النخب الغربية الكذّابة

2014-01-11

غَزَت النخب الغربية الاستعمارية العراق قبل عشر سنوات، واستباحوه ومحقوه بذرائع من الكذب والخداع والحيلة.

طوَّر الغرب أرفع ثقافة علميّة - تقنيّة مُبْهِرَة في تاريخ الانسان. منها منجزات ضخمة في بناء دولة المؤسسات والصناعة والزراعة والادارة والعمران والتعليم والصحة والضمان الإجتماعي وغيرها من منظومات الخدمات والمرافق العامة ... وفي الفنون والآداب... ودرجة متقدمة من حرية التعبير.... واكتشافات وابتكارات ومنجزات أشاعت الرفاهية في الغرب وأصبحت قبلة العالم وفخر تاريخ الحضارة الانساني الذي سيُسجلها بحروف من ذهب ونور.

//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/95451deb-3c59-4940-bab7-745d2c0ab2a1.jpeg
ولكن، وفي نفس هذا الغرب المتقدِّم، هناك نُخَبَاً إرهابية تَمْتَهِن وظيفة الاستعمار بكل مافيها من ظلم وقهر وعنصرية وبربرية بحق الاخرين، مستهترين بحياة الناس وعمار البلدان وتراثاتها وثرواتها ومصير الضحايا الأبرياء من مُعَوَّقين ومُهَجَّرِين وأرامل وأيتام وأطفال ونساء وشيوخ. وتقوم هذه الوظيفة على " ثقافة هي نقيض الأولى تماماً، وموازية لها.
ومن هذه الثقافات: ثقافة المؤامرة والتآمر، ثقافة الكذب والإفتراء، ثقافة فرِّق تسُد، ثقافة المكر والخداع والنفاق والمراوغة والتلوّن، ثقافة الحيلة والدجل والتضليل والشعارات الرنّانة، ثقافة الترهيب والترغيب، ثقافة الإستهداف والتشويه والإبتزاز والإستنزاف والإكراه، ثقافة الخُبث وإثارة الفتن والكيد والكراهية والدسائس، ثقافة التزوير والتزييف وقلب الحقائق وإنكار الوقائع وعدم الوفاء بالوعود وعدم احترام العهود، ثقافة الكيل بمكيالين وأكثر، ثقافة الارهاب والاستعمار والغزو والإستعباد والقرصنة والنهب واللصوصية، ثقافة الأنانية والطمع والجشع، ثقافة الفساد والإفساد والارتزاق الطفيلي، ثقافة كاتم الصوت والابادة والهيمنة..............
ومن هذه الأنماط من " الثقافات " والعشرات غيرها من أمثالها وألوانها وأطيافها تستمدّ النخب الغربية تحضُّرها الذي تفتخر به وتضمن لها أرباحاً خيالية وقدراً من الرفاه لشعوبها.
وفي النتيجة: هم المتحضِّرون: يكذبون ويَفْترون ويزوِّرون ويشوِّهون ويلفِّقون ويراوغون ويُفسدون ويتآمرون ويغزون ويحتلون ويبيدون ويهجِّرون ويخرِّبون وينهبون... بلا شرعية ولا أخلاق ولا رحمة. ونحن ضحاياهم: متخلفون وعاطلون وفقراء وجياع ومشرّدون ومنكوبون ومحرومون من كل شيء: من حق الحياة والكرامة ومن الأمن والأمان ومن الماء والكهرباء ومن الصحة والتعليم ومن حق التمتع بثرواتنا وبلادنا بعد أن لوّثوا التربة والماء والهواء... محرومون حتى من مستقبلنا بعد ان ارتهنوا البلاد بخصخصة اقتصادها وبيعه الى الشركات الغربية والمستثمرين الأجانب الذين ينهبون بلا ضرائب ويُفسدون بلا حساب.

ترتبط منظومة الكذب بمؤسسة وسطوة الاعلام الغربي السافر الذي يُعَوْلِم الكذب باستخدام التقنيات المعاصرة المتطورة. بالكلمة الكاذبة والصورة الملفّقة. وهو أعتى جهاز اعلامي اخطبوطي شهدته البشرية ينشر ويمرِّر الأكاذيب بسرعة وأساليب تخدِّر الرأي العام ببيع الوهم والباطل للغربيين الغافلين؛ ولهو الأمل لسكان المستعمرات المتخلفين. فيتكوَّن الرأي العام الغربي على باطل. لكنه يَضْحى داعماً أساسياً لجرائم الإستعمار وساسة الغرب الكذّابين المتغطرسين؛ خاصّة وان الناس لاتعرف الحقيقة من الاعلام الغربي إلا ماندر. وكذلك عندما يقود الاعلام الغربي الأخبار وخطابها على طريقة " كلمة حق يراد //api.maakom.link/uploads/maakom/originals/ebeeb53e-cbb1-434a-8797-40aa65e0e256.jpegبها باطل "، و " يعطيك من طرف اللسان حلاوة ويروغ منك كما يروغُ الثعلبُ ".
هكذا ترتكب النخب الغربية بأكاذيبها الجرائم وتحصد الأرباح.
أما الكيل بمكيالين فهو من النفاق وصنو الكذب. ومنه تطبيقات إجرامية عبر الاستعمار والتاريخ. منها الآن استهداف الاعلام الغربي سورية وايران، وإهمال مايجري في الخليج والبحرين... أما تاريخياً فهناك انحياز النخب الغربية بالباطل والدعم المطلق: السياسي والاقتصادي والعسكري والاعلامي لاسرائيل في ظل الأكذوبة العابرة للأزمنة والقارّات بأن اسرائيل " دولة " وانها " ديموقراطية "، وليس عصابة غربية فاشية؛ لكن " لها كل الحق والسُبُل في الدفاع عن نفسها "؛ متعامين عن رؤية الكوارث التي تخلفها دولتهم الديموقراطية في فلسطين ومصر ولبنان وسورية والعراق والسودان... بعد تحوّل يهود من ضحايا للنازي إلى سفّاحين للفلسطينيين.
وبذلك يكوِّن ثنائي منظومة الكذب وجهاز الاعلام الغربي أقوى سلاح دمار شامل بيد النخب الغربية. ويقف في مقدمة كل حرب إجرامية يشنّها الغرب للهيمنة على العالم ونهب ثرواته وتراثاته: تضليل وخداع الناس، والتمهيد للغزو، وتقليص خسائر الغزاة.
يُهَيْمِن الكذب في مجالات العمل السياسي اللاأخلاقي. حتى ان الساسة يعترفون وعن قناعة انه لابدّ للسياسي من الكذب، لأنه لاعلاقة هناك بين الممارسة السياسية والأخلاق. حتى أصبح السياسي الكذّاب هو رجل الدولة الناجح، مما جعل الساسة يتنافسون في الكذب، وأصبحت الإنتخابات والوزارات والبرلمانات ملهاة بائسة تعجُّ بالكذابين: كذّاب يردّ على كذّاب آخر دون حياء. وكلاهما يعرف انه كذّاب. مما خلّف حكومات ودول من الكذّابين الذين يمارسون مختلف أشكال الحيلة والتضليل. حتى أصبح الساسة كالمنجمين الذين قيل فيهم: " كذب المنجمون وإن صدقوا ".
ويذكّر هذا التمادي في الكذب بمسلك " جوزيف غوبلز " وزير الاعلام النازي الهتلري الذي كان شعاره في التطبيق: إكذب إكذب ثم إكذب حتى يصدّقك الآخرون، وحتى تصدق نفسك .
وقبل غوبلز هذا، اشتهر " كتاب الأمير " ل " نيكولو ميكافيلي " ( 1469 - 1527 )، الذي يعتبر بمثابة الدليل السياسي الوافي لتعليم الحاكم كيفية الحفاظ على السلطة: بالخير وبالشر: بالحكمة، وبالكذب والمكر والخداع والحيلة... بالغاية تبرر الوسيلة... بالترغيب والترهيب... ويفتخر بعض الساسة بأنهم لايفارقون " كتاب الأمير "، بل ان منهم من يضعه تحت وسادة نومه.
هكذا فرض الغرب المتحضِّر، الذي تتحدّث نخبته الارهابية زوراً عن الحرية والديموقراطية والعدل والقانون واحترام حقوق الانسان... سيطرته بالكذب والاحتيال والقوّة، الناعمة والمُفرطة، التي أفرزت ولا تزال تصعيداً للفروق المذهلة بين نسبة ضئيلة جداً من الاغنياء الذين يُراكمون الأموال الخيالية في الغرب لاستمرار رفاهه واستخدامه كقوة سياسية واقتصادية وعسكرية عالمية لتجديد الاستعمار ومواصلة الارهاب... على خلفية أغلبية عظمى منكوبة غارقة في بحار من الظلم والقهر والبطالة والفقر والحرمان بفعل هيمنة حكومة العالم الخفية، آلهة الأرض وطواغيثها وشياطينها، وامتناعها عن اقامة اي شكل من أشكال العدل للموائمة بين نمو الثروات وعدالة توزيعها.
وتحتال النخب الغربية كيفما تشاء بارتكاب الجرائم العائمة على أمواج من الاكاذيب التي ينشرها الغرب بمثابة النار التي كلما أُطْفِئَت اشتعلت: من أحدثها وليس آخرها، " الحرب على الارهاب الاسلامي "، بأساليب سادية مثل : " الصدمة والترويع "، و " الفوضى الخلاقة "، والإبادة بطائرات ال " درون " بلا طيار التي تقتل آلاف الأبرياء مقابل مُسْتَهْدَف واحد.... ولكل كذبة زمانها وأوانها ومكانها ووظيفتها ومدى أذاها وتردُّد جرائمها. وما أن تأخذ الكذبة نصيبها من الضرر والاجرام وتنكشف أسرارها... يتقدّم حكام الأرض بكذبة أخرى: فمثلاً كانت الكذبة الأثيرة للنخب الاستعمارية منذ بداية القرن العشرين هي خداع شعوب الغرب والمستعمرات والعالم بأن مُهمَّة الاستعمار هي تحضير الشعوب البدائية البربرية المتخلفة. وتتواصل هذه الكذبة بموازاة أكاذيب أخرى جديدة، منها: الدفاع عن حقوق الانسان ونشر الديموقراطية وتحرير الشعوب من حكامها المستبدين ( الذين هم في الواقع جزء عضوي من السبيكة: سبيكة النخب الغربية واسرائيل وحكام المستعمرات وعملائهم وجواسيسهم وضباط مخابراتهم الذين يَنْشرون الشرّ في كل مكان ).
فبعد افتضاح مؤامرة تمكين أنظمة الاستبداد العربي والاستقلال الوهمي والسيادة الوطنية باستخدام حكام عملاء سفّاحين التصقوا عقودا بعروشهم، ابتكرت المخابرات الغربية أكاذيب جديدة لتنفيذ مؤامراتها ومخططاتها، مثل " الجهاد الاسلامي "، و " القاعدة ".//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/3aedd508-d506-49cb-8c38-80c56ade8d1e.jpeg
 وما أن ينكشف أمرها وعفن نشأتها وبيئتها، فانه يتم استبدالها بموضة كِذْب وخداع وتضليل واحتيال أحدث: موضات كذب عصرية و/ أو تفعيل ملامح من واقع قائم وركوب موجته؛ مثل: " السلفية "، و " الخلافة "، و " الامارات الاسلامية "، و " الصحوات "، و " أنصار الشريعة "، و " جبهة النصرة "، و " بوكو حرام ".... لتعمل بها خراباً وابادةً ونهباً وفوضى في بلاد المسلمين حتى إشعار آخر بأكاذيب سوبر عصرية؛ منها: العملية السياسية. كما تُحَرِّض النخب الغربية الآن على تسعير نار الفتنة بين السنّة والشيعة لاشعال معارك وحروب محلية واقليمية مُدَمِّرة تأتي على ماتبقّى من مجتمعات وكيانات وثقافة المسلمين، و لن يستفد منها أحداً سوى النخب الغربية واقتصاد الغرب.
وبالاضافة الى الاعتراف المباشر لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بأن الولايات المتحدة كانت وراء إنشاء تنظيم " القاعدة "، فإن هذه " القاعدة " لم تكن موجودة في العراق قبل غزوه عام 2003. و أصبحت " القاعدة " تتنقّل مع الغزاة كمؤسسة أمريكية الى البلدان المخطَّط تدميرها، كما حصل في ليبيا وسورية واليمن وباكستان واندونيسيا وشمال وغرب أفريقيا... بأكذوبة " الحرب على الارهاب الاسلامي ".
و " القاعدة " هذه، وأخواتها، يَضْرِبْنَ المسلمين ومساجدهم ومدارسهم وجامعاتهم ومستشفياتهم وأسواقهم ومراكز تأهيل وعمل الشباب والشرطة والمقاهي والتجمعات والمسيرات ويفجرون السيارات وسط الأبرياء: في حشود الشيعة تارة والسنة تارة اخرى..... في كل مكان باسم الاسلام والله أكبر والجهاد في سبيل الله. لكن، هذه " القاعدة " لاتوجِّه طلقة واحدة ضدّ مصالح الغرب واسرائيل، والتي من المفروض ان " القاعدة " تعمل ضدّهم!! وحال الاعلام عن جرائم " القاعدة " يوجِّه الاعلام الغربي تهمته اليها... بانتظار جرائم جديدة.
من ناحية أخرى فقد اختصر الاعلام الغربي واختزل الاسلام والمسلمين وثقافتهم في " القاعدة " وأخواتها لتشويه الحقائق عن الاسلام والمسلمين وثقافتهم، ليس في الغرب فحسب، بل في مجتمعات المسلمين كذلك.
أما عن رأس هذه " القاعدة " أسامة بن لادن، الذي لم تستطع جميع أجهزة مخابرات الغرب التي تفتخر بقدرتها على رصد كرة منضدة على الارض من العثور عليه عقوداً، فقد تمكنوا من رصد صورته الإيقونية التي نشروها حول العالم، وتواصلتْ زمناً طويلاً قبل أن تختفي بعد بطلان مفعولها وتحولها الى مجرد مهزلة ومجال عالمي للنكتة: والصورة إياها تمثله وهو يرمي من رشاشة من موقع ما قيل انه في أفغانستان، ويصوِّرونه على انه بهذه الرشاشة البائسة قادر على دحر الالة العسكرية والاستخباراتية الجبارة لحلف الأطلسي، وانه بذلك يمثل تهديدا جديا لأمن الغرب وحضارته!! وبعد استهلاك أكذوبة بن لادن، أعلنت الولايات المتحدة نبأ اغتياله ودفن جثته في البحر على الطريقة الاسلامية!
صدق الكاتب البريطاني
( Mark Curtis, Bin Laden, the Taliban, Zawahiri: Britain's done business with them all, The Guardian,05 July 2010 )
إنه، ولشديد الأسف، فقد استعمرنا الأوغاد من النخب الغربية الفتّاكة وسلبوا حقنا في الحياة عقوداً بمنظومات من الحِيَل و الأكاذيب. وللأسف الأشد انه لايزال أغلبنا من الغافلين.
وفي ظل أنظمة الأكاذيب السابقة وغيرها، ومنذ أكذوبة تحضير الشعوب وتحريرها ودمقرطتها نهبت النخب الغربية ماقيمته عشرات تريليونات الدولارات من الموارد الطبيعية والبشرية والاقتصادية للمستعمرات. كما أثَّثت مئات المتاحف الغربية والمجموعات الخاصة بتراثات الشعوب المنكوبة والمنهوبة، التي تُرِكَت عارية في ظلمة جهلها وغارقة في ظلام تخلُّفها.
هناك عبارة / حِكْمَة ذهبت مثلا: " حبل الكذب قصير ". وكان هذا قبل اختراع حبال الأكاذيب الاستعمارية الطويلة والعريضة التي تلفّ الأرض منذ مئات السنين نتيجة غفلة وتخلف الشعوب من جهة، وكذب وبطش النخب الغربية من جهة أخرى.
ول " أبراهام لنكولن " قول: " تستطيع أن تخدع كل الناس بعض الوقت، أو بعض الناس كل الوقت، لكنك لاتستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت ". لكنَّ ماحصل ويحصل هو ان النخب الغربية أصبحت من الشراسة والاستهتار انها تكذب كل الوقت، وتحتال على كل الناس للوصول الى مراميها وأهدافها دون الاهتمام بما يفكر به الآخرون.
ومنذ بضعة أسابيع سَرَتْ على صفحات التواصل الاجتماعي " نكتة الموسم "، التي أنقلها كما وصلتني: كان رجل يتمشى في حديقة في نيويورك وفجأة رأى كلب يهجم على فتاة صغيرة فركض الرجل نحو الفتاة، وبدأ عراكه مع الكلب حتى قتله، وأنقذ حياة الفتاة الصغيرة. وفي هذه الأثناء كان رجل شرطة يراقب ماحدث، فاتجه الشرطي نحو الرجل وقال له: أنت حقا بطل! غدا ستقرأ الخبر في الجرائد تحت عنوان: رجل شجاع من نيويورك ينقذ حياة فتاة صغيرة من كلب هائج. فأجاب الرجل: أنا لست من نيويورك. رد الشرطي: إذاً سيكون الخبر على النحو التالي: رجل أمريكي شجاع أنقذ حياة فتاة صغيرة من كلب هائج. فرد الرجل: أنا لست أمريكياً. فقال الشرطي مستغرباً: من تكون؟ أنا عربي ( فرحان بحاله ) أجاب الرجل. وفي//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/ca6775b9-8aec-4185-8dd1-62c8f5bc7c15.jpeg اليوم التالي ظهر الخبر في الجريدة على النحو التالي: متطرف اسلامي يقتل كلب أمريكي برئ.
لكن يأبى الخير أن ينسحب، والحقيقة أن تُمَوَّه. فهناك من خرج من صلب أجهزة الظلم والاستعمار والمخابرات الغربية، مثل: Annie Machon, John Perkins , John Kiriakou وغيرهم الذين يفضحون جرائم النخب الغربية، وأصبحوا يؤثرون في مجتمعات الغرب. ومنهم من يثير الشبهات بالبراهين القوية عن حقائق جريمة 9/11/2001 ، وغيرها، التي تقود العالم الى منعطف خطير من الارهاب والحروب وتهديد الأمن والسلام، ليس في الشرق الأوسط فحسب، بل في العالم أجمع. خاصة ويتواصل الضغط على الحكومة الأمريكية لكشف أسرارها وملابسات وحقائق مؤامرة 9/11 ، على انها inside job
إذ يتسائل الكثيرون، ومنهم مئات المعماريين والمهندسين: هل حدث تدمير البرجين بفعل ارتطام الطائرتين؟ وكيف انهارت العمارة رقم 7 المنفصلة تماماً عن البرجين؟ وما هو دور المتفجرات التي وجدت في ركام المباني المُدَمَّرة؟
إضافة الى انخراط عدد مهم من المفكرين الانسانيين في الغرب بعد ان سمع وشاهد وعرف مؤامرات وممارسات النخب الغربية فصار يفضحها؛ ومنهم:
- Roger Garaudy, Murad Hofman, John Coleman , Michael Moore, Kim Schmits, Kim Dotcom, Julian Assange, David Duke, Chris Hedges, Norman Finklestein, Flynt Leverett, Max Keiser, Tangerine Bolen, Sara Flouunders, Thomas Andrews Drake, Jesselyn Radack, Aaron Schwartz, Yvonne Ridley, Steve Hewitt, Rachel Maddow, Bradely Manning...
ويستطيع القارئ الكريم التعرُّف على كثير من الحقائق بتتبُّع أقوال وأفكار ومعارف ومعلومات يكشفها هؤلاء النبلاء، بعضها في كتب ومقالات، ومنها على الانترنيت ليرى الفجوة الشاسعة بين أكاذيب النخب الاستعمارية وواقع أفعالهم.
إنّ الطريقة الكلاسيكية والأثيرة للنخب الغربية هي التآمر والكذب لاحتلال مناطق حيوية في العالم. ثم الكذب لايجاد مبررات التنفيذ للوصول الى أهدافها وتحقيق مصالحها وإرضاء جشعها وطمعها. وخير مثال على ذلك مايورده:
( Dr. John Coleman, Diplomacy by Deception, An Account of The Treasonous Conduct By The Governments of Britain and The United States, USA,1993, p. 154 ): ‘ The scenario for the Gulf War was actually drawn up in the 1970s. This was almost blown wide open by several newspaper articles in which James McCartney's reported ‘' A U.S. Secret Agenda.'' Accounting to McCartney, the secret government of the United States decided early in 1970 to base its policy for the Middle East on the control of oil in the region being wrested from the Arabs. A pretext had to be found to establish a substantial U.S. military presence in that region - but not in Israel.'(
ويوضِّح هذا النص قضيتين أساسيتين: الأولى، تخطيط المؤامرة ومسار الكذب الدموي لتنفيذ أهدافها السريّة عقوداً، والتي اكتشفها العالم لاحقاً. والثانية، الأهمية الاستثنائية والفريدة للعملاء من حكام الخليج حماة استعمار بلادهم التي انطلقت جحافل غزو العراق من أراضيهم؛ وخاصة للعميل التاريخي والاستراتيجي وكنز النخب الغربية الاستعمارية صدام حسين وزمرته من عملاء الغرب الذين ساهموا بفعالية قصوى في تنفيذ هذا المخطط من خلال حروبهم ضد شعوب العراق وايران والكويت والسعودية التي أفضت الى احتلال الغرب للخليج في أعقاب 1991؛ ثم غزو العراق عام 2003 وإيصاله إلى مستنقع المُدَلْهَمَة التي يعيشها العراقيون حالياً. وبذلك حقّق الغرب مؤامرة 1970 بارتكاب شتى الجرائم وعلى مراحل تمّ خلالها إبادة ملايين العرب والمسلمين وإفشال دولهم وتدمير بلدانهم وتمزيق مجتمعاتهم ونهب مواردهم الطبيعية وممتلكاتهم الثقافية، وتجذير أعمق للتغريب.
إذ يعكس سير الاحداث في الشرق الاوسط منذ عام 1970 - بداية المؤامرة وبشكل جلي، سلسلة ومنظومات الكذب التي استُخْدِمت لإيصاله الى ما هو عليه الان:
- - تصعيد صدام حسين الى سدة الحكم؛
- - الإيعاز له بضرب إيران لتدمير اقتصاد وقوّة البلدين؛
- - إصدار الأمر الى صدام حسين بغزو الكويت عام 1990 لاتخاذه سبباً لشن حلف الأطلسي عام 1991 حرباً على العراق بحجّة تحرير الكويت؛ بينما كان إخراج قوات صدام من الكويت يسيراً ورهن إشارة سادته الأمريكان. لكن كان لابدّ من هذه الحجة لاحتلال الخليج والسيطرة على ثروات الإقليم ومقدّراته؛
- - فَرَضَ الغرب في عام 1990 بتعضيد من هيئة الأمم المتحدة حصاراً عالمياً ظالماً وسافراً على الشعب العراقي استمر لأكثر من 12 عاماً وأوقع الدمار في مختلف مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وشمل حتى الغذاء والدواء. والذي من أشهر ماخلَّفه من جرائم مُرعبة حتى عام 1996 عندما سُئلت وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك مادلين أولبرايت عن رأيها فيما يستحق الحصار في تسبب مقتل نصف مليون طفل عراقي أي أكثر ممن قُتلوا في هيروشيما؟ فأجابت: " نعم ان الثمن يستحق ذلك "!!
- - شن حلف الأطلسي لحرب " تحرير الكويت " التي أدت الى إبادة عشرات الألوف من شباب الجيش العراقي؛ وتخريب مبرمج للبنى التحتية. مما أفضى لاحقاّ الى تنفيذ وعد وزير الخارجية الأمريكية جيمس بيكر بإرجاع العراق الى حقبة ماقبل الصناعية؛
- - وأد انتفاضة الشعب العراقي في آذار 1991 التي كادت ان تطيح بالنظام المستبد لولا إنقاذ الأمريكان لصدام وزمرته؛ والذي خلّف مئات الآلاف من الشهداء الذين تعرضوا للقتل الجماعي.
كل ذلك وغيره أنهك العراق وساهم في تسهيل السيطرة عليه وهو تحت حكم صدام وبعد غزوه وسقوط بغداد في التاسع من أبريل عام 2003 ودخول مئات الآلاف من قوات الغزاة الذين مثلوا 33 دولة، إضافة الى " القاعدة "، وغيرها العديد من مؤسسات الابادة والتدمير والتخريب؛ منها موجات وجحافل جديدة من مختلف الأصناف والفئات والوظائف والدرجات من مافيات وعملاء العراقيين الخونة الضالين الغشاشين لتسيير مايسمّى ب " العملية السياسية "، التي هي جزء عضوي من جرائم " الفوضى الخلاّقة " ( فخر الصناعة الأمريكية، والتي أثبت سير الأحداث للعشر سنوات الماضية: إبادة الناس ودمار البلاد مقابل ثراء المتحاصصين من أذناب وزعانف العملية السياسية )، واستخدام مؤسسات القتل مثل " بلاك ووتر " وأخواتها، وعصابة " نيغروبونتي " لنقل خبراتهم الاجرامية في السلفادور وكولومبيا الى العراق، ومنها اغتيال الكادر المعرفي...ثم توّج ذلك حكم العراق تحت إدارة " بريمر " بدستوره وقوانينه المُلَغَّمة.....
وفي كتاب الصحفي الأمريكي ( تيم واينر، إرث من الرماد، تاريخ السي آي أيه، عرض ربى الدرع، مجلة العربي، العدد632، يوليو 2011 ) استعراض لأسرار ستين عاما الأولى من تأسيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، الذي يتهمها " بأنها تشكل خطراً على الأمن القومي الأمريكي.... وانها شكلت " عصابات شبه إجرامية " تعمل على نحو يتناقض مع قوانين الولايات المتحدة الأمريكية، ويشجب " الأكاذيب " التي روّج لها بعض عملاء الوكالة...".
والى جانب أكاذيب ومؤامرات استعمارية تاريخية أخذت مداها الطويل من تكريس تخلّف المسلمين وتبعيتهم واستغلالهم وتخريب أوطانهم وإبادة سكانهم ونهب مواردهم، مثل وعد بلفور وسرقة فلسطين، وسايكس - بيكو وتقسيم العالم الاسلامي الى أقطار متناحرة، ومشروع برنارد لويس لتفتيت مافرّقته سايكس بيكو.... نشير الى كذبتين معاصرتين أدّتا الى إبادة الملايين من الناس ومحق بلدين مستقلين لايهدد شعبهما أحدا؛ ولا تزال مُخلّفات كوارثها تتواصل مكوِّنة: أولاً، مآسي جديدة نتيجة الإستهانة السفيهة بأرواح الناس وحقهم في الحياة. وثانياً، تجديد النخب الغربية لأساليب الفوضى فوق الأرض لإشغال الناس طالما يتواصل نهب موارد ماتحت الأرض.
الكِذبة الأولى، غزو أفغانستان باستغلال مؤامرة 9/11/2001. والكِذْبة الأخرى، غزو العراق بحجة امتلاكه أسلحة دمار شامل. وقد نُشِر وسيُكتب عن هاتين الكذبتين / الجريمتين ملايين المطبوعات أبد الدهر.
فالحرب في افغانستان قامت على أكاذيب في أكاذيب: منذ الاعلام عن مسؤولية بن لادن والقاعدة عن 9/11، وعبر استمرار الغزو. حيث يظهر ان:
‘ ... The US taxpayer's dollar continues to fund insurgents to protect American troops so they can fight insurgents.' ( Project Censored's
Top 25 News Stories, Nexus, December 2010 - January 2011, P.15 )
إذ ان مواصلة الحرب في أفغانستان تجارة عظيمة وأرباح غير محدودة للنخب الغربية كونها غطاء لنهب ثروات البلاد من يورانيوم ونفط وغاز ومعادن كالذهب والفضة والنحاس والحديد والليثيوم والكوبالت والكروم... والأحجار الكريمة والثمينة، مثل الياقوت والزمرد واللازورد والفيروز... ومما لانعلم.
أما بالنسبة للعراق الذي أدخله الغرب في حروب طاحنة خّلَّفت ملايين الضحايا وأعطبت قوة المسلمين وأهدرت أموالهم وعوّقت اقتصادهم؛ ولم يخرج منها رابحاً الربح العظيم سوى النخب الغربية؛ فقد كان احتلال العراق مُبَرْمَجا منذ عقود عاجلا أم آجلا. ولتقديم حجّة الى العالم مهما كانت واهية، فقد استماتت الادارتين الأمريكية والبريطانية في إثبات كذبة حيازة العراق على أسلحة دمار شامل، حتى انها: " أنفقت مايربو على 40 مليار دولار أمريكي للحصول على أدلّة حول تَمَلّك العراق لأسلحة دمار شامل..." وعندما يئسوا من إثبات ذلك، فقد أصبح " ...ديك تشيني، نائب الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن، ... يشدِّد دائما على ان صدام حسين يمتلك أسلحة دمار شامل، وانه قام بتجميع هذه الأسلحة لاستخدامها ضد " أصدقائنا وحلفائنا "، وان دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع الأمريكي في الفترة من العام 2001 - 2006 كان يقول عن النظام العراقي: " اننا نعرف انهم يمتلكون أسلحة دمار شامل وليس هناك أدنى نقاش أو جدل حول ذلك الأمر ". ثم دعّموا هذه الكذبة الأساسية بتزوير وثائق عن استيراد العراق لليورانيوم من النيجر! وأشاعوا زيفاً عن وثائق تُثبت علاقة العراق ب " القاعدة "!
حتى ان وزير الدفاع الأمريكي آنذاك كولن باول كَذَبَ، بالكلمة والصورة، باتهامه العراق بامتلاك أسلحة دمار شامل. وبلغ استهتاره في الكذب انه عرض وثائق مزوّرة في مجلس الأمن لتبرير غزو العراق. ( ويتكرر الآن نفس نظام الكذب باتهام س//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/58ae409b-710f-469f-b3ff-e3e51d6b90ee.jpegورية باحتمال استخدام أسلحة دمار شامل ضد معارضيهم لتمرير التدخل العسكري في سورية. )
أما توني بلير، مجرم الحرب وإيقونة الكذّابين وأحد كبار الإستعماريين والداعي لاستمرار الصراع بين الغرب وعالم المسلمين ويتقلد المناصب الرفيعة بمؤازرة مجموعته من سقط النخب الغربية من أمثاله ويترزق الملايين من بلاد العرب، ومن ذلك منصب: " مبعوث اللجنة الرباعية لعملية السلام في الشرق الأوسط "؛ ( وهي وظيفة طريفة جداً، بل سوبر فنطازيّة وسريالية: أنّ مجرم حرب يقوم بمهمة سلام في قضية تحتل مركز الاهتمام العالمي منذ عقود ولا تزال. ذئب يرعى النعاج ويذرف دموع التماسيح ) إذ قال بلير هذا قبيل غزو العراق: " انه ومن خلال الوثائق العسكرية فان بعض أسلحة الدمار الشامل العراقية يمكن أن يكتمل تسليحها في غضون 45 دقيقة ". فَخَدَعَ بكذبته التاريخية البرلمان والرأي العام البريطاني والغربي والعالمي، وحقَّرَ وأذلَّ وورّط بريطانيا في غزو استعماري تاريخي أدى الى كوارث لاتزال تتراكم ولا يعلم مداها إلا الله.
بغزو العراق تمَّ محق أحد أهم البلدان العربية وأعرقها تاريخاً وثقافةً، وتفكيك الدولة وتحويلها الى عصابات طائفية وقبلية، وانهاء بلد المواطنة العراقية بتمزيق النسيج الاجتماعي الموزائيكي المتآلف والجميل، وتخريب النفوس وإفساد الذمم، واستخدام أسلحة دمار شامل مُحرّمة دولياً أدّت الى تلوث التربة والماء والهواء، واختلاط بيئة البشر والبهائم، وتشويه الأجنّة الى أمد غير معلوم. كما أباد الغزاة واختطفوا وسجنوا وعذَّبوا وعوَّقوا وهجّروا ورمّلوا ويتّموا مايزيد على نصف الشعب العراقي. أما النصف الآخر فيعيش ملايين منه في إحباط وخيْبة وأمراض نفسية وبطالة وفقر وجهل وأمية.... في مستنقع دموي وواقع شامل البؤس جعل جلّهم يتمنّى الخروج من العراق.... الى جانب القيام باغتيالات منظمة للكادر المعرفي العراقي العلمي - التقني - الطبي - الهندسي - الأكاديمي... والتنكيل بالقوى الوطنية، وترويع وإرهاب الشعب، وتخريب البُنْية التخطيطية - المعمارية للبلاد، ونهب النفط والغاز والتحف والآثار .....وإحداث فوضى شاملة ومتواصلة نقلت العراق والعراقيين من حالة حروب دورية قبل الغزو الى حالة حرب يومية بعده نَشَرَت المقابر الجماعية القديمة والجديدة على طول وعرض الأرض العراقية. وخلّفت صراعاً سياسياً مستعصياً، بل مزمناً ومترعاً بالكذب والدجل بعيدا عن الصالح العام والإعمار، بل من أجل الفساد والدولار.
وعن تقرير بخصوص تدمير الاراضي الزراعية في العراق:
( Project Censored's Top 25 News Stories, Nexus, December 2010 - January 2011, P. 12 ):
‘ US military policies and wars in Iraq have created severe desertification of 90% of the land, changing Iraq from a food
exporter into a country that imports 80 per cent of its food'
كل ذلك، وغيره الكثير من كوارث ومآسي، لمنع العراق من إحراز أي نهضة وتقدّم وتنمية وتطوّر في المستقبل المنظور على الأقل. وذلك بعد مرور عشر سنوات من تحرير العراق ودمقرطته! فهل هناك أبعد من هذا الشرّ المستطير والعنصرية والبربرية والارهاب للنخب الغربية التي تدّعي التحضر والديموقراطية؟
ورغم محق النخب الغربية للأخضر واليابس على أرض العراق وما خلّفوه من كوارث في جميع مجالات الحياة مما سيمتد تأثيره وخرابه عقوداً وقروناً، فان مجرمي الحرب يرفضون حتى تقديم اعتذار للشعب العراقي، وكأن اعتذارهم سيغطي جرائمهم، أو ان الضحايا العراقيين بحاجة الى اعتذارهم.
حتى انه والى وقت قريب سُئل مجرم الحرب الرئيس الأمريكي بوش الثاني ( الذي بلغ به الكذب والسفاهة والمروق والتفاهة ادّعائه بأن الله أمره بالذهاب للحرب في أفغانستان والعراق ): هل ستعتذر عن حرب العراق؟ فأجاب بأن الاعتذار يعني ان قرار الحرب كان خاطئاً، لكن قرار الحرب على العراق لم يكم خطأً! بينما يعترف البعض من النخب الغربية، مثل نائب رئيس الوزراء البريطاني " جون بريسكوت " بأن " قرار غزو العراق لايمكن تبريره، وانه كان قراراً خاطئاً ".
وعن موقع " القوة الثالثة " عن غزو العراق، فقد جاء في صحيفة "هيرالد سكوتلاند" الأسكتلندية الالكترونية الصادرة في 03/03/2013 " ... مؤكدة أنه كان أسوأ قرار اتخذته الحكومة البريطانية في سياستها الخارجية على مر التاريخ الحديث، وتساءلت عما إذا كان سيقر توني بلير - رئيس الوزراء آنذاك - بخفايا الأمور وحقيقتها إزاء حربه على العراق. "
وان: "الحرب على العراق لم تكن فقط غير قانونية، لكونها تستند إلى أدلة ملفقة ومتناقضة مع القوانين الدولية، لكنها أيضًا نتجت عن نتائج سلبية".
وأضافت ان: " الحرب دمرت البنية التحتية للبلاد، ثم أغرقتها في حرب أهلية لم يكن لاندلاعها أي داعٍ، وهو ما خلف مئات الآلاف من الضحايا، من بينهم 179 مواطنًا بريطانيًّا".
وأردفت الصحيفة الأسكتلندية: "الأمر لم يقتصر على هذا النحو؛ حيث إنه لم يفد المصالح البريطانية مطلقًا، بل ترك مشاعر عدائية واسعة النطاق بداخل العالم الإسلامي باتت ترى أي تدخل غربي في شئونه سيخلف آثارًا كارثية على أمنه ومصالحه".

لكن مثل هذه الاعترافات تأتي ليس " بعد خراب البصرة "، بل بعد محق العراق.
لقد ارتكبت النخب الغربية الاستعمارية جريمة غزو العراق مستندة على أكاذيب بوش وتشيني ورامسفيلد وولفوفيتز وباول وفايث وتينيت وغارنر وبريمر وبترايوس ونيغروبونتي وبلير وغيرهم، خاصة من مجموعة اليمين المحافظ المتصهين ممن ساهم في محق العراق عن تآمر وتخطيط ومعرفة وسبق إصرار وترصّد عالِميْن علم اليقين بأن أكاذيبهم ستؤدي الى إبادة وخراب واسعين؛ وفعلاً كانت النتيجة بعد مرور عشر سنوات على غزو العراق. فلماذا لايُقَدَّم هؤلاء الى محكمة لاهاي لينالوا عقابهم؟ أم ان المحكمة نفسها كهيئة الامم المتحدة من مصنوعات النخب الغربية التي تتاجر بها باسم " المجتمع الدولي " لتمرير جرائم النخب الاستعمارية؟

شدّد الله تعالى في النص القرآني الكريم على خطورة الكذب واستهجنه أيّما استهجان، كونه سلوك إجرامي ودنيء وتجارة سوداء رخيصة ومُرْبِحَة يتّخذ من الناس صناعة وبضاعة. ومن ذلك: " وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون "، " ويحلفون على الكذب وهم يعلمون "، " إنما يفتري الكذب الذين لايؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون "، " في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب اليم بما كانوا يكذبون "، " ... لعنة الله على الكاذبين "...
وتَجْمَع شعوب العالم على استهجان ورفض الكذب ومَسالِكِه وتزدري الكذّابين وخبثهم وحيلهم. خاصة وقد أصبحت أكاذيب حكومات الغرب مفضوحة. فمنذ متى كان الكذّابين و الغزاة والاستعماريين واللصوص والقراصنة والارهابيين من النخب الغربية محرِّرين ومنقذين للشعوب؟. حتى ان نشرات الاخبار الغربية نفسها صارت تتحدث عن فقدان شعوب الغرب ثقتها بالساسة والصحفيين لكثرة وتواصل أكاذيبهم وإخفاء الحقائق تحت طبقات من الخداع والتضليل ليس في السياسة فحسب بل في المجالات الاقتصادية والمالية كذلك؛ مما أفضى الى اندلاع تظاهرات تعم ميادين وشوارع اليونان والبرتغال واسبانيا وايطاليا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة.... ضد الحروب،  وتستهجن التآكل المتواصل للطبقة الوسطى، واللامساواة الفاحشة بين 1% من السكان في قمة الثراء يملكون اكثر من 99% من باقي الناس، وبيدهم الاعلام والقانون والقوة والقرارات السياسية والاقتصادية والدولار واليورو والباون. ويتساءلون: لماذا هناك دائما تمويلاً للحروب بينما تُجبر الشعوب على حياة التقشُّف؟
لذلك ليس من حل للانعتاق إلا ويبدأ بفضح أنظمة الأكاذيب ومؤسسات الاعلام الكذّابة التي يقوم عليها الاستعمار. إضافة الى الإعداد والقوّة العسكرية، والتطور العلمي والتقني والمعرفي في جميع المجالات والاتجاهات. تماماً كما تفعل الآن بعض بلدان العالم، مثل روسيا والصين والهند والبرازيل وإيران واندونيسيا...
وبتطور وعي الناس بالخطورة الاستثنائية للأوضاع العالمية الراهنة، فإن شعوب العالم لن تسمح بتمرير موجة جديدة من الكذب والاحتيال والنفاق لتخريب حياة الناس وأوطانهم. ولن تسمح بأن يكون حاضرها ومستقبلها كماضيها رهين بأطماع وجشع النخب الغربية. وذلك بتوسيع دائرة فضح الاساليب الاستعمارية، بموازاة تصعيد النضال لرفع الحيف عنها وانتزاع حقوقها، وطرد الغزاة، وانعتاقها من التخلف والتبعية والاستغلال؛ وانقاذ الكوكب الذي يشترك فيه الانسان العالمي أينما كان والذي تُهدِّده المصالح الغربية وأطماع وأنانية النخب الاستعمارية بالإفناء.
كما ان صمود محور المقاومة والممانعة الذي يحقّق انجازات وانتصارات تاريخية لهو خير دليل على اننا قيد التغيير، وخير رد على الهجمة الهمجية لامبراطورية الانجلوسكسون على الانسان وحضارته والكوكب، والتصدِّي للغزاة ودحرهم لتحقيق الاستقلال الناجز الذي على أساسه فقط يمكن إجراء تطوير سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي وعلمي وتقني استراتيجي شامل، من أجل عالم تسوده الحرية والعدل والسلام والتعاون والتساكن والتشارك والمحبّة والاحترام وتحقيق السعادة والأمن المستدام لحل مشاكل المجتمع الانساني وإنقاذ الكوكب.
وتتجسد بعض أفكار التغيير في كتاب الرئيس السوفيتي السابق " ميخائيل غورباتشوف" : " البريسترويكا، إعادة البناء، لنا وللعالم أجمع "، والذي يؤكد فيه على " الشفافيَّة " التي تأخذ مكانها في قلوب الجماهير التي تطالب الساسة بوقف غيِّهم. فالشفافية أساس لمنع الكذب والحد من الفساد.
كما يؤدي التطور السريع لشبكة الانترنيت والتواصل الاجتماعي الذي ينقل الأفكار بحرية الى تفكيك وفضح طبقات وأنظمة أكاذيب النخب الغربية ومباني الكذب الاستعماري المشيَّدة لبنة فوق اخرى: قديمة وحديثة ومعاصرة، وكسر احتكارها للمعلومات والاعلام وجميع حواجز وقلاع الكذب والاحتيال والمكر والخبث والرعب التي تستخدمها النخب الغربية كأهم فصائل تفوقها العالمي في خداع شعوب العالم ومواصلة تجارة الاستعمار.
ومن ذلك فقد هزَّ موقع " ويكيليكس " عرش دول الكذب الغربية وزعزع الثقة بها بفضح بعض الأكاذيب والجرائم السرية، لأن تاج الإرهاب الإستعماري ليس من ذهب وفضة بل من كذب وحيلة. وعوضا عن تثمين شجاعة " جوليان أسانج "، ووقف جرائم الغرب بحق الشعوب، فان النخب الغربية، وكالعادة، استلّت قاموس الكذب وأخرجت منه مفردة كلاسيكية جاهزة وأثيرة لتصفية الصادقين: التحرّش الجنسي، فرَمَتْهُ بها. وهي من الأسلحة القذرة للإستهداف، والتهمة التي عادة ماتُثار بعد سنوات وعقود، أي عند الحاجة، وليس في وقتها حتى وإن كانت صحيحة. وأصبحت النخب الغربية تتعقّبه لمعاقبته ربما بالموت لأنه فضح عُشْر معشار أكاذيب ساسة الغرب، الذين يصرّون على ممارسة الكذب المؤدي الى ارتكاب الجرائم وترهيب كل من يحاول فضحها وكسر صنمها. فأين هي حرية التعبير التي يتشدّق بها الغرب؟ أم انها حرية تعبير مطلقة فقط ضد الاسلام والمسلمين وثقافتهم؟
ويتقوى منحى آنيَّة وضرورة التغيير والمطالبة بالشفافية ونبذ الكذب، مع افتضاح ضعف النخب الغربية التي ليست كما تصوِّر نفسها بالعمالقة الذين لايُقهرون. بل ينطبق عليهم النص القرآني الكريم: " فانهم يألمون كما تألمون وترجون من الله مالا يرجون وكان الله عليما حكيما ".


//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/5cf6a152-4805-40a8-afaa-f5e433e926ad.jpeg
وفي الوقت الحاضر تتقدم فئات من الوطنيين الشرفاء وطلائعهم المثقفة الواعية للمواجهة بشجاعة استثنائية واستعداد للتضحية في هذه الفترة الحرجة من مصير الانسان وحضارته والكوكب، فهذه هي الفرصة الفريدة في الزمن الصعب والمتأزم لأداء المثقف لأمانة التنوير... في هذا المنعطف العدواني الاستعماري الجديد الذي يشهد ظلمين: ظلم النخب الاستعمارية للانسان، وظلمهم للارض. وذلك بفضح مؤامرات النخب الغربية المستميتة لتجديد الاستعمار وإدخال البشرية في حقبة أخرى من الظلم الشامل في زمن التطور الخطير والسريع لتقنيات السيطرة على الشعوب واستهداف الوطنيين في أي مكان في العالم.
وهذا هو الطريق الأهم ونقطة المنطلق للتغيير ولانتزاع الحق في الحرية والاستقلال والتطور والعدالة والرفاه والقضاء على عوامل التخلف والتبعية والاستغلال عبر اطلاق تطلعات الشعوب ومواهبهم وطاقاتهم. ذلك ان شعوب العالم هي التي ستتحرك هذه المرة بكتلها الجماهيرية الجبارة القادرة بالتنسيق والتضحية لدحر إرهاب وشرّ سبيكة النخب الغربية واسرائيل وحكام المستعمرات. فلا حل هناك عاجلا ام آجلا، إلا بإذابة وتفكيك أركان سبيكة الشر هذه.


 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2025 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2025 Copyright, All Rights Reserved