عمّان : ,09/08/2009
لماذا يحبون غيفارا؟
"أحب اسم الشرف؛ أكثر مما أخاف من الموت"
(شكسبير)
سئل فتى عربي كان يقف بالقرب من بوابة إحدى دور السينما، في مدينة عربية غير نائية: لماذا "تحضر" هذه الأفلام؟".
أجاب الفتى من دون أي اكتراث "أحبها".
أعاد السائل سؤاله، فرد الفتى ببرود تام "أحبها وبس".
أخبرني السائل، وكان إلى يميني في مجلس يناقش أموراً شتى، أن الفتى ذاك كان يجاور زميلاً له، فسأل الفتى الثاني السؤال ذاته، فكان جوابه: "أحضر هذه الأفلام حتى لا أنفجر".
الأمر الذي يثير الاهتمام، أن الشابين كانا يرتديان قميصين عليهما صورة الثائر ارنستو تشي غيفارا.
والآن، وقد عرفت أنا ذلك، أي عرفت بحكاية الفتى ورفيقه الآخر، تذكرت حديثاً دار بيني وبين أحد الشباب العرب حول غيفارا، فكان جوابه: غيفارا رجل شجاع وشهم.
أما زميلي، الرجل الذي قص علي حكاية الفتى وشقيقه، فقد سرح في فكرة بعيدة، ثم انتبه إليّ، وأخذ يعدل وضعه وجلسته كأنه يقول لي: "أنتم أيها الكتاب تكتبون كثيراً على الورق، ولكن عندما يجد الجد، تحرنون عن الكلام، أو تحردون عن الجواب، أو لا تنطقون بشر أو بخير".
قطعت سلسلة أفكاره وقلت: "اسمع هذه الحكاية، أطال الله في عمرك"، فأومأ برأسه، وتهيأ لاستقبال كلامي، فقلت على الفور: كنت مع أحد أبنائي نقصد صالة سينما في مدينتنا، فشاهدنا تجمعاً من الفتيان، كان يبدو أنهم من جنسيات مختلفة، لكن الذي جمعهم هو قميص رسمت عليه صورة الثائر غيفارا.
كان المشهد يبعث على الاستفزاز، فأحدهم لسانه عربي، وآخر يتحدث بالفارسية، والبقية هنود وأوروبيون، سألت العربي. وأنا أشير إلى صورة غيفارا.
- "من هذا؟"
- "جيفارا". نطق حرف الجيم كما ينطقه أهل مصر واليمن فخطر لي أن أستمر معه:
- "شو، قلّ الرجال؟"
- "نعم"
- والله؟
"والله إنّو رياّل" ونطق كلمة "رَجّال" على غرار ما ينطق بها أهل العراق والخليج العربي.
قبل أشهر، ربما قبل أن تنتهي السنة الماضية، كنت أعدت رواية الحكاية الأخيرة بطريقة أخرى، عندما سألت فتى هندياً كان يرتدي قميصاً عليه صورة غيفارا الشهيرة: لماذا ترتدي هذا القميص؟
"جيفارا شجاع وشهم" قالها بلغة انجليزية صافية.
لكن بين النخب العربية شجعان ولا تنقصهم الشهامة، ولا توجد صور لهم على صدور فتيان عرب أو هنود، ربما لأن هؤلاء يعيشون في عالم غير عالمنا.
جمعة اللامي
www.juma-allami.com
juma_allami@yahoo.com