يقول المبدأ التقليدي للطب الصيني؛ إذا كنت حيّاً وجسمك نابض بالحياة، فإن حيويتك منبعثة من الطاقة الداخلية (طاقة الحياة) المسماة (تشي)، وإذا أردت التنعّم بمزيد من الطاقة فعليك تطوير وتنمية هذا الـ(تشي)، وهذا التطوير لطاقة الحياة يطلق عليه اسم (غونغ).
و "التشي غونغ" من أبرز العلاجات الصينية، يركز على الطاقة الداخلية في الجسم، حيث يستعملها كالأداة في العلاج من أمراض كثيرة، وهي تغذية تدرّس للصيني منذ الطفولة، يستعملها لمواجهة مصاعب الحياة وآلام
ها، و تحد تمارينها من انتشار الأمراض المختلفة وحتى الأورام السرطانية، حسب المفاهيم الصينية.
المفهوم ؟
قد يسمى التشي غونغ أحياناً، يوغا داخلية، وهو عبارة عن حركات بطيئة هي مزيج من التمسيد أو التدليك للذات وممارسة الطقوس الخاصة من حركات للذراعين الممدودتين يميناً أو يساراً ببطء، والتدريب على نوع خاص من التنفس ورياضة التأمل الروحي.
يقول عشاق هذه الرياضة الجسمانية الروحية، الذين يخرجون كل يوم بمئات الألوان إلى الحدائق والشوارع والساحات العامة في مدن الصين: "إن رياضتهم اليومية هذه تؤدي إلى رفع مستوى حيويتهم وتساعد على استرخائهم فضلا أنها تحسن صحتهم."
ويقول (كيو - يانغ) أحد أساطير رياضة (تتشي غونغ)، وقد بدأ بممارستها طفلاً؛ "إذا ما تبدلت هذه الطاقة في جسم الإنسان، فإن كل شيء فيه يطرأ عليه التبدل أيضاً."
خارطة الجسم
في حوانيت الحي الصيني بمدينة سان فرانسيسكو، تباع دمية مصنوعة من البلاستيك الشفاف، رسمت عليها خطوط ونقط كالوشم تبين المراكز التي تؤثر على أعضاء الجسم من الداخل والخارج، والضغط عليها يؤدي إلى بعث الطاقة الناقصة بسبب المرض في تلك الأعضاء، مما يتسبب في شفائها من كثير من الأمراض، وبعضها من الأمراض المزمنة والمستعصية على الطب الحديث.
وقد أطلق على هذه النقاط والخطوط والممرات اسم (الزواليات)، وتستعمل علاجاً في الوقت الراهن في مئات العيادات الأمريكية التي تعتمد طريقة الوخز بالإبر الصينية، وكذلك طريقة التمسيد الصينية، وتوصف هذه الخطوط بأنها "الممرات التي تعبرها طاقة "تشي"، وهي القوة الغامضة المنشّطة للحياة."
إن هذا النوع من طب الشرق الأقصى يعترف بأن جسم الإنسان أكبر شأناً من أن يكون مجرد وعاء محتوياً فقط على الخلايا والغدد وأعضاء وحواس وعظام، وإنما فيه أيضاً ممرات أو (زواليات)، تصل إلى كل ذرة من ذرات الجسم، وتمدها بالطاقة اللازمة لدوام الصحة والعافية، فالصحة الطيبة تعرف بسهولة تدفق طاقة (تشي)، في حين أن الجسم المريض يعاني بطأ أو توقفاً لهذه الطاقة الخفية، وقد خبر آلاف الملايين من الصينيين عبر عشرات القرون قوة هذه الطريقة العلاجية وفعاليتها.
محاور الطاقة
إن (التشي غونغ)، علاج يعمل بواسطة الطاقة الداخلية في الإنسان، حيث يعتبر إحدى دعائم الطب الصيني التقليدي كالوخز بالإبر والتدليك وطب الأعشاب، كما أنه عماد الشفاء الذاتي في الحضارة الصينية.
هذه الطاقة تكون لدى الطبيب، إلا أنه بإمكان المريض أن يتعلم كيفية استخدام الطاقة الداخلية لديه، لكن هذه التقنية تتطلب الوقت والأناة والإرادة.
التشي غونغ، نظام صيني قديم للرعاية الصحية ويتركز على ثلاثة محاور.
الأولى: الوضعية الجسدية.
الثانية: تقنيات التنفس.
الثالثة: التركيز الفكري.
وفي حين تعزز بعض تمارين الشي كونغ تدفق طاقة الشيء أو طاقة الحياة، يفتح بعضها الآخر مسارات هذه الطاقة ويوظفها في تنقية الجسم ومعالجته أو يخزنها فيه.
فوائد التشي غونغ
إن التشي غونغ لا يستعمل دواء، لكنه تقنية فاعلة لمعالجة الكثير من الأمراض منها صداع الشقيقة وآلام العنق والظهر وعرق النسا والديسك والروماتيزم والالتهابات.
و "التشي غونغ" بحسب المعتقدات الصينية، يعالج الالتهابات في الجسم لأنه يحفز وصول الأكسجين إلى أنسجة الجسم، كما يسهل عملية التخلص من السموم وانتقال الخلايا المناعية عبر الجهاز اللمفاوي، كما يعدل كيمياء الدماغ والجهاز العصبي، في حين أن حركاته الإيقاعية اللطيفة تخفف من حدة التوتر، وتعزز القدرة على التحمل والحيوية والوظيفة المناعية.
ويعتبر التشي غونغ مسكن لآلام المصابين بالسرطان وقادر حتى على الحد من انتشاره في الجسم وتطويق الالتهاب في مكانه.
علاوة على ذلك، التشي غونغ ( الطاقة الداخلية) تحسن وظيفة الجهاز الهضمي والجهاز اللمفاوي، وينشط دورة الدم والأوعية الدموية القلبية، وبعض الذين يواظبون على العلاج بالتشي غونغ يخفف من ارتفاع ضغط الدم ويؤخر الشيخوخة.
في حين أنه يجدد الدورة الدموية وينشطها في أنحاء الجسم مما يحفز نشاط الخلايا السليمة ويقويها للتغلب على الخلايا المريضة أو الفيروس أو أي نوع آخر من الاعتداء المرضي على الجسم.
لقد جاء التشي غونغ ليكمل الطب الحديث بأساليب عديدة، ويوفر للمريض الرعاية الصحية المثلى نتيجة للنظام الوقائي الذي يتميز به، في حين أن طبيب التشي غونغ يتعلم كيف يصل إلى أعلى مستوى من السيطرة على طاقته لمساعدة الآخرين في الشفاء، ومن يرغب في تعلم هذه التقنية لمساعدة نفسه، فالأمر ليس صعباً جداً، والصينيون يطبقونه في حياتهم اليومية، حيث يعتمد في المراكز الطبية والصحية مكملاً للعلاج التقليدي الحديث.
تمارين التشي غونغ متنوعة تتفاوت بين الأشكال البسيطة من الحركات أو التدليك والأشكال السرية والأكثر تعقيدا التي لا يملكها إلا الطبيب المختص.
الإيجابية في العلاج
جرت أبحاث عديدة أثبتت فاعلية الطاقة الداخلية (طاقة الوعي)، في معالجة الأمراض المزمنة لاسيما تلك التي تسرع الشيخوخة والهرم، كما ساهمت في خفض ارتفاع ضغط الدم ومخاطر التعرض للسكتة الدماغية، وتعزيز وظائف القلب والدورة الدموية، ووقف الأمراض السرطانية.
باختصار؛ يعمل التشي غونغ على تشغيل الطاقة في داخلنا بشكل إيجابي وعلاجي، ويحقق التواصل بين الجسد والعقل والنفس، والإنسان الذي تعلم تقنية التشي غونغ يحرص دائماً في الحفاظ على صحته وتهدئة أفكاره والاتصال بروحه، حيث أن اندماج أبعاد الجسد والعقل والنفس يضفي على الإنسان شعوراً بالقوة الإيجابية والتفاؤل، و التشي غونغ يولد نمطاً حياتياً متوازناً يضفي على الحياة مزيدا من التناغم والفرح والسكينة والاستقرار.
