لفنّ البورتريه، الصورة الفنيّة للشخص والشخصيّة: بالرسم، والنحت، والحفر، والتصوير الفوتوغرافي ... شعبيّة مُتَمَيِّزة . وهناك متاحف متخصِّصة بهذا الفن، كالقاعة الوطنيّة للبورترية في لندن، والتي يزورها مئات الالاف سنوياً . وتُقام فيها معارض مؤقتة عن فن البورتريه؛ ومنها حالياً معرض "بورتريهات بيكاسو"/ 06-10-2016/05-02-2017 .
يعكسُ البورتريه صاحب الوجه وحالته، كما يراه ويلتقطه الفنّان بقوّته المُدهشة في الولوج إلى سمات ومشاعر الجالس .
والبورتريه ليس مجرّد صورة على مادّة ما، بل عن الشخصيّة، التي تجذب المُشاهد للاهتمام بها أكثر من اهتمامه بالفنان . فيتحاور المشاهد مع صاحب البورتريه مُحللاً طبيعته وما انطبع على قسائمِ وجههِ .
فالبورتريه هو وثيقة الوجه الأثر عن حياة صاحبه وامتداداً لها محلياً وبين الثقافات، ومرجعاً تاريخياً عنها . لذلك فللبورتريه مكانة "فضول" خاصّة؛ إذْ يُشكِّل جزءً حيوياً من الحياة الاجتماعيّة والثقافيّة والسياسيّة .
ويجد المُتلقي للبورتريهات التاريخية وكأنّ شخصياتها لاتزال على قيد الحياة وإنْ مضى على خروجها منها مئات السنين . فما يُضاعِف من سِحْر وقيمة الصورة الفنية للبورتريه تَمَتّعها بالراهنيّة . وهذه هديّة الفنان لصاحب البورتريه، كما للمجتمع، والثقافة : "بَعْثُ" الشخص بعد انقضاء أغنية ورقصة ولعبة ورواية حياته .
وعادة ما يُركِّز رسام البورتريه على بعض الملامح لاظهار الشخصيّة الفريدة للجالس، وخاصّة الاحساس المُنبعث من العينين، و نظرتها وبريقها وتأثيرها . وكما يقول المثل: العين مرآة الروح، والتي تعكس الحالة النفسية والذهنية والفيزياوية للشخص .
وإن كانت النسبة العظمى من البورتريهات في القرن العشرين تُنفّذ بالاستعانة بالصور الفوتوغرافية، وتُنْجَزُ أحيانا بمقاسات كبيرة، كما للدعاية السياسيّة والتجاريّة، فإن البورتريه الأكثر حيويّة وجاذبيّة ماكان بالمقياس الانساني .
كان حصاد حياة خالد الفنية، رغم قِصَرِها، نتيجة عملهِ وسكنهِ وتنقُّله بين عدّة بلدان كان آخرها المغرب، الذي قضى في ربوعه الجميلة أكثر من ثمان سنوات في أجواء ثراء البيئة، وتنوّع المناطق الجغرافيّة، والمناخيّة، وعادات الناس، وتراث ثقافاتهم ... ممّا ألْهَم خالد وأغنى مسيرته الفنية؛ فانتجَ بعض أعماله المهمّة، ومنها البورتريهات .
ويمتاز فن خالد برصد مواضيعه من الحياة الواقعية، وتقديمها بأسلوب جميل وجذاب وسهل الفهم، مما يجعل المشاهد مشاركاً في أجوائها .
وبينما كان يُجَوِّد بأسلوبه الواقعي التعبيري، وقوّة وثراء الضربات الخطيّة واللونيّة السريعة لفرشاته، في كل مايرسم من مناظر طبيعية، ومواقع أثرية، وقرى، وأسواق ... وتقاليد وأزياء ... ونساء وأطفال ... ففي كثير من أعماله مشاهد لجموع بشريّة، وبورتريهات: بمفردها، مع شخص أو أكثر، أو تتعاشق مع خلفيّة ما، كالطبيعة، وأصناف من التحف والمصنوعات ... وتتراوح أعمار الأشخاص الذين رَسَمَهم من الطفولة إلى الشيخوخة؛ وباحترام دقيق لقواعد التشريح، والمنظورَيْن الخطي واللوني .
وإنْ أنشرُ هنا بعض بورتريهات تَرَكَها خالد، فهي من بين عشرات أخرى متناثرة نتيجة العقود الصعْبة التي عانى ويعاني منها العراقيون بانتظار جمع ولَمّ تراثات مُبْدعيهم في مختلف حقول المعرفة .
لَمْ يرسم خالد بورتريه تجاري تبعاً لطلبات الراغبين. بل كان يختار الاشخاص ويرسمهم كما يراهم . أو من دائرة عائلته والمخصوصين من معارِفِه . وكان يرسمهم مباشرة بدون تخطيط مُسبق. فقد كان شخصاً فعّالاً في المجتمع وعمل عقوداً في التعليم، فكان من السهولة عليه التقاط الصفات المُميّزة لمن يرسمه .
وقد رسم خالد البورتريه، في أوضاع مختلفة: "البروفيل"، والثلاثة أرباع، والواجهة ... ومنها بوجوه واضحة، وأخرى بتحوير ما.
وتركَ لوحات زيتيّة لم ينته العمل بها . وعدداً كبيراً من التخطيطات الاولية والدراسات التحضيرية كمشاريع لوحات، ومنها بورتريهات ... بدرجات متفاوتة من الإنجاز. وهي مفتوحة للتواصل مع المتلقي، كما كانت مفتوحة للتجويد بها . لكنّه توقّف عن ذلك إما لوفاته المفاجِئة، أو بعد أنْ حقّق جاذبيّة ما عن الصورة الفنيّة التي تَشْخص وكأنّ اللوحة مُنتهية .
1 - ولَئِن كان فنْانون، مثل بيكاسو، قد رسموا أنفسهم كثيراً، وتركوا تراثاً غنياً يعكس الفنان عبر تاريخه الانتاجي؛ فلم يرسم خالد نفسه غير مرّتين: الاولى/1950 خلال فترة دراسته في باريس: شاب بثياب بسيطة .
واللوحة الثانية، رمزيّة، رَسَمَها في الرباط / 1988، دراميّة في موضوعها وأفكارها، وتكوينها الفنّي، وعناصرها، وألوانها، ووقْعها: صَقَرٌ مهاجِرٌ، يقف على غُصنٍ في أعلى شجرة جرداء، مُلْتَفِتاً برأسه نحو الشرق، بين عمارٍ مهجور يتوسّطه قوس حَدْوَة الفرس المغاربي - الأندلسي .
وهي لوحة وجدانية تُعَبِّر عن تَعرّض خالد لمظالم متنوعة ومُمتدة شراًّ وعاراً: بعثية/ ماسونية / مخابراتية، بزعانفهم، من جواسيس ومستهدِفين ووشاة تابَعوه من العراق إلى المغرب ... ولا يزالون بعد وفاته : إذْ يُغَيّبُ إسماً ومُنْجزاً ثقافياً وفنياً . وترفض دور المزاد منذ عقود عرض أي عمل للفنّان خالد الجادر مِنِّي للبيع .
وتختزل هذه اللوحة سيرته الذاتية، تاركاً من خلالها وثيقةً سياسيةً وثقافيةً وفنيّةً، جَمَعَ في صورتها بين الجمال والأفكار والخيال، وأخرجها طاقةً مُفْعَمة بالحزن والشموخ ينفذُ من خلالها إلى الناس والفن والتاريخ .
2 – وبالرمز كذلك كان بورتريه الأستاذ معاذ عبد الرحيم/ 1982، الذي عمل في المغرب مستشاراً صحفياً ومديراً للمركز الثقافي العراقي، والذي كان له فضل شخصي في فكّ بعض من الحصار الظالم عن خالد، ومرافقته في عدد من معارضه ومحاضراته في مدن كالرباط، الدار البيضاء، فاس، ومكناس. ويُعَبِّر موضوع اللوحة عن تصوّر ( معاذ ): شجرة من خمسة أفرع، تُمثل عائلته، تهبّ عليها الرياح، وحولها سور شائك، وتتداعى عليها الصخور. والشجرة إذْ تميل برفق لكنها لا تنكسر. وبينما السماء مُلبَّدة ... ففي الافق ضوء يفرش بنوره الحقل في خلفيّة الشجرة . وهذه اللوحة محفوظة في زيوريخ ( مع مجموعتي الصياغية، وتراث خالد )، وهي مُلْك للاستاذ معاذ .
3 – شقيقتي راجحة / 1947 وكانت تهوى الرسم، فصوّرها وأمامها لوحة .
4 - الدكتورة سحر المهداوي، إبنة شقيقتي خالدة . وكانت سحر في طفولتها محلّ حبّ وبَهْجَة الدار. وفي يوم صيف دخل خالد إلى المنزل فوجدها تلعب، فألبسها قميصاً وأجلسها، ورسمها هذا البورتريه.
5 - الصَالْحة، وكانت رحمها الله وطيّبَ ثراها وأدخلها فسيح جنّاته، معروفة في المجتمع باسم "اللّلا الشِرِيْفَة". وكانت شخصيّة اجتماعيّة حاضرة للعمل الصالح ومساعدة المحتاجين. وقد حاول خالد جاهداً إقناعها بالجلوس لِرَسْمِها، لكنّها رَفَضَت لاعتقادها بأن تصوير الشخوص يدخل في باب الحرام. لكن، وبمناسبة معرضي ( المصنوعات الفضية العربية والاسلامية)، الذي أقيم في قصر الصداقة في الخرطوم عام 1985 على هامش المؤتمر الخامس للمُنظّمة العربية للثروة المعدنيّة، فقد رَجَوْتُ خالد وضْع "بوستر" للمعرض. فأخرجَ تخطيطاً للّلا الصالحة من ذاكرته بملامح الوقار والهدوء والثقة وجمال نساء الأطلس المتوسط: وجْهُها يتوهّج ضوءً، وبنظرة جانبية لعينيها الكبيرتين في تأمل عميق، وهي مُبَهْرَجَة بالحلي المغربية التقليدية المُبْهِرَة. وربما تكون الوضعية طابعية، لكن صورتها الفنيّة كصاحبتها: جميلة، وحيويّة، وقويّة الشخصيّة، مقاوِمة، عارفة بقدر نفسها، ومُسيطرة على أمور دنياها ... ويعكس بورتريتها توازن الابداع والحِرَفِيّة التي ميّزَت الوقع البصري والصورة الفنية التي تركها خالد. وعلّقْنا البوستر في غرفة الضيوف. وعند زيارة اللّلا اندهشتْ فرحاً، إذْ حالما عرفت أنها صاحبة البوستر، وصارت تروي للزوار قِصّته.
6 - ربيعة/1986 التي كانت تزورنا مع خطيبها. وكانت فتاة محافِظة ومتواضعة. وحتى جلستها كانت كالتمثال. فظهرت اللوحة بدرجة عالية من الإنجاز، الذي ينعكس بفخامة الحضور، وملمحها الهاديء، وجمالها الروحي، وجاذبية تقاسيم وجهها الناعم اللين الطلي والعذب في تعبير حالم يشعّ مودّة داخلية ... ويزيدها بهاءً وَقْع الضوء على وجهها وعُنقها .. بينما يُقوِّي حضورها خلفيّة اللوحة أحاديّة اللون، وأجواء الأزرق المُطَعّم بالأصفر الصافي. وقد توشّحت بقلادة فضيّة من زينة نساء الصحراء المغربية زادتها بهاءً بذكائها، وزهواً بجمالها.
7 - فتيحة/ 1985 من زوّار معرض خالد الأول في الرباط عام 1983 . وتواصَلتْ زياراتها، وتأثّرتْ بأعماله، ثم سافرت إلى باريس لدراسة الرسم. ويرى المتلقي لهذه اللوحة تحدِّي اللّغز والغموض والابهام المصحوب بالتوتّر والقلق وعصبيّة المزاج، الذي كان خالد يلتقطه من خلال جلساتها المتقطعة.
8 - فتاة/ 1984 ، زارتْ معرضه المتقدم، ورأى خالد أنها ملائمة لزواجه. فعبّد الفكرة برسمها، لكنّه ظلّ متردداً رغم تكرار زياراتها. وواصلَ تجويد لوحتها برقّة ودقّة. ويظهر في جلستها الهدوء والاسترخاء بعيون كبيرة تبتعد نظرتها عن المُشاهد، والانحناءات الشهوانيّة لشعْرِها المتداخل مع زخارف وألوان الازياء المغربية التقليدية البهيجة، التي اختزلها خالد بضربات ضوئية قويّة.
9 - جميلة / 1982 جارتنا، وكانت شديدة الجمال، إسم على مُسَمّى. ولم تجلس جميلة لخالد كموديل. فرسمها من مُخيّلته كما تصوّرَ أن يراها، مع تحوير في ملامح وجهها، وتعبير خفيّ ومبهم، لكنّه مؤثر ومُفعم شباباً وحيوية ... بنهدَيْن شابّيْن نافرَيْن، وهي تُحدِّق بنظرة مُتحفِّزة ونابضة بالحياة. فترك لها وثيقة جمال ونَزوَة لا يُطْفؤها الزمان. وقد نفّذ خالد هذه اللوحة بضربات سريعة للفرشاة في حركة دينامية لتعبير حالم وحائر، ويداها تستقرّان براحة على فَخْذَيها. ويُلاحظ تناسق ألوان خلفيّة البورتريه مع تعابيره الربيعيّة، مما يجعل التجاور والنسيج اللوني سمفونية لونية بهيجة.
سعد، أما بالنسبة لي، فقد رسمني خالد دائما بلمسة شخصية: في صباي في بغداد عندما كنتُ أجلس الساعات موديلا لتخطيطاته التي ضاعت.
10 - ثم رسمني بقلم الرصاص، في أبوظبي عندما كنتُ أعمل هناك، خلال زيارة له عام 1979، حيث أبدو في ذروة الشباب والحيوية.
11 - ولوحة أخرى في الرباط عام 1983، قُبيل افتتاح معرضه، بعد أن جاء الطلب من أصدقائنا أصحاب الشقة التي استئجرناها منهم: كيف ستقيم معرضاً خالياً من لوحة سعد التي وضعْتَها في الدليل؟. فجلس في المطبخ، مَرْسمه، لشدة إضائته نسبة إلى باقي مرافق الدار، ورسمَ البورتريه في أقل من ساعة. فقلتُ له صوّرتني دون سِنّي. فوضع لطختين واحدة تحت كل عين. وأخذنا اللوحة إلى المعرض وزيتها لا يزال طرياً.
12 - وآخر تخطيط أنجزهُ لي كان قبيل سفره إلى الرياض عام 1988 حيث توفي هناك. وقد أخرج اللوحة بتضادّ مؤثِّر بين الأبيض والأسود.
13 - الزيارة/ 1982 عن تجمُّع النساء عنْدَ ضريح سِيْدِي العربي بن السايح بحيّ العُلو في الرباط. وكان خالد يُقدِّم هؤلاء النسوة بملامح جميلة وجذابة مَشُوبة بالحزن المبهم تعبيراً عن الواقع الفقير، والتمنّي بالفَرَج، وتحقيق الأماني والمُراد عبر زيارة الاضرحة والتوسّل إلى راقد الضريح. فالظروف المُزمنة صعوبةً وفقراً وحاجةً ... غالباً ما تفرز واقعاً قبيحاً، أخرجه خالد جميلاً لكنّه حزيناً. فربَطَ بين الواقع والخيال، وبين القُبح والجمال.
14 - بائعات البيض/ 1986 وهنّ فتيات يَعْرِضْنَ البيض في الاسواق الدورية مع بضائع أخرى مثل (السِمن البِلْدي) أي الزِبْد، و"الزيت البِلْدي" أي زيت الزيتون.
وكان خالد مداوماً على زيارة هذه الأسواق للشحن الفنّي ورسم التخطيطات، كما لشراء المواد الغذائية الطرية الطازجة.
15 - بائعات "البغرير"/1982 وهي فطائر مغربيّة شعبيّة، خاصّةً في شهر رمضان، تَعْرِضْنَهُ فتيات يجلسنَ في مدخل سويقة الرباط، ويضعنَ البغرير في أطباق على كراسي مرتفعة بانتظار الزبائن، وهنّ يتجاذبنَ أطراف الحديث.
16 – الشوّاف/ العرّاف / فتّاح الفال / الساحر ... 1987 وهو موضوع تاريخي واجتماعي مألوف ومستشري في العالم، وخاصة في المستعمرات لتكريس لهو الأمل. ومنه ماورد اليوم في (القدس العربي، 20/12/2016، الجزائر: إغلاق "عيادة" لعلاج السحر بالرقية الشرعية يؤمها مسؤولون). وهذه اللوحة من مدينة تْمَارَه قرب الرباط، في سوقها الأسبوعي، حيث تقع خيمة الشوّاف في نهاية ممر بيع وشراء الفضة والذهب، الذي جُلّ العاملين فيه من النساء ... إذ يجلس الشوّاف في وضع مُسَيْطِر محاطاً بعدّته من قناني وكتب، تزيدهُ رَهبَة وسُلطة لدى زُوّاره من الفقراء الذين لايعرفون عنها شيئا. فيسلب الشوّاف زائراته بما يقول لحلّ المشاكل والتكهّن بأخبار مُفرحة عادة.
وتعكس هذه اللوحة، المُكثّفة في شدّها الحسّي وتوتّرها الدراماتيكي، التعبير الماكر للشوّاف، وقوّته النفسيّة أمام خَوْف وترقُّب الزائرة، وهي تحمل طفلها على ظهرها بانتظار معجزات "تَفُكّ" عُقَد مشاكلها.
17 - ولا بدّ من الاشارة إلى استخدام خالد لحوامل أخرى للوحاته عدا القماش، والورق، والخشب ... ففي بغداد في خمسينات القرن الماضي رَسَمَ البورتريه، ومواضيع أخرى على أطباق من الفِضّة الاسترلينية المُعَشّقَة بالمينا السوداء، التي طبّقها له الفنان الصائغ الماهر ناهي الخفاجي. وبينما أحْتفِظُ بطبقٍ منها لاتسمح ظروفي الحالية بالوصول إليه وتصويره، وهو بورتريه فلاّحة مُطَعّم بخزامة من الذهب والشذر ... فقد كان آخر رؤيتي للاطباق الاخرى في معرضه عام 1980 في مدينة لوزان السويسرية، الذي لم يستطع خالد حضور افتتاحه لمنعه من السفر. وكنتُ في حينه في لندن. فاتصلَ بي للإنابة عنه. فسافرتُ وأقمتُ في لوزان حتى نهاية المعرض، حيث أرسل خالد صديقهُ الراحل عزيز الملا حمادي إلى لوزان لمساعدته في إعادة المعرض الى بغداد. وهذا آخر عهد لي بمشاهدة جميع المعروضات، من لوحات زيتية، وتخطيطات، وأطباق فضيّة، التي لا أعرف مصيرها بَعْدَ أن تناثرَ الجزء الاكبر من تراث خالد بعد وفاته. لكن ولحسن الحظ وفي حديث هاتفي مع جامع الفن العربي المعاصر الاستاذ سامي هندية، الذي ذكر لي بأنه اقتنى بعض هذه الاطباق، مما جعل لها مستقراً في مجموعته يسمح للناس الاطلاع عليها والتمتّع بها.
وإعجاباً من خالد بجمال وألق وانتشار المصنوعات الفنية المغربية، فقد حاول رسم مواضيع على أطباق الحديد المُدَمْشَق بأسلاك من الفضّة البرّاقة، بالاستعانة للتطبيق بمُعَلِّم (أُسْطَة) مُختص في هذا المجال.
واستخدم كذلك أطباق الخزف. وكان يُنفِّذ التخطيط بيده على الأطباق، على أن يُكمل الفنان التقليدي مُهِمّته. لكن للأسف خَرَجَت هذه المحاولة عن هدفها ومرماها بعد أن تعرّضَ التطبيق إلى تشويه اللوحة والتوقيع معاً. إذْ تصرّفَ بهما الحِرَفي كما تصوّر واعتقد، فصار يصنعها لبيعها إلى السيّاح الذين وجدوا فيها نَقْلَة نوعيّة للمنتجات التقليديّة لايعرضها غيره من الصُنّاع.
موقع خالد الجادرعلى الانترنيت:
www.khalidaljadir.info