يقيم متحف مدينة غراتس الفائز بجائزة المتاحف الاوربية لعام 2014، وفي احدى طوابقه، المعرض الكبير لأعمال الرسام النمساوي الشهير( فيلهيلم توني ) تحت عنوان ( سنوات السقوط الغبية ) .يعد المعرض نظرة فريدة ونادرة على اعمال رسام نمساوي وتقديمه على انه كان رسام الحرب العالمية الاولى. سبق للمجمع الثقافي الفني ( يوهانيوم ) ان عرض اعمال ( توني ) في معرض كبير دون عرض اعماله عن الحرب ولكون الفنان (توني) اشهر فنان نمساوي على درب الحداثة، ولكن معرض متحف المدينة يختلف اختلافاً كلياً عن المعرض القديم.افتتح المعرض في احتفالية جميلة مساء يوم 19\11\2014 واستغرقت اقامة المعرض لغاية 31\8\2015، ويعد بدوره من المعارض السنوية والمهمة بمناسبة مرور مائة عام على اندلاع شرارة الحرب العالمية الاولى .
( فيلهيلم توني ) من مواليد عام 1888، غراتس النمساوية وودع الحياة في نيويورك عام 1949 ويعد بدوره من اهم الفنانين النمساويين في القرن العشرين على درب الحداثة وتحتفي متاحف العالم بلوحاته وحصد العديد من الجوائز خلال مسيرته الحافلة وكتبت عنه الكتب من قبل كتاب مشهورين.
في بداية القرن العشرين سافر الى ميونيخ وتطوع في صفوف الجيش كجندي مقاتل في فوج الرماة وخلال الحرب وبعدها انشغل برسم لوحات الحرب وصور الجنود والمعاناة التي تعرضوا لها وكذلك انشغل برسم البورتريت للجنود والضباط بالاضافة الى مأساة الحرب التي طبعت في خياله .
في هذا الطابق من المعرض عرضت مجموعة من الاسلحة الحقيقية التي كانت تستخدم في تلك المرحلة التي عاشها الفنان في الحرب.استخدمت لوحات الفنان كبطاقات بريد للمراسلات وكانت اعماله واقعية وحزينة في نفس الوقت ومن واقع الحرب التي خسرت فيها الانسانية الملايين من الضحايا وتعد بدورها سنوات السقوط الغبية بكل المعاني، فهكذا يدون الفنان ( توني ) تلك المرحلة الماساوية من تاريخ النمسا الدموي. النمسا تفك الاسرار ولاتخبئ اعمال الحرب والتاريخ عن الشعب وتعرض للجميع لترى كم من الوجع والالم عاشه الشعب ولتأخذ عبرة من الماضي لبناء المستقبل والوطن وليس له علاقة بالدعاية وصدمات الحرب الشخصية وهذه الاعمال بدورها فك شفرة التناقضات والاسرار التي عاشتها البلاد ضمن التاريخ العسكري.
( فيلهيلم توني ) والحرب العظمى يقفان على حد سواء باعتباره معرض تاريخي ولذلك هي فرصة نادرة لمشاهدة اعمال ومشاهد من حياة الجنود، وفي الجهة الاخرى الحياة التي اضطلع اليها الضباط فضلاً عن اسرى الحرب، وهذا المعرض كما ذكرنا بانه يفك شفرة حول الاساليب العسكرية التاريخية والخرائط والوثائق والصور التي وضعت في معارض زجاجية في المعرض والتي توضح التناقضات التي عاشتها الحرب العالمية الاولى عبر لوحات الفنان( توني ) .
يركز المعرض ايضا على التناقضات والفجوات الكبيرة للتجربة الشخصية للفنان خلال سنوات الحرب وبين محطات ماكنة الدعاية والاعلام والتي كان يطلقها اعلام الحرب وقتذاك، وقد كتب الفنان كلمة حول سنوات السقوط الحمقاء والذي صمد امامها بان الحرب لم تترك مجالا للرسم ولكن والحمد لله تمكنت من الرسم.
تعد هذه الاعمال التي يعرضها متحف مدينة غراتس من التحف وآثار الحرب العالمية الاولى ومجاميع من التاريخ العسكري و 30 لوحة كبيرة اصلية كبيرة من اعمال ( توني ) خلال الحرب . يعد الفنان ( فيلهيلم توني ) من اهم الرسامين النمساويين في فترة ما بين الحربين العالميتين .
بناية متحف مدينة غراتس، والذي هو بدوره المكان الذي ولد فيه القيصر النمساوي( فرانس فرديناند ) والذي يعرض هذا المعرض التشكيلي الغريب والفريد من نوعه، وسنوات السقوط الغبية واعمال فنان كبير والذي يعد من البارزين في مجمع التاريخ العسكري للمتحف الغراتسي الذي شمل ايضا على المخزون الكبير والمهم من الصور والاسلحة المستخدمة في الحرب وهي شظايا من تاريخ الحرب والتي تم جمعها للمعرض. قال الفنان توني بعد الحرب بان هذه اللوحات من مآسي الحرب وهي صور واقعية عاشها الجنود وكان من اشد المهاجمين ضد ماكنة الدعاية للحرب وقال بان الانسانية فقدت الملايين من البشر واختفت الروح المعنوية .
هنالك قاعات كثيرة في احد طوابق المتحف احتضنت المعرض وكل قاعة حملت موضوعا معيناً من سنوات السقوط الغبية ومنها قاعات ( الوحدة،المعارضون،الوظيفة،المعارك،الاسلحة،التراث،المدافع الرشاشة،قذائف الهاون،البنادق، الحراب،السيوف،الاقنعة الواقية من الغازات، القنابل اليدوية، المسدسات والبنادق، ومجاميع اخرى في المتحف ).
اعمال ( توني ) تعرض ايضا الجحيم الذي تعرضه الحرب ويعمل على تدمير الانسانية ويقول ( توني ) بان الحرب انتهت ولكن اللوحة ستظل خالدة، وهكذا الفن والرسم هما المنتصران دائماً في سجل الانسانية. متحف المدينة يسجل شكره لكل من ساعده من اجل اقامة هذا المعرض الكبير ويخص بالذكر جمعية اصدقاء المتحف الذي اكتسب مجلداً من صور ولوحات ( توني ) والتي تشكل جوهر المعرض ولجهات اخرى هيأت ارضية كبيرة لهذا المعرض والذي يبرز بدوره الوجه المؤلم للحياة خلال الحرب العالمية الاولى ولكل قاعة من قاعات الطابق ولكل لوحة حكاية وتاريخ حزين للانسانية.
المعرض فرصة نادرة لمشاهدة احدى جوانب الحرب ولكن من خلال اللوحات والفن وفي غراتس.!!