الحديث عن فرق الخشابة حديث متشعب وطويل تشعب وطول الطرق التي ربطت البصرة بالخليج ..بأفريقيا و الهند ، لن أتحدث عن فريضتهم2، عن طقوسهم الخاصة ، جزر ومد علاقتهم بالمجتمع، لكني سأكتفي بالقليل القليل.                                                         

يُذكَر إنّ (جوهر 1875ـ 1924) والمولود في في البصرة القديمة هو أول من أدخل فن الخشابة إلى البصرة ، وكانت له حضوة عند( الشيخ خزعل الكعبي) أمير المحمرة لأداءه المميز في هذا الفن فكان كثير التردد والإقامة عند ( الشيخ خزعل ) مع مطربات ذلك العصر وعلى رأسهنّ المطربة (صديقة الملاية) .                          

ولعل شَدّة حمدان3، هي الأكثر شهرة في أبي الخصيب، فغالباً ما نشاهد عصر كل خميس الباص الخشبي والعائد للحاج (حسين الحمداني) منتظراً (علي السماك) و(صالح طرار) في الشارع العام، وبالتحديد عند المدخل المؤدي إلى (قرية جلّاب )، فبدونهما لا تستقيم أمور الشدّة ، فـ(السماك) قارئ مجيد للمقام و(طرار) فهو خير مّنْ يضبط تصفيق الخشابة.

نمد أعناقنا داخل الباص  مستفسرين..أين الكيف4 ومع الدندنة والنقر الخفيف الذي لايفارق جلد الطبلة [ الولد الولد الولد رحت من إيديه...]يأتي الجواب قد يحشر البعض نفسه داخل الباص أو يتعلق خلفه ومَنْ فاتهم ذلك يسألون (أبو علي النجار) عن الإتجاه الذي سلكه الباص، والدراجات كفيلة بتوصيلهم إلى مكان (العرس).                             

وبعد تحمية الدرابك والمرواس وإلقاء نظرة على (الجتري) المفروش في وسط الباحة المعدة للراقص5 , يبدأ (الفصل) أي الوصلة.                 

وفي هذا المجال، سأقتطف هذه الشذرات من (بصرياثا) رائعة القاص البصري الجميل محمد خضير[ وستتكرر الجلسات الشهرزادية المحرّمة فيما بعد في حلقات الرقص المتكتمة في بساتين ( أبي الخصيب) وينتقل الدف من يد قينةٍ إلى يد راقص، وسينعكس صوت ( إسحق الموصلي) في صوت ( إبي العوف).                                                    

إذن أين نحن الآن من ذلك الزمن الجميل؟!.                                 

ــــــــــــــــــــــــــ                                                           

1ـ طريقة الضرب الفنية لصنّاع الزوارق على الخشب.                                                     

2ـ االشخص المخول لفض النزاعات بين فرّق الخشابة، (ناجي أبو البايسكلات) كان الأشهر في أبي الخصيب.                

3ـ محلياً تدعى (شدّة ربَيِع) يشاركه أخوه معتوق (أبو عتيكه) ، سكنا قرية حمدان، وأمتهنا فلاحة الأرض، تقابلها (شدّة خليف السعَيِد) في قرية أبي المغيرة.                                                  

4 ـ ما يُدخل البهجة ويجعل المزاج رائقاً، ولا يقتصر ذلك على العزف والرقص والغناء بل قد يتعداه إلى مشهد تمثيلي يرتجله أحد أعضاء الفرقة (الشدّة ).                                                        

5ـ يرتدي (الصدرية) ، وغالبأً ماتكون  حمراء ، زرقاء أو خضراء اللون مزينة بالشراشيب والبُلك اللامعة حين ينعكس عليها ضوء المصابيح الصغيرة المعلقة عليها والتي يتحكم في إشعالها وإطفائها الراقص خلال وصلة الرقص. الغرض من الملاحظة  قد تكون تحت الجتري بعض الأحجار والتي تعيق حركة الراقص.