الجمعة : 22 ـ 5 ـ 2009
الاختيار والاختبار والميدان
"الرجل العادي الذي توفرت له
الشجاعة من دون استقامة،
لا يعدو أن يكون قاطع طريق"
(كونفوشيوس)
وقع الموت عليهم، أو هم وقعوا على الموت: أولئك هم الذين انتدبوا أنفسهم للمهام الجميلة، قبل أن يقول الناس عنهم إنهم أبطال وشجعان.
هذه الأيام، هي ذكرى أولئك الرجال، وهاتيك النسوة، الذين - واللاتي - تخطفهم الناس، وتخلى عنهم الأقربون في ساعة الشدة، فما زادهم ذلك إلا قناعة بخياراتهم واختياراتهم.
هؤلاء - وهاتيك - المشاريع الجليلة.
غير أنه يوجد في كل مدينة عربية، من يقف على رأس تل، أو عند ناصية شارع، أو في مفترق طرق، أو على منبر، أو أمام مسيرة، وينادي: أنا الذي سمتني أمي صاحب مشروع السيادة والاستقلال، أو بين يدي القرار الوطني المستقل، أو أنا ابن جلا وطلاع الثنايا.
وهناك من يطالعك من خلف المذياع، أو عبر شاشة التلفزة، ويزعق: أنا صاحب المشروع الفلاني، أو أنا ما وهنت قدماي إلا لماماً وأنا أسير على درب المشروع الحضاري التليد.
قوّالون من كل لون، ومن كل حدب وصوب، ومن كل نفق ايديولوجي، ومن كل جريدة، ومحطة فضائية، واذاعة، وجامعة، ومسجد.
قوّال يسلمك إلى قوّال.
حتى اذا ما جد الجد، ونادى المنادي: آن لخيل الله أن تركب، ولا تسل عن الأصل بل سل عن العمل، رأيت القوم تفرقوا أيدي سبا، واختار كل واحد منهم جبلاً يؤويه من الغرق، وهو يصيح: نفسي نفسي.
وبعضهم كان فصيحاً في تخليه حتى عن اسمه، وفصله، ونسبه، وقبيلته، ولغته، وعشيرته، وصاحبته التي تؤويه، فصار ينادي: أنا وعدوّي على ابن عمي.
وبعض هذا البعض صار البلاغة ذاتها، حين قال: أنا وعدوّي و"الأمريكي" على أخي.
أرأيت ذلك يا ابن عمّ؟
نعم، ورأسك الغالي، انهم لو اختلوا بك في يوم كارثة، فلسوف يشوونك بألسنتهم، ويلعنون برنامج الخلاص العروبي الذي تؤمن به، بعد الإسلام، فهذا دينهم وديدنهم، وهذا مبدأهم.
وها هي أيامنا الراهنة، وهي أيضاً الرجع لما هو قريب، والصدى لما هو ليس ببعيد، فانظر إليهم وإلى الميدان، سترى الاختبار والاختيار في الميدان، مثل الشمس في رابعة النهار.
لكننا نقبض على الجمر.
[جمعة اللامي
www.juma-allami.com
juma_allami@yahoo.com