الــحُـسَيـْـن

2015-08-29
 معلّم نغسه ومؤدّبها ،

 أحقّ بألأجلال من معلّم الناس ومؤدّيهم "

( الامام علي )



يحفظ اهل العقل واصحاب الضمير، للأمام الشهيد الحسين بن علي، رضي الله عنه وارضاه، انه صاحب مشروع نهضوي، مبني على شرع الله تعالى وعلى سنة رسوله الكريم، عليه وعلى آله افضل الصلوات والتسليم، سداه ولحمته : " الامر بالمعروف والنهي عن المنكر " .

ويكفيه عبودية الى الله تعالى، وليس لمنصب او جاه او ثروة او رئاسة، انه ترك رأسه نهبا للنبال، وجسده ساحة تلعب عليه السيوف، ولم يتراجع، ولم يهادن، ولم يهن، ولم تأخذه بالله لومة لائم .

 

هو، هكذا، لأنه ابن " مدرسة محمد " .

ومن ينشا في حضن المصطفى، ومن امه فاطمة، ومن ابوه علي، لا يروم ملكا، ولا يبتغي سلطة، ولا يطلب رئاسة، ولا بسعى من اجل صيت، وانما خلقه الشهادة، ومبتغاه رضا الله .

ولقد نالها راضيا مرضيا

وهذا هو خلق الاحرار على امتداد تاريخ البشرية .

 

ومنذ الف سنة، وعليها اربعة قرون زيادة، حفظته صدوراحرار الكوكب ،، وتغنت بذكره وذكراه قصائد الشعراء، واغتنت بشخصه صحائف المؤرخين، وناداه نغر من اقوام شتى على مذاهب وافكار مختلفة، لانه كان ابنا للهواشم، وسبطا للعرب، ونشيدا لكل حر في هذه الدنيا .

 

الحسين مشروع عالمي للحرية .

والحسين لاحرار العالم كلهم، وليس لطائفة او طبقة او ملة او بلد بعينه .

وهو نادى بوطن حر لناس احرار، سواء كانوا على دينه ام لغير الاسلام، عبدوا الله ام اتخذوا ثقافة غير دينه دينا : انه يقول لاعدائه اذا لم تكونوا احرارا في دينكم، فكونوا احرارا في دنياكم .

 

وهذا هو جوهر المفهوم الاسلامي للحرية .

وهذا هو البيان الاول للحرية في العالم .

 

وهكذا يرى الحسين ان الاوطان الحرة يبنيها الموطنون الاحرار، قبل ان يطلق " فولتير " عبارته الشهيرة تلك . وهذا الوطن الحسيني، ثورة ثقافية مستمرة، لا مكان فيه لاوثان العصبية، ولا ايوان فيه لاصنام الجاهلية، وتجسيدات الحجر القيصري والكسروي والطواغيت .

الحسين هو مكسر الاصنام، من داخل الثقافة الوثنية في المشهد الثقافي والفكري العربي في زمانه، وجذوره في المجتمعات العربية الاولى التي عاصرها جده ابراهيم الخليل الذي حطم الصنم الكبير وعلق الفاس على عنقه .

 

لكنه في المقام الاول عربي .

عروبة الحسين تقوم على انسانية المعرفة والاختيار الحر، حتى الموت، للموقف في لجة الصراع الفكري والاجتماعي .

 

ومن يحب الحسين، والحسين حب خالص، لا يكره العرب، ولا يزدري العروبة، ولا يشوه الثقافة العربية، لكن هذا لا يعني ادامة النظر العقلي فيها، ولا يشمئز من ذكر كلمة " عربي "

ومن يحب الحسين لا يوثن الحسين، لان الحسين ليس صنما، او وثنا، وانما هو بشر يمشي في الاسواق، ويخطيء ويصيب
ومن يحب الحسين، يحب محمدا، ويحب عليا، ويحب صحابة رسول الله، ويفرز الدخن من القمح، ويضع الصالح في مكانه، ويموقع الطالح في تنوره : الحسين رسالة تعلي من شأن البشر، ولا ترى في الحجر ربا، وجدّه رسالة اممية، وابوه محطم الاصنام، ووللدته التي اختارت ان تموت وحيدة، بينما كان الكثير من الصحابة يتمنون القرب منها حية، والاقتراب من قبرها ميتة .

 السلام على شهيد العرب والمسلمين والاممية البشرية كلها

والسلام على جده وابيه وامه وأبنائه وصحبه، وعلى كل من عرف ان الحسينية ثورة دائمة، هي استكمال لاستعادة البشرية عذريتها المنتهكة بعد الإنقسام الاجتماعي الذي قاد الى الاحتكار والتسلط والعنصرية .

 

الحسين رسول ثقافة جديدة، ضد ثقافة بائدة، تعنى بالحياة عندما تكون غايتها هذا التماثل والتطابق بين القول والفعل . وهو ما طبقه على انفسهم صحابته الفقراء والامراء والسود والبيض والصفر والشقر والنساء والرحال، ومن السلطة التي ارادت الجعجعة، او من اولئك الفقراء الذين راوا خلاصهم في فكره وليس في شخصه فقط .

 من يبوّب الحسين لطائفة او ملة، ليس حسينيا .

ومن ينكفيء الى نفسه في عملية هروب، ليس حسينيا ,

الحسين مواجهة بين الحسين والحسين، وليس بين الشيطان والحسين

الشيطان بالنسبة للحسين ماضيا وخبرة وليس مستقبلا .

 وفي يوم ذكراه، سلام على الحسين، ثقافة للتغيير الشامل،  تختار البشر وليس الحجر، وتنطوي على نظرة متقدمة الى المراة كما هي زينب، ولا تريد في الحياة عوجا، رافعة من : " الامر بالمعروف والنهي عن المنكر " لافتة تعيد الى البشرية طهلرتها الاولى .

 

والحسين نقد لكل اولئك الذين هربوا من الهوية العربية الى هويات مستعارة، لا متفاعلة معها، فسقطوا في بيروقراطية النقل والتحجر الكهنوتي . 

 

والسلام على العراق، الذي خلاصه في ثقافة الوطن الحر الذي يبنيه موطنوه الاحرار، وليس اولئك الذين  يعتمدون على التقليد الاعمى، او التلقين الببغائي  

والسلام على العراق الموحد بارضه، وبثقافته  المتعددة في النوع، المتوحدة  في المنبع .

 

والسلام على ورثة الحسين في القول والعمل والضمير، فوق اي ارض وُجِدُوا ... !  

جمعة اللامي

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2025 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2025 Copyright, All Rights Reserved