الديموقراطيّة الفاشيّة التي مَحَقَت العراق/ طوابع سعد الجادر الفضيّة – 33

2017-06-19
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/bf299449-2182-4426-b84a-b2ce1d57b208.jpeg
 
الديموقراطية ليست استقطاباً حاداً ومُتردياً للثروة بين قلّة من المليارديرية، وملايير من الفقراء. بين شمال مُتْخم مُتْرف قائم على السرقة، وجنوب مُتخلّف ومحروم من موارده المنهوبة .
والديموقراطية ليست ثقافة الرِبا، وشنّ الحروب: كوارث للبلدان، ومآسي للشعوب، وأرباح خياليّة لآلهة الأرض . 
والديموقراطية ليست قطيعةً ولا حرباً بين الدولة والشعب .
 والبرلمان الديموقراطي لا يتآمر على المجتمع ويكذب عليه .
بل الديموقراطية توزيع الثروات بالعدل الوظيفي. وهي سلام اجتماعي، وتساكُن، وتضامُن، وحماية حقوق الانسان، و تشارُك جميع مكونات المجتمع في السلطة والثروة . والديموقراطيّة عمليّة سياسيّة أخلاقيّة تفرز شعور الانسان بالرضا، وبالاخر،  وبواقع الرفاه والسعادة . 
 
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/1a424429-5a86-4b90-8fee-3932cde77294.jpeg 
 
والديموقراطية مسيرة تتطور داخل المجتمع تبعاً لثقافته واختياره الحر، وإدارة الاختلاف بين فئاته بالحوار . وليست قنينة كوكا للتصدير والفَرْض بالقوّة الوحشية، وتَرْك العراق مسحوقاً في فوضى وعملية سياسية أمريكية- طائفية بلا دولة ولا قانون . 
والديموقراطية فَصْلٌ وظيفيٌ بين السلطات الثلاث: التنفيذية، والتشريعية، والقضائية . وجيش يحمي الوطن، وتبادل سلمي للسلطة، وتحقيق حقوق المواطنة العابرة للأديان والطوائف والأعراق والأحزاب، والعدالة الاجتماعية، وضمان الأمن والخدمات، والنهوض بالتعليم والصحة، واعتماد دستور وطني، ودولة مؤسسات، وسيادة القانون، وتعددية حزبية، وصحافة حرة، وحرية كلام وتظاهر واحتجاج، ومسؤولية في الحقوق والواجبات ...
 وتقوم الديموقراطية على الاستشارة الشعبية النزيهة التي تجعل الانسان، وليس الدولار، مركز العملية السياسية، وهدف التقدم الاقتصادي والمعرفي .
 
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/478605b6-9939-4b07-a50f-875d9c41a226.jpeg 
 
والديموقراطية برلمان كفاءآت ونزاهة . وليس ارتزاقاً لمن هبّ ودبّ، مما فَضَحَ بعضه :
 ( قاسم حسين صالح، قوادون وبغايا ... يرشحون للبرلمان العراقي، الحوار المتمدن  - العدد 4366 – 15/02/2014 ) : " ... ان المفوضية العليا للانتخابات استبعدت أكثر من خمسمائة مرشحاً لانتخابات برلمان 2014 بينهم أشخاص مدانون بجرائم السمسرة والبغاء ...".
قدّمت الديموقراطية الغربية للانسان والحضارة منجزات تاريخية راقية، خاصّة في العلم والتقنية والادارة، انعكست تطبيقاتها في مجتمعات الغرب، التي تنعم برفاه منفصل عن معاناة عالم الجنوب الخاضع لتظليل وأكاذيب آلهة الأرض باستخدام أذرعها الارهابية : العسكرية، والسياسية، والتجسسية، والاقتصادية، والمالية، والاعلامية، والثقافية، التي أفرزت مآسي الانسان الناجمة عن ازدواج المعايير، وعوار خسران الميزان بين الجوانب الروحية والمادية، واعتماد شرور المادية والعنصرية والأنانية والجشع واللاأخلاقية والاستعلاء والغطرسة والتفرقة والاستعمار والحروب والهيمنة ... وتزوير الاسلام لصناعة الارهاب والأرباح على حساب سعادة وحقوق الانسان والسلام العالمي والعدالة الاجتماعية .
 
 //api.maakom.link/uploads/maakom/originals/6ee0d4c0-afc5-453f-9f6e-8bf509b3d85b.jpeg
 
والديموقراطية ليست حلالاً على مجتمعات الغرب، وحراماً على شعوب المستعمرات .
وما النخب الاستعمارية، التي تَدّعي زعامة العالم الحر الديموقراطي، سوى عصابات وظيفتها الأساسية والرئيسية هي القرصنة القائمة على الغزو والابادة والتخريب والنهب المُمَنْهج، لمواصلة العداء التاريخي للعرب والمسلمين وثقافتهم، والمستمرّ منذ القرون الوسطى .
وأينما يكون هناك بلدا فيه موارد يشنّ قراصنة أمريكا حرباً على الارهاب فيه لابادة سكانه، ونهب ممتلكاته باسم تصدير الحرية والديموقراطية .
وهؤلاء القراصنة هم من نشر الحرية والديموقراطية الفاشية في ربوع العراق، الذي يعيش كوارثه الحالية: بلدٌ مدمّر، ومجتمعٌ ممزّق، وشعبٌ لاجئ في وطنه ... ليس له من الديموقراطية غير الانتخابات المزوّرة، وتواصُل القتل والدمار، وتكريس التخلف لتترك العراقي غافياً غافلاً مظلوماً مقهوراً مغدوراً فقيراً مغموماً محزوناً بائساً ويائساً ...
 
 //api.maakom.link/uploads/maakom/originals/fd5411c7-0cec-404d-a634-8b7dd607a1ea.jpeg
 
حيث جَرَت هَنْدَسَة استبدال عميل الغرب الاستراتيجي صدام بصداديم، ومزيداً من العملاء، في "دولة" عصابات الفساد والافساد والظلامية والارهاب ... والتحاصص بين عشرات الأحزاب العبثية، والبرلمانات، والقضاء والقوانين، والرؤساء، والوزراء، والمحافظون، ودستور بريمر المفخخ بالكوتا الأمريكية ... ولصوص الاحزاب الدينية المسلحة، والاعلام الطائفي، الذي يُكرس التخلف والجهل وفرق تسد، والضغائن التاريخية العبثية العقيمة والمُضحكة المُبكية لتغييب الوعي الشعبي، وتهميش القوى الوطنية، وكسر إرادة التحرّر،  وإثارة الفتن، كمعابر لاكتناز المال واحتكار السلطة ... الذين بمجموعهم لم يحققوا شيئا من الديموقراطية، ولم يشيّدوا شيئا على الأرض. بل جلبوا الارهاب، وعدم الاستقرار السياسي، والعفن الطائفي، والفراغ الامني، واللادولة، والفساد المستشري، وتدمير التعايش الديني والمذهبي والقومي، وتخريب المجتمع والشباب والأسرة والتعليم والصحة ... تواصلاً لكوارث الحرب العراقية الايرانية، وغزو الكويت، ومقاطعة الشعب العراقي، الذي تُوِّج بالغزو الماحق . 
 
 //api.maakom.link/uploads/maakom/originals/266c812f-d20d-4fad-8d75-0876ef1bd09f.jpeg
 
فأي حرية وديموقراطية في بلد مُدمّر بملايين القتلى والجرحى والأيتام والأرامل والمُهجّرين ... وتواصُل التفجيرات والقتل المجاني ... ريثما يتمّ نقل خزّان النفط العراقي إلى الغرب، وخَصْخَصَة مرافق البلاد لتكون من حصّة الغزاة وعملائهم الخونة العراقيين.
وأي ديموقراطية في ظل الحرب على الارهاب: النَقْلَة النوعية التاريخية من مبتكرات ثقافة الاستعمار بعولمة الحرب على الارهاب دون تعريفه، ولا تحديد حدوده الجغرافية، وبابتكار أدوات جديدة للتنفيذ: أسلحة إبادة نوعية، مقاطعة الشعوب، والانتحار الجهادي الاسلاموي الامريكي؟ .
وهي تجارب معاصرة لليانكي تُضاف إلى خبراته التاريخية: مَحْقُ "الهنود الحمر" وثقافتهم . واستعباد الأفارقة. وثقافة الاستعمار. وبثّ الحروب والارهاب في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. والتوسّع العسكري في العالم . وضرب اليابان بالقنابل الذرية . وضرب العراق باليورانيوم المُنضّب ... ولو استطاعت أمريكا ضرب روسيا بالقنابل الذرية عام 1991 لفعلت . لكن آلهة الارض ربما تصوّرت أنها استعمرت روسيا . وأنه بالامكان شدّ روسيا بالصين في حرب إبادية ذرية . تماماً كما فعلوا بين ألمانيا والاتحاد السوفيتي في إشعال الحرب العالمية الثانية . وبين العراق وايران ... وكما يحاولون الان من شدّ الهند بالصين، والهند بباكستان في حروب ذريّة ماحقة .
لا يتوقّف الزمن والتاريخ عند دولة أو امبراطورية . ولا عند انتصار أو هزيمة . والانسان في تطوّره يتناوب الصعود والهبوط بتدفّقات متواصلة، حيث تتدافع الدول بين غارب وبازغ بالفكر الواضح الناهض لترقية المجتمع بالتطوير والتجديد والتحديث. وأمام ناظرينا تفكّك الاتحاد السوفيتي، وقيام إمبراطورية العولمة الامريكية الآفلة ... وصعود الصين والهند ... وملامح النظامية الروسية ...
 
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/d1bb7661-ebdd-4ac3-af1d-501db5cc391d.jpeg 
 
والنظامية Orderism  كما جاءت في مقال ( سرحات شوبوأوغلو، ملامح أولية لايديولوجيا روسية تتحدى الديموقراطية الغربية، إتجاهات الأحداث، العدد 18، يولو – أكتوبر 2016 )، والتي ظهرت مع تجدد الصراع بين روسيا والغرب: "... تقوم على عدد من المبادئ الرئيسية هي: أولوية تحقيق الاستقرار على تحقيق الديموقراطية، وان الديموقراطية الغربية أخفقت في تحقيق المساواة، بل وأدت الى عدم الاستقرار والفوضى في بعض الأحيان، فضلا عن التركيز على القيم المحافظة المرتبطة بالدين، وذلك في مواجهة العلمانية التي ينادي بها الغرب، أما على الساحة الدولية، فترى تلك الايديولوجية أن القوى الغربية تستخدم القوة للدفاع عن مصالحها، وانها لا تلتزم بالقانون الدولي، الا عندما يتوافق ذلك مع مصالحها .... "ان (النظامية ) كنظرية جديدة بامكانها صنع الفارق ونيل الأفضلية اذا ما تم اجراء اصلاحات على الايديولوجيات الشيوعية القديمة والتي يبدو انها فشلت في استيعاب تطلعات المواطنين في الاتحاد السوفيتي سابقا وفي غيره من الدول الاشتراكية الاخرى" و ... ان الدول العظمى لن ترعوي في استخدام أسلحتها النووية في حال استمرار الولايات المتحدة كقطب دولي وحيد في الساحة العالمية، وهي الحرب التي يحذر منها كثيرا لجهة ان نتائجها ستكون اكثر كارثية من سابقتيها، فلا منتصر ولا مهزوم في حال نشوب مواجهات نووية بين دولتين عظميين سوى الدمار المتبادل لهما وللعالم اجمع، ولعل ذلك ماجعل روسيا تعلنها صراحة – ولأول مرة – في استراتيجيتها للعام 2016م ان امريكا ضمن التهديدات التي يتعرض لها الأمن القومي الروسي ."
فهل النظاميّة مُحصّلة اقتصادية وسياسية وثقافية بين الاشتراكية والرأسمالية، التي يُمكن للعالم أن ينهجها لمستقبله في حضارة مواطنة وليس أقليات؟. وتنوعاً ثقافياً، وليس تنميطاً غربياً؟. وإدارة الاختلاف في بوصلة التشارك والتعاون والاحترام، وليس بالغزو والقتل والتدمير والنهب ؟ . 
فما عدا ثقافة الاستعمار العدوانيّة الارهابيّة، فإن ثقافات الشعوب تسودها قيم السلام والعدل والمساواة والتساكن والتشارك والاحترام المتبادل .

متى تطالِب شعوب العرب والمسلمين بمحاكمة النخب الاستعمارية على ما اقترفته من جرائم ؟.


 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2025 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2025 Copyright, All Rights Reserved