرحيل.
• • • • •
فـواز قـادري
fwazkadrie@hotmail.com
• شاعر سوري من مواليد دير الزور في 1956، ومقيم في ألمانيا
• صدر له:
- وعول الدم : مجموعة شعرية. 1992م
- بصمات جديدة لأصابع المطر : مجموعة شعرية. 1993م
- لا يكفي الذي يكفي : مجموعة شعرية. شمس للنشر والإعلام، القاهرة 2008
• قيد النشر:
- نهر بضفة واحدة
- لم تأت الطيور كما وعدتكِ
- كمن أضاع البيت
- شهادات ليست أخيرة
- سيرة العاشق سيرة المكان