تعكسُ الرياضة صحّة الأبدان وقوّتها ونشاطها وجمالها، وفوائدها في الوقاية من الأمراض، وإسباغ الشعور بالرضا عن النفس والتفاؤل والايجابية، والتدريب على التحمّل والصبر، واحترام النِديّة والتنافس النزيه، والحفاظ على الروح الرياضية في الحياة والعمل...
ومن نتائج الاهتمام بالرياضة افراز وتكوين الشباب القوي بناة المجتمع ومجدّدي الحياة بالارادة والقدرة على الانجاز، الذي يعكسه الفائزون بالميداليات الذهبية والفضية والبرونزية. ومجال آخر في حقل البناء والتطور العلمي والتقني ...... ومنه استحداث عمائر وظيفية وجميلة وتجهيزات عصرية يستمر استخدامها بعد انتهاء الدورات الرياضية. كما تكون هذه الملاعب مراكز ثقافية واجتماعية واقتصادية تُنَشِّط البلاد، وخاصة المدن التي تُشيّد فيها. فسوتشي مثلا، لم تكن قبل الاولمبياد سوى مدينة متوسطة وظيفتها الاساسية منتجعا صيفيا على البحر الأسود. ومن خلال دورة الألعاب هذه ستتوسّع وتتنوّع وظائفها بعد ان قفزت لتصبح مركزاً عالمياً للمنافسة والاعلام شارك في دورته 67 بلدا وحضره مايزيد على 40 ألف متفرِّجا.
والاولمبياد، كالفنون: طاقة اشعاع بصرية قوية للتواصل والتعارف والحوار والتعاون والتشارك وتقوية العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بين الشعوب. وعيداً عالمياً للاحتفاء بالرياضيين وبالزوار. وذلك من خلال استعراض البلدان المضيفة لثقافاتها، خاصة وان الاولمبياد مناسبة يتمتع بمشاهدتها البلايين من سكان المعمور.
وتعكس الدورات الرياضية نهضة الامم وتوجيه حاصلها لصالح مجتمعاتها بما فيها من فعاليات وأنشطة الخير التي تُجمِّع الناس على الحبّ والسلم، ولا تفرِّقهم على الكراهية والاستعداء والكذب والفتن والحروب والدمار والنهب والابادة والتشريد ... كما انها بعيدة عن مفاهيم خاطئة، كالصراع الطبقي الذي نال من الانسان طاقات مهدورة وزمنا طويلا من السير في الاتجاه الخاطئ.
فالاولمبياد من فعّاليات الخير العملية للتقريب بين الناس وليس التشاحن والترصد.
شهد العالم في الماضي دورات الالعاب الاولمبية في مواقع عديدة.... منها لندن، وبكين، والان في سوتشي، وغدا في سيؤول.
ومن أمثلة اولمبياد الأمس ماتقدمه الصين من نهضة تاريخية مشهودة رغم افتقارها الى موارد طبيعية مهمة كالنفط والغاز. فقد عكس اولمبياد بكين المنجزات الضخمة لشعب عريق؛ يحافظ خلال نهضته المعاصرة على تقاليده وقيمه الموروثة، وموحد بوطنية راسخة، وروح العمل الجماعي المتواصل في سَعْيِهِ لاحياء وبعث وتجديد رؤى الواقع من خلال حلقات ثقافاتها منذ الاف السنين. وهكذا تُحَقِّق الصين، وفي زمن قياسي تطورا اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً نوعياً على مستوى العالم أجمع . وتطوراً آخراً في بناء القوّة والقدرات العلمية والتقنية والعسكرية التي تُرَجِّح كفة ميزان الخير امام شرور شرطي العالم؛ ليس بالحرب والاستعمار والابادة والتخريب والنهب، بل بنهضة سلمية تبني مجتمع الكفاية، وتتساعد مع ضحايا الاستعمار في التعاون: أخذاً وعطاءً. كما لم تقع النهضة الصينية في براثن الاستلاب التغريبي القائم على الفردية والانانية والشرّ وأحقية القوي في تدمير الضعيف لتحقيق الانتصارات!.
أما بالنسبة الى روسيا الاتحادية، فقد كانت استراتيجية تنفيذ مشروع الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي ( 7 – 23 / شباط 2014 ) تقديم النهضة الروسية المعاصرة، وشد الأجيال الجديدة الى تراث ثقافتها ودورها المرموق كمركز اشعاع عالمي، وإحياء تقاليد ومنجزات الرياضة السوفيتية.... وبالفعل، فقد صعّد النصر الروسي الرياضي المشاعر الوطنية، ودعم حركة التحرر الوطني الروسية ضدّ الاختراق الصهيو / أمريكي لأنظمة تسيير الدولة السوفيتية في الماضي، والروسية بعد تفكك وانهيار الاتحاد السوفيتي بتفجيره من دواخله؛ وتعاقب الرزايا على شعوبه إثر كوارث تدمير الصناعة والزراعة ومؤسسات المعرفة والعلوم والتقنية والقوة العسكرية والثقافة والتعليم والصحة ومعاهد البحث العلمي... والادارة... وتمزيق المجتمع... تحت أجنحة: ( " البريسترويكا " / إعادة البناء: لنا وللعالم أجمع )، التي لم تغادر مشاريعها وأحلامها الجميلة دفّتي كتاب غورباتشوف .
وبذلك يعدّ اولمبياد سوتشي انجازاً كبيراً ومهماً لروسيا، خاصة وانه يدعم جهود ومبادرات مختلف المجموعات الوطنية التي ظهرت تعمل في سبيل نهضة روسيا المعاصرة واعادة ميزان القوى بين الغرب والشرق لصالح الانسان، حيث تضيق فرص التعايش السلمي في السياسة والاقتصاد والثقافة بين السبيكة ( النخب الغربية واسرائيل وحكام المستعمرات ) من جهة، والانسان وحضارته من جهة أخرى تحت ضغوط تكامل أهم وظيفتين للاقتصاد الأمريكي: المجمّع العسكري – الصناعي، وتجارة شنّ الحروب والادارة الخفيّة للأرض والانسان.
وفي عمر جيل واحد يمتد من 1991 تتقدّم روسيا علمياً وتقنياً ... وعقيدةً... ورياضةً ... ومن ذلك حيازة الفريق الروسي الوطني على المرتبة الأولى بالفوز ب 33 ميدالية ذهبية وفضية وبرونزية. كما أثارت الاحتفالات المُدْهِشة لافتتاح واختتام الدورة الرياضية الاولمبية، اعجاب العالم باستعراض التراث الثقافي والفني والموسيقي لروسيا بصور بصرية بشرية ديناميكية متنوعة.
ومن أمثلة اولمبياد الغد ماستقدِّمه كوريا الجنوبية، التي كانت حتى مطلع ستينات القرن الماضي مجتمعاً زراعياً فقيراً، حقّق معجزة اقتصادية أخرى وفي زمن قياسي كذلك، حتى أضحت كوريا الجنوبية من ضمن أول عشر بلدان من الاكثر تطوراً اقتصادياً، ومن أكبر مصنعي السيارات والالكترونيات في العالم.
أما بالنسبة للعرب والمسلمين... فاذا كانت النرويج بشعبها الذي لايتعدى ستة ملايين نسمة قد حازت على المرتبة الثانية بعد ان حصد فريقها 26 ميدالية، 10 منها ذهبية و5 فضية و11 برونزية؛ فان حضور أمة المليار والنصف مليار في الالعاب الاولمبية ضعيفا على الدوام نسبة الى ثروات البلاد وعدد سكانها وطموحات شبابها. واذا كان تمثيل العرب في الألعاب الصيفية ضعيفاً، فانه شبه غائب في الألعاب الأولمبية الشتوية، علماً بأن هناك ثلوجاً في جبال ايران وتركيا ولبنان وبلاد المغرب... كما لاتبادر دول العرب لتطوير ألعاب اولمبية عالمية على رمال صحاريها.
اضافة الى ضعف او غياب الاستراتيجية والميزانية والارادة اللازمة لرعاية الشباب منذ الصغر والاهتمام بالبُنْيَة التحتية للرياضات في العواصم والحواضر وباقي انحاء البلاد. مما جعل اعتماد الانجاز العربي، على ندرته، على المبادرات الفردية لبعض الشباب المتمكّن والمتحمّس. ومما جعل علم اسرائيل يصول في اولمبياد سوتشي بغياب اي من أعلام العرب!.
ومن جذور وأسباب التخلّف المزمن لعالم المسلمين هي النخب الغربية الطفيلية التي تجهض وتمنع كل مشروع للنهضة: ايران، اندونيسيا... مصر، العراق، سورية... وكل زعيم وفاعل في تنوير المجتمع يُعزل او يُقتل: محمد عبدة، عبد الرحمن الكواكبي ... مصدّق، سوكارنو... بومدين، قاسم ... جمال حمدان، يحي المشد، ناجي العلي.... وابادة جماعية للعلماء، كما حصل في العراق في أعقاب انقلاب البعث الأسود عام 1963، وبعد الغزو الأمريكي – البريطاني البربري عام 2003.
ويتوازى تواصل الظلم السياسي / المخابراتي / العسكري / الديني... مع انشغال " مثقفوا " الأمة بمساندة الغزاة وعملياتهم السياسية وفوضاهم الخلاقة.... وبالمعارك والامجاد الشخصية على الورق في ملهاة المقالات والمقالات المضادة، والاتهامات والاخرى المضادة في " جدل بيزنطي " من " زخارف القول " والألعاب اللفظية الاعلامية لتحقيق الانتصارات الوهمية في مومياوات الصراع الطبقي، الديالكتيك، نقض النقيض، العلمانية، الليبرالية، اليسار، اليمين، التكنوقراط، التنمية الانفجارية، المشروع القومي، الشيعة والسنة والشورى........ بينما يزحف الخراب على ماتبقى من بلداننا، وتُباد وتُشرّد شعوبنا، ويُنهب تراثنا الثقافي... وتتعمّق وتتوسّع وظيفة عهر وقوادة " المثقفين " على شعوبهم وأوطانهم لأجهزة المخابرات الاستعمارية، مما يضمن تكريس التخلف والتبعية والاستغلال الذي ينتج دولا وكيانات كاريكاتورية فاشلة وتراجُع متواصل على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. علما بان جميع متطلبات وعناصر وموارد النهضة العربية / الاسلامية متوفرة لاقامة أوطان حرّة وشعوب سعيدة.
لكن لا أحد يضع على الأرض الخاوية الا من الخرائب مُنْجَزاً ملموساً نافعاً للناس من تحرير وتعمير وتنمية وتطوير يقود لسيادة الطبقة الوسطى من خلال اشتراكية واقعية وحقيقية.
فدولنا العميلة حتى النخاع تفتح جميع أبوابها وخزائنها على التدمير: بتسهيل الغزو الاستعماري، كما حصل للعراق، وزرع الفتنة والكراهية بين الشعوب بتفعيل: فرِّق تسُد لانتاج الحروب. ويدعو العملاء الدينيون، وهم من أشد فِرَق الشرّ تخريباً، الى انواع مخزية ومدمرة من الجهاد، لكن ليس بينها الجِهادَيْن الأكبر والأصغر: لا بتوعية وترقية الانسان، ولابتحرير الأوطان. فتبقى الجموع غافلة ومتخلفة، والنفوس حزينة وتعيسة ومريضة، والاوطان مستعمَرَة وخَرِبَة، والشعوب مسلوبة الحقوق والارادة والكرامة، تعيث فيها مؤامرات النخب الغربية فساداً بالغزو وتحديث الاستعمار... ومنه من خلال اختراعات معاصرة مثل القاعدة وداعش والنصرة وبوكو حرام.... وغيرها من أحدث أدوات الهندسة الاستعمارية التي تعمل على تخريب أوطان المسلمين وتمزيق مجتمعاتهم فيما بينهم بالقتل العبثي المجاني البليد.... وملهاة الحلال والحرام، حيث يجتهد " الشيوخ ورجال الدين "، الذي يأمرهم بالا يتجسسوا والا يعيثوا في الأرض فسادا.... بتحليل ماحرم الله وتحريم ماحلل الله من خلال فتاوى تكفيرية كاريكاتورية وتخريبية.. من بين آخر موضاتها التافهة ذاك " الفقيه المجتهد " العبقري الذي اكتشف ان أكل " السوشي " الياباني حرام. ذلك لأنه يتكون من مقطعين: suالتي وجد انها مختصر سني، و shi مختصر شيعي ... ويجب الا يلتقيا. وذلك تنفيذاً لأحدث مخطّطات القوى الغربية الارهابية وأشدّها استنزافاً وفتكاً ودماراً وإبادةً: ضرب السنة بالشيعة.
وبهذا الصدد نقتبس بعض ما جاء في:
( Nexus, February – March 2014, P.10: What You Are Not Being Told About Mid-East Affaires ‘ Extracted from Volgograd and the Conquest of Eurasia: Has the House of Saud seen its Stalingrad?, by Mahdi Darius Nazemroaya, GlobalResearch.ca,3 January 2014 ):
Seymour Hersh wrote in 2007 that after the 2006 defeat of Israel in Lebanon that the US government had a new strategy called the “redirection.” According to Hersh, the “redirection” had “brought the United States closer to an open confrontation with Iran and, in parts of the region, propelled it into a widening sectarian conflict between Shiite and Sunni Muslims.” With the cooperation of Saudi Arabia and all the same players that helped launch Osama bin Ladin’s career in Afghanistan, the US government took “part in clandestine operations aimed at Iran and its ally Syria.” The most important thing to note is what Hersh says next: “A by-product of these activities has been the bolstering of Sunni extremist groups that espouse a militant vision of Islam and are hostile to America and sympathetic to Al Qaeda.”
A new House of Saud spin on the “redirection” has begun. If there is anything the House of Saud knows well, it is rounding up fanatics as tools at the service of Saudi Arabia’s patrons in Washington. They did it in Afghanistan, they did it Bosnia, they have done it in Russia’s North Caucasus, they did it in Libya, and they are doing it in both Lebanon and Syria. It does not take the British newspaper The Independent to publish an article titled “Mass murder in the Middle East is funded by our friends the Saudis” for the well-informed to realize this.
The terrorist bombings in Lebanon mark a new phase of the conflict in Syria, which is aimed at forcing Hezbollah to retreat from Syria by fighting in a civil war on its home turf. The attacks are part of the “redirection.” The House of Saud has accented this new phase through its ties to the terrorist attacks on the Iranian Embassy in Beirut on November 19, 2013.
رحم الله زميل الدراسة المثقف والسياسي النزيه و المناضل اليماني الراحل ( ع. ج. ) الذي كان يُعَبِّر عن حالنا المتردِّي بقوله:
افترشَ الأرضَ وبالحصير تأزّرا
شعب بحمد الله يرجع للورا.