ارتفاع ضغط الدم أحد الأمراض المزمنة واسعة الانتشار بين شعوب الأرض وقد حاول العلماء الوقوف على أسباب هذا المرض، فوجدوها كثيرة، منها هورمونية، ومنها تغذوية، منها عادات اجتماعية، ومنها أسباب عضوية ترجع لأعضاء جسمانية كالكليتين مثلاً، أو تلك المتعلقة بجهاز الدوران، وكذلك وجد العلماء أن العامل الوراثي يعد تفسيراً منطقياً مقبولاً في الوقت الحاضر لبعض حالات ارتفاع ضغط الدم مجهولة السبب. كما حاول العلماء أيضاً الوقوف على الآلية التي تتسبب في حصول الحالة، فظهرت العديد من الآليات، حيث أن الطبيعة الباثولوجية (المَرَضية) لأية حالة تصيب الإنسان يمكن الوصول اليها من خلال تفاسير متعددة، ويبدو أنها تحت التأثير المباشر للتطور العلمي المعلوماتي والتكنولوجي في الاقتراب أكثر من فهم ماذا يجري وماذا يحصل، وبناءً على ذلك فأن المختبرات العلمية العالمية الرصينة تبدأ في ابتكار العلاجات المختلفة أو الوصول الى طرائق وقائية وأخرى علاجية، غايتها أن يبرأ الإنسان من هكذا حالات مرضية لها مضاعفات لا تخلو من خطورة.
والجانب الوقائي هنا يلعب دوراً مهماً في الاحتراس من مضاعفات ارتفاع ضغط الدم ومخاطرها، ومضاعفات ارتفاع ضغط الدم (غير المسيطر عليه) أهمها الجلطة الدماغية والنزوفات في الدماغ، الى جانب مضاعفات أخرى تحصل على مر سنوات عديدة، ويعد تنظيم التغذية وتجنب تناول أنواع محددة من طعام وشراب، إضافة الى الأدوية والعلاجات، أفضل الوسائل الوقائية في التعامل مع حالة ارتفاع ضغط الدم.
وهناك ضوابط مهمة، يمكن تحديدها بما يلي:
• امتلاك القدرة والقابلية على تطبيق النمط التغذوي الصحي المطلوب.
• التخلص من عادات اجتماعية مكتسبة ضارة جداً، التدخين والكحول.
• عدم الإصغاء لأي توجيهات عدا توجيهات الطبيب، الذي يجب أن تكون مراجعته بشكل منتظم.
• الالتزام بتناول الأدوية الموصوفة وتحت أرشاد الطبيب المختص.
• ممارسة الرياضة وبشكل يومي وفي أبسط أشكالها (المشي)، حتى لو كانت هناك مشاكل في المفاصل وخصوصاً ذوي الأوزان المرتفعة، الاّ في حالات مَرَضية (محددة) خاصة بالمفاصل والتي لها علاجات معينة.
• محاولة تجنب الانفعاليات العصبية والتي تتسبب في إفراز كميات أضافية من هورمونات الأدرينالين والنورادرينالين والكورتيزول (تسمى هذه الهورمونات بهورمونات الشد العصبي) والذي تؤدي الى تسارع في ضربات القلب وارتفاع الضغط، بسبب تقلص الأوعية الدموية.
وموضوعنا يخص الإجراءات الوقائية التغذوية الخاصة بالمصابين بارتفاع ضغط الدم، علماً أن الالتزام بالضوابط أعلاه ستكون سبب مباشر في التخلص من بعض الأدوية او على الأقل التقليل من جرعاتها.
وأن الإجراءات الوقائية التغذوية الخاصة بارتفاع ضغط الدم تتحدد بـ :
1. الاقلال من استخدام ملح الطعام وخصوصاً الملح المضاف الى الأكل الجاهز أو الساندويج او السلطة او اللبن ...الخ
2. الأبتعاد عن تناول الأغذية المحفوظة والمعلبة لاحتوائها على نسبة عالية من الصوديوم (وهو المكوّن الرئيس لملح الطعام).
3. الابتعاد عن تناول مواد تحتوي اساساً على الملح في تحضيرها كالجبس والمكسرات المملحة والبسكويت المملح والباسطرمة والطرشي والعنبة والزيتون المالح والجبن المالح ...الخ
4. تجنب تناول الوجبات السريعة لاحتوائها على الدهون والأملاح واللحوم الحمراء مما يتقاطع مع ما مطلوب من الالتزام التغذوي لمرضى ارتفاع ضغط الدم.
5. زيادة شرب الماء، وفي كل الأوقات من اليوم.
6. ضرورة زيادة الوعي المعرفي بالمعطيات العلمية الحديثة الخاصة بالوزن والطول وضرورة أتباع معادلة الكتلة الجسمانية، ومقدار السعرات الحرارية :
أ) الكتلة الجسمانية يمكن تلخيصها بما يلي :
معادلة الكتلة الجسمانية
(تطبق فقط على من بلغ سن 18 سنة فما فوق)
الكتلة الجسمانية = الوزن (بالكيلوغرام)
مربع الطول(بالمتر)
***
مثال: شخص وزنه 70 كغم وطوله 1,7 متر
فالنسبة ستكون 24,2 (في الحد الاعلى للطبيعي)
***
المواصفات :ـ
19 – 24,5 ـــــــــ طبيعي
25- 29,5 ــــــــــــ زيادة وزن
30 فما فوق ـــــــــــ زيادة مفرطة بالوزن
• وبعض العلماء يعتقد أن النسبة 30 ـ 35 هي السمنة المَرَضية
• أذا كانت النسبة أقل من 19 ــــــــ قليل الوزن.
ملاحظة/ علمياً الوزن يُقاس بوحدة (النيوتن) أما الكيلو غرام فهو وحدة قياس الكتلة، لكن الدارج في المفهوم العام هو ما مذكور أعلاه.
ب) السعرة الحرارية وهي وحدة الطاقة، كل الأغذية والأشربة فيها سعرات (عدا استثناءات كالماء مثلاً)، وكلما زادت السعرات التي تدخل جسم الانسان مقابل خسران قليل منها، كلما زاد وزنه، لذا من الضرورة ان يعرف الشخص كمية السعرات التي يتناولها.
وعليه فالنصائح الطبية المهمة في طعام وشراب المصابين بارتفاع الضغط يمكن تكثيفها بما يلي:
أولاً ـ أن تكون نسبة الكتلة الجسمانية وفق الحدود ألمبينة أعلاه، وذلك من خلال مراقبة الوزن وتحاشي زيادته، علماً أن أحد الأسباب الرئيسية في ارتفاع ضغط الدم هي السمنة!
ثانياً ـ ينصح العلماء مرضى الضغط المرتفع بما يلي:
1. تناول الأطعمة والأشربة الطازجة.
2. زيادة تناول الخضروات، كل شئ أخضر مفيد جداً.
3. زيادة تناول الفواكهة، مع الأخذ بالحسبان للمصابين بداء السكري (لا يجوز لهم أن يتناولوا العنب والرقي والتمر، التين، مع التقيد بتناول نوع واحد وبمقدار قطعة واحدة يومياً).
4. تناول الثوم بالدرجة الأساس، والبصل.
5. تجنب الدهون بمختلف أنواعها (الزبد، القيمر، الدهن الصلب، القشفة، لبن كامل الدسم)
6. تجنب المقليات قدر المستطاع خصوصاً تلك التي تتشبع بالدهن أثناء تحضيرها (البطاطا/ يمكن استبدالها بالبطاطا المسلوقة، والباذنجان/ يمكن استبداله بالباذنجان المشوي، والشجر/ يمكن استبداله بالشجر المحضّر بالبخار، والطماطة/ يمكن تناولها مشوية أو كما هي ..الخ).
7. تجنب أطعمة فيها كميات من دهون تتسبب مستقبلاً بتصلب الشرايين وبالتالي تأثيرها سلبي على استقرار الضغط، مثل (الباجة، الكباب المشوي، الليّة المشوية، المعلاك، المخ، الكلاوي، بيض الغنم، الصوصج، الهمبركر، جلد الدجاج، جلد السمك).
8. تحاشي تناول اللحوم الحمراء (الغنم، العجل، الديك الرومي، البط).
9. ينصح بتناول الأسماك وخصوصاً السردين والتونة والسالمون لاحتوائها على الأوميكا.
10. تجنب المواد التي تحتوي على الكافائين مثل البُن ( يمكن تناولها ولكن بحدود).
11. ثبت علمياً أن السكّر يساعد على أرتفاع ضغط الدم ناهيك عن كونه سبب رئيسي في اكتساب الوزن.
12. بالنسبة للذين يعانون من زيادة الوزن فالاتجاه التغذوي العام لهم هو استهلاك الخضروات والابتعاد كلياً عن السكريات والحلويات والنشويات، ومستحضرات الطحين الأبيض (والاستعاضة عنه بمنتجات الشعير أو الخبز الأسمر)، وننصح بتناول المشويات (خالية الدهون)، والطعام المسلوق، إضافة الى ما ورد أعلاه.
13. تناول الاطعمة الغنية بالبوتاسيوم والتي تحمي من الإصابة بأرتفاع الضغط، مثل البرتقال، الموز، الزبيب، التين، البطاطس المطبوخة مع قشرها، الفاصوليا البيضاء.
14. الكرفس يقلل من مستويات هورمونات الشدّ العصبي.
15. احد آليات ارتفاع ضغط الدم هو وجود هورمون الأنجيوتنسين 2، الشاي الأخضر يحتوي على مادة كاتيشين التي تقلل من مستوى هورمون الأنجيوتنسين 2, لذلك تناول الشاي الأخضر يومياً وبانتظام مفيد لذوي الضغط المرتفع.
16. ينصح علماء التغذية ذوي الضغط المرتفع، بتناول ثلاث ملاعق صغيرة من زيت الزيتون او زيت السمسم. (ملاحظة: لا يتحمل زيت الزيتون استخدامه أكثر من مرة في القلي). ويُفضل استخدام زيت الذرة وزيت عباد الشمس للطبخ.
17. لا يُنصح بشرب المشروبات الغازية كونها تحتوي على سكر الكلوكوز، ويُنصح بشرب العصائر الطبيعية الطازجة (قدح واحد باليوم).
مما ورد أنفاً يتضح أن بأمكان أي إنسان مصاب بارتفاع ضغط الدم أن يتجنب حصول المضاعفات، كما وأن بإمكان أي شخص ضمن دائرة الأخطار للإصابة بارتفاع الضغط أن يستبعد الإصابة، من خلال أتباع الضوابط والإرشادات الصحية.