سيتركُ الزمن لذاكرة الانسان عار الغزو الأنجلوسكسوني الهمجي الوحشي للعراق بثلاث صور فنيّة مُبْهرة: توني رئيس الوزراء الكذّاب أبو ال45 دقيقة، كولن الجنرال الكذّاب أبو القنّينة، وبوش الرئيس الكذّاب المرشوق بالقُندرة .
فقد دخلَ بوش التاريخ كامبراطور مُدَجّج بالظُلم والسلاح . فهزمه الزيدي بالقُندرة . وأنهى ولايته حقيراً ذليلاً، تاركاً مشهداً فريداً ومصوراً للتاريخ تتغنّى به الشعوب ضد الظَلَمَة .
إذْ واصَلَ البطل منتظر الزيدي تراث استخدام العراقيين للقنادر في التعبير عن آرائهم عندما تُسْتَنْزَف الوسائل الأخرى . ومن ذلك: "نوري السعيد القُندرة وصالح جبر قيطانها"، وضرب صور صدام ودُمى بوش بالقنادر، واستقبال أهالي الفلوجة للغزاة وعملائهم عام 2003 بالقنادر ... بأنّ الزيدي ضربَ بوش الحيّ/ الميّت بالقُندرة . فشاعَ الخبر، وفَعَلَ مافَعَل في العالم أجمع من فضح لأكاذيب وبربرية الغزو والاحتلال . وفي المقابل من حفاوة وتضامُن واعتزاز محلّي وعالمي بمأثرة الزيدي .
وكعادة أركان الامبراطورية الارهابية التجسّسية الذين يزورون العراق كالخفافيش في الليل، أو في السرّ، فقد زار جورج دبليو بوش إمبراطور أمريكا، وآمر قواتها العسكرية، ومُجرم الحرب السفّاح ... المنطقة الخضراء الحصن الحصين الغاصّ بدواب وبهائم العملاء والصحفيين والمرافقين ... لشكر قوات الغزو، وفرض الاتفاقية الامنية الامريكية على العراقيين ...
وخلال مؤتمر صحفي مشترك بينه وبين رئيس الوزراء العراقي المزيّف بتاريخ 14/12/2008، وبابتكار وإصرار، التقى فيها الخيال الجهادي الفدائي، بالارادة الوطنية، رما الزيدي بقندرته قاصداً بوش. وعندما لم تَنَلْهُ، سدّد له أخرى صارخاً: "هذه قبلة الوداع ياكلب"؛ مهيناً زعيم دولة الاحتلال، وهيبتها وعَلَمَها .
ولو كان الجو المُحيط بالزيدي وطنياً لأغرقَ العراقيون الغزاة والعملاء بالقنادر والتفال .
لكن الزيدي كان ماسة وسط الفحم . فانقضّ عليه وحوش الحراس والعملاء بالضرب أمام الكامرات . وقال الزيدي، فيما بعد، بأن حماية رئيس الوزراء عذّبوه 30 ساعة .
وبعد الحادث جابت شوارع وميادين العراق مظاهرات ومسيرات شعبية تصدحُ فيها القنادر تمجيداً للزيدي ومطالبة بالافراج عنه بعد ان اقتادوه جريحا إلى السجن . كما انتشر الخبر بالصورة والكلمة في كافة البلدان، وخاصّة الكارِهة لسياسة أمريكا التي تنشر الاستعمار والارهاب والحصار في العالم، والذي أودى بحياة عشرات الملايين .
وقد وحّد هذا الحدث العراقيين ضدّ ظلم الاستعمار وخيانة العملاء . إذْ لم يسأل الناس عن الزيدي: هل هو شيعي أم سني أم كردي ... بل الوطني العراقي، الذي لم يكترث بحياته، وهو يُعَبِّر عن مجد بلاده وحرية شعبه، وعن حنق وغضب العراقيين، الذين لو شاهدوا بوش يتمشى في شوارع بغداد لتبخر من ضرب القنادر .
فشتاّن بين الشعب الذي عبّر عنه الزيدي، وبين نفاق الرئيس المزوّر الذي قال يومها لبوش بأنه: " ... صديق عظيم للشعب العراقي ساعدنا في تحرير بلدنا، ويتمتع بقيادة شجاعة، وقد أصبح لدينا ديموقراطية وحقوق انسان، فيما الازدهار يتحقق شيئا فشيئا ."
وشتّان بين هذا الرئيس الذي فرش لسيده الغازي سجاداً أحمر، وبين الزيدي الذي لَطَمَ الغازي بالحذاء الأحمر .
وشتاّن بين العملاء الذين يلحسون قنادر الغزاة، بينما يرمي الزيدي رئيسهم بالقُندرة .
سيعيش الزيدي خالداً في التاريخ . ويعيش العملاء خونة في التاريخ .
لقد أظهرت واقعة القُندرة للعالم حقيقة الحرية والديموقراطية التي تَخَفّى بها الأنجلوسكسون كذباً وخُبْثاً لغزو العراق، ونبّهت وأيقظت الغافلين والمظلَّلين بالاعلام الغربي الارهابي الكذاب . فكان الحادث لحظة تنوير ووعي وفضح ... بقُندرة كانت أمضى وأقوى من شعارات ومقالات وفضائيات ... وكانت كالحجارة الفلسطينية الشريفة التي يَضربُ بها أطفال أسطورة المقاومة الفلسطينية المحتلون وآلتهم العسكرية الضخمة .
كتب الأستاذ ( حسن حنفي، درس الحذاء الطائر، إيلاف، 26 ديسمبر 2008: "يمكن أن تكون المقاومة بأبسط الأشياء وأيسرها وربما أضعفها قوة ولكن أكثرها رمزاً" ) .
فأناب الزيدي عن العراقيين والعرب والمسلمين والعالم أجمعين الكارهين والحاقدين والغاضبين والساخطين على جرائم السياسة الامريكية بحق الانسان والحضارة والبيئة .
سيصوغ العراقيون حذاء الزيدي معلقةً للأطفال ورمزاً يثير السؤال عبر الأجيال عن مأثرة الزيدي، وعن جرائم الغرب وبشاعة ووحشية ثقافتي الاستعمار وخيانة العملاء .
لنْ يذكر التاريخ بوش كأول إمبراطور أمريكي كذكره بأنه الرئيس الاوحد ( لحد الساعة ) في العالم المضروب بالقُندرة . وأنّ ضاربه عراقي إسمه منتظر الزيدي، الذي دمّر الغزاة وعملاؤهم العراقيين بلاده وقتلوا وجرحوا وهجّروا ويتّموا ورمّلوا وسجنوا ... أكثر من نصف الشعب العراقي، وخرّبوا بُنية العراق المعمارية، ومزّقوا نسيجه الاجتماعي، وأفسدوا النفوس، ونشروا الفساد، ونهبوا النفط والاثار ...
متى يُساق قادة الغزو وعملاؤهم إلى العدالة لارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضدّ الانسانية؟ .