الدال والاستبدال في مصادر النص

2008-07-09
صد//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/6026e171-b739-4a0a-83a0-82011bfbb1c9.jpeg ر أخيراً للفنان التشكيلي والكاتب صبري الحيقي، عن مركز عبادي للدراسات والنشر بصنعاء، كتاب نقدي بعنوان "الدال والاستبدال في مصادر النص"، وكتب الدكتور عبد العزيز المقالح في إحدى يومياته إشارة حول هذا الإصدار الجديد قائلاً: "يؤكد المبدع الفنان صبري الحيقي منذ بدأ الدخول إلى عالم الكتابة أنه فنان أصيل وباحث جاد يتطلع إلى الإبداع الأصعب وإلى الدراسات العلمية الأصعب. وعنوان كتابه الجديد "الدال والاستبدال في مصادر النص" دليل على ذلك. والكتاب دراسة نقدية معمقة لمجموعة من النصوص الدرامية اليمنية يتقدمها تمهيد منهجي ناقش فيه صبري قواعد البناء الدرامي وفوضى المصطلحات في محاولة رائدة لتجديد النظر في المنهج النقدي الخاص بتناول الفن المسرحي العربي بعامة واليمني بخاصة."

*لعل أهم النتائج العامة التي رآها الباحث في هذا الجهد هي: أولا محاولة منهجة دراسة مصادر النص، ومحاولة الوصول إلى تصنيف وتعريف لها، وذلك من خلال مدخل رآه الباحث جديدا، وهو الدال والاستبدال، فالاستبدال عادة يدرس في أسلوب النص كما عرفنا على مر التاريخ في الثقافة العربية؛ وهو استبدال المجاز بالحقيقة.ولكن بحسب علم الباحث، لم يدرس الاستبدال في الرؤية الإبداعية، بهذه الطريقة والتي يأمل أن يكون قد قدم فيها إضافة ما، أو فائدة ما. لمن يتحرى الفائدة والتجدد.
أما النتائج التفصيلية، فقد كانت أولا في تحديد نوع الاستبدال، بين النص ومصدره، وهو استبدال رؤية بحقيقة تاريخية أو واقعية، أو استبدال رؤية برؤية موازية، سواء كان تراثا شعبيا أو نصا أدبيا مغايرا. وبهذا يمكننا أن نفرق بين الزائف والأصيل من النصوص.
ثانيا: دراسة مصادر النص الدرامي في اليمن، وتصنيفها خلال فترة البحث. وهذه دراسة تشكل خطوة تأسيسية على مستوى تصنيف المصادر بصفة عامة، وعلى مستوى دراسة النص الدرامي اليمني، بصفة خاصة. ونوجزها فيما يلي:
أولاً على مستوى المصادر: أجتهد الباحث في تصنيف علاقة النص بمصدره، من خلال المحاكاة المباشرة والمحاكاة غير المباشرة للمصدر في النص، فالمحاكاة المباشرة للمصدر هي التي تتطابق فيها فكرة النص مع مصدره، كما في نص (الملكة أروى) لـ"محمد عبده غانم" ؛ الذي حاكى الأحداث والشخصيات التاريخية كاملة ، لتمجيد الملكة "أروى" كملكة قديرة في إدارة شؤون الدولة والحروب . والعلاقات الاجتماعية ونصي : (الانتظار لن يطول) و(الغائب يعود) لـ"محمد الشرفي" ، الذى حاكى الأفكار التاريخية كما هي في الحقيقة ولكن من خلال معالجة درامية خاصة به ، لتمجيد "محمد محمود الزبيري" كشاعر ومناضل حريص على حقوق الشــعب، مقارعا للإمامة في النص الأول ، صوفيا زاهدا ومختلفا مع قيادة الثورة في الحرص على مصالح الشعب في النص الثاني.وفي المحاكاة المباشرة يغيب الاستبدال، وتغيب الرؤية الإبداعية.
والمحاكاة غير المباشرة هي التي تختلف فيها فكرة ورؤية النص عن فكرة وحقيقة المصدر ؛ وقد جاءت في عينة البحث من خلال ثلاثة مستويات :
(1-3) نصوص تنطلق من الواقع وتعود إلى التاريخ تستحضره وقد تعبر فيه أزمنة وأمكنة متعددة كما في : نص (الفار في قفص الاتهام) لـ"عبدالكافي محمد سعيد" ؛ للعبرة من التاريخ ؛ عرض مفاسد على مرَّ التاريخ لهدف التعلم منها والحذر من الوقوع في مثلها حرصا على بناء المجتمعات، إضافة إلى ترجيح تأويلات تاريخية في شخصية "العنسي" مدعي النبوة في اليمن والذي قدمه النص كبطل وطني . و نص (مع الشمس يجيئون) لـ" القرشي عبد الرحيم سلام" للتعلم من تجارب الأقدمين دروس النضال والتحرر ، وأن الخيانة لا تربح إلا الخسارة . ونص (الصراخ في محكمة الصمت) لـ"حسن اللوزي" ، والذي جاء لإدانة فترة الإمامة في القرن العشرين و وفترة الدموية القمعية في العهد العباسي في القرن الثالث الهجري. والإثقال على الشعب بالحروب في عهد المطهر في القرن السادس عشر الميلادي .
(2-3) نصوص تتناول شخصيات وأحداث مستوحاة من سياق تاريخي ، كما في نص (الفتى منصور المنصور) لـ" عبد المجيد القاضي" بما حمل من قيم التحرر وأن الخيانة لا تربح إلا الخسارة .
(3-3) نصوص تعرض الزمان والمكان التاريخي ببعض أحداثه وبعض شخصياته.كما في نص (موتى بلا أكفان ) لـ"محمد الشرفي " ، الذي ؛ أسقط فترة تخلي السلطة عن مهامها في عهد "الإمام يحي" ، في بداية أربعينيات القرن العشرين، على فترة كتابة النص في السبعينيات.
كما أن النصوص التي حاكت الواقع قد جاءت بمستويين : الأول حاكى فكرة من الواقع وبدون رؤية واضحة ، في نص (الغد القريب) لـ"حسين سالم باصٍدٍّيِقْ" . أما نص (حارس الليالي المتعبة) لـ"الشرفي.." ، الذي حاكى فكرة الواقع في مقدمته وحاول تقديم رؤيته لمشكلة الإخفاق الإداري والأسري.
أما المستوى الثاني ، فهو الذي حاكى الواقع برؤية المؤلف ، وفكرته ، كما في نص (السفر في الظلام) لـ"عبد الكافي محمد سعيد" الذي عالج مشكلة الفساد الإداري والقضائي وفساد السلطة التنفيذية ، بهدف كشفه ، ونص(ولليمن حكاية أخرى) لـ"محمد الشرفي" الذي عالج مشكلة المهمشين اجتماعيا، واضطهادهم ، وكما في نص (صلاة التراب)لـ"القرشي عبد الرحيم سلام"" الذي مَجَّدَ الواقع السياسي، في فترة كتابة النص ، وهو التوجه الذي نادى بالسلطة للشعب ورفض الاستغلال.
أما الحكاية الشعبية ، كمصدر للنص ، فقد كانت ذات طابع واقعي ، من خلال حكاية [عُبَادَهْ] في نص (عباده) لـ"عبد الكافي محمد سعيد " ، الذي قدم فكرة الاضطهاد الطبقي والظلم السلطوي، على المهمشين والفقراء ، على خلاف الحكاية التي حملت فكرة اللص المهمش الذي يروع الآمنين . كذلك حكاية [بنت الدَودَحِي] التي حملت فكرة الزنا والتشهير ببنت إحدى الدور الغنية ، في نص (بنت الدودحي) لـ" للقاضي " والتي حملها بفكرة جاءت عكس الحكاية تماما ، بدلا من فكرة الزنا فكرة الحب البريء ورفض الظلم السلطوي والدعوة للتعلم والتحرر، وبدلا أن كانت من أسرة غنية جعلها من أسرة فقيرة.
أما الأعمال الأدبية السابقة كمصدر للنص ، فقد وجد الباحث نصا واحدا، هو(أصول اللعبة) لـ"عادل ناصر" ، والذي أعاد تصوير فكر تمرد المخلوق على خالقه في الفن والأدب، كما جاءت في رواية (صورة دوريان جراي) لـ"أوسكار وايلد".

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved