أعجب ممن يدعي أن الغباء او قلة الذكاء يدلان على زيادة في الأنوثة ، وكإنّ شدة الذكاء او التفوق العقلي مقتصران على الرجال او الذكور .. وأعجب أكثر حين تثني امرأة على هذا الإدعاء !!
لاتصنع قلة الذكاء حياة مضيئة ولا تبتكر أسلوبا مميزا متفردا في التعامل مع الرجل بالذات ولاتربي جيلا ولاتسعد رجلا حقيقيا ولاتدفعه ليكون ناجحا او مبدعا ، وكم من غبي يتصور نفسه ذكيا ولهذا يفضل من يتصورها قليلة ذكاء ويختارها لاعتقاده أنها أكثر أنوثة وأنه اختارها عن ذكاء وأنها لن تهدد أمنه العقلي !! مع إنّ إهتمام المرأة بأنوثتها مظهرا او جوهرا او كلاهما معاً لايعني أنها ليست ذكية ، لاسيما أن الذكاء أنواع وكلّ إنسان منا يتفوق عقليا في مجالات ويكون ذكاؤه عادياً في مجالات أخر ، وقد يكشف موقف ما او مواقف عدة لامرأة شديدة الأنوثة عن مدى ذكائها ، فيما تكشف مواقف أخرى لامرأة عادية في ذكائها ولكن ظاهرها يفيض أنوثة أنها ليست على تلك الدرجة العالية من الأنوثة التي اعتقدها أحدهم .
يمكن القول إنّ قلة ذكاء إحداهن تسهل على الذكر أن يضحك منها وعليها (يقشمرها) ويمرر عليها ألاعيبه ومصالحه ، لكنه لايستطيع فعل المثل مع الذكية ، وهنا يكمن سر العقدة .. عقدة تؤدي بالذكر الى محاولة إيهام النساء أن الذكاء يقلل من أنوثتهن ، كي يتسيد بهذا الخداع على عقولهن ويستمر من خلال آرائه في فرض وصايته عليهن وكإنهن مجرد أجساد خلقت من أجله فيحكم على عقولهن من منطلق مصلحته او عن جهل وغباء وافتراء ملتصق بموروث ينم عن عقد وإتكالية وعنف متأصل في الذات ، وقد يكون الهدف من الإدعاء الثأر لذكوريته من امرأة ذكية رفضته .
من الأفضل لمثل هذا أن يكتفي بالغبية مثله التي تتملق له حين تطري على إدعائه ، ولايحاول الاقتراب من عالم الذكية لأنها ببساطة لن تأبه له ، كما إنها نصيب من يستحقها ، فالرجل الذكي يبحث عن الذكية ويتمناها ويختارها لأنها تصنع حياة ليس بإمكان سواها صنعها ، وإن لم يكن لها نصيب مع رجل ذكي ، فمن الذكاء أن تبقى وحيدة على أن تكون مع رجل قليل ذكاء او غبي او معقد يتصور ذكاء المرأة قلة أنوثة ، معتقدا بأن من علامات قلة الأنوثة وضع نظارة طبية على عينيها او قراءتها الكتب او تبوءها مركزا اجتماعيا او وظيفيا او تكلمها بقوة وشراسة في مواقف تتطلب منها حزماً وهذه كلها أمور لاتعني بالضرورة أنها تضع أنوثتها جانبا . الأنوثة فطرة لايغيرها ، بالضرورة ، تفوق المرأة ومسؤولياتها خارج بيتها كالعمل والقيادة فيه ، وإذا كان الحديث عن مظاهر الأنوثة مثلا فإنّ الهموم والتضحيات قد تؤدي الى أن تدفن بعض النساء شيئا من الأنوثة في ظاهرها وليس جوهرها ، كما إنّ لدى كثيرات من النساء حياءً يجعلهن حريصات على إخفاء أنوثتهن أمام الغرباء حتى تلك الأنوثة المتعلقة بتصرف او أسلوب كلام خشية سوء الفهم ، فكم من لطف من واحدة منهن يفسره أحدهم على أنها واقعة في غرامه !! ولهذا يحرصن على الظهور بشكل آخر ، ويبقين أنوثتهن لأزواجهن فقط ، آخذين بنظر الاعتبار أيضا ازدواجية مجتمعنا الذي يضغط على النساء منذ نعومة أظفارهن بدءًا من الأسرة حتى يدفع ببعضهن الى أن يخشين قول كلمة لطيفة لرجل وإن كانت أخوية او يتطلبها موقف معين ككلمة شكرا لقاء خدمة قدمها لهن او تصرف حضاري قام به تجاههن .
ولأنها ذكية متحفظة وتدرك ردود الفعل الطامعة تجاه أنوثتها ، لاتتصرف المرأة المتوازنة بدلع مع غريب او تمط شفتيها الى الأمام كالبلهاء .. الجمل له شفتان ممطوطتان ، والقرد يمط شفتيه .. لماذا لايجرب صاحب الإدعاء أنوثتهما ويكف عن الحكم على المرأة بعقله الذي لم يثبت حتى اليوم أنه كامل ، وإلاّ لماذا يرتكب الرجال الأخطاء والخطايا ويلهث بعضهم وراء شهواته بلا تفكير إذا كانوا كاملي عقل ؟!!
سيقول قائل إنّ السبب إغراء أنثى او شيطان امرأة .. وفي هذه الحال نسأل .. أليس من كمال العقل أن لايقع صاحبه في المحظور بتحريض من عقل أقل كمالاً ؟ الغريب أن (كامل العقل) يبرر لنفسه كل أخطائه حين يدعي أن (ناقصة العقل) دفعته ليخطئ .. وياله من تبرير واهٍ يكشف عن فكر إتكالي جعل المرأة عبر التاريخ تدفع ثمن شهوات الذكر وتبريراته وأحكامه العشوائية حول ذكائها وأنوثتها .