ثلاثة من الفنانين..
موسيقي بارع، مصور أكاديمي وتشكيلي موهوب، أغاني وصور وأحلام.
المكان: هوسبي كونست هال
الموعد: السبت الثاني من نوفمبر لغاية الرابع والعشرين منه.
إنَّ ما تعانيه الشعوب ـ أصلية كانت أم أقلية ـ من قهر وإضطهاد هو القاسم المشترك بينها على السواء إن كانت تعيش في البلدان الفقيرة أو الغنية .. الديمقراطية أو الدكتاتورية وإن خرجت بعضها من هذا الطوق ( الاكراد في العراق، السامر في النرويج) فمرده إلى ظروف ذاتية وموضوعية خدمت توجههم هذا.
وكما تقهر وتهمش الاقليات فإنَّ للمدن نصيبها من ذلك وخير مثال على ذلك البصرة والتي تعيش أيامها الحزينة وتتذكر ماضيها الجميل بعد أن دمرتها صواعق الحروب وأجهز عليها قاطنون لصقوا فيها ولن يفارقوها حتى يهدوا آخر فقرة من عمودها الفقري.
إذن الرسالة التي يود إيصالها كل من:
ميشيل برويرمصور فوتغرافي الدارس في هولندة والحاصل على دعماً مالياً من هولندا قام بجولته في الدول الإسكندنافية والتي إستغرقت سنتين إلتقى بعناصر مختلفة من شعب السامر ووثق ذلك بالنص والصورة وما زال مستمراً بمشروعه هذا، وما المعرض إلا حلقة من سلسلة ستستمر حتى يتحقق حلم شعب اللاب.
أندرش سونه فنان تشكيلي تعود جذوره إلى شعب السامرمن خلال أعماله يشرح معاناة شعبه والموقف الرسمي من قضيتهم ماضياً وحاضراً .
أما المطرب وعازف القيثار ماكس ماكيه فقد إندمج الحضور معه ، شدّهم بإنتباه، مكتشفاً ـ أي الحضور ـ الماضي وزمن الرحيل ، الريح وزمن المواجهات ، قطعان الأيائل ، لقد لخص حقاً الحكاية كاملة، كان يضم صوته الفتي الحاد إلى جهد زميليه.
جيل بعد جيل وليس بالمستطاع أن يودعو الهم ويعيشوا بسلام آمنين، وعلى لسان الفنانين وهم يستعيدوا تكريم الأسلاف الطيبين ذوي القلوب الحقيقية تحدثوا مجدداً عن طقوس الرجاء والمطالبة بحق مسلوب بكلمات مستندة إلى واقع معاش وموثق بالصورة والوثيقة، إلى الارض الحلم جسداً وروحاً وحين تستمر عملية قطع الجذور والترحيل ومحاربة الأحلام ستستمر المطالبة حتى نهاية الرحلة.
فوجود الغابات الواسعة ومناجم الحديد ومصادر الطاقة بأنواعها وإحكاماً للقبضة مدّت الحكومات المتعاقبة ذراعها إلى مناطقهم ولم تجد حلاً لمشاكلهم بل أوغلت في إبعادهم وبشكل تدريجي، والاجساد التي طُرِدت من حق هياكلها العظمية أن ترقد بسلام في مدافنها، كما إنّ الأرواح حين تغادر أجسادها وتُشَل العقول تتساوى عندها الجثث والجماجم فوق مصاطب التشريح او في قاعات المناقشة،وعبر خزانات الارشيف الضخم والتي تحوي أسراراً منسية قد يجد الإنسان حلاً ونهاية لمعاناة ما زالت قائمة، فكل ما على الأرض وما في باطنها ممتلكات مشتركة والقسمة الدقيقة هي ما يطفئ القلق.
ولعل راي رئيس الاساقفة السويدي أندش فيريدوالذي يرى : " إنَّ على السويد تعلم الكثير من النرويج بشأن قضايا السكان الأصليين".
ومن هاتف محمول إستقر على منضدة في مدخل القاعة جاء صوت المطربة اديث بياف ليكمل المشهد: لا أندم أبداً...
في الداخل،تساءل أحد الحضور واجاب معلقاً: مَنْ يتحكم بالعالم؟، الأرواح الشريرة في فضاءه وعجلة الإرهاب على أرضه، تباً لهذا العالم الأناني والذي لم تسلم منه إلا أجزاءاً صغيرة.
في الخارج كان الليل يتقدم وفي البال مزيداً من الأسئلة المزعجة.