يمكن القول ان موضوع (جرائم الشرف) له جوانب متعددة ولكن من يرغب بالخوض في هذا الموضوع من جانب واحد فقط لتوضيح وجهة نظر مغايرة وكأنما يحاول الدخول الى حقل من الالغام وذلك لشدة حساسية هذا الموضوع من جهة و عدم التقبل لثقافة الحوار و الانفتاح للرأي الاخر في العديد من العادات الاجتماعية المرتبطة بالمرأة من جهة اخرى والسبب وراء ذلك تعنت وصرامة الكثير من الناس وتشبثهم بالعادات الاجتماعية ،وهي تتمثل بالقيم الاجتماعية الموروثة،التي يتلقاها الفرد من خلال التنشئة الاجتماعية،اذ تنشأ مع الفرد منذ نعومة أظفاره وما يفرض عليه من عادات وقيم اجتماعية وموروثة تكتسب خاصية مميزة الا وهي مقاومة التغيير او تتغير ببطء.
فكما متعارف عليه ان هناك الكثير من العادات قد رسخت في نفسية الفرد العراقي وما زالت تحكمه حتى الان ولم يقف وقفة تأمل في غايتها او آثارها او يطابقها مع الدين فهناك عادات متأصلة ليست لها اي اساس ديني والمفروض ان يكون الدين هو المرجع الاساسي للانسانية والجدير بان يتساءل الفرد العراقي ما هو منشأ هذه العادات ؟ واذا كانت غير موافقة للدين او تتعارض معه اذن لماذا لا تتم المحاولة لاستئصالها ؟ وهي في واقعها مجرد رواسب من فترات ومراحل التخلف من الازمنة السابقة التي مرت على العراق وتركت آثارها .
ومن الامثلة على ذلك تعليم المرأة مسموح ومستحب ويتم التشجيع عليه من الناحية الدينية ولكنه كان مرفوضاً من الناحية الاجتماعية في العصور السابقة ولم تتقبله غالبية الشعب الا بعد فترة طويلة من الزمن . و(جرائم الشرف ) هي جرائم معروفة في ملابساتها وكنهها وفحواها ولسنا بصدد الكلام عن جوهرها وهذه الجرائم ترسخ مفهوماً واحداً الا وهو ان المرأة سلكت سلوكاً جلبت به العار لافراد اسرتها ولا مجال للخوض بصورة عامة في الموضوع ولكن هناك فئة خاصة من النساء اللواتي يقتلن باسم هذه الجرائم وهن لم يرتكبن اي جرم، اي ان الذين يقومون بالقتل من اهل المرأة ليس لديهم ادنى دليل مادي وانما يذهبون ضحية الاقوال والاشاعات لا غير، اذ تشير الاحصاءات التابعة للامم المتحدة المتعلقة بشؤون المرأة في منطقة الشرق الاوسط والعراق من ضمنها ان نسبة عالية من النساء اللواتي يلقين نحبهن يكونن عفيفات جسدياً ولم يقمن بما يجلب العار . وبناء على ذلك يجب على المجتمع وافراد عائلة المرأة ان يتريثوا قبل اصدار الاحكام وهم ضحايا العدوى المنقولة لهم من حمى الشائعات ويجب على المجتمع ان يؤمن بانسانية المرأة وطبيعتها الادمية التي لا تعصمها من الخطأ وهذا الخطأ قد لا يكون بالدرجة التي يتصورها الاهل والمحيطون ولكن النميمة والتلفيق والمبالغة والتهويل ترتبط ارتباطاً وثيقاً باي موضوع يمس سمعة المرأة او علاقاتها العاطفية وان كانت بريئة خالية من اي اثم جسدي .خصوصاً في هذه المرحلة والشعب العراقي يتأرجح مابين قيم الماضي السحيق بعاداته الصارمة وقيم المرحلة الحالية التي تحاول الانفتاح ومواكبة الحداثة . وبعد انتشار الثقافة العامة بات الجميع يعرف بان المرأة انسان بالمقام الاول لها غرائزها واحاسيسها التي قد تضعفها احياناً اوقد تجعلها تتمرد على القيم المجتمعية التي لا ترى المرأة بدون هالة القدسية وتنزلها منزلة الملائكة كي تحظى باستحسان ورضا الناس . ثقافة التسامح هي الثقافة التي تضمن للانسانية حقن الدماء وهي الثقافة التي يجب ان تسود ليس فقط في شؤون المرأة وانما في جميع نواحي الحياة وهي ان وجدت فهي تعكس مستوى التحضر.
سارة ناجي الياسري
sarahnagi85@yahoo.com