قالوا في التغريب الاستهلاكي في امارات الخليج
فيما يلي مقتبسات طويلة مختارة من بعض مقالات تشمل أمثلة متنوعة عن التغريب الاستهلاكي في الامارات:
كتب ( الدكتور حسين غباش، اختلال الخليج: عن الهجرة والاستيطان والمستقبل الغامض، السفير اللبنانية، 05/11/2012 ): " يتأكد يوما بعد يوم أن المجتمعات الخليجية الصغيرة قد دخلت، بسبب من تعاظم الوجود الآسيوي فيها، في أتون مأزق تاريخي يصعب تصور امكانية الخروج منه. لم يعد الأمر يهدد الهوية الثقافية التي همشت، والثوابت الوطنية التي اهتزت، بل يشكل خطرا مستقبليا على ما تبقى من الوجود البشري العربي ذاته... بعيداً عن المشهد الخارجي المبهر، فإن الصورة من الداخل تثير القلق، بل الريبة. الشوارع تعج بكل الجنسيات، إلا بالمواطنين، وبشكل خاص في الإمارات وقطر. الأغلبية هندية، تليها الباكستانية، البنغالية، الأفغانية، الفيليبينية، والإيرانية، ولحقتها مؤخرا الهجرة الصينية. هناك اليوم 16 مليون آسيوي تقريبا في بلدان مجلس التعاون الستة، ومن المرشح أن يصل إلى 30 مليونا في عام 2025.... تبين الاحصائيات الرسمية وشبه الرسمية لعام 2006 ـ 2007، الخارطة الديموغرافية كالآتي: تصل نسبة العمالة الأجنبية في الكويت إلى 60%. البحرين 50%. السعودية 40 إلى 50%. عمان 30%. أما في قطر فتصل إلى 85%. وتصل نسبة المهاجرين في الإمارات إلى 90%... هناك اليوم قرابة سبعة ملايين آسيوي في الإمارات وحدها. تشكل نسبة الهنود 60% من مجموع تعداد السكان، أي قرابة أربعة ملايين، مقابل 800 ألف مواطن فقط.... يتبين من هذه الأرقام الناطقة، إذاً، أن خلف المباني الشاهقة وبريق الثراء ثمة مأساة وطنية وقومية في طور التحقق. إذ لم تعد المسألة، كما جرى وصفها سابقا، مسألة «خلل» في التركيبة السكانية، بل تحولت، بعد ثلاثة عقود من الوجود الفاعل، النشط، إلى مسألة استيطان آسيوي واضح وطاغٍ.... لا جدال في أننا أمام مشهد مقلق جدا. يقول مجيد العلوي، وزير العمل البحريني السابق، «إن الهجرة الأجنبية تهدد وجودنا... وإذا لم يتحقق هذا التهديد اليوم فسيتحقق في الجيل القادم». والجيل القادم يعيش بيننا الآن. إذاً، لم يعد التغيير السياسي إلا مسألة وقت قصير. إنه داهم على الأبواب.... كانت الأسئلة المؤرقة للإنسان الخليجي، هي: كيف وصلت بلدان الخليج العربي إلى هذا المأزق التاريخي؟ من هو المستفيد الأول من هذا التحول الديموغرافي الدراماتيكي؟ كيف تم كل ذلك بصمت محير؟ هل الأمر نتاج تطور طبيعي أم إن ثمة محركا خارجيا؟ لكن تلك كانت أسئلة الأمس، سؤال اليوم هو: هل ثمة مخرج؟... بالطبع، لم تقتصر الهجرة على العمال، بل شملت مهنيين وحرفيين في مختلف المجالات. كما ضمت التجار من كل المستويات. وقد تمكنت شرائح واسعة من الهنود والباكستانيين من الإمساك بمفاصل الاقتصاد. فهم اليوم مدراء البنوك وشركات التأمين، وهم التجار المتربعون على كل أنواع التجارة الكبيرة منها والصغيرة، ومنها تجارة الأغذية والأدوية والملابس والالكترونيات وغيرها. وأخيرا، فتح لهم مجال التملك العقاري في بعض الإمارات الخليجية.... وهذه إجراءات نوعية تفتح على دعوتهم للاستيطان، ووضع الأسس لضمان مستقبل أجيالهم القادمة. ونعلم، ان الاقتصاد والتجارة هما من شرايين الحياة، ولهما منطقهما القاهر. فمن بيده مفاتيح الاقتصاد يملك، بالضرورة، تأثيرا مباشرا على القرار السياسي، وهو بالتأكيد قادر على تحديد مسار المستقبل.... ألا تمثل نسبة المواطنين، التي تتراوح بين 2 و3 و4%، أو قل حتى 10%، في بعض الإمارات سوى بقايا عرب؟... أما عن السياسة فهي مسوقة، بحكم قوة الواقع، بأن تتبع التحول الاجتماعي والاقتصادي. أليست السياسة تعبيرا عن الواقع؟ الواقع السياسي يتبع الواقع الديموغرافي. والتغيير السياسي هنا ليس الا تحصيلا حاصلا، ذلك انه عندما تتغير القاعدة البشرية للسلطة تضعف السلطة ذاتها وتكون عرضة للسقوط... من يهمش قاعدته يُهمش. ومن يُضعف شعبه يضعف معه. أليست قوة النظم والحكومات من قوة وتماسك شعوبها؟ أم إن هذه المعادلة قد تغيرت؟ إذا كانت الشعوب قد تم استبدالها في غضون ثلاثة عقود سريعة، كم سيحتاج تغيير الحكومات؟ عقدا أم عقدين؟... العقد القادم هو إذاً، عقد الهوية. عقد أن نكون أو لا نكون. إنه آخر عقد لعرب الخليج. إما ان يعود الخليج عربيا كما كان، أو أن يكون آسيويا.... بعض مراكز الأبحاث الأوروبية، والفرنسية تحديدا، تتوقع ان يتم التغيير خلال العقد القادم، وتوحي بأن بعض الحكام العرب المعاصرين هم آخر حكام عرب للمنطقة. وقد وضعت فعلا السيناريوهات التي يمكن ان يتم من خلالها تحويل الم سألة الديموغرافية إلى مسألة سياسية. وعناوين التغيير حاضرة. أهمها حقوق العمال والمهاجرين. وفعلا لقد طرحت الهند ذلك في أكثر من مناسبة. فإعطاء المهاجرين حق التجنس ومن ثم فرض الديموقراطية، سيفضي حتما إلى حكم الأغلبية. إنها معادلة حسابية لا تقبل المكابرة أو الإنكار.... وإن شاءت الولايات المتحدة وقدرت أن الوقت قد حان لاستبدال المشهد السياسي، فستجد ان الأرضية البشرية والثقافية جاهزة ومهيأة. المسألة هنا مسألة توقيت وحسابات استراتيجية دقيقة. فعندما نضجت الأمور في سنغافورة عام 1964، فصلت عن ماليزيا وسلمت للغالبية الصينية المهاجرة إليها. وهكذا الأمر في فيجي، التي يحكمها اليوم هنود جلبتهم بريطانيا للعمل فيها، وهم للمناسبة لا يشكلون إلا 50% من تعداد السكان الأصليين. أي أقل من هنود الخليج.... لا شك أبداً، بأن ضرب الهوية العربية في هذه المنطقة الهامة كان هدفاً في ذاته. هو مؤشر على مخطط إستراتيجية واضحة يهدف إلى السيطرة الكاملة على مخزون النفط الخليجي. فحكم أقليات آسيوية يلغي الوحدة الخليجية العربية، ويسحب قرار النفط إن كان لا يزال مستقلا. باسم الديموقراطية، إذاً، تمزق العراق، وباسم التنمية، وفي غفلة من الزمن، وبصمت محير، يتحول الخليج العربي إلى خليج هندي.... الخليج أمام أزمة تاريخية مركبة ومعقدة. والمعالجة أضحت أكثر من ملحة. أولها، بالطبع تغيير التوجهات التنموية. ومن ثم فتح الباب واسعا للعمال والمهنيين العرب، فهم كثر وعاطلون، وبشكل خاص من عمان واليمن، مخزن الخليج البشري، ومصر. وسيمثلون جميعاً خشبة نجاة لعروبة الخليج وأمنه.... ثم لماذا لا يجنس العرب المقيمون في الخليج، والذين خدموا المجتمعات الخليجية منذ عقود وفي أكثر من مجال. الجيل الأول الذي شيد دويلات الخليج تخرج من الجامعات المصرية والعراقية، وكان تعليمهم مجاناً. قبل ذلك، عبد الناصر أرسل البعثات لتعليم أبناء الامارات (ساحل عمان سابقاً)، على حساب مصر الناصرية، وفي الأخير كوفئ بالتآمر عليه.... ولماذا لا يستفاد من الطاقات العربية المميزة والمشتتة في كل أصقاع الأرض؟... في الختام، إن الاصرار على النهج والتوجه التنموي ذاته، الذي شوه الروح العربية للمنطقة، لن يبقي المنطقة امام مفترق الطرق، بل يفرغها مما تبقى من هويتها الوطنية والثقافية، وينتزعها بالتالي من عالمها العربي. "
ونضيف الى ذلك ظاهرة استيطان أسر الغربيين من أوربا والولايات المتحدة وعرب متجنسين بجنسيات الغرب ممّن يحرسون قواعد الأطلسي ويسيِّرون دولة النفط والغاز ويضمنون عوائدها. و بعد ان كانوا يعملون في الخليج بعقود مؤقتة، فقد اصبح لهم حق الاقامة الدائمة والتملك... وبما ان امارات الخليج ماهي الا مستعمرات، فان القوانين والقرارات السياسية بيد الغربيين. فما الذي يمنع اعلانهم، دبي مثلا، وعبر صناديق الاقتراع وبمساندة وتأييد " المجتمع الدولي "، مدينة هندية / غربية مثلها مثل اسرائيل او جبل طارق او الفوكلاند.... تتكون من اقليات اجتماعية غربية وهندية وفليبينية وسريلانكية وباكستانية واندونيسية وبنغالية وصينية...تحركها الأيادي الخفية للنخب الغربية. وان ما يؤخر اعلان الحقيقة هذه ليس مواطنوا او حكومة و دولة الامارات، بل المحيط العربي والاسلامي العام في الخليج واليمن والعراق وايران... وفي عالم المسلمين الممتد من موريتانيا الى اندونيسيا.
اضافة الى استفسارات، من مثل: ماذا عن الهجرة غير الشرعية وعن العدد الحقيقي للوافدين؟ و هل من الافضل استراتيجيا تطوير الامارات على أساس استيراد شعب من الخارج، أم الاكتفاء بمواطني الامارات، وعددهم أقل من مليون نسمة، وتطوير البلاد نوعيا وفي جميع الاتجاهات والمجالات؟ واذا كان لابد من اتباع الاستراتيجية الحالية، فلماذا لايتم توظيف العاطلين في الخليج، و استقدام وافدين من البلدان العربية المترعة بالبطالة من كل فئة: من العالِم وحامل الدكتوراه والماجستير والدبلوم الى العامِل الامي؟...
وكتب " فيليب جي. بارني " في مقاله ( هذا هو الخليج ) المنشور في جريدة ( التايمز ) اللندنية في عددها رقم ( 25376 ) الصادر في 14/11/2006 ، والذي تناقلته مواقع الانترنيت:
" لقد قضيت حوالي 33 عاماً من حياتي في الشرق الأوسط ودول الخليج على وجه التحديد ورأيت هناك الكثير من الأشياء و التصرفات و الأفكار و العقليات الغريبة و المثيرة للدهشة و الإستغراب بحيث لايمكن للإنسان العادي التكهن بمصير تلك الدول بما تحويه من أجناس بشرية متنوعة الطوائف و الأديان و المبادىء و التصرفات حيث يمكنك مشاهدة الكثير من التصرفات الغريبة والمثيرة لدهشة أي إنسان عاقل لديه القدرة على التفكير في الصواب و الخطأ وسأذكر منها بعض الأشياء التي لاحظتها خلال حياتي اليومية هناك وأثارت دهشتي و إستغرابي وأثارت داخلي بعض التساؤلات عن إمكانية تطور تلك الدول على المدى البعيد جداً وأرجو من القراء الأعزاء المعذرة على أسلوبي الساخر في الطرح ....
* المكالمات الهاتفية المحلية مجانية !!!
* البترول أرخص من الماء !!!
* إنشاء أي مبنى ينتهي في ( 3 ) أشهر فقط !!!
* النجارون و الحدادون و العمال الفاشلون يحصلون على عقود أعمال أكثر من
العقود التي تحصل عليها شركات المقاولات الضخمة بسبب تدني أجورهم !!!
* الفاشلون و الجهلة يحصلون على رواتب و مميزات أكثر من الناجحين و المتعلمين !!!
* الإستعراض بالسيارات و الملابس و العطور و الهواتف النقالة هو الشيء الوحيد الذي يجيدونه الناس !!!
* المقاول يدفع ( 20 ) عاماً من عمره ليطارد مالك المشروع في المحاكم و أقسام الشرطة ليأخذ حسابه. بينما يدفع مالك المشروع 10000 دولار للعاهرة ليقضي معها ( 20 ) دقيقة في غرفة أحد الفنادق الفخمة !!!
* الشركات تنهي خدمات الموظفين في أي لحظة وتلقيهم في الشارع بدون سبب أو إنذار مسبق !!!
* الواسطة أقوى بكثير من الشهادات و المؤهلات العلمية و الخبرة و الكفاءة !!!
* عمّال النظافة لديهم واسطات أكثر من كبار الموظفين و المدراء !!!
* الفرّاشين و السائقين لهم تأثير كبير على مالك الشركة أكثر من المدير العام !!!
* خلال ساعة واحدة ترى الفصول الأربعة !!!
* إذا لم يجمع الشخص المال من الخليج فلن يتمكن من ذلك في أي مكان في العالم !!!
* إذا تكلمت مع رئيسك الفاشل في العمل وأشعرته أنه خبير في إدارة الأعمال و الشركات
فقد تصبح نائبه خلال شهر واحد ويتضاعف راتبك ( 5 ) مرات !!!
* الهنود يبدو عليهم التدين الشديد و الخشوع في الصلاة وهم عَبَدة بقر و أوثان في بلادهم !!!
* عدد العاهرات يفوق عاهرات ( 10 ) دول في العالم وبالذات في دبي !!!
* الشارع ذو الأربعة مسارات يمكن أن يتحول إلى مسار واحد لإن تسليم وإستلام
طلبات المطاعم الواقعة عليه يتم وأصحاب الطلبات جالسون في سياراتهم !!!
* كل ( 10 ) أمتار تجد فرع ل ستاربكس و دكتور كيف !!!
* كل ( 2 ) كم تجد مول ( مركز تسوق ) !!!
* سائقي السيارات يقودون أحياناً بسرعة ( 5 كم / الساعة ) في المسار الأيسر
أو بسرعة ( 250 كم / الساعة ) في المسار الأيمن أو طريق الخدمة !!!
* نسبة السيارات الجديدة المحطمة في الحوادث تبلغ ( 3 ) أضعاف
نسبة السيارات التي تسير في الشوارع على الأقل !!!
* لا يوجد إمرأة تقف في طابور , حيث لها الأولوية أكثر من
ال ( 700 رجل ) الذين يقفون في الطابور منذ ( 4 ) أيام متواصلة !!!
* عندما يجد السائق أمامه سيارتين على الإشارة , يغلق المسار الأيمن ليقف بجانبهم
أو يقف بشكل عرضي أمامهم لينطلق أولاً عند فتح الإشارة !!!
* الضوء الأخضر في إشارة المرور هو علامة الإنطلاق للأوروبيين و بعض العرب و الأسيويين !!!
* الضوء الأصفر في إشارة المرور هو علامة الإنطلاق للهنود و الباكستانيين و البنغلاديشيين !!!
* الضوء الأحمر في إشارة المرور هو علامة الإنطلاق للسعوديين و القطريين و سيارات الشرطة !!!
* الدوران على شكل حرف ( U ) يتم بواسطة القفز بالسيارة فوق الرصيف الأوسط عند إزدحام إشارة المرور !!!
* شيء عادي جداً أن يقوم سائق سيارة بإدخال سيارته بالقوة بين سيارتك
و السيارة التي بجانبك حتى تصطدم المرايا الجانبية ببعضها ( هذا إن لم تتكسر ) !!!
* أرصفة المشاة يمكن أن تتحول إلى مواقف سيارات طولية أو عرضية أو مائلة
في حالة عدم وجود أماكن فارغة للوقوف !!!
* يمكن لأي حادث مروري بين سيارتين أن يغلق الطريق بأكمله لساعات طويلة دون أي إهتمام من الشرطة وعند مرور سيارة الشرطة , فهي تمر ببساطة وتنظر للحادث وكأنه لايعنيها !!!
وهناك الكثير من الأشياء لم أذكرها لضيق المساحة ولكن سأطرح تساؤلاً أخيراً ....
متى ستتطور عقلية الناس في تلك الدول لكي يكون هناك إحتمالاً 10 %
أن يلحقوا بركب دول العالم الأول طالما أنهم يملكون ثروات نفطية هائلة تمكنهم من
الصعود على السلم بسرعة ؟؟ ".
وقد أثارت هذه الملاحظات حفيظة عدد من الخليجيين الذين عقَّبوا على مقال " فيليب جي. بارني "، فاتفقوا معه في بعض ملاحظاته، وانتقدوه لعدم مصداقيته لخلوه مما هو إيجابي في الخليج وحياة الخليجيين. وبالمثل ذكّروه بسلبيات كثيرة في مجتمعات الغرب.
لكن هناك من الخليجيين من كتب عن ذلك، ومنهم ( محمد المختار الفال، مجتمعات الترف الخليجية، إيلاف، عن الوطن السعودية، 16/06/2012 ): "... والصيف والإجازات "لوحات زمنية" ترسم عليها صور سفاهة بعض المترفين ووقوع قطاع كبير من المجتمع في "شباك" تقليدهم. ومن صور "سفاهة الصيف" ما يتجلى في النشاطات المدرسية التي اكتست مظاهرة شاذة تبدأ بتنظيم حفلات آخر العام الدراسي في فنادق النجوم الخمسة وقاعات الاحتفالات الكبرى والتعاقد مع المطربين و"الطقاقات" لإحياء "سهرات التخرج" بعد ذهاب "طالبات العلم" إلى صالونات التجميل و"بوتيكات" تجهيز العرائس، فيتحول الابتهاج بالإنجاز العلمي إلى مناسبة لاستعراض الموضة والتفاخر بالمجوهرات والسيارات التي تأتي بها "طالبة العلم" يوم تخرجها إلى مقر الاحتفال، مصحوبة بأفراد العائلة المحفوفة بالخدم والحشم. فأين "العلم" من هذا؟ وأين التربية التي تزرع في الإنسان أن قيمته تزداد بما يحسن ويعلم لا بما يبدو ويملك؟ وترى البعض ينفق آلاف الريالات بمناسبة إنهاء طفل، في السابعة، عامه الدراسي الأول فتقام الحفلات وتأتي الشركات المتخصصة لإقامة المنصات وتوريد أصناف الطعام وشاشات العرض وبرامج التسلية ويدعى أصدقاء الطفل ومن حولهم.. هذا الطفل الذي ينفق على انتهاء عامه الدراسي الأول عشرات الآلاف كيف يمكن أن يقدر العمل وقيمه؟ وكيف سينظر إلى المحتاج الذي لا يملك وسيلة توصله إلى مدرسته على بعد عشرات الكيلومترات من منزله الصغير؟ وتدخل العائلة، من الطبقة المتوسطة، إلى المطعم، فلا يكتفي أفرادها بطلب وجبة واحدة لكل منهم – مهما كان ثمنها – بل يتدافع الجميع لطلب عشرات الأصناف، لا للحاجة، ولكن حتى تمتلئ الطاولة بالأطباق وينظروا لمن حولهم أنهم "ما تهمهم الفلوس". وقد يتذوق بعضهم طبقاً معيناً فإذا لم يعجبه تركه وطلب غيره. هذه الصورة التي لا يرى فيها بعضنا إلا الخسارة المادية قد تترك آثاراً عميقة في ناشئة تلك الأسرة وترسخ لديهم مفاهيم وقناعات غير واقعية ولا تتفق مع سنن الحياة.
ومن صور "سفاهات الصيف" الخليجي في الخارج ما رصده، مرة، الدكتور علي محمد فخرو ـ مفكر، كاتب وسياسي من البحرين له آراؤه ومواقفه وتأملاته الرافضة للكثير من المواقف السياسية والمظاهر الاجتماعية في منطقة الخليج ـ: "ما يفعله أغنياء الدول بثروة البترول من بطر وتبذير وبذخ أسطوري مبتذل لم يعد مقبولاً، لا بمقاييس الأخلاق ولا الذوق الرفيع ولا أحكام الدين". وينقل من مشاهداته في شوارع العواصم الغربية صوراً قبيحة يتوارى من فعلها العقلاء ويرتجف منها من يخافون سخط الرب: "لا يحتاج المراقب لأكثر من التجوال في شوارع لندن التجارية ومناطق سكنها الفاحشة الأثمان ليرى العجب العجاب.. شباب خليجيون يسوقون سيارات فارهة مطلية بالذهب، تصل أسعار بعضها إلى أكثر من مليون جنيه إسترليني، ويفاخر أحدهم بأنه اشترى رقم لوحة سيارته في مزاد علني في بلاده بتسعة ملايين جنيه. ويتفاخر بأنه نقل سيارته الأعجوبة من بلاده إلى لندن بواسطة طيارته الخاصة.. وقد ترى أحدهم يزور متجراً للمجوهرات فلا يخرج إلا ومعه فاتورة بأكثر من عشرين مليون جنيه". ويعلق بأن ذلك "يحدث من أناس لم يمارسوا الإنتاج أو الإبداع أو العمل المضني، ولا بد من مساءلة المجتمعات والأنظمة السياسية التي فرخت تلك الظاهرة العبثية".
ونضيف الى ذلك الانفاق الخيالي في إقامة حفلات الزواج المُبَهْرَجَة في فنادق الدرجة الاولى، باخراج مكلف لصالاتها ومطاعمها، وأثمان باهضة للالبسة والمجوهرات، وأرقام الملايين التي تُدفع للمهور. وفاقَ تقليد الخليجيين نمط استهلاك أثرياء الغرب والعالم بفنطازيا من الخيال، فلا نرى في الغرب سيارات ذهبية وفضية مثلا رغم ان السيارات تُنتج عندهم وليس في الخليج.
وكتب ( السيد حامد، بذخ واسراف..دبي تعيد أساطير ألف ليلة بتدشين منتجع أتلانتس
http://www.moheet.com/show_news.aspx?nid=193493&pg=1
عن " طوفان البذخ الهستيري " كما أطْلَقَ عليه الكاتب: " في وقت يعاني فيه العالم من أزمة مالية طاحنة وترزخ فيه شعوب الدول العربية تحت نير الفقر والاحتلال والحصار، أقامت إمارة دبي احتفالا خرافيا تكلف أكثر من 20 مليون دولارا لتدشين أكبر فندق في العالم حضره أكثر من ألفين من المشاهير والنجوم. وفي أجواء أسطورية تشبه حفلات ألف ليلة وليلة، وعلى شاطيء دبي انطلقت 100.000 قذيفة نارية إيذانا بافتتاح جزيرة النخلة جميرا وفندق أتلانتيس الذي يعد المنتجع الاكبر في الشرق الاوسط وبلغت تكلفة إنشائه 1.5 مليار دولار..... وتتراوح تكلفة الاقامة فيه مابين 700 – 25 ألف دولار لليلة الواحدة. "
وقدّم الكاتب العُماني ابراهيم بن حبيب الكروان السعدي في كتابه ( قراءة في الازمة المالية المعاصرة ) " انتقادات لاذعة لثقافة الاستهلاك السلبي في دول الخليج ": " فقد كشفت دراسة عن تنامي ظاهرة الاستهلاك في مجالات الحياة المختلفة حتى تحولت الى ثقافة سلبية تقع مسؤوليتها على المستهلك نفسه، ومن مؤشراتها ان الانفاق على الاطعمة المستوردة الى دول الخليج في عام 2004 بلغ 12 مليار دولار، وان المنطقة تستورد أكثر من 90% من احتياجاتها من الطعام والشراب! كما كشفت التقارير عن الحجم المذهل لانفاق " نساء الخليج "، وخاصة اللاتي دون سن الخامسة والعشرين، على منتجات التجميل والصحة والذي يقدر بنحو مليار وسبعمئة مليون دولار سنويا. "
"... وكشف تقرير صادر عن وزارة الاقتصاد الاماراتية في العام 2006 ان حجم الانفاق الاستهلاكي العائلي في العام 2005 بلغ حوالي 80% من الانفاق الاستهلاكي النهائي بمعدل نمو12.6% وبقيمة 224 مليار درهم، وبنسبة 46% من الناتج المحلي البالغ 485 مليار درهم، وقد بلغ متوسط انفاق الاسرة الاماراتية خلال الفترة من 2001 الى 2005 مانسبته 14 % على الطعام والشراب والتبغ ونسبة 6% على الملابس والأحذية. "
" ... وترجع الاسباب التي تؤدي الى انتشار ثقافة الاستهلاك في الاسر الخليجية الى عوامل عدة منها انتشار المنشآت الاستهلاكية المتكاملة والسياسة الاعلانية المفتوحة بلا ضوابط حيث بلغ حجم الانفاق الاعلاني العربي في العام 2005 أكثر من 3 مليارات دولار يقدر نصيب دول الخليج منها بنحو مليار و100 مليون دولار تقريبا، وتعد السوق الاماراتية الاولى في العالم العربي، وهذا بالاضافة الى زيادة معدل الدخل و ثقافة الاقتراض والتقليد والتبعية .... وهو مايظهر من خلال المسوحات التي تكشف نمطا واضحا من الاستهلاك التفاخري الذي يتسم بالاسراف والبذخ؛ ومن ذلك حقق قطاع جراحات التجميل من العناية بجمال الوجه والأنف والنهدين، ليس للنساء فحسب، بل للرجال كذلك! في منطقة الشرق الاوسط عام 2006 حجم مبيعات تجاوز ملياري دولار بزيادة نسبتها 12% من بينها 414 مليون دولار نصيب الامارات " وفقا لاحصائيات معرض عالم التجميل في الشرق الاوسط 2007 . "