الناقد المنافق من المدّاحين المُتَمَلّقين والهجّائين النَزِقِين الذين يكوِّنون جزءً عضويا من عار عمالة المثقفين الفاسدين للإستعمار وبطانته من العبيد والجواري ؛ و ينتمون الى الدائرة الشريرة من منظومة فنون الحداثة العبثية وتركيبتها وأهدافها الهدّامة؛ ويتحمّلون وِزْرَ المسؤولية التخريبية لفنون الحداثة العبثية . ذلك ان الناقد المنافق يلعب دور عميل المخابرات ، لكن في مجال الثقافة والفنون ؛ والذي باع نفسه وشرفه بأجرة من هرم : النخب الاستعمارية الغربية ، وعملائهم من الطغم المستبدة الحاكمة ، ودُوْر المزاد وتجّار الفن ، ومن فناني العبث أنفسهم .
ومن فعاليات الناقد المنافق تدبيج مقالات لاعلاقة لها بمنتوج الحداثة العبثية ولا بالعناوين التي تحملها، لتضليل القاريء باستخدام تعابير واصطلاحات عشوائية وغامضة لايفهمها أحد، ومنهم النقّاد المنافقون والفنانون العدميون أنفسهم . وبهذه الحيلة يُصَعِّد الناقد المنافق حليفه الفنان العبثي مَدْحًا، ويُدَمِّر الفنان المقتدر والأصيل قَدْحًا .
ويعمل ثنائي فنان العبث وناقد العبث المتوائمين في جوقة مشتركة تمارس تشويه وتردِّي المشهد الفني في المجتمع . ولكل واجبه : فنان العبث يخرِّب، وناقد العبث شاهد زور يمدح ويبرِّر . مضيفا لواجباته، كأي عميل آخر، مزاجيته وذاتيته : فاذا كرهَ جرحَ وآذى، واذا تعاطفَ مدحَ وأطرى .
وبينما تتجسّد مُهِمَّة الناقد السوّي النزيه والبنّاء في إصلاح المعْوَج، فان الناقد المنافق يعمل على تغيير الموازين والإخلال بمعايير اختيار الأعمال الفنية قيد النقد : فهو يمدح مثيله الأعوج ويستفيض في الثناء على عدمية منتوجه " الفني " . وفي المقابل يُرَكِّز على قتل روح الإبداع في الفنانين المتميزين، سواء من الرواد، أم من الجيل الجديد، واستهدافهم والتحريض ضدهم واستبعادهم وإقصائهم وتغييبهم وتحقيرهم وازدرائهم بالحطّ من شأنهم في الثقافة والفن والمجتمع ؛ وإظهار إبداعهم الثري والمتنوع عقيما ً، وعِفَّتِهم تعصباً، ووطنيتهم تخلّفا .... وسيذكر التاريخ ، وبلا رحمة ، رجس وإثم الخيانة العضوية " العقائدية " لحلف الساسة والمثقفين العملاء والمجرمين الحقيقيين الذين حجبوا وعطّلوا دَوْر وعطاء العلماء والمثقفين والأدباء والشعراء والفنانين الأصلاء الشرفاء المتمكنين، الذين لم يكن إنتاجهم جادّا ورصينا فحسب، وإنما علميا - - معرفيا - ثقافيا - فنيا - جماليا ووطنيا يعكس مسيرتهم الثابتة وأفكارهم النيِّرة المعطاءة الهادفة للتواصل مع تراثنا ومع الأجيال الصاعدة للنهضة والبناء والإحياء المعاصر لتحرير العقل والروح بطموح القوي المؤمن بوطنه وشعبه والمُصِرّ على الوصول الى مرمى : عالم إسلامي حر بثقافته المزدهرة وشعوبه السعيدة .
كما تتسم كتابات الناقد المنافق بالآنية والراهنية بعيدا عن النزاهة و الموضوعية ، وعن الكفاءة الأكاديمية - التاريخية . ومن دون أن يقدِّم إضافة ايجابية تنير للناس درباً معرفياً و إبداعاً فنياً ومسرّة ًجمالية .
والناقد المنافق هو صنو وحليف السياسي الانتهازي، الحربائي ، المُصانِع، المرائي ... الذي يعيش على الكذب والكذب المضاد، مُخْتَلِقا يوميا كذبا جديدا لارتباط عمله باسترضاء خُنوعي لسيده الإرهابي في الغرب، بتنفيذ المؤامرات الدنيئة، مثل : إشاعة الجهل وهجرة روح النص القرآني الكريم وتحريفه واستبداله بالتفاسير العقيمة وبتفاسير التفاسير المُتَحَجِّرة وبالفتاوى المُخْزية المُضْحكة للظلاميين والتكفيريين من حَمَلَة مفاتيح الجنة والنار وتشجيع وتمويل المسيرات المليونية التي تُهْدَرُ فيها طاقات جبّارة في أقفاص الماضي باسم الإسلام والتقوى . مع احترامي للرسول الكريم الصادق الأمين ( ص ) ، وآل بيته وصحبه الكرام ولكل الشهداء ( رض )، والمناضلين ضد الظلم والعسف والإستبداد ؛ وللمشاعر والعواطف الجيّاشة للبسطاء والبسيطات، والمخدوعين والمخدوعات، والغافلين والغافلات ، والمُغَيَبين والمُغَيَّبات ، والجاهلين والجاهلات ، والمتخلفين والمتخلفات، من الزائرين والزائرات ؛ الذين يوهمهم " رجال دين " بأن هذه المسيرات هي طريق الله ومرضاته ؛ وفي نفس الوقت يُسَعِّرون نار التفرقة وتأجيج الحقد ونشر الكراهية والتحريض على الإنتقام بين السنّة والشيعة وباقي مكونات الشعب العراقي بعيدا عن المنطق والعلم والأخلاق والحكمة، بل بتفاهات ساقطة : من أساطير وهميَّة وحكايات بليدة وروايات مُخْتَلَقَة ولا أخلاقية ... تُفَرِّق ولا تُجمَّع وتُخَرِّب ولا تُشَيَّد ؛ مُبْتَعدين بعمائمهم وجُبَبِهم عن فهم واحترام وتطبيق العبادة الحقّة التي جاء بها الإسلام العظيم : طلب العلم والإيمان المقرون عضوياً بالعمل الصالح . ومن العمل الصالح هو الأخوّة الإسلامية والإنسانية في المحبّة والتعايش والتساكن والعمل المُنْتِج لإعمار الأرض وتحرير البلاد وتطويرها . ....
ونواصل عن بعض نماذج مؤامرات النخب الغربية التي يُنَفِّذُها عملاؤهم، ومنهم فنان العبث والناقد المنافق، مثل تدنيس مقدسات المسلمين، وهدم وتغييب الثقافات الأصيلة للشعوب، وتفتيت المفتَّت من الوطن الإسلامي..... وخداع وغش الاثرياء، ومنهم في دول البترول ، كالخليجية ، لجعل التغريب المعماري والفني والاستهلاكي من مجالات امتصاص عوائد النفط والغاز وباقي الموارد التي لاترى الشعوب المظلومة الا النزر الضئيل منها : سواء كانت مرتاحة ، كما في بروني . أو منكوبة ، كما في العراق : بنهب النخب الغربية والطغم العميلة الحاكمة لموارد البلاد وإيداعها في بنوك الغرب ، و " مجازاة " العراقيين بالكوارث والمآسي المستمرة : الإبادة والمحق : بتدمير الدولة ومؤسساتها، وحل الجيش ، وفتح الحدود ، وبيع المواطَنَة بالمحاصصة على أساس التفرقة المتعصبة للدين والطائفة والقومية والقبيلة والحزب.... والفَدْرَلَة... وعبادة صنم " العملية السياسية " الذي نحتته النخب الغربية الإستعمارية... وبالقتل والتعويق وتصفية العلماء والمثقفين الوطنيين ، وتمزيق النسيج الاجتماعي وتفكيك العوائل والخطف وتخريب النفوس واليتم والترمل وبيع الأطفال والشابات والإتجار بالأعضاء البشرية والفقر والتسول من براميل القمامة وانخفاض متوسط عمر العراقي ، وتكريس التخلف والتبعية والاستغلال والأمية والجهل والسِحِر ولهو الأمل ... والإفساد وإشاعة الفساد ، وارتفاع نسب البطالة واتساعها ، وفقدان الأمن والأمان وغياب القانون وانتشار الجرائم..... و بالتلويث الشامل للبيئة : الهواء والتربة والماء ، وبزرع العراق بملايين الألغام ، وبتحويل العراق وشعبه الى فضاء حي لتجريب أسلحة دمار شامل ، وبالجفاف وزحف التصحُّر... وتراجُع أنشطة الاقتصاد الوطني و جميع أنواع الخدمات والمرافق العامة ... وتدمير ونهب الممتلكات الثقافية ، وتخريب البنية التخطيطية - المعمارية لشبكة الإستيطان العراقية ... وما لاحَصْرَ له من جرائم قام بها الغزاة وعملاؤهم الطغاة التافهين مَنْ هم أخزى وأبشع وأشرّ وأشرس وأردأ وأجهل وأحطّ وأنذل وأخسّ ماعلى الأرض من حثالات لكائنات قَوَّدَتْ على العراق وشعبه وثقافاته العظيمة للمُغْتَصِب الأمريكي - الأطلسي - الصهيوني ... فحوَّلوا العراق من جنّة واعدة إلى جهنّم قائمة ؛ يسودها استبداد شامل ومطبق مما حطَّم حياة العراقيين في جميع الميادين : لا الغني مرتاح ولا الفقير ، لا العميل مرتاح ولا الشريف ، لا الظالم مرتاح ولا المظلوم ، لا الحاكم مرتاح ولا المحكوم ... لامَنْ في داخل العراق مرتاح ولا مَنْ في خارجهِ ... وهذا هو السبي المعاصر بعينه وبأبشع صوره ، وبقيادة الغرب المتحضر والمرفَّه والمرتاح .
عن ( د . زينب عبد العزيز ، لعبة الفن الحديث بين الصهيونية - الماسونية وأمريكا ، القاهرة ، 1990 ، ص. 128 - 133 ): " لقد كتب الناقد فرانسوا بلوشارFrancois Pluchard في جريدة " كومبا " Combot عن المصور فونتانا Fontana الذي لم يقم بغير تمزيق لوحة بيضاء ببضع ضربات بالسكين . كان ذلك فحسب كل ماادعاه من تصوير . ويا له من تصوير تطوحي لايحتاج منا - في ظني - إلى تعليق ، إذ كيف نعلق على ما ليس فنا بحال ؟!! لكن ، ما الذي يقوله الناقد الفني المتميز ؟ "
" حينما قام فونتانا بخرق اللوحة بمثقب ، بتمزيقها بالسلاح فلقد استطاع أن ينقل التعبير الفوري ، المثالي للاعتراف . اذ ان انفعاله حيال العالم قد تثبت الى الأبد في تلك اللحظة نفسها التي عبر فيها عنه ، بلا أي عوائق ، وبلا أي تحفظ كان . فما أن تبين مراده حتى أكمل لوحته بالسرعة الوامضة نفسها . إنها أكمل تعبير عن الصرخة " !!
" وهنا لايملك القاريء إلا أن يتسائل : أي اعتراف ؟ وأي انفعال ، وأية صرخة تلك التي يعبر عنها فنان حينما يقوم بتمزيق لوحته بعدة ضربات بالسكين ؟! "
" وعندما بدأت صفائح القمامة تدخل وتغزو عالم القيم الجمالية للفن الحديث مع مطلع الستينات ، كتب الناقد الفني ريستاني Restagny عن إحدى اللوحات القمامية أو بتعبير آخر عن إحدى تراكمات محتويات صفائح القمامة في لوحات " الفنان " أرمانArmand قائلا : " إن صفائح القمامة فيما بين 1959 و 1960 تجسم تأكيد الإرادة !! ( علامات التعجب من عندنا ) ... وفي لوحات أرمان نجدها تعبر عن مذهب الكرتزيانية ( المذهب الديكارتي ) الذي يغمر بأسره كل رؤاه الفنية " .
" ولعل القاريء في غنى عن التعليق على الصلة بين صفائح القمامة والمذهب الديكارتي . ولنطالع ماكتبه الناقد الفني ريستاني نفسه عن لوحات إيف كلاين Yves Klein التي يستخدم فيها اللون الواحد والإسفنج الملصوق أو الحبر المسكوب : " إن إيف كلاين الذي عايش في عمله التجلي المتوالي للضمير الكوني ، وتثبيت القوى المتحررة عن طريق اللون ، وتوحد اللون مع الفضاء وقد تحول الى طاقة ، ولا مادية المادة الملونة للّون ، وإدراكه للفضاء كقيمة مركبة فراغ مملوء ، وفي نهاية تحليقه في مشاهدة انجلاء الحق ، يعتبر بناء تآلف كوني مستعينا بالمباديء الأولية للطاقة " !! "
" أما الدكتور فيمبر Wember ، أمين متحف مدينة كريفلر Krefeld بألمانيا الإتحادية ، فيكتب عن لوحات المصور إيف كلاين نفسه قائلا : " إن الفراغ بالنسبة له يتحول إلى هدف لابد من الوصول إليه . ولذلك لابد له من أن يمسك بزمام حياته الداخلية بالإضافة إلى امتلاك ذلك الفراغ الذي يُعد الاكتمال الروحي رمزا له . وانطلاقا من هذا المفهوم الذي ينبثق من لوحاته ذات اللون الواحد ، والتي تعبر عن الفراغ المتكامل ، فإنه يحقق اللوحة اللامادية بل ويقيم معرضا متكاملا لا ماديا ! " .
" وفي مايو 1967 ، كتب ميكلسون Michelson عن علب الزجاج والمرايا التي قام لاري بيل Larry Bell بعرضها ( والتي لم تكن في الواقع غير قوائم أو قواعد لوضع التماثيل في المعارض ) ، كتب يقول : " إنها قوة الإدراك الصافي والمادة الصافية التي تمثل حدود العالم الذي يتحرك فيه لاري بيل ؛ إذ ان الاستبعاد المسبق لهذه الأشكال ، وإتمام مثل هذا السلم الموسيقي من المهارات التقنية للانفعال والتوصيل ، وإسقاط الألوان ، قد تضافرت لاستبعاد تلك الصفة الجمالية البدائية عن المسطحات وساهمت في السيطرة على معنى الأنا ومحيط البيئة لدى المشاهد الذي أصبح يحذر من الآن فصاعدا استمرارية فضائية أو تكثيفية ، معدلة أو جامدة ، مخلوقة أو منكرة إلى مالانهاية بفضل المسطح العاكس .... إن تلك هي الميزة الحقيقية للفن الانعكاسي لبيل : أن يستحث ويشحن في كل فرد منا عملية الإدراك - الحنون والمقلقة - لإدراكنا الذاتي ورؤانا " .
" كل هذه الفقرة البهلوانية التي تبدأ بالإدراك الصافي السابح في تعبيرات " الإسقاط " و " الأنا " و " التكثيف " و " المسطح العاكس " ليتحدث عن دعي أو مهرج في سيرك . ألبسه مسوح العبقرية لعرضه العلب أو المكعبات لاأكثر ولا أقل !! ونحن بدورنا لن نتساءل حتى عن صلة هذه العلب أو المكعبات بفن التصوير . "
" أما الناقد الفني فورج Forge فكتب ذلك النص الموغل في تحذلقه والباعث على السخرية مادحا أحد هذه المزاعم مما أطلقوا عليه اسم لوحة ، وكان المصور روشنبرج Rouschenberg قد لصق عليها شمسية وبعض قطع من المعدن عام 1968 ، وها هو يقول : " إنها أحد إبداعات روشنبرج المميزة الى أقصى حد بخروجها على المألوف . إن مايميزها أو يبعدها عن المألوف هو الطريقة التي تتوافق بها مثل هذه الأشكال القوية العنيفة والهجومية كالمعدن أو الشمسية مع مسطح اللوحة . ومع ذلك فانها متكاملة ، سليمة . وما من ميزة أو صفة من الصفات التي سردتها تسيطر أو تؤثر على الأخرى . إن الأشياء والترانزيستورات تتجاور وتتعايش جنبا الى جنب بالتناغم والتوافق ، ولها مطلق الحرية في أن تفترش ، وتتنفس ، وتبرز قيمتها ، دون أن تهجم عليها شخصية بقية الأشياء المجاورة لها ، أو أي أغراض ذات نفوذ توحيدي . إن شكل الشمسية الهاديء المستدير كالشمس ، في مقدمة اللوحة ، لايهتز أو يتأثر بحيوية المعدن الكاسرة ، وإن لم يكن ساكنا في لامبالاة . بل إن طاقة المعدن لم تمس أو تتأثر بسلبية الشمسية . إن الرمز هنا كان يمكن أن يكون بالفعل رمزا على الحرية أو عن التصميم الذاتي لمدينة رغدة !! " .
" ولسنا في حاجة في ظني إلى أي تعليق يدخل في حوار الصم البكم مع هذه الأقلام التي تسود وجه الورق بسواد رؤاها ومداد الأغراض الخبيثة التي صفدت خطاها في مستنقع الفن الحديث !! " .
وتضيف الدكتورة زينب عبد العزيز في نفس المصدر على الصفحة 133 : " من حسن الحظ أن البعد الزمني الحالي يسمح بتقييم هذا الكم الهائل من الكتابات ، ويكشف كيف أن المسألة لم تكن تتعلق بمذاهب جمالية حقيقية ، وإنما بمؤامرة محكمة ، " مؤامرة سوداء " غياهبها بعيدة المدى ، ويالها من مؤامرة يقول عنها روبيريه Robert Ray إنها مؤامرة شرسة ، حيكت بدقة وحذق ، لها ميزانياتها الباهظة ، وفروعها الممتدة عبر القارات وعبر المحيطات ، ولها قيادتها العليا واستراتيجيتها الدولية ، وهيئة الدعاية اللازمة لها ، وفنيوها المتخصصون في التفجيرات اللافتة للنظر ، وهيئات التوزيع الخاصة بها وسماسرتها . إنه شيء أشبه مايكون بشركة بترولية ضخمة ، أو بشركة سينمائية ، من قبيل جنرال موتورز أو متروجولدوين " .
هذا عن بعض هذر نقاد الفن المنافقين في الغرب . أما غثاء وهراء وبؤس صداهم التابعين الأذلاء في مستعمرات العرب والمسلمين ، فهو أدهى وأمرّ ، وأخبث وأشرّ... في مراميه ، و في انحطاطه ولا شيئيته ...
www.al-jadir-collect.org.uk
jadir959@yahoo.co.uk