لا تتعلّق المساعدات الأمريكية للعراق بتوفير أدوية وأغذية وإعادة بناء مُجَمَّعٍ ما ... كما يُعْلَن عن ذلك دورياً. بل تلك المساعدات الانسانية المُتحضِّرة النزيهة التي خرّبت العراق ولا تزال .
تصوّروا حَفْنَة من عُتاة القراصنة الصهاينة المجرمين العنصريين جالسين مُرَفَّهين سُكارى يتآمرون ويُوْعِزون للادارتين الامريكية والبريطانية بغزو بلاد العرب والمسلمين، وإقامة الكوارث في الأوطان، والمآسي في المجتمعات بتخطيط سابق وإصرار على التنفيذ.
يمتدُّ فخر المساعدات الامريكية للعراق إلى الانقلاب الفاشي البعثي الدموي الأسود في 8 شباط 1963 . وقد مرّت هذه المساعدات عبر ظُلم النخب الاستعمارية للعراقيين من خلال أطقم ملوَّنة ومُتَلَوِّنة من العملاء في مقدّمتهم عميل الغرب الاستراتيجي صدام حسين وطُغْمَته . ومن ذلك إدخال العراق والعراقيين في حروب إيران والكويت والخليج ... ثم مقاطعة الشعب العراقي ... التي تلاها غزو العراق عام 2003 بالصدمة والترويع ... والفوضى الخلاقة ... وفضائح التعذيب ... والعملية السياسية ... بقيادة نماذج جديدة من العملاء العراقيين ... وتتويج كل هذا الدمار بصناعة داعش ومدّها بمستلزمات القوة المتوحشة لجعلها ظاهرة تحسب لها القوى الكبرى حساباً بحيث تُقَدِّر أمريكا بأن القضاء على داعش يستلزم حرباً طويلة قد تمتد عشرين عاماً أو هكذا .... لكن تنسى أمريكا أنها أسقطت نظام وجيش صدام في شهر ونيف من الزمان!.
وتقدِّم أمريكا المساعدات إلى جميع الاطراف من أجل الإفناء المُتَبَادَل: الى الحكومات العميلة في بغداد وكردستان، والى داعش والنُصرة وغيرها من " المعارضة الارهابية "، والى " المعارضة المعتدلة " ... بما يتماشى مع مُخَطّطات آلهة الارض لتقسيم العراق وسورية وطناً وشعباً ... ولزحف وإشاعة الفوضى الخلاقة جغرافياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً .
بالأمس صنعوا صدام ثم حاربوه . وبه احتلوا الخليج والعراق وجلسوا ولا يزالون . واليوم صنعوا داعش ويحاربونها للاقتراب من الحدود الايرانية- الروسية- الصينية. ويديرون داعش كنواة لتفعيل حرب أهليّة عالميّة يقوم الاعلام الارهابي الغربي الكذاب في تسعير نيرانها، إضافة إلى إنجاز مالم يستطع الغزاة تنفيذه مباشرة وهو تقسيم العراق وسورية مدخلاً لتفتيت بلاد العرب والمسلمين من 57 دولة الى 86 دويلة ... تُدَمَّر خلالها الأوطان وتُبادُ شعوبها، وتُنهب مواردها المعدنية والثقافية .
كل هذا وغيره هدايا كريمة للعراقيين؛ حتى أصبح العراق في دائرة النفوذ الأمريكي، وفي خانة البلدان الأشدّ تخلّفاً، والأكثر فساداً في العالم ... وبثرواته المنهوبة .
وتبقى أعظم وأنبل مساعدة غربيّة مُزْمِنًة للعراق هي استعماره. حيث يرتع العراقي حراً مستقلاً مرفهاً كريماً سليماً سالماً عاطلاً متخلفاً فقيراً جائعاً منكوباً منهوباً مقتولاً مجروحاً مريضاً مُهَجَّراً مظلوماً تعيساً حزيناً ... في وطن مُخَرَّب ومُلوَّث لعقود قادمة ينمو على حسابه الاستعمار.
المطلوب استعمارياً إصلاح وتحديث خطيئة تشرتشل في تخطيطه للعراق، وذلك بتفكيكه وبَعْثَرَتِهِ، بل بمحوه وقَطْع نَسْلِ شَعبِهِ. ومن لايَمُت بالحروب والكوليرا ... فبالمساعدات الغذائية والدوائية المسمومة والمعدّلة وراثياً، أو بالكمتريل، أو باليورانيوم المُنضّب والفسفور الابيض، أو بالقنابل العنقودية والألغام المزروعة في كافة أنحاء العراق، أو بمزيد من الظلم والتخلّف والجوع والفقر ... أو بكل هذه المساعدات وغيرها معاً ...
لكن تأبى رسالة السماء قَطْع نسل السومري/ الأنوناكي/ العراقي العَصِيّ على الإفناء والتغييب، والذي تجري من تحته آبار النفط و مياه الرافدين، والتي كما الحكمة ومقاومة الاحتلال لن تجف ينابيعها .
فالعراق غنيّ بأهله وأرضه وثقافاته . والعراق لايحتاج الى مساعدة المجرمين الظَلَمَة . بل الى إنهاء الاحتلال بجميع أشكال المقاومة الداعمة للمقاومة المسلّحة لدحر وهزيمة وطرد الغزاة الغربيين، ومحاكمة عملائهم العراقيين .