للقتلة توجد هوية، وعنوان ومحرك
تابعت الكثير مما نشر، وبلغات عديدة، موضوع القتل البغيض لجوليانو مار خميس( 4 نيسان 2011) وقتل فتوريو أريجوني ( 15 نيسان 2011). جوليانو قتل في المدينة الفلسطينية المحتلة جنين، التي كرس لها، مثل والدته، آرنا مير خميس (1930-1995) قبله، أفضل مواهبه كانسان وفنان. فيتوريو قتل في مدينة غزة الموجودة تحت الحصار الخانق، حيث تقاسم مع أهلها عذابهم.
ليس من المفروض ان جوليانو وفيتوريو عرفوا بعضهما او كانوا شركاء لنفس وجهات النظر والآراء السياسية، ولكن الواضح تماما انهما قتلا بسبب استعدادهما، وممارستهما العملية، بالذهاب حتى أقصى قدراتهما في انجاز هدف انساني يؤمنان به
تأثرت من ردة الفعل الفلسطينية بادانة الجريمة.
- الكلام الذي قاله زكريا زبيدي، أحد ابطال فلم جوليانو "اولاد آرنا" وشريكه في المشروع الثقافي "مسرح الحرية" بعد قتل جوليانو في جنين، في التأبين الذي جرى في مسرح الحرية في جنين، حيث اعلن زبيدي بصوت قوي ان قاتل جوليانو هو فلسطيني مدعوم من قوى صاحبة قدرات كبيرة ، تقف ورائها منظمة فلسطينية قوية، او دولة غير معنية بتحرر الشعب الفلسطيني. وأكد ، ان الرصاصات التي اصابت جوليانو وجهت نحو النموذج الذي مثله بواسطة الأهداف السامية، التي عمل على تحقيقها باتجاه مخالف تماما لأهداف قاتليه الذين يعملون على تكريس الجهل والتخلف الظلامي، بهدف خلق طالبان جديد او حماس جديد .
-في العريضة التي قدمتها مجموعة فنانين ومثقفين فلسطينيين لرئيس السلطة الفلسطينية ورئيس حكومتها ، يدين الموقعين على العريضة القتل الذي وجه حسب رأيهم ضد جوليانو شخصيا وضد المثل الانسانية التي غرسها في خدمتة للشعب الفلسطيني. وطالبوا بحزم ان تكشف السلطة عن منفذي الجريمة ومرسليهم وتقديمهم للمحاكمة، وحذروا أيضا، من التهديدات الموجهة بعد عملية الاغتيال ضد مشروع المسرح الحرية، والتي تهدف الى وقف الارتقاء بقدسية الحياة والابداع كبديل للطغيان والظلام والقتل.
- ونشرت ادارة "برنامج غزة للصحة النفسية" برئاسة الدكتور اياد السراج، بيانا يدين قتل فيتوريو اريجوني في غزة. واشارت الجمعية النفسية ان فيتوريو كان نشيطا في حركة التضامن الدولية الداعمة لنضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال، عبر نشاطات مباشرة وغير عنيفة. وقيمت الجمعية بتقدير كبير نشاط المنظمات والأشخاص من الخارج الذين يقفون الى جانب الشعب الفلسطيني ويدافعون عن حقوق الانسان، وطالبت من حكومة حماس في قطاع غزة، ان تقوم بواجبها: 1- الكشف عن منفذي عملية الخطف والقتل ومحاكمتهم. 2 - الدفاع عن منظات المساعدة الدولية والمواطنين الأجانب الناشطين في غزة.
المقال الذي نشر في الصحيفة اليومية "الأيام" الصادرة في رام الله في 19.4.2011 تحت عنوان " جول خميس وفيتوريو اريجوني .. شجاعة ونبل" الذي كتبه مهند عبد الحميد، وسجل في مقاله بعض ما جاء في لافتة رفعها أصدقاء فيتوريو اريوني في غزة ورام الله والتي كتب فيها، "أنا أحب فلسطين... أقتلني أيضاً". وأم فيتوريو وعدت بمواصلة درب ابنها إلى أن تتحرر فلسطين من الاحتلال. مايلاي ابنة جول قالت في كلمة تأبين والدها: لقد أوجد لي أبي إخوة في مخيم جنين لن أتخلى عنهم أبداً. ردود بليغة جسدت ثقافة الحرية وكانت أعظم رد على ثقافة الموت.
الى جانب هذه المواقف ، كانت للأسف والاستهجان، مواقف من نوع آخر, بلغات مختلفة، بما فيها العبرية والعربية التي تثير الاشمئزاز. لماذا؟
رغم المعلومات الواضحة، والصدى حول هوية قتلة جوليانو وفيتوريو، الا انه لم تجر الاشارة بوضوح باسمهم الواضح ، من أصحاب المواقف، حول هوية القتلة ومرسلي القتلة ومحركاتهم الظلامية.
المشترك لقاتلي جوليانو وفيتوريو ، ان مرسليهم ومحركاتهم هي اصولية دينية تعترض على الأهداف والقيم المتنورة التي تشط جوليانو وفيتوريو في اطارها. ان ادانة الاحتلال من أصحاب هذه المواقف او عدم التوضيح وتجاهل هوية القتلة ومرسليهم، وجرائمهم البشعة، تخدم الاحتلال بشكل خاص.
ليس سرا ومجرد كلمات ان جوليانو رفض الاحتلال بقوة، وتضامن مع ضحاياه، ونشاطه الثقافي والانساني، حتى لو كان به دافع من الفوضوية، الا انه حافظ على دافع مسالم بالتأكيد. جوليانو كان على علم من هم المهددين لقتله، ولقتل الأهداف التي ينشط من أجلها ، أهداف المساواة بين البشر، بما في ذلك بين الرجال والنساء. كان نشاطه مرفوضا من عقلية قاتليه ومرسليهم .
في تصريح له عام 2009 ومقابلة مصورة بثت بالتلفزيون، كان واضحا تماما ان جوليانو كان على علم بالتهديدات، وخطر مصادرها - ويمكن العودة للمصدر:
تحدي جوليانو لمعارضي المسرح الحر في جنين- 2009
http://www.defeatist-diary.com/index.asp?p=articles_new10537&period=15/2/2011-19/4/2011
جوليانو مار خميس يتنبأ بقتله، تقرير: يوحنان فيحوطقا - قنال 10 / الأسبوع/ 8.4.2011.
http://news.nana10.co.il/Article/?ArticleId=793763&sid=126
زكريا زبيدي والفنانين الفلسطينيين ومحرري جريدة الأيام ، واعضاء "المشروع لخدمات الصحة النفسية في غزة" والكثيرين من الفلسطينيين، الذين ادانوا قتل جوليانو وفيتوريو، هم متدينون مسلمون. الادانة واضحة، ادانتهم غير موجهة ضد الاسلام او المؤمنين، هي موجهة ضد الأصولية الدينية ، ضد كراهية الأجانب، والذين يستغلون اقوالهم ضد الاحتلال كحجة لجرائمهم.
وهنا لا بد من اضافة، انه أيضا اذا كان الكثيرين من المستوطنين عنصريين ، سارقي اراضي للفلسطينيين ويقومون باعمال زعرنة ضد الفلسطينيين ، وهم متدينين اصوليين متطرفين ، من المهم ان نذكر انه في مواجهتهم وضد رؤيتهم ونشاطهم العنصري والعنيف، يقف بوضوح وبشجاعة وباخلاص ايضا يهود متدينين آخرين، يعارضون بالتصريحات والفعل العملي، الاحتلال وموبقاته ، وأذكر ضمن هذه المواقف:"موقف حراس القضاء - حاخامات من أجل حقوق الانسان" www.rhr.org.il; - حركة التضامن مع الشيخ جراح www.justjlm.org; حركة "عير عميم - للتهدئة والمساوة والمستقبل" www.ir-amim.org.il.
الاحتلال هو اساس الخطيئة. ان فاجعة مأساة قتل جوليانو وفيتوريو تخدم الاحتلال بالأساس.
يوسف الغازي- صحفي؛ من سكان مدينة بات-يام, إسرائيل؛ نشيط من أجل حقوق الانسان وضد الاحتلال.
joseph.algazy@gmail.com
نبيل عودة- nabiloudeh@gmail.com